“الغزّال”، أو “سبينر” بالإنجليزية، لعبة جديدة وشعبية جداً على مستوى العالم، صممّت في مجموعة متنوِّعة من الأشكـال والألوان، وتتخذ شكل مروحة تتوسطها كرة، وتمسك بواسطة إصبعين بطريقة تسمح بدورانها لوقت طويل وتوليد أشكال مختلفة أثناء الدوران، وذلك وفق تصميم أجنحتها وألوانها.
وبعد أن غزت هذه اللعبة الجديدة عالم الأطفال والمراهقين بين ليلة وضحاها، ها هي تُثير جدلاً واسعاً ومفاجئاً كما انتشارها، حول فوائدها وأضرارها. إذ يرى بعض أطباء النفس أنها مفيدة لطرد القلق والتوتر وتساعد الأطفال المصابين بالتوحّد، بينما يرى آخرون بأنها تسبّب الإدمان وبأنها تلهي الطلاب عن دروسهم لما تستنفد منهم من وقت. أما الفريق الثالث، فيرى أنها كسائر الألعاب التي تسطع في عوالم الشهرة والنجومية ثم لا تلبث أن تختفي كفقاعة، كما كان حال “مكعب روبيك” الشهير قبل نحو ثلث قرن.
اختراعها صدفة
كانت الأمريكية كاثرين هيتينغر تملأ وقت طفلتها باللعب معها وتسليتها من دون أن تنفق مالاً كثيراً. إلا أن أحد أمراض اضطراب المناعة الذاتية أصاب الأم، ولم تعد تستطيع تحريك يديها في شكل طبيعي بسبب ضعف أعصاب جسمها عموماً، فحاولت جاهدة ابتكار شيء يسلّي طفلتها، وبدأت تلصق أشياء ملفوفة بورق الصحف بعضها ببعض لتكوّن طبقات كرويّة، فأسعدت ابنتها بهذه اللعبة البسيطة.
بعد ذلك، طوّرت هيتينغر فكرتها، إلى أن توصلت إلى ابتكار النسخة الأولى من الـ “فيدجيت سبينّر” التي تحقق راهناً رواجاً كبيراً في كل العالم.
حصلت هذه السيدة على براءة اختراع عام 1997، إلا أنها لم تكن تملك المال لإنتاج اللعبة تجارياً بشكل يسمح لها بالمحافظة عليها. وهكذا، بعد ثماني سنوات، أي عام 2005، انتهت صلاحية حقوق الاختراع، فما كان من عدد من الشركات الصغيرة والكبيرة إلا أن استغلت الفرصة، وبدأت بتصنيع هذه اللعبة للأولاد، خصوصاً المصابين بأمراض عصبية وقصور الانتباه والتوحّد. ولكن “الغزّال” لم يلقَ رواجاً كبيراً في البدء، ولم ينتشر عالمياً، بل بقي محصوراً في أمريكا الشمالية.
لكن تغيراً مفاجئاً طرأ عام 2016 على اللعبة البسيطة التي تشبه مروحة مثلثة الأضلاع تدور حول محور دائري، عندما كتب المحرر في مجلة “فوربز” جيمس بلافكا، أن “الغزًال” لعبة يجب أن تكون جزءاً من أدوات المكتب في عام 2017 لأنها مفيدة جداً للتخلص من التوتر.
بعد ذلك المقال، ازدادت المبيعات عبر الإنترنت لـ “لعبة العام”، واحتلت المركز الأول في موقع “أمازون” ضمن فئة أكثر 20 لعبة مبيعاً. وعلى “يوتيوب”، بدأ المشاهير يظهرون وهم يقومون بحركات ومناورات باللعبة ويتباهون بأفكارهم الأجمل والأغرب، فمنهم من يغزل المثلث بين أصابعه، ومنهم من يحاول دحرجته على الأرض، وثالث يربط لعبتين إحداهما بالأخرى ويحاول غزل المثلثين معاً.
ومثل كل الألعاب الجديدة، أصبحت اللعبة موضع جدل واسع على مستوى القارات. وأشارت بعض التقارير إلى أنها تسهم فعلاً في التخلص من التوتر، كما أنها تساعد الأطفال المصابين بفرط الحركة في التركيز أكثر على دروسهم أو سواها، وتكون بمنزلة مدرّب للمصابين بالتوحد. وتم الترويج لمعلومات مفادها أن اللعبة جعلت كثيراً من مدمني الهواتف الذكية والتطبيقات ينصرفون عن هواتفهم.
غزا “الغزّال” بيوتاً كثيرة في أنحاء العالم، وارتفعت شعبيته بين الأولاد خصوصاً، وبالتالي مبيعاته، حتى المصانع المنتجة له تعمل اليوم بطاقاتها القصوى لتلبية الطلب عليه.