الرحلة معا

ربع قرن
من الجنادرية

جدَّدت مدينة الرياض عرسها الثقافي السنوي يوم الأربعاء الأول من ربيع الآخر 1431هـ، الموافق 17 مارس 2010م عندما افتتح خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (مهرجان الجنادرية) في مدينة الرياض بحضور عدد من ممثلي دول الخليج العربي وغيرها والكثير من المثقفين والمهتمين في المملكة العربية السعودية والعالم العربي ودول العالم.

ولا شك أن مهرجان الجنادرية بعد ربع قرن من انطلاقته الأولى قد أصبح معلماً من معالم الحركة الثقافية في بلادنا، وأن أصداءه تعدّت المملكة لتغطي العالم العربي بأسره وتصل إلى كثير من أصقاع المعمورة.

ولعل من أهم ما يميِّز مهرجان الجنادرية هذا العام التطور الملحوظ الذي طرأ عليه في جوانب كثيرة؛ فلقد تم تطوير قرية الجنادرية وتحسين مرافقها بشكل كبير، وتم تعزيز المشاركة النسائية في المهرجان وفعالياته، كما قررت إدارة المهرجان إقامة فعاليات ثقافية خارج مدينة الرياض في مكة المكرمة وجدة والظهران، تمت من خلالها مناقشة عدة محاور من أهمها رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار والسلام وقبول الآخر ومعوقات الحوار والسلام بين الشعوب.

كما شاركت الجمهورية الفرنسية كضيف في مهرجان الجنادرية هذا العام، وقدَّمت فعاليات فكرية وفلكلورية وثقافية متنوعة، شملت محاضرات في مجالات الاقتصاد وحوار الحضارات وأمسيات شعرية، وعروضاً لفرق فلكلورية ورقصات شعبية.

ثم جاء الإعلان عن جائزتين سنويتين تحت مسمى جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للثقافة وجائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للتراث، اللتين سيبدأ تقديمهما في مهرجان العام القادم، وستعطيان المهرجان وهجاً ثقافياً وبعداً عالمياً آخر.

ولا شك أن المتابع يرى بوضوحٍ التطورَ الذي واكب مهرجان الجنادرية منذ انطلاقته الأولى في عام 1405هـ، والقفزات النوعية التي حققها على مستوى الفعاليات والبرامج والمعارض المصاحبة، وعلى مستوى الإعداد والخدمات المقدَّمة في المدينة التراثية المقامة لهذه المناسبة، والتي تستوعب سنوياً مئات الآلاف من الزوّار.

ولعل القيمة الكبرى لمهرجان الجنادرية أنه صار سجلاً لتاريخ الإنسان السعودي، يوثّقه ويحفظه من أن تطويه عجلة النسيان، كما أصبح مرآةً تعكس ما وصل إليه مجتمعنا من تقدّمٍ فكري وحضاري يعزِّز موقع وصورة المملكة بين دول العالم. يضاف إلى ذلك أن المهرجان، وهو يركِّز على التراث، أصبح أيضاً من عناصر التجديد في المجتمع، يتبنى الأفكار الجديدة ويقدِّمها، ويسهم في قيادة الحراك الثقافي في المجتمع.

وإنه لمن المناسب هنا أن نقدِّم الشكر والتقدير للقائمين على هذا المهرجان من رجالات الحرس الوطني، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني، رئيس اللجنة العليا للمهرجان، وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، على ما يقومون به من جهود لا تكلّ للمحافظة على وهج المهرجان وتطوره.

وما دام الحديث عن الحِرَاك الثقافي في المملكة العربية السعودية فإنه لابد من الإشارة أيضاً إلى معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي افتتح يوم الثلاثاء 16 ربيع الأول 1431هـ الموافق 2 مارس 2010م. لقد أصبح هذا المعرض من أهم الفعاليات الثقافية في المنطقة، تُشد إليه الرحال من مختلف الدول، وتتسم فعالياته بدرجة كبيرة من التسامح والقبول ، وتضرب مبيعاته أرقاماً قياسية. وفوق كل ذلك فقد أصبح هذا المعرض حدثاً اجتماعياً مهماً في المملكة العربية السعودية وفي مدينة الرياض على وجه الخصوص.

وهنا أيضاً نود أن نعبِّر عن تقديرنا لجهود القائمين على معرض الرياض الدولي للكتاب، وجهود ودعم وزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسها معالي الوزير الشاعر والمثقف، الدكتور عبدالعزيز محي الدين خوجة، التي أوصلت المعرض إلى المكان المرموق الذي يتبوأه الآن.

مهرجان الجنادرية ومعرض الرياض الدولي للكتاب يمثلان عنصرين من عناصر الحِرَاك الثقافي الكبير الذي تزخر به مملكتنا الغالية، حِرَاك يتسم بالأصالة والتجديد والتسامح الذي يدعمه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حفظهما الله.

وإن كان لنا من ملاحظة هنا لرفع مستوى الفائدة من تلك المهرجانات الثقافية فإننا نرى أنه يجب أن توضع رزنامة لأهم المناسبات الثقافية في العالم العربي لتجنب التضارب في المواعيد وتعميم الفائدة، فقد لاحظنا أنه كان هناك تضارب بين موعد معرض الرياض الدولي للكتاب ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب. فكم من مهتم لم يستطع حضور معرض أبو ظبي لحضوره معرض الرياض، كما فات البعض معرض الرياض لأنه كان في أبو ظبي.

أضف تعليق

التعليقات