موت لغة
قبل بضعة أسابيع أعلن عن وفاة سيدة هندية تدعى «بوا سر» عن عمر يناهز الخامسة والثمانين، التي كانت آخر شخص على قيد الحياة يتحدث بلغة «البو» الهندية، وهي واحدة من عشر لغات مختلفة في جزر الأندما ونيكوبار الهندية.
لم يثر هذا النبأ ضجيجاً كبيراً في صفوف اللغويين، لأنهم وبكل بساطه يعرفون أن هناك لغات عديدة مهددة بالانقراض من ضمن السبعة آلاف لغة الموجودة في العالم. والمدهش الذي طالعنا به هؤلاء هو قولهم إن هناك لغة واحدة تنقرض كل أسبوعين!؟! ولهذا ، فإن موت اللغة أصبح للأسف أمراً عادياً.
لكن من استمع يوم وفاة هذه السيدة إلى التسجيل الإذاعي لغنائها بلغتها الأم، أدرك أن فقدان كل لغة هو مأساة تختصر زوال حضارة ما تشكَّلت عبر آلاف السنين بما تحتويه من قصص وخرافات وأغانٍ شعبية وألغاز لن نسمعها بعد الآن، حتى وإن تم الاحتفاظ ببعض التسجيلات الصوتية أو البصرية. إذ إن التجربة المعاشة تبقى أمراً مختلفاً تماماً عما يترجمه لنا علماء الآثار.
والجانب المؤلم أكثر من غيره في قصة السيدة «بوا سر» هو في تصور مدى إحساسها بالوحدة التي شعرت بها طلية الثلاثين سنة الأخيرة من عمرها، عندما لم تجد حولها أحداً تستطيع التحدث إليه، ومشاركته الحكايات والنكات والتلميحات بلغتها الأم. فموت اللغة مؤشر واضح على أزمة إنسانية حادة تفقد فيها ذخيرة من الحكمة والإحساس بالانتماء إلى المجتمع.
التكنولوجيا المتطوِّرة
في خدمة الرياضيين
لم تعد التكنولوجيا والمعادلات الرياضية ونظريات الديناميكا الهوائية حكراً على الاختراعات والتطورات في مجال الطائرات النفاثة والغواصات المقاتلة.. إنما بات من الممكن استخدامها والاستفادة منها لتحقيق النصر في الألعاب الرياضية.
فبالنسبة لمتابع عادي، أصبح التزلج على حلبة جليد صناعي بسرعة ما أمراً عادياً. لكنه ليس كذلك بالنسبة للفريق البريطاني المتنافس في حلبة ريكموند في فانكوفر، إذ إن فريق الحلبة القصيرة ومن ضمنه جون إيلي المصنَّف الثالث عالمياً، انتعلوا مزاليج معدَّلة من قبل مهندسين عسكريين اعتمدوا على برنامج يستخدم عادة لتصميم الطائرات النفاثة المقاتلة والغواصات.
يقول بيلي بيكس، الدماغ المخطط «للسلاح السري» لفريق تزلج السرعة البريطاني: «إن التقنية التي طورناها فريدة، ولم يتوصل إليها أي بلد آخر في العالم، إنها عبارة عن قطعة معدنية بحجم إنشين تربط ما بين النصل وحذاء المزلاج».
قد تبدو هذه القطعة تافهة، لكنها في الواقع آخر إصدار من برنامج أحدث ثورة في أداء الفريق البريطاني في مباريات أولمبية سابقة. وفي عام 2008م، وافقت الوكالة الحكومية الرياضية في بريطانيا، المسؤولة عن نخبة الرياضيين في البلد بالتعاون مع «الشركة البريطانية للطيران والفضاء»، على منح 2.3 مليون دولار على مدى سنوات خمس لتمويل البحوث التي من شأنها إحراز النجاحات المستقبلية للرياضيين البريطانيين.
وقد عقدت الشهر الماضي شراكة مشابهة مع فريق «ماكلارين» فورملا ون. ومنذ ذلك الحين والعمل جارٍ في المختبر على تجريب النماذج الرياضية ومعادلات الديناميكا الهوائية لمساعدة الرياضيين البريطانيين على الوصول إلى مستويات جديدة في الرياضة.
القيلولة لمن طلب العُلا
هناك إعلان توعوي مدهش يطالعنا من وقت لآخر على شاشات بعض الفضائيات، نرى فيه موظفاً انكب نائماً على طاولته. وعندما يدخل المدير القاعة، يحبس الموظفون أنفاسهم وهم يرونه يقترب من الموظف، تحسباً لانفجار غضبه.. غير أن المدير بعد أن يتأمل الموظف للحظة، ويطفي مصباح الطاولة وهو يبتسم، تاركاً الموظف يغط في نومه.. ويختتم الإعلان بالقول: إن 15 دقيقة من النوم خلال النهار تساعد على الإنتاج بشكل أفضل. وهذا الإعلان لم يأت من فراغ، بل قام على دراسة أجراها فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا لتحديد الآثار الإيجابية للقيلولة، علماً بأن، بعض فوائدها معروفة ومعترف بها منذ سنين عديدة.
فمن خلال مقارنة مجموعتين من الناس العاملين في المجالات المهنية نفسها، وأحياناً في المؤسسة ذاتها، واحدة تضم أولئك الذين يأخذون قيلولة صغيرة بعيد الظهر، وأخرى تعمل بشكل متواصل، تبين للباحثين أن المجموعة الأولى كانت خلال الفترة المسائية تتمتع بقدرة أكبر بشكل ملحوظ من الفئة الثانية على تذكر الأسماء والأماكن والأحداث. وأيضاً قدرة أكبر على تعلُّم أمور جديدة في الفترة المسائية. كما أن أداءها المهني كان أسرع من أداء المجموعة الثانية.
وخلص الباحثون إلى أن كل هذه الفروقات الناجمة عن «القيلولة» هي نتيجة « إعادة تموضع» الذهن، على حد قولهم، بحيث تصبح قابلية الدماغ على الفهم والتذكر أفضل.
وتتوقع بعض المجلات العلمية أن تودي هذه الدراسة في حال ثبوت صحة نتائجها، إلى مراجعة فكرة العمل المتصل الذي تتبعه معظم الشركات الكبرى في العالم في الوقت الآخر.
الصواعق.. لمـاذا تضرب الذكور أكثر؟
منذ زمن طويل، لوحظ أن الصواعق تضرب الذكور أكثر من الإناث وبفارق كبير جداً، الأمر الذي دفع «هيئة الأرصاد الجوية الوطنية» في الولايات المتحدة الى التعاون مع بعض العلماء في جامعة إنديانا لتفسير هذه الظاهرة، استناداً إلى حالات الوفاة بالصواعق مابين العامين 1955 و2008م، والتي بلغ عددها 648 حالة، كانت نصيب الذكور منها %82، ونصيب الإناث %18 فقط.
وعبثاً حاول العلماء أن يجدوا تفسيراً علمياً أو بيولوجياً لهذا الفارق رغم أنهم غاصوا في البحث عن الأسباب الممكنة حتى الوصول إلى نسبة الحديد في جمجمة الرجل التي تزيد على نسبته في جمجمة المرأة، وأيضاً الفارق في الهرمونات الذكرية والأنثوية وما إذا كان بعضها يمكن أن يلعب دور اللاقط للكهرباء أكثر من الآخر.
وبعد طول عناء ، توصَّل العلماء إلى أن المسألة برمتها هي مسألة «طيش واستهتار» ليس أكثر فالمرأة بطبعها الحذر والحساس تتفاعل نفسياً مع العواصف الرعدية الكهربائية أكثر من الرجل، فتلتزم جانب الحيطة والحذر أكثر منه.
أما الرجل، حسبما يقول بيترتودر البروفيسور في علم النفس السلوكي في جامعة إنديانا، فهو إجمالاً لا يولي المخاطر والمحاذير الأهمية التي توليها إياها المرأة. وحتى عندما يدرك بأن هناك خطراً محتملاً من مصدر معيَّن، فإنه غالباً يميل إلى تقليل هذا الاحتمال. إضافة الى ما يشعر به على أنه من المكاسب، أيظهر أمام الرجال الآخرين (وأيضاً النساء) أنه شجاعة لا يعرف الخوف …. وفي أحيان كثيرة، يمكن لهذا السلوك « الطائش» أن يوتي بمكاسبه ولكنه في حالات أخرى، يأتي ليشكل الفرق في ارتفاع نسبة الوفيات بالصواعق عند هؤلاء « الشجعان» مقارنة بما هي عليه عند النساء.