بعدما سبق للقافلة أن تناولت موضوع التعليم العام عن بُعد عندما كان لا يزال في مهده، تعود بعد مرور أكثر من سنة على انطلاقة هذه التجربة تحت ضغط جائحة الكورونا، لتستطلع الخلاصات التي استنتجها بعض المعنيين مباشرة بالتعليم الجامعي عن بُعد، وما طرأ من جديد على رأيهم به.
افتقدنا حضور الطلبة
ولا بأس بالجمع بين نظامين
سهيلة الهاشمي
أستاذ مساعد – جامعة السلطان قابوس
كانت تجربة التعليم الإلكتروني جديدة بالنسبة لي ولكثير من الأساتذة، وقد واجهنا تحدّياً في البداية لتعلُّم طريقة التعامل مع المنصات والإلمام بمتطلبات الربط عبر الشبكة، وتحدياً آخر من ناحية التزام الطلبة بالحضور.
بطبيعة الحال، فإن أكثر الأساتذة افتقدوا حضور الطلبة الحي في قاعات المحاضرات، الذي أعدُّه أفضل وأكثر فعالية، فهو يضمن التفاعل المباشر معهم، إلى جانب تفعيل الأنشطة الصفية والمشاركات وتبادل الأفكار.
إن وجود الطالب في الصفوف الدراسية، يمكّنه من المشاركة وإبداء الرأي، مع إمكانية التعبير المباشر والتواصل وجهاً لوجه. وهناك كثير من الأنشطة الجماعية التي تكون أجدى بالحضور الفعلي. كما إن المشاركة في عمل وإنجاز المشروعات والزيارات الميدانية أمر يتعذّر تحقيقه عبر المنصات الإلكترونية، ومصداقية الامتحانات الكتابية تكون أفضل بكثير بالحضور الفعلي.
من وجهة نظري، فإنه لا بأس بالجمع بين نظامي التعليم الإلكتروني والحضور الفعلي.
الاستغناء الكلي عن الحضور ليس رأياً راجحاً
حسين الحكمي
وكيل عمادة شؤون الطلاب للتطوير والجودة – جامعة الملك سعود
بسبب جائحة كورونا تغيَّر شكل التعليم في كل العالم، وأصبح يعتمد على التقنية والتعليم عن بُعد، وصار التعليم الإلكتروني هو الوسيلة الأولى الضامنة لاستمرار العملية التعليمية.
أرى أن التجربة كانت إيجابية وثرية بكثير من الخبرات على كافة الأصعدة، من مستوى المناهج والطلبة والأساتذة، وحتى القاعات الإلكترونية وآليات التعليم والتعلم.
وعلى الرغم من أن هذه التجربة، التي كانت بواقع الحال إجبارية، كانت هي الخيار الأفضل، غير أنها أنتجت عدداً من السلبيات، أرى أنها جاءت نتيجة عدم الاستعداد لها، فالتعليم عن بُعد يعوق التواصل الاجتماعي، ويصعِّب على الأساتذة العملية التعليمية، خصوصاً إذا تعلق الأمر بتلك المقررات التي تحتاج إلى تطبيقات وممارسات عملية. مثلما أفرزت إيجابيات، ربما جعلتْ كثيرين ينادون باستمرارية التعليم الإلكتروني ولو جزئياً.
أنا أعرف أن لحضور الطالب للصف فوائد جمة ومنافع تربوية واجتماعية وتعليمية كبيرة، وأن الاستغناء عن حضور الطلبة لقاعات التعلم له سلبيات كبيرة. لذلك أعتقد أن الاستغناء الكلي عن حضور الطلبة للفصول الدراسية ليس رأياً راجحاً. إذ يحتاج المعلم والطالب إلى التواصل المباشر في ما بينهما، لأن ذلك يعطي فرصة أكبر لوصول المعلومة، كما إن حضور الطلبة للصف واحتكاكهم ببعضهم بعضاً مهم وضروري في التنشئة وبناء شخصياتهم.
كوَّن بيئات شبه انعزالية وفاعليته قد تبقى محدودة
كميل الحرز
أستاذ مساعد – جامعة الملك فيصل
على الرغم من الفرص التعليمية التي قد يوفرها التعليم عن بُعد، في ظل الجائحة على وجه التعيين، وكذلك رغم عدد من فوائده ومزاياه، إلا أن فاعليته وآثاره قد تظل ذات طبيعة محدودة، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الجانب الاجتماعي والتفاعلي للعملية التعليمية. ولعل أبرز ما يفضي إليه التعليم عن بُعد هو تكوين بيئة ذات ملامح انعزالية، تفتقر للتفاعل الإيجابي في كثير من الأحيان بين الطلبة أنفسهم من جهة، وبينهم وبين أساتذتهم من جهة أخرى.
وعليه، قد تساعد هذه البيئة في تحجيم مهارات التواصل لديهم واستعدادهم ودافعيتهم للتعلُّم،
وتضاؤل حجم الخبرة العلمية التي قد يكتسبها الطالب إثر وجوده في القاعات الدراسية. كما يمثل التعليم
عن بُعد – على صعيد آخر – تحدياً كبيراً على مستوى الممارسة التطبيقية في التعليم وعملية تقييمه.
حلٌّ لبعض التخصصات ولكنه ليس بديلاً كاملاً
فارس محمد نور سعيد الطف
أستاذ مشارك – جامعة أم القرى
نجحت تجربة التعليم الإلكتروني إلى حدٍّ كبير، في تخفيف آثار جائحة كورونا على التعليم بشتى مراحله، رغم ظروفها الصعبة، ويتمثل نجاحها في إكمال المسيرة التعليمية بطريقة آمنة، أسهمت بشكل كبير في الحدِّ من انتشار الوباء.
ولكن إذا ما قارنا تلك التجربة بالدراسة التفاعلية داخل القاعات، نجد أن هناك قصوراً في إيصال المهارات العملية وفي التفاعل المباشر مع الدارسين، لا سيما التخصصات العملية والتطبيقية، ولذلك استمرت بعض الكليات بتدريس مناهجها التطبيقية في معاملها وقاعاتها مع الالتزام بالاحترازات الصحية.
يتضح لنا من خلال التجربة، أن التعليم عن بُعد قد يكون حلاً لبعض التخصصات، وقد يستخدم جنباً إلى جنب مع التعليم داخل القاعات، لتخفيف بعض الأعباء المالية أو الإدارية والأكاديمية، ولتسهيل جدولة الدروس والمحاضرات، ولكنه يصعب من الناحية التربوية والتعليمية أن يكون بديلاً كاملاً عن الدراسة داخل القاعات والمعامل، التي تظل عاملاً مهماً للتفاعل وإيصال المهارات التدريبية والعملية.
كما إن وجود الطالب في قاعة الدرس أمام معلمه يظهر للمعلم أو المحاضر مدى استيعاب الطالب ومدى تفاعله، ما ينعكس على إيصال المعلومات والمهارات بعدة طرق قد لا تكون متاحه للمعلم من خلال المنصات التعليمية. لذلك أرى أن التعليم الإلكتروني يظل أحد العوامل المساهمة في تحسين القدرة التعليمية للمعلم، وتعزيز التعليم الذاتي للطالب ورفع قدرته على استرجاع المعلومات، ولكنه ليس بديلاً كاملاً.
تجربة رائعة وضرورية
لتقدّم العملية التعليمية
مشاري الشمري
طالب دكتوراة – علم الاجتماع
تجربة التعليم الإلكتروني مفيدة وناجحة بالنسبة لي. فقد لمست أهمية هذا الأسلوب في التعليم وقدرته على إيصال المعلومة وإمكانية اكتسابها بشكل سلس وسهل والتعلم بشكل فعلي رغم اختلاف الأمكنة وتباعد المسافات وتباين الأوقات. لقد أتاح لنا هذا الأسلوب سهولة عرض أعمالنا، وشرحها وربطها أثناء المحاضرة ومراجعة الدرس. إنها تجربة رائعة، وأرى أنها أصبحت ضرورية لتقدّم العملية التعليمية. أما بالنسبة لطريقة التعليم التقليدية التي تعتمد على التفاعل المباشر بين المعلم والطلاب، فأرى أنها طريقة أساسية ومهمة لمراحل الدراسة المبكرة والدراسة الابتدائية، وذلك لعدة اعتبارات تربوية وتعليمية، وأرى أنه يجب الاستمرار فيها.
غشّ.. ومخرجات ضعيفة
مريم منير فاران
طالبة – هندسة الأمن السيبراني
بقدر ما يبدو أسلوب التعلُّم عن بُعد مريحاً وأسهل، فأنا أعتقد أنه أسلوب غير جيِّد وقليل الفاعلية، وعلى وجه الخصوص لطلاب وطالبات الجامعات، حيث إن الغش في الامتحانات أصبح عملية سهلة. وبالتالي فإن مخرجات التعليم ستكون ضعيفة وتفتقر إلى الصدقية والإتقان. في حين أن التعلُّم داخل القاعات الدراسية يضمن تركيز الطالب وفهمه واستيعابه، كما يضمن تواصلاً أكثر فاعلية مع الأساتذة والمحاضرين.
اترك تعليقاً