حياتنا اليوم

بين لمستين..!

نادراً ما يستوقفنا دور الفن في حياتنا أو حجم حضوره. علماً أن كل ما هو حولنا تقريباً يكاد يكون قد دخله فن ما أو أضيفت إليه لمسة فنية , أدركنا ذلك أم لم ندركه، أردناه أم لم نرده.

فاللمسة الفنية بتعريفها الفضفاض تعد في دنيا الصناعة والإنتاج والعمران قيمة مضافة. إما أن تزيد من قيمة المنتج أو تجعله أكثر رواجاً على الأقل, وذلك بحسب تقدير منتجيها. فألوف المنتجات التي تقع عليها أعيننا كل يوم كان يمكن استخدامها بشكلها المجرد البسيط, لكنها خضعت جميعها لعمليات تجميل ، صغيرة كانت أم كبيرة، موفقةً كانت أم لا: بدءاً من فنجان القهوة والقلم والمعلبات المختلفة مروراً باللباس والمعدات على أنواعها وصولاً إلى المباني والجسور وغيرها.
خضعت كلها لجهد تجميلي يتوَّج بلمسة فنية. لدرجة نستطيع معها أن نعتبر, دون مبالغة كبيرة, أننا محاطون بلمسات فنية بقدر ما نحن محاطون بأشياء.. فانظر حولك تَرَ!

ومع ان التنافس التجاري في أيامنا هذه, هو الذي أطلق حمَّى التصميم وتجديد التصميم المستمر شرطاً أساسياً من شروط السباق لتصريف المنتجات, إلا أن هذا لا يعني أن الرغبة في أن تكون للأشياء لمسات فنية حالة مستحدثة في عصرنا الحاضر. فهي لا تتعدى محاولة بأسلوب عصرنا للاستفادة القصوى من رغبة متجذرة في نفس الإنسان، وقديمة قدم الإنسان نفسه. إذ ان الرغبة في تصريف البضائع كانت عبر العصور تدفع منتجيها إلى تجميلها, أو تحسين مظهرها.

وعوداً على بدء، فلا غرابة في أن نتخيَّل الإنسان القديم وقد خطر له في لحظة تأمل أن يزيِّن عصاً يستخدمها, أو حجراً يقطع به، أو لاحظ أن فروة فريسة ملقاة أمامه أجمل من أخرى فهمَّ بلبسها. وربما كان يدفعه لذلك، إضافة إلى الرغبة التجميلية, السعي إلى إضفاء شيء من الرونق على أدواته ولباسه من باب الاعتزاز والتنافس مع الآخرين.

وفي زحام الأشكال والألوان في حياتنا المعاصرة والتسابق على التفنن في تجميل المنتجات, نجد بما يشبه الصدفة الحسنة أو المفاجأة المفرحة عملاً يحتفظ بنقاء اللمسة الفنية الأصيلة إذا صح التعبير. وعلى الرغم من أن هذه عادة ما نصادفها خارج المنتجات التجارية الواسعة الانتشار, إلا أن أصحاب هذه المنتجات ينجحون أحياناً بصيد لمسة فنية عالية الأداء محافظة على عذرية الإبداع الأول. وفي هذه الحالات, على قلتها, تتحوَّل هذه اللمسة الفنية إلى دافع بيع قد يفوق كل توقع.

للمسة الفنية الحقيقية وقع غريب في النفوس ومفاجئ أحياناً!

ويعجب المرء, وخاصة العامل في حقل الفنون، كيف يلاحظ الناس هذه اللمسات الأصيلة ضمن الزحام, وكيف ينفعلون أمامها ويفرحون بها ويسعون إلى امتلاكها بشكل أو بآخر. ويعجب أكثر بقدرتهم العنيدة أحياناً على التمييز بين هذه اللمسة الفنية وأخرى فاقدة لهذه الذروة من الإحساس على الرغم من تشابههما!

وإذا كان الفن حسّاً إنسانياً متنقلاً بإحدى أدواته.. بالشكل أو اللون أو الصوت أو الكلام فإن مشاعر الناس ملتقطة له, متمسكة به, مقدِّرة له دوره بل ومستكثرة بخيره.

ربما لا يستوقف الناس كثيراً دور الفن وحجم حضوره. أما الشركات فعرفت هذا.. واستفادت منه.

وربما هذا سيزيد قيمة اللمسة الفنية بمرور الوقت. أَوَلَيست اللمسة الفنية في كرة القدم هي صانعة المبالغ الكبيرة تلك؟

أضف تعليق

التعليقات