منذ الإعلان عن صدور رواية «العون» في شهر فبراير من العام الماضي، عرف نقاد الأدب في أمريكا أنهم سيكونون أمام عمل أدبي مميز، لأن الرواية هي الأولى التي تصدر عن دار نشر جديدة تحت مظلة دار بنجوين العملاقة والمعروفة عالمياً بنشرها للأدب الكلاسيكي، وأيضاً لأن دار النشر الجديدة تحمل اسم محررة معروفة في الأوساط الأدبية، الأمر الذي كان ينبئ سلفاً بوصول التعاون ما بين الروائي والمحرر إلى مستوى غير مسبوق من التلاحم.
فاطمة الجفري تعرض محتوى هذه الرواية التي تتناول بعض أوجه التمييز العنصري الذي كان قائماً في أمريكا خلال النصف الأول من ستينيات القرن الماضي. وإن وجد البعض أن مثل هذا الموضوع قد يكون بعيداً بعض الشيء عن اهتمامات القارئ العربي، فمما لا شك فيه أن المعالجة الأدبية تشكِّل تنويعاً مدهشاً ومختلفاً عما ألفناه.
لأن هذا ما يفعله الأدب. شمسٌ تغمرك، أو ظلامٌ يبتلعك. تراه يشلّ ذرات الهواء حولك، يخرس كل شيءٍ بجدٍ وتفانٍ كي لا يبقى سوى الكلمات المكتوبة. حسها المتصاعد، ونبضها الحي.. هذا ما يفعله الأدب. وهذا ما تفعله رواية «العون» لمن يقرأها.
عندما تحكي آيبلين لأول مرة في أغسطس 1962م، يأتينا لفح الشمس، ونرى حبات العرق تلمع على الجبين الأسود.. تحكي عن الصغيرة ماي-موبلي، ووالدتها إليزابيث ليفولت. ومنذ البداية، لكن دونما أية عجلة، تقول آيبلين إنها تعتني بالأطفال البيض. وبهذا التعريف البسيط نعرف أن الرواية هي عن نظرتين، جانبين، عالمين. أحدهما أبيض والآخر أسود، بالمعنى الحرفي للألوان، لا كما يروق للأدباء استخدامهما تساهلاً لتصنيف الخير والشر.
من حكايات آيبلين نتعرف إلى شخصيات أخرى. نتعرف إلى ميني، الخادمة السوداء التي تُطرد مرة بعد مرة من بيوت مستخدميها لحدة طباعها رغم أنها أمهر الطهاة في المدينة الصغيرة. ونتعرف إلى هيلي هولبروك، السيدة التي يروق لها أن تجمع مقاليد أمور المدينة بأكملها في قبضتها رغم أنها ما زالت في الثالثة والعشرين من العمر. ونتعرف إلى يوجينيا فيلان، الفتاة التي تعوّد الكل على مناداتها بسكيتر، والتي عادت للتو من خارج المدينة حاملةً شهادة جامعية في الأدب الإنجليزي. وعلى يد سكيتر، رغم هدوئها الذي قد يخطئ البعض أحياناً فيظنه خنوعاً، تحاك أحداث «العون» من تأليف الأمريكية كاثرين ستوكت.
تعود سكيتر إلى مدينتها تحلم بالعمل ككاتبة، فتراسل مجموعة ليست بالواسعة من دور النشر، حتى يصلها أخيراً ردٌ من إحداها تنصحها المحررة فيه بالكتابة عما يزعجها.. لعل ما تكتبه يصلح للنشر. وتكتب سكيتر في موضوعات باردة على اختلافها، دون أن تقتنع حقيقةً بقيمة ما تكتبه، إلى أن تطلب منها هيلي مساعدتها في كتابة مشروع حملة، تدعو فيها السيدات البيض إلى إدراج حمامات خاصة بـ«الملونين»، كما تصفهم، في أفنية المنازل الخلفية للوقاية من إصابة الأسر البيضاء بالأمراض. هنا يهتز هدوء سكيتر، ويتشكل أمامها بالتدريج ما تريد أن ترويه. كتابٌ تحكي فيه الخادمات السود، بأسماء مستعارة، حكاياتهن عن الخدمة في منازل الأسر البيضاء.
فيه ثلاثة عشر..
ومع هذا الحلم أو القرار، كيفما يريد القارئ تسميته، تظهر الطيَّات المخفية لكل شخصيات الرواية. عندما قررت سكيتر أن تعمل على كتابٍ كهذا، كانت في حقيقة الأمر بطلاً اضطلع بأمرٍ لا يدري تماماً ما يتطلبه من شجاعة أو تضحية.
ما دفع سكيتر إلى استنكار حملة هيلي أتى من إحساسها الفطري بالعدالة، وليس من وعيٍ نشط بما يحتدم حولها من أحداث سميت فيما بعد بحركة الحقوق المدنية.. الحركة الشعبية التي كان مارتن لوثر كنج من قادتها، وقادت الأمريكان السود في نهاية الأمر إلى الحصول على حقوقهم الكاملة.
آيبلين، من ناحية أخرى، وهي الخادمة الأولى التي عرضت عليها سكيتر المشاركة في الكتاب، كانت واعية تماماً لكل ما تعنيه المشاركة في كتابٍ كهذا. هذه الحكمة نفسها هي التي دفعتها في البداية إلى رفض عرض سكيتر ثم قبوله، ثم تجنيد بقية الخادمات، وميني أولهن، للمشاركة في كتاب فيه قطع مورد رزقهن إن افتضح أمره بين سيدات المدينة.
ميني أيضاً، الطاهية القصيرة الممتلئة التي لا تستطيع أن تسكت على مالا يرضيها في عملها، نراها امرأةً مستضعفةً أمام الرجل الذي تحب، وأماً تمارس دورها باقتدار، وصديقةً مخلصة وإن لم يكن من السهل على الكل كسب صداقتها. وبين الشخصيات الثلاث السابقة يظهر التوازن اللماح بين حكمة آيبلين وحدّة ميني، أما حيادية سكيتر بينهما فقد زادت من تألق الاثنتين.
هيلي أخيراً، هي أكثر شخصيات الرواية أحادية، وربما القارئ الذي شاهد الفِلم الأمريكي (ابتسامة الموناليزا – 2003م) يتذكر مع هيلي شخصية بيتي وارن في الفِلم.. الشابة الأمريكية البيضاء التي تكبت مشاعرها، وتختلط أفكارها وتصرفاتها بنفحة من تعصب يضحي معه الفرق بين اللائق وغير اللائق اجتماعياً فرقاً بين الحياة والموت.
الرواية هي عن الكواليس الخلفية لمشروع الكتاب، وتُروى بأصوات الشخصيات الثلاث: آيبلين وميني وسكيتر، يتناوبن على رواية أحداثها كما يرينها، وإن كان الاختلاف في رؤاهن وروايتهن للأحداث ليس كما قد يتوقعه القارئ. وبين التردد والحسم، والشك والثقة، والخوف والرجاء، تنتظم أكثر من عشر خادمات، واحدةً بعد الأخرى، في حكاياتهن لسكيتر. وفي الخامس عشر من ديسمبر 1963م، بعد أكثر من سنة من بداية العمل على الكتاب، ترسله سكيتر للمحررة، وتنتظر وينتظر معها كل من أسهم في الكتاب، الرد.
من قصص النساء..
«العون» تدور في عالم النساء. بدايةً من موضوعها (العلاقة بين سيدة المنزل والخادمة) ومروراً بشخصيـات الرواية الرئيسـة (آيبلين/ ميني/ سكيتر)، وانتهاءً بالحضور الباهت للرجل الغائب عن عمد. ربما كان أكثر رجال القصة حضوراً هو ابن آيبلين تريلور، المتوفى قبل سنتين من بداية أحداث القصة.
وفي عالم النساء، تجد التعاطف والفهم جنباً إلى جنب مع الكيد اللاذع والظرف الحاد.
شخصيات كاثرين ستوكت لم تقصِّر في تخييب أمل القارئ الذي ينتظر أن تخيّب الصفحة التالية أمله. وربما يصل مكر النساء ذروته عندما يكتشف القارئ ما فعلته سكيتر لتساعد هيلي في حملة «الحمامات»، أو عندما يزاح الستار عما فعلته ميني في ذروة غضبها من إحدى شخصيات الرواية. ولعل الروائية التي وازنت بين رحلة سكيتر مع مشروعها لتدوين حكايات الخادمات السود، ورحلتها الذاتية لاكتشاف ما تريد تحقيقه في حياتها، قد خشيت أن يضعف أحد المحورين الآخر، فاختارت أن يكون صوت رحلة سكيتر الذاتية خافتاً بالمقارنة بالحدث المهم وهو العمل على المشروع. وقد أسهم هذا من ناحية في تألق المحور الأساسي للرواية، لكنه أيضاً ترك خيطاً مفتوحاً للقارئ من دون أن يجيب عن تساؤلاته بشكل كافٍ.
اللهجة التي تكتب بها ستوكت روايتها على لساني آيبلين وميني، وهي لهجة الزنوج وقتذاك، أضافت متعةً خاصة للقارئ المتعود على الإنجليزية الرصينة فيما يقرأه. وأضفت تحدياً مستعصياً على الحل لمن يتولى ترجمة الرواية إلى العربية أو إلى لغة أخرى، فكيف لأية لغةٍ أخرى أن تتشكل بما يقترب من حدود هذه اللهجة التي تروي، في حد ذاتها، رواية أخرى. التفرقة العنصرية التي عانى منها الأمريكان السود ليست موضوعاً وثيق الصلة بالجمهور العربي، لكن نجاح رواية «العون» لا يأتي من موضوعها، بل من صياغتها لأحداث يومية وأخرى مصيرية بمهارة استثنائية لروائية تطرح عملها الأول. هي بالتأكيد تنويعٌ مختلف لما تعوَّد القارئ السعودي على مطالعته محتلاً رفوف المكتبات من الروايات الغربية الأكثر مبيعاً.
الروائية والمحررة
من هي آمي اينهورن، ولم نبدأ الحديث بالسؤال عنها بدلاً من التعريف بكاثرين ستوكت، مؤلفة الرواية؟
للإجابة عن الجزء الأول من السؤال نقول إن آمي اينهورن محررة أمريكية بدأت مشوارها العملي في بداية التسعينيات، فالتحقت بقسم التحرير في إحدى دور النشر الأمريكية الرائدة، ومنها تنقلت بين عدد من الوظائف التحريرية حتى تولت مؤخراً منصب رئيس المحررين في دار «جراند سنترال ببليشنج» الأمريكية. أشرفت على نشر عدد من الكتب التي وصلت إلى قائمة النيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً، ومنها «أرملة الجنوب» لروبرت هِكس، و«جمعية القبعة الحمراء» لسو إلين كوبر. في العام 2007م دعتها دار «بنجوين» العملاقة للنشر كي تؤسس شركتها الخاصة تحت مظلة الشركة الأم. وبالفعل، تأسست دار «كتب آمي اينهورن» في نفس العام، وأصدرت أول كتبها، وهي الرواية التي نحن بصددها هنا، في فبراير من 2009م. وتتخصص الدار في نشر ما تصفه اينهورن بالكتابة اللماحة، مع تركيز خاص على الرواية القصصية الممتعة كمعيار لما ينشر.
أما إجابة الجزء الثاني من السؤال، والذي ربما كان أكثر أهمية من الأول، فهو أن رواية «العون» تطرح أسئلةً مثيرةً للاهتمام عن التجارب الأولى في صناعة النشر. التعاون الوثيق الذي ينشأ بين الكاتب ومحرره ليس غريباً في صناعة النشر بالإنجليزية، إنما «العون» كانت نموذجاً صارخاً لما يمكن أن يفعله الناشر/المحرر الناجح لتجربة الكاتب الأولى. في صفحة الشكر التي أتت في آخر الرواية، تبدأ ستوكت بالثناء على اينهورن، المحررة التي لولاها لما نجحت تجارة ورق الملاحظات اللاصقة الصفراء، في إشارة ضاحكة للكمية الهائلة من الملاحظات والتعديلات التي طالبت بها اينهورن قبل أن تسمح للنص بالذهاب إلى المطبعة. هذه الملاحظات تنقّب عن أفضل وأجود وأجمل ما لدى الكاتب من حس وذوق ومهارة سردية. والرواية التي أتت خالية من عثرات التجارب الأولى شاهدٌ على نتيجة الجهد.
أخيراً، ومن دون أن يضطر القارئ إلى السؤال مرةً أخرى، كاثرين ستوكت هي ابنة جاكسون، المدينة الصغيرة نسبياً عاصمة ولاية المسيسبي، والتي تدور فيها أحداث «العون». تخرجت من قسم الكتابة الإبداعية في جامعة ألاباما، وانتقلت بعدها إلى نيويورك لتعمل في تسويق عدد من المجلات لمدة سنوات تسع، حتى قدمتها اينهورن لأول مرة في «العون». تعيش ستوكت اليوم في مدينة أطلنطا مع زوجها وابنتها.
العون..
مقتطفات من الرواية
آيبلين – الفصل الأول
أغسطس 1962م
أعتني بالأطفال البيض، هذا ما أفعله، مع كل الطبخ والتنظيف. في حياتي ربيت على يدي سبعة عشر طفلاً. أعرف كيف أجعلهم ينامون، يتوقفون عن البكاء، ويقضون حاجتهم على القصْرية قبل أن تستيقظ أمهاتهم من النوم.
لكني لم أر من قبل طفلاً يصرخ كما تصرخ ماي-موبلي ليفولت. عندما زرتهم لأول مرة، كانت أول من رأيت، صغيرة محمرة الوجه، تصيح من المغص، وتمسك بالرضّاعة كأنما تمسك بلفتة متعفنة، أما مس ليفولت فكانت تنظر إلى ابنتها في فزع وتسألني: «ما خطبها؟ لم لا أستطيع أن أخرس هذا الشيء؟».
الشيء؟ كان هذا أول تلميح. أحوال هذا المنزل ليست على ما يرام.
حملت الصغيرة الزاعقة بين ذراعي، وأسندتها على ردفي لتتخلص معدتها من الغازات المزعجة، ولم تمر دقيقتان حتى توقفت الصغيرة عن البكاء، وتطلعت إلي تبتسم، لكن مس ليفولت؟ لم تقترب من ابنتها لبقية اليوم. رأيت كثيراً من السيدات يصبن باكتئاب ما بعد الولادة، وظننته في البداية السبب.
هناك شيءٌ آخر بشأن مس ليفولت: إنها مكشرّة طوال الوقت، نحيلة ولها ساقان كبراعم نمت الأسبوع الماضي. في الثالثة والعشرين من العمر، لكنها تبدو كصبيٍ في الرابعة عشرة. حتى شعرها البني خفيف، ويستطيع المرء أن يرى من خلاله جلد رأسها. تحاول أحياناً أن تنفخ فيه الروح، لكن النفخ لا يزيده إلا خفةً. وجهها له شكل الشيطان الأحمر المرسوم على علبة الحلوى الحمراء، بذقنه المدبب وكل شيء فيه. الحقيقة أن جسدها بأكمله مليء بعقد وزوايا حادة، فلا عجب أنها لا تستطيع أن تهدئ من روع ابنتها. الأطفال يحبون الجسد المكتنز. يحبون أن يدفنوا وجوههم في حضنك ويستسلموا للنعاس. هم يحبون أيضاً الأرجل المكتنزة أيضاً. هذا أعرفه يقيناً.
عندما أتمت ماي-موبلي السنة، كانت تتبعني كظلي، وعندما تأتي الخامسة عصراً، أجدها وقد تعلقت بحذائي، وجُرّت من دون قصد مني على الأرضية، باكية تنتحب. وتأتي مس ليفولت فتنظر إلي بعينين ضيقتين متشككتين وكأنما أجرمتْ، وتنتزع الصغيرة الباكية عن قدمي. أظن أن هذه ضريبة تدفعها إن تركت شخصاً آخر يربي لك أطفالك.
اليوم ماي-موبلي في الثانية من العمر. بعينين بنيتين كبيرتين، وشعر متموج بلون العسل، لكن البقعة الصلعاء في مؤخرة رأسها تفسد الأمور نوعاً ما. ورثت عن والدتها تجعيدة لطيفة بين حاجبيها عندما تستغرق في التفكير، لكن طفلتي الصغيرة سمينة جداً، وأعرف أنها لن تكبر لتصبح ملكة جمال. أعتقد أن هذا يزعج مس ليفولت، لكنه لا يزعجني. ماي-موبلي هي طفلتي الغالية.
ميني – الفصل الثالث
واقفةً على شرفة السيدة البيضاء إياها، أقول لنفسي احفظيه بداخلك يا ميني. احفظي أياً ما كان بداخلك كيلا يطير من فمك. تظاهري بأنك خادمة تفعل ما تؤمر به فقط. الحقيقة أنني متوترة جداً الآن، لدرجة أنني قد لا أجادل مرة أخرى إن كان هذا يعني حصولي على الوظيفة.
أشد جوربي إلى الأعلى كيلا يتدلى حول قدمي -لعنة كل النساء السمينات القصيرات حول العالم- ثم أستذكر ما يقال، وما لا يقال. أستجمع شجاعتي وأدق الجرس.
يدوي صوت الجرس بينج-بونج، جميل وأنيق كما يليق بهذا القصر الكبير في الضواحي. بناءٌ رمادي يشبه القلعة يعلو في السماء، ويمتد يميناً وشمالاً أيضاً، والغابات تحيط بالسياج من كل ناحية. إن كان هذا البيت في قصة، فستقطن في هذه الغابات ساحرات من النوع الذي يأكل الأطفال.
ينفتح الباب الخلفي، وتقف وراءه مس مارلين مونرو، أو شيء شديد الشبه بها.
«أهلاً. أتيتِ في موعدك تماماً. أنا سيليا. سيليا راي فوت».
تمد السيدة البيضاء يدها لمصافحتي، لكني أتوقف لأتأملها. ربما تشبه مارلين، لكنها ليست مستعدة على الإطلاق لتظهر على أي شاشة. الدقيق على تسريحة شعرها الأصفر. الدقيق على رموشها الصناعية. والدقيق على ثيابها الزهرية المبتذلة. أتساءل كيف يمكنها أن تتنفس بينما تقف أمامي في بذلتها الضيقة، وحولها سحابة من الدقيق الأبيض. أقول: «نعم يا سيدتي. أنا ميني جاكسون». وأعدّل من مريولي الأبيض متجاهلةً يدها الممدودة.
لا أريد أن ينتقل هذا الغبار إلي.
أسأل: «أتطبخين؟».
تقول: «أجرب أن أعد واحدة من الكعكات الشهية في المجلة».. تتنهد. «لا يبدو أنها ستكون لذيذة على يدي».
عندما أتبعها للداخل، أدرك أن مس سيليا راي فوت لم تعان سوى من رضة ٍخفيفة في كارثة الدقيق. الحادث الأليم كان من نصيب المطبخ. ربع إنش من الدقيق الثلجي يحيط بالثلاجة، الطاولة، والخلاط.. وكل شيء آخر. هذا النوع من الفوضى العارمة يقودني إلى الجنون. لم أُعيَّن بعد، وهأنذا أبحث في الحوض عن اسفنجة التنظيف.
قالت مس سيليا، «أظن أنني مازلت أحتاج للتعلم».
قلت: «بالتأكيد تحتاجين..» ثم عضضت على لساني. إياك وجدال هذه البيضاء يا ميني كما فعلتِ مع الأخريات. إياك وجدالها حتى تسوقيها لدار العجزة.