ورشة عمل

مهارات الخطابة والإلقاء وعروض التقديم

ما بين الخطيب الذي يعتلي منبراً ليخاطب الجمهور العريض في شأن عام، والطالب الجامعي الذي يعرض مشروعاً دراسياً أمام لجنة تحكيم، وأيضاً رجل الأعمال الذي يسعى إلى إقناع مستثمرين بالانضمام إلى مشروع يعتزم تنفيذه، وصولاً إلى المؤتمرين والمنتدين على اختلاف اهتماماتهم ومحاور مؤتمراتهم وندواتهم، ثمة نقطة رئيسة مشتركة: إن النجاح في إقناع جمهور المستمعين بصوابية رأي أو موقف يتوقف على المهارة في عرض هذا الرأي أو الموقف. ولذا، نظَّمت القافلة مؤخراً ورشة عمل حول «مهارات الخطابة والإلقاء وعروض التقديم»، وسنتجاوز في الصفحات التالية سرد مجريات هذه الورشة وفقراتها، لنقدِّم للقارئ خلاصات هذه الفقرات، التي إذا ما أعيرت الاهتمام الكافي من قبله، فإنها ستكون له −كما كانت للمشاركين في الورشة− مفيدة في مجال تحسين قدراته على التحدث أمام جمع من الناس وإقناعهم بما عنده وبما يريد.

AKA_3995

كانت نقطة انطلاق القافلة إلى تنظيم ورشة العمل هذه، ما تداوله فريق التحرير حول ملاحظة هذا الكم الكبير من التلكؤ والتعثر في الكلام والارتباك الذي يمكن لأي كان أن يلحظه مثلاً في البرامج الحوارية على شاشات التلفزيون العربية. ومن هذه الملاحظة إنقاد التفكير إلى أهمية التحدث بطلاقة وبشكل سليم في مجالات عديدة، يتوقف النجاح فيها، حتى المهني منه، على مهارة المتحدث في عرض أفكاره، فكان أن تحدد محور ورشة العمل بـ «مهارات الخطابة والإلقاء وعروض التقديم».

طبعاً، لم يكن من المتوقع أن تتمكن هذه الورشة خلال الساعات العشر التي استغرقتها على مدى يومين متتاليين، من تحويل المشاركين فيها إلى قس ابن ساعدة أو حجاج بن يوسف آخر، ولكنها تمكنت، من خلال فقراتها العديدة والمتنوعة، التي برع في عرضها وتقديمها المدرِّب الأستاذ وائل البسام، من أن تضع بين أيدي المشاركين ترتيباً واضحاً لكل العناصر اللازمة لتجاوز المحاذير التي تهدِّد سلامة هذه العملية المثيرة للقلق: الوقوف أمام جمهور والتحدث إليه في شأن ما.

قضية الخوف الحاضر دائماً الخوف..
DSC_0071لا أحد يعترف بصوت عالٍ أنه يشعر به عند الوقوف أمام جمهور كبير للتحدث إليه. ولذا، حسناً فعل المدرِّب البسّام بتناول موضوع الخوف هذا خلال حيّز كبير من برنامج اليوم الأول، وبعض من برنامج اليوم الثاني، الأمر الذي شجّع المشاركين على الإقرار بوجود هذه المشكلة لديهم، وأن يتداولوا مع المدرِّب في أفضل السبل لمواجهتها. والمدهش الذي كشفت عنه هذه الورشة هو أن الخوف هذا، هو أكبر مما كنّا نعتقد، وليس حكراً على «ضعاف الشخصية»، لا بل أن لا علاقة له تقريباً بضعف الشخصية أو قوتها.

فاستناداً إلى البسام يقول خبراء الاتصال الإنساني أن من لا يشعر بجفاف حلق وتساقط حبات العرق من الجبين حين يتحدث لأول مرة أمام الآخرين هو إنسان غير طبيعي.

الورشة والمدرّب
ZAKI3303عقدت القافلة ورشة العمل هذه يومي الأربعاء والخميس 14 و15 مايو، في فندق «ميركور» بالخبر. وأدار الورشة المدرِّب وائل البسّام الحاصل على شهادة الماجستير في الإدارة، متخصصاً في الموارد البشرية من كلية البحرين الجامعية. وسبق للمدرِّب البسّام أن عمل أستاذاً «زائراً» في جامعة الدمام لتدريس مادة التواصل الشفهي لطلاب كلية الهندسة. كما انضم للتوستماسترز منذ عام 2009م، ورأس أكثر من نادٍ باللغتين العربية والإنجليزية. وهو حائز لعديد من الألقاب والجوائز في مجال الخطب العالمية والفكاهية وخطب التقييم.

وجاء في نص كتبه الأستاذ خالد الشهراني وجرى توزيعه على الحاضرين، أن %35 من الأمريكيين يصابون بالهلع عند الطلب إليهم التحدث أمام الآخرين، وأن %13 منهم يرتبكون فعلاً أثناء الحديث. وأن الخوف من الحديث أمام الناس يأتي في المرتبة الثانية عندهم بعد الخوف من الثعابين!

يأخذ الخوف عند الخطيب أو المتحدث أمام جمهور عريض شكل المنحنى. فهو يبدأ قبل إلقاء الكلمة ويتزايد إلى أن يصل إلى ذروته لحظة البدء ثم يتلاشى بعد دقيقتين تقريباً في الأوضاع الطبيعية، ولكنه قد يستمر أكثر من ذلك عند المتحدث غير المتمرِّس. أما أسباب الخوف فكثيرة وتشمل، حسبما عدَّد المشاركون في الورشة: الخوف من ارتكاب خطأ، حصول حادث محرج وغير متوقع، عدم القدرة على إيصال الرسالة.. الخ.

تقنيات للتخلص من الخوف
ينجح كثير من الخطباء في إخفاء إحساسهم بالخوف. وأورد المدرِّب مثالاً عن كثيرين أحسّوا بالخوف فعلاً، ولكنهم عندما شاهدوا خطاباتهم لاحقاً مصوَّرة بواسطة الفديو، لاحظوا أن خوفهم الداخلي لم يظهر إلى العلن. ولكن إخفاء الخوف ليس حلاً، بل إن ما يجب على المتحدث أو الخطيب العمل عليه هو التخلص من الخوف، وإن كانت تقنيات إخفائه فقط ضرورية في مرحلة أولية.

1. التنفس الجيد
عدَّد المدرب جملة تقنيات مساعِدة كان أبرزها وأكثرها إثارة لاهتمام المشاركين هو دور التنفس العميق في مقاومة الخوف.

ما التوستماسترز؟
هي منظمة دولية تعليمية غير ربحية، مهمتها الأساسية تعليم الناس مهارات التواصل والقيادة والحديث أمام الجمهور، تأسست في أمريكا عام 1924م بنادٍ واحد، ووصل عدد أنديتها اليوم إلى أكثر من 13 ألفاً في مختلف أنحاء العالم. تبلغ رسوم الانضمام إلى نادي التوستماسترز نحو 150 دولاراً سنوياً، تشمل العضوية والكتب التعليمية ومجلة شهرية. ويمكن للمهتم بالموضوع العثور على أقرب نادٍ في منطقته من خلال الإنترنت، عبر إدخال اسم المدينة/ الحي، مضافاً إليها كلمة نادي توستماسترز في محرك البحث.

AKA_3853فمعلوم أن الخوف يرفع منسوب الأدرينالين في الجسم كنتيجة لتطور جيني عند الإنسان عبر آلاف السنين عندما كان يضطره الخوف إلى الهرب من مواجهة المخاطر. وللأدرينالين دورٌ في ضخ كثير من الدم إلى الساقين (للمساعدة على الركض والهرب) على حساب حصة المخ من الدم. ولذا فإن الخوف يتسبب في ضعف أداء المخ وصولاً إلى سقوط غشاوة على الأفكار، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى التلعثم والارتباك وحتى نسيان الأفكار بشكل كامل. أما التنفس الجيد فيساعد على تنشيط الدورة الدموية ويحافظ على وصول ما يكفي من الدم إلى المخ للإبقاء على يقظته كاملة. وفي هذا المجال ينصح المدرِّب بالتنفس عميقاً قبيل الوقوف أمام الجمهور. والمقصود بالتنفس العميق هو الشهيق ملء الرئتين من الأنف وحبس الهواء لثلاث ثوانٍ على الأقل قبل الزفير من الفم. وطبعاً يجب أن يقوم بذلك قبل الوقوف أمام الجمهور وإلا لكان الأمر إعلاناً عن الإحساس بالخوف.

وفي مداخلة على هامش هذا الجانب، قال الأستاذ مشهور الشريف إنه حضر دورة في جامعة الدمام حول التناغم ما بين المخ والقلب جاء فيها أن قناة التواصل بين القلب والمخ هي التنفس، وأن أفضل أشكال التنفس هي 5 ثوانٍ شهيق و5 ثوانٍ زفير (لمدة دقيقة قبل التحدث) وأن التنفس وقوفاً هو الأفضل، يليه وضعية الجلوس، وأخيراً في وضعية الاستلقاء.

ولا تقتصر أهمية التنفس الجيد على ما قبل التحدث، بل تشمل أيضاً حال المتحدث خلال إلقاء كلمته. فمن عناصر التوتر إحساس المتحدث بأن عليه أن يقرأ كلمته بتواصل، فيمنع نفسه عن الشهيق والزفير مما يزيد توتره بشدة. ولذا، من المفيد أن يقول جملة ويتوقف لالتقاط نفس، ثم يواصل «كي لا يشعر الجمهور أنه يقرأ عليهم صحيفة الصباح».

2. التحضير الجيد والتمرين
يزيل التحضير الجيد نسبة كبيرة من التوتر، ويعزِّز ثقة المتحدث أو الخطيب بنفسه. ويشمل التحضير كتابة الكلمة على الورق وقراءتها عدة مرات.

فمعظم الذين يفشلون في الحديث أمام الناس، يفشلون عادة في التحضير الجيّد قبل ذلك. إذ إن «الممثل الجيد لا يفيد في شيء إذا لم يكن هناك نصٌ للفِلم».

إلى ذلك، فإن التحضير الجيد يريح المتحدث من تسمير نظره على الورقة لأنه يكون قد حفظ غيباً أجزاءً من الجمل وتتماتها، بما يساعده على أن يوظف نظره في مجال آخر سنأتي على ذكره لاحقاً.

وفي التمرين على إلقاء الكلمة المكتوبة ينصح المدرِّب بقراءتها عدة مرّات. وتجربة ذلك أمام المرآة. وتصوير الذات بكاميرا الفِديو ومشاهدة الشريط لاحقاً، حيث هناك احتمال لأن يصاب بالرعب والصدمة حين يرى نفسه يتحدث لأول مرة. ولكن «ليس في هذا ما يقلق. كل هذا طبيعي جداً».

3. حسن الظن بالجمهور
ZAKI3039 (treated)ولأن الخوف من إثارة ردة فعل سلبية من الجمهور في حال وقوع المتحدث في خطأ ما، أو تعرضه لأمر محرج هو من أكبر أسباب الخوف، فإن حسن الظن بالجمهور يُعد من العوامل المساعدة على تبديد هذا الخوف. وهنا استحضر بعض المشاركين في الورشة ما حصل للممثلة «جنيفر لورانس» في حفل جوائز الأوسكار السينمائية العام الماضي، عندما تعثرت بثوبها وسقطت فيما كانت تصعد الدرج إلى المسرح لتسلُّم جائزتها. فقد وقف الجمهور وهو يصفق لها بينما كانت تقوم من كبوتها، وتتابع طريقها إلى تسلُّم الجائزة وكأن شيئاً لم يكن لولا بدء خطابها بقولها: «أعرف أنكم تصفقون وقوفاً لأنني سقطت، إنه أمر محرج..»، وتابعت دون أي توقف إلقاء الخطاب الذي كانت قد أعدته.

فالجمهور الذي تكبّد عناء الحضور للاستماع إلى متحدث، هو عادة منفتح بإيجابية على هذا المتحدث، وليس متربصاً به. وعلى استعداد للتغاضي عن أي طارئ محرج. وبالتالي، على المتحدث أن ينظر إلى جمهور مستمعيه على أنه صديق وليس كخصم أو منافس متربص به، حتى ولو كان هذا الجمهور محايداً أو متحفظاً تجاه موضوع الحديث.

4. عدم الإمساك بالورقة
إن كان المتحدث يشعر بشيء من التوتر وهو يقف خلف المنصة، فعليه تلافي إمساك الورقة التي يقرأ منها. فالتوتر العالي خلال الدقائق القليلة الأولى يسبب ارتجاف اليدين. وحمل الورقة في هذه الحالة سيجعلها تهتز بوضوح. وسيلاحظ المتحدث ذلك، فيزداد توتره، كما أن الجمهور إذا كان على مسافة قريبة منه سيلاحظ الأمر أيضاً. لذا، يجب الاكتفاء بوضع الورقة على المنصة والتطلع إليها بين الفينة والأخرى. كما يستحسن وضع اليدين على المنصة من حين لآخر لتثبيتهما وإخفاء الارتجاف إذا كان التوتر عالياً.

ركائز الخطبة المتألقة
تقاس جودة خطبة ما (مهما كان موضوعها) وتألق الخطيب أو المتحدث بأمرين أساسيين: أولهما المضمون وثانيهما أسلوب التقديم. وأي خلل رئيس في واحد من هذين العنصرين يؤدي إلى فشل الاثنين معاً.

في المضمون
ترتبط صياغة الكلمة المكتوبة بالمناسبة التي ستلقى فيها وبالغاية المتوخاة منها. ولأن لا حصر للمجالات وأهداف الكلمات التي يمكن أن يتوجه بها المتحدث إلى الجمهور، كان لا بد للورشة أن تتوقف عند بعض الخطوط الأساسية التي لا بد من توافرها في معظم فئات الخطب. وأهمها باختصار: الهيكلية الواضحة.

AKA_4023-1فعلى الخطبة أن تبدأ بمقدمة عامة تشد اهتمام الجمهور إلى الموضوع. ومن مذاهب المقدِّمات الجذابة البدء بسؤال موجه إلى الجمهور كما فعل أحد المشاركين. أو البدء برواية قصة حصلت قبل وقت قصير كما فعل مشارك آخر. وبعد المقدمة يبدأ المتحدث بعرض أفكاره تباعاً، ومن المفيد جداً أن يختم كل فكرة برابط يصلها بالفكرة التالية حفاظاً على وحدة المضمون. وهنا على المتحدث أن يعزِّز هذه الأفكار إما بشحنات عاطفية، وإما بأرقام وإحصاءات باردة، أو بالاثنين معاً، وفق طبيعة الكلمة والغاية المتوخاة منها وطبيعة الجمهور. وأخيراً عليه أن يختم كلمته بخلاصة توضح تماماً وباختصار الغاية من كلمته والهدف الذي يسعى إليه.

مقومات المتحدث المتألق
ZAKI2956 (DT)في دراسة أجراها ألبرت مهرابين، وهو باحث أمريكي من أصل هندي، حول أهم وسائل الاتصال، تبيَّن له أن الكلمات تشكل 7 في المئة فقط من وسائل الاتصال الفعّال. الأمر الذي يعني أن الكلمة المكتوبة، ومهما كانت بليغة ومتقنة تبقى غير مضمونة النتائج، إذا لم تقدَّم بالأسلوب الجيد اللائق بها.

فقد جاء في دراسة مهرابين هذه، أن 38 في المئة من وسائل الاتصال الفعال تتشكل من نبرات الصوت. والمفاجأة الكبرى هي أن 55 في المئة تتوقف على لغة الجسد.

لغة الجسد
من المعروف أن لغة الجسد صارت علماً قائماً بحد ذاته، وضرب المدرِّب مثالاً على قدرتها التعبيرية بالإشارة إلى أفلام شارلي شابلن الصامتة، التي لا تزال قادرة على إضحاك الناس بعد عقود على ظهورها. وفي التعليم تدخل لغة الجسد في أساسيات بعض المهارات مثل التسويق. وفي تسويق الأفكار من خلال التحدث إلى جمهرة من المستمعين تلعب لغة الجسد دوراً حاسماً.

AKA_4062 (treated)وبعدما لفت المدرّب إلى الأشكال السلبية من لغة الجسد، مثل الذهاب والإياب على المسرح وفق إيقاع رتيب، أو فرك اليدين ببعضهما (ارتباكاً). تطرَّق إلى أهمية الحركة المعبِّرة عن المضمون. وأيضاً عن انحناءة الجسد باتجاه بعض المستمعين من حين إلى آخر لما لها من وقع إيجابي. والنصيحة الأبرز التي أعطاها فيما يتعلَّق بالحركة هي في وجوب ارتباطها بمضمون الحديث، بحيث يأتي الانتقال من مكان إلى آخر متزامناً مع الانتقال من فكرة إلى أخرى.

ولانتقال المتحدث من مكان إلى آخر وقع إيجابي على الجمهور الذي يشعر برغبة المتحدث في التقرب إليه. وإذا كان المتحدِّث يقف على خشبة مسرح، وكان صاحب خبرة كافية، فيمكنه أن يقسم في ذهنه المساحة المعطاة له إلى 6 مربعات ليتجوَّل عليها. على أن يقف في وسط المربع الأمامي منها عندما يختتم كلمته. تماماً كما أن البدء من منتصف المسرح يشكّل دليلاً على «مركزية» المتحدث وأهميته.

أهمية المسح البصري
ومن أهم عناصر لغة الجسد هو ما يسمى بـ «المسح البصري»، أي أن يتطلع المتحدث إلى عيون أكبر قدر ممكن من مستمعيه، لا إلى السقف أو الأرض، ولا أن يركز بصره على جهة واحدة أو على مستمع واحد.

ZAKI2931-2ومن التقنيات المتبعة في هذا المجال، عندما يكون الجمهور كبير العدد، هو تراجع المتحدث قليلاً إلى الخلف، والتطلع إلى مجموعات صغيرة من بضعة أشخاص. ففي هذه الحالة سيشعر كل واحد من هذه المجموعة أن المتحدث يتوجه إليه شخصياً بالكلام، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تعزيز إصغائه للمتحدث.

نبرة الصوت
ترتبط نبرة الصوت المطلوبة بطبيعة الخطبة أو مضمون الكلمة. ولكن تنويع النبرة ضروري لإضفاء الحيوية على المضمون. فمعلوم أن الحبال الصوتية اثنان، أما درجات الصوت فثمان. وثمة نوعان من التنوع الصوتي خلال الحديث: الأول هو أفقي يقوم على تبدل السرعات. والثاني عمودي يقوم على ارتفاع الصوت وانخفاضه. والتدرب على تنويع نبرة الصوت سهل للغاية. كما أن وقفات التنفس تدخل ضمن التنوع الصوتي.

وماذا عن الارتجال؟
ZAKI3337 (treated)إذا كانت الخطب وعروض التقديم المكتوبة حظيت بالحيّز الأكبر من أعمال الورشة، فإن موضوع الارتجال لم يغب عنها.

فالارتجال هو غير الكلمة المعدّة سلفاً. ولكن عدم الإعداد المسبق لا يبرِّر الفوضى والتعثر. وإن كان كل ما سقناه سابقاً عن الخوف ووسائل التخلص منه ينطبق أيضاً على الارتجال، أشار المدرّب إلى أهميَّة التركيز الذهني خلال الارتجال، من خلال أربع نقاط متتالية على الذهن أن يعمل عليها بسرعة نسبية:

– الأولى: فهم الموضوع.
– الثانية: تحديد موقف من الموضوع.
– الثالثة: تدعيم الرأي والموقف باستشهاد أو بقصة أو بأرقام.
– الرابعة: تلخيص الموقف.

ولأن الخطب أو الكلمات المرتجلة هي عادة قصيرة، فإنها لا تحتاج إلى كثير من المهارات مثل لغة الجسد والحركة المدروسة على المسرح. كما أن توقعات الجمهور هي عادة أقل مما هي عليه أمام الخطبة المكتوبة.

في العروض المرئية
ZAKI3293 (treated)وتطرَّقت الورشة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الصورة في العروض المرئية، على صعيد توضيح الأفكار وتعزيز ثقة المستمعين – المشاهدين بالكلام وصوابيته. فالكلام لوحده يخاطب حاسة السمع فقط. ولذا، فإن إرفاقه بصورة داعمة أو موضحة يضيف حاسة البصر إلى حاسة السمع عند الجمهور، فيعزز تلقي الفكرة وترسيخها في الذهن.

واستناداً إلى الخبرات المتراكمة، يؤكد المدرِّب أن أفضل الشرائح المصوَّرة هي التي تتضمن ما بين 6 و8 أسطر كحد أقصى وما بين 6 و8 كلمات في السطر الواحد. وأن يكون النص معززاً بصورة معبّرة إلى جانبه. وما تجاوز ذلك هو غير مريح للعين، وما قلَّ عن ذلك قد يوحي بالضحالة.

آراء بعض المشاركين
حمزة السقاف، مهندس تنقيب وحفر:
الأمر الأساس الذي تعلمته من الورشة هو كيفية التغلب على الخوف أثناء الوقوف أمام جمهور كبير. وكيفية التعامل مع هذا الجمهور في الندوات، وأثناء التعامل مع أسئلته. الورشة كانت ممتازة بشكل عام، وإن كنت أتمنى إعطاء فرص للجميع ليلقوا خطباً.• عبدالمجيد الشمري، مسؤول تواصل: اطلعت في هذه الورشة على أمور كثيرة لم تمر بي سابقاً، وتعلَّمت منها أهمية الإعداد المسبق. وأقترح إطالتها لمدة ثلاثة أيام، لأن يومين لا يكفيان.• فهد سعيد العمري. ملاحظ أعمال: كانت الورشة مفيدة، خاصة وأنها الأولى من نوعها التي أشارك فيها. وقد أضافت كثيراً إلى معلوماتي، كما استفدت من التمارين على طريقة الإلقاء وكسر الجمود والتخلص من التوتر في البداية. كما لفتت انتباهي إلى أهمية الاستشهادات والقصص في متن الخطبة، وأهمية الخاتمة التي يجب أن تشد المستمعين وتحمل إليهم الهدف من الخطبة باختصار ووضوح.• وليد عبدالله الغامدي، موظف حكومي: الأمر الجديد الذي تعلمته هو كيفية كسر الجمود والخوف ولو جزئياً. واستفدت من مناقشة جوانب الموضوع مع الزملاء. وأقترح الاستمرار في إقامة ورش العمل المشابهة لها وزيادة المدة المخصصة لها.

وخلال حلقات النقاش
ZAKI3069وقبيل اختتام الورشة وتوزيع شهاداتها على الحاضرين، خاض المشاركون تجربة إدارة حلقة نقاش، وما ينطوي عليه رد المتحدثين على أسئلة الجمهور من محاذير وما يتطلبه من مهارات.

ولإيضاح النتائج والملاحظات المستخلصة من هذه التجربة قدّم المدرِّب تلخيصاً لأهم العناصر التي يجب أخذها في الحسبان عند فتح باب الحوار مع الجمهور. وأهمها:

الحذر من إعطاء الكلام لأول طالبيه، إذا كان الموضوع مثيراً للجدل العنيف. لأنه غالباً ما يكون في صفوف الجمهور في هذه الحالة من يريد أن يهاجم أو ينتقد بعنف.

سماع السؤال بتركيز شديد، لأنه من غير المستحب على الإطلاق الطلب إلى السائل أن يعيد سؤاله.

مجاملة السائل، لأنه عندما يطرح سؤاله لا يكون مجرد فرد، بل ممثلاً الجمهور ككل. ومن التقنيات البسيطة المعتمدة في هذا المجال، تدوين اسم السائل فور إعلانه، كي يستخدمه المجيب عند الرد، لما له من وقع إيجابي عند السائل الذي يشعر في هذه الحالة أنه أخذ حقه من الاهتمام والاحترام.

DSC_0128ختاماً، نعود إلى ما أشرنا إليه في البداية، وهو أن هذه الورشة، وبكل ما حفلت به من عرض نماذج مختلفة لخطب متنوعة المضامين، وأفلام وشرائح مصورة، وتمارين حية أداها المشاركون، تبقى حسبما يقول المدرِّب البسّام مجرد مدخل أو خارطة طريق، تتطلب تدريباً وتمريناً كي تتجلى نتائجها على الخطيب أو المتحدث. تماماً كما أن تعليم السباحة من خلال شرح تقنياتها لا يكفي لتحويل المرء إلى سبّاح ماهر، فالأمر يتطلب تمارين وتدريبات عملية لا بد منها.

أضف تعليق

التعليقات

Salehe

استفدت كثير وعرفت كيف اميز بين الخطابه والالقاء

نوف نوف

متي تم كتابة هذا النص ؟أي عام ؟