طاقة واقتصاد

التلزيم
شركات توكِّل وشركات تتعهد

  • 2f
  • 26b
  • 28d
  • 30b
  • 31c
  • 31d
  • 32a
  • 33b

مع تقدم الصناعة في العالم، ظهر منذ سنوات في المحافل الصناعية والاقتصادية، مفهوم يعمّق فكرة التخصص في صنع السلع أو توفير الخدمات، هو التلزيم (Outsourcing). ففي الماضي، كانت الشركات التي تريد صنع ملابس مثلا، تصنع كل شيء: من حياكة القماش، إلى صنع الأزرار، إلى التصميم فالقص فالتفصيل والخياطة، لتخرج السلعة إلى المستهلك، من مكان واحد.
اليوم مع مفهوم التلزيم تبدل الأمر تماماً. ومثلما صارت العائلات تعطي خبزها للخباز ، كما يقال، بعدما كانت هي التي تعجن وتخبز، هكذا صارت الشركات توكل إلى شركات أخرى متخصصة التزام كثير من أعمالها أو خدماتها. في شرح هذا الموضوع وتوسعه في دنيا الأعمال في السنوات الأخيرة، كتب د. مروان اسكندر المقالة التالية التي تروي تاريخ تطور هذا المفهوم منذ نشوئه قبل أربعين عاماً.

توسع الاهتمام بالتلزيم وحدود استخدامه
وفوائده بفضل العولمة والاسماء التجارية وتطور تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال وتحرير
الدول سياساتها

اليوم، مع توسّع الشركات في بلادها الأصلية وفي خارج هذه البلاد، لأسباب تتعلق على الخصوص برخص اليد العاملة في هذا البلد أو ذاك، أو بجودة صناعة هذا الجزء من السلعة هنا أو هناك، صارت السلعة التي تشتريها من ألمانيا أو الولايات المتحدة مثلاً، تتضمن أجزاء مصنوعة في ماليزيا أو كوريا، كأن تصنع شركة في الصين رقائق إلكترونية، تستخدمها شركة أمريكية في صنع حواسيب تحمل اسمها التجاري.

كذلك اقتحمت شركات الخدمات المتنوعة نطاق عمل غيرها من الشركات، لتُعاونَها في مجال معين، مثل إطعام الموظفين أو نقلهم أو توفير أجهزة المكاتب لهم أو تنظيف مباني الشركة، وما إلى ذلك.

هكذا اعتمدت الشركات شيئاً فشيئاً فكرة الانفتاح على مفهوم العمل المشترك.

أي ان العمل الاقتصادي لم يعد عمل شركات منعزلة نوعاً ما عن البيئة الاقتصادية التي تعمل فيها، سواء أكانت هذه البيئة وطنية أم عالمية، تتخطى الحدود.

صارت الشركات الكبرى اليوم تميل أكثر فأكثر إلى إيكال جزء من أعمالها، أو حتى صنع جزء من سلعها، إلى شركات متخصصة أخرى، تتولى قطاعاً معيناً من الصناعة أو الخدمات. وقد أخذت العقود التي تنظم هذا التعاون، تنتشر بسرعة ويزيد إسهامها في دنيا الأعمال.

عقود التلزيم
ما هي عقود التلزيم ، وما هو تاريخها، ومجال نموها وتطورها؟

عقد التلزيم عقد يوكِل فيه طرف إلى طرف ثان، مهمة صنع منتج وسيط أو خدمة، أو توفيرهما، لحاجة الطرف الأول إليهما، في إتمام صنع سلعة نهائية تباع إلى المستهلك أو المستثمر، أو لحاجته إلى خدمة ليس متخصصا فيها. ويكون الطرف الذي يطلب التلزيم، شركة كبيرة معروفة النتاج والعلامة التجارية، أو وكالة حكومية توفر خدمة مهمة للجمهور. وفي المقابل يكون الملتزم، أي الطرف الثاني، الذي يُطلَب منه النتاج الوسيط أو الخدمة الوسيطة، مقاولاً أو فريقاً موثوقاً فيه، يتميز بدرجة عالية من التخصص.

وقد حظي التلزيم في السنوات الأخيرة باهتمام متزايد، بصفته أداة لتحسين الإنتاجية والانتشار الدولي. غير أن مفهوم عقد التلزيم ليس جديدا. إذ ظهرت عقوده منذ عشرات السنين، وقد استخدمها لي ياكوكا على نطاق واسع، لإنقاذ شركة كرايسلر الأمريكية لصنع السيارات، في أزمتها الأولى في أواخر سبعينيات القرن الماضي.

وتوسع الاهتمام بالتلزيم، وربما أيضا توسعت حدود استخدامه وفوائده، وبدا هذا التوسع واضحاً، بفضل العولمة والأسماء التجارية وتطور تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال وتحرير الدول سياستها وأساليب عملها. وثمة أسباب أخرى يعزى إليها الاهتمام بالتلزيم، لكنني أظن أن ما سلف يشمل أهم الأسباب التي تجعل هذا النوع من العقود موضع اهتمام متزايد.

وعلى الرغم من الإشارة إلى الأسباب الوجيهة التي أدت إلى ظهور هذا الأسلوب، والاهتمام بظاهرته على الصعيد الدولي، فلا بد من تأكيد أنه قائم ومتداول منذ أربعة عقود على الأقل، وأن دوره المتعاظم يعبر عن تنامي حاجة شركات الأعمال والحكومات، أكثر من تعبيره عن ظهور مفهوم جديد.

خدمات متنوعة
لقد تعاقدت الشركات الصناعية في الدول المتقدمة، عقود تلزيم للنظافة وصيانة السيارات والتنظيم والتموين والمطاعم والمقاهي وأمن المكاتب، ومثل هذه من الخدمات، منذ زمن بعيد. ولعل هذه العقود ظهرت في أوائل الستينيّات من القرن الماضي.

وتطورت عقود التموين لتوفير وجبات الطعام لمئات الألوف من الموظفين وشركات الطيران وحقول النفط وما شابه، بسرعة كبيرة منذ الستينيات. وأدت الشروط المتشابهة والمتطلبات العالية المستوى في أداء خدمة معينة، حتى بين مؤسسات متنافسة، إلى رسم مسار تطور التلزيم. كانت تلك حال عقود تموين الوجبات وشركات الأمن التي كانت تجمع النقود والأشياء الثمينة، من فروع المصارف، لنقلها إلى المراكز أو المصارف المركزية، أو من هذه إلى الفروع. أما المهام الدقيقة ذات الطابع المتخصص، التي تقتضي مستوى أعلى من التوقيت، فبدا أنها تتطلب نشوء وكالات متخصصة، أصبحت تسمى: الملتزمين.

ويمكن للتلزيم أن ينمو على صعيدين. فمن ناحية يمكن تلمس فوائده على نحو أفضل في السوق الوطنية التي تعمل فيها الشركة، ومن ناحية أخرى، إذا اتضح أن عقد التلزيم موثوق فيه ومعتمَد عليه، يمكن للشركة الملتزمة أن توسع عملها في أسواق أخرى، أوسع وأكثر تطوراً. ويمكن أن نضرب مثلاً على هذا.

لقد بدأت مجموعة أبيلا، التي صارت في أواسط الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي شركة تموين متعددة الجنسية، بمشروع صغير للتموين في لبنان، سنة 1962م. واستطاعت أن تحرز منذ أواسط الثمانينيات، رقم أعمال سنويا يبلغ ملياري دولار، وهي توفر على الخصوص تموين وجبات لموظفي شركات النفط في الصحراء الليبية، أو السعودية، أو في حقول النفط في بحر الشمال وخليج المكسيك. كان ثمة مصفاة نفط في طرابلس (لبنان) تملكها شركة نفط العراق آي بي سي ، التي كانت تحتكر إنتاج الزيت العراقي، وأُمّمت سنة 1973م. وكانت المصفاة توفر وجبات لموظفيها عند الظهر، في مطعمها الصغير. وقد حصل ألبيرت أبيلا، مؤسس مجموعة أبيلا، على عقد قيمته 60 ألف ليرة لبنانية (25 ألف دولار أمريكي آنذاك) في السنة، من أجل هذه المهمة. وتمكنت المجموعة بحنكة ودراية وأمانة، من أن تكسب سمعة متعاظمة لدى صناعة النفط، لتصبح مؤسسة دولية، حتى قبل منتصف الثمانينيات.

في السنوات الأخيرة نمت عقود التلزيم، خارج الحدود، وصارت قطاعا دوليا للأعمال، هائل الحجم. وقد أدت عناصر كثيرة، منها الأسماء التجارية المسجلة، وتحرير التجارة والتبادل المالي، وثورة الاتصال، وتحرير الحكومات سياستها وخدماتها، والحاجة المتزايدة إلى التكافل، إلى تنمية مجالات استخدام عقود التلزيم، نماء غير منتظر ولا متوقع.

وفي الجزء التالي من هذه المقالة، سنعالج بعض أهم خطوط اتجاه هذا النماء.

موجة التلزيم
لقد كانت الأسماء التجارية المسجلة الشهيرة، التي جمّلتها حملات الإعلان، وقد فاضت بها شاشات التلفزة على نطاق عالمي، سبباً مباشراً لزيادة هائلة في طلب خدمات بعقود التلزيم. ولن نذكر أسماء معروفة جداً، بل سنتناول الملابس، من أحذية أو قمصان أو سراويل قصيرة.

تنتقي إدارة الشركات ذات الأسماء التجارية المشهورة في مجال الملابس مواد أولية مناسبة، وتطوّر تصميمها ومقاساتها، وتفاوض في شأن سعر التكلفة ومواعيد التسليم، وتتعاقد لبيع مقادير كبيرة جدا من منتجاتها. وتُصنَع معظم ملابس الرياضة في الفلبين وتايوان والصين والمكسيك. أما السراويل الرياضية القصيرة والقمصان والملابس الداخلية، فتُصنَع في الصين وهونج كونج ومصر والمغرب والهند وبورتوريكو، وغيرها.

ويجدر بالذكر أن تكلفة صنع الملابس الرياضية اليوم نادراً ما تتخطى %15 من سعر مبيعها في محلات البيع المفرق. ويُسخّف هذا الأمر، ما يعلّمونه في الاقتصاد، أن التكلفة الهامشية، ومنها الربح المعقول، يعيّن السعر. فالحقيقة أن سعر المبيع النهائي يتأثر أكثر، بجاذبية اسم السلعة التجاري وسمعته. وهما أمران يصنعهما الإعلان والوسائل المتاحة لتمويل موازنات الدعاية. وتتقاضى مراكز الإنتاج، وهي في الغالب بلاد نامية مكتظة بالسكان، وتعد مواقع التلزيم الأساسية، نسبة ضئيلة جداً من قيمة السلعة النهائية، التي تُشحن من موانئها أو مطاراتها، بأسعار نقل تفوق سعر الإنتاج.

لقد أتاحت ثورة الاتصال والهاتف الخلوي فرصاً هائلة لعقود التلزيم. وفي بعض الحالات، تحولت هذه الفرص إلى مشاريع على نطاق عالمي.

دور الدول النامية
وحين أخذت الأقمار الاصطناعية تنقل الصورة والصوت حول العالم، فرّخت قنوات التلفزة مثل الفطر، بعدد متعاظم. وأدى انهيار الاتحاد السوفياتي وانفتاح الصين المتدرّج، مع نماء الهند والبرازيل، إلى طلب مئات ملايين أجهزة التلفزة. وصُنعت المكوّنات الإلكترونية من رقائق، لكنها احتاجت إلى عمل دؤوب. ولذا انتقل صنع الرقائق الإلكترونية للحواسيب والسيارات والتلفزيونات وغيرها، إلى الشرق الأقصى. وصارت الصين وتايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغفورة، مراكز صناعية متخصصة مهمة لهذا النوع من الصناعة. وفي زمن قصير، لم يعد صنع أجهزة التلفزة في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو فرنسا أو ألمانيا مجزياً. كذلك صارت أجهزة الراديو اختصاصاً لبلدان الشرق الأقصى هذه. وفيما كانت شركات كوريّة جنوبيّة، مثل إل جي أو سامسونج، توسع خدماتها لشركات في الولايات المتحدة وأوروبا، لاحظت أن في استطاعتها أن تطور منتجاتها الخاصة التي تحمل اسمها التجاري. ودخلت هذه الشركات إذن في مجال السوق العالمية، وصارت تحمل أسماء تجارية عملاقة. وتنافس سامسونج الآن شركة نوكيا على المرتبة الأولى في العالم، في إنتاج الهاتف الخلوي، وأما إل جي فهي عملاق عالمي في إنتاج الأدوات المنزلية والإلكترونية (White Products).

لم يقتصر التوسع في الصناعة في الشرق الأقصى، على جهاز التلفزة والحاسبة والهاتف الخلوي وجهاز الراديو والساعة الإلكترونية والميزان، بل صارت بلاد تلك المنطقة تصنع الحاسوب أيضاً. ومنذ أواسط الثمانينيات، صار الحاسوب المنقول، من أكثر السلع المطلوبة، بعد السيارات، لأغراض الحساب وحفظ المعلومات، بدلا من حواسيب المكاتب الثابتة، وصارت منطقة الشرق الأقصى أكبر منتج لهذا الحاسوب. وحده إنتاج الرقائق الذكية ظل مستثنى، فبقيت فرنسا مع الولايات المتحدة وغيرهما، قادرة على المنافسة في هذا القطاع الذي تبلغ قيمته عدة بلايين من الدولارات في السنة.

وكان لثورة تكنولوجيا المعلومات، التي أكملت ما فعله تطور تكنولوجيا الاتصال، دور أيضا في إتاحة فرص هائلة أمام عقود التلزيم. وصارت المعلومات المالية عن تدفق المال، وقيمة العملات، وأسعار الأسهم والسندات والعقود الآجلة، والسلع، خدمة متخصصة توفرها شركات مثل رويترز وبلومبرج وغيرهما. لكن هذه الشركات التي توفر الخدمات، اعتمدت بدورها على برامج طُوِّرت في بنجالور وسنغفورة وغيرهما، وحتى في روسية ربما.

حتى طلب الطبيب
وصارت المكالمات الهاتفية عبر القارات وفي داخل المدن تمر بخوادم إلكترونية، مقرها في بعض الأحيان على بعد ألوف الأميال. وقد يمر اتصال هاتفي عاجل من نيويورك لطلب نجدة طبية، عبر الهند أو أيرلندا، في اتجاه مؤسسة خدمات طبية في نيويورك. لقد صارت المواصلات والعقود المالية متداخلة إلى درجة أن شبكة العنكبوت القائمة بين نظم تعمل معاً، صارت تقوم على خدمة المرضى، أو المستثمرين، أو الصحافيين، أو الساسة، أو الناس العاديين، سواء بسواء.

وأدى تحرير أسواق المال إلى إصدار مئات ملايين بطاقات الائتمان. وهي تُستخدَم في كل أنحاء العالم، بغض النظر عن مكان الصدور، أو المقاصّة النهائية. ولا يمكن معالجة حركة شراء مئات ملايين السلع في اليوم، في أكثر من 150 بلداً، من دون تلزيم لاستخدام برامج ذكية، وخوادم يقوم معظمها في بلدان متقدمة.

ولما كانت الأعمال بتوسعها، قد عبرت الحدود إلى المجال الدولي، لا سيما في ميدان الخدمات والتبادل، كان لا بد من تعاظم الحاجة إلى معالجتها، أكانت صغيرة أم كبيرة، بوتائر متعاظمة هي أيضاً، وما كان لهذا أن يكون ممكناً لولا التلزيم في هذه الميادين.

لا شك في أن العولمة في مجالي المعلومات والاتصال، تسهّل الأعمال وتُعقد شبكة المعلومات وقواعد معالجتها. إلا أن التلزيم صار في عدد من الحالات، أمراً حكومياً أيضاً، أفي الدول المتقدمة أم النامية. وفيما يلي أمثلة على بعض ملامح هذه الصورة.

اختارت بعض الولايات الأمريكية أن تلزّم خدمات التعليم عند المستويين الثانوي والابتدائي. وتوفر هذه الولايات الموجودات المادية للمدارس، من مبان وإنارة وتدفئة وتكييف. وما عدا ذلك، تعقد له عقد تلزيم مع مؤسسات تربوية متخصصة، لتوفير التعليم اللازم للتلاميذ. وفي كثير من الحالات، تدفع الولايات رسماً من المال كل سنة لكل تلميذ، عند كل مستوى مدرسي. وثمة مئات من المدارس تعتمد هذا النظام في الولايات المتحدة.

السجون.. والأمن
في إنجلترا، اختارت الحكومة أن تلزِّم إدارة مراقبة السجون وخدماتها. وعلى الملتزم أن يوفر النظافة والانضباط والمراقبة الصارمة والطعام السليم والملابس، وفي بعض الحالات، الرياضة والترفيه أيضا. ويدار كثير من السجون على هذا النحو.

ولكن أكثر عقود التلزيم إثارة للجدل، هي عقود خدمات الأمن الخاصة، التي يعقدها الجيش الأمريكي أو الحكومة الأمريكية مع شركات أمن خاصة متخصصة، تتولى حماية الرسميين والمؤسسات. والأمن في هذه الحالات ربما يتضمن أمن قوافل التموين وحماية الدبلوماسيين والمباني الحساسة والأجهزة السرية، وغيرها. ومعروف أن قيمة هذا القطاع من الأعمال في العراق وحده، تبلغ ملياري دولار أمريكي في السنة. وفي المدة الأخيرة طفت إلى السطح مشكلات تتعلق بهذا النوع من الخدمات.

وثمة ميادين تلزيم أقل خطراً، في بعض الدول النامية، في مجال توفير خدمات تكون عادة من اختصاص القطاع العام.

ففي جورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، مسقط رأس جوزف ستالين، اعتمدت الحكومة سياسة ليبرالية لتسهيل الأعمال، وتقليص حجم الحكومة. ولهذا الغرض، عقدت جورجيا عقود تلزيم لكل قطاع التعليم. ولم يعد في استطاعة الفتى الجيورجي أن يذهب إلى المدرسة الرسمية، لأن المدرسة الرسمية لم تعد موجودة. وثمة مستندات مالية تضمن مبلغاً معيناً لكل تلميذ، في كل مرحلة من مراحل التعليم. ويذهب التلميذ صاحب المستند إلى أي مدرسة يريد، وفي معظم الحالات، يكمل القسط من ماله الخاص. والشيء نفسه متبع في القطاع الصحي، إذ لم يعد في البلاد مستشفى تملكه الدولة.

خلاصة
العولمة ودفق التجارة الحر والتبادل والاتصال الفوري، جميعها عوامل تشجع على التلزيم. وتستطيع الدول النامية أن تستفيد منه، لكن عليها حتى تجني فوائده الجمة، أن تُدرج النشاط المعني بالأمر في إطار شبكات التسويق العالمية، لتضمن مكانة مرموقة في الاقتصاد الدولي المعولم. ويصعب تقدير حدود التغيير والفرص المتاحة، ما دامت التكنولوجيا والتبادل المالي في تطور مستمر بسرعة.

ويستند نزوع الحكومات إلى تلزيم الخدمات، وهو أمر يعد جزءاً لا يتجزأ من البنى الحكومية الحديثة، إلى الاقتناع بفوائد تحرير الاقتصاد. لكن ثمة آراء ودراسات جادة تبين أن انسحاب الحكومات من خدمات التعليم والصحة، قد يؤدي إلى عكس الغرض المنشود، بإحداث مشكلات اجتماعية.

أما تلزيم الخدمات الأمنية فيبدو سلوكاً خطراً. وعلى وجه الخصوص، كان هذا أمراً مخيباً في العراق، ولم يؤت الثمار المطلوبة. فيما أثبتت عقود تلزيم الخدمات الأمنية في المطارات ونقل المال جدواها، على تخفّيها.

ولا يزال ثمة جدال إذا كان عالمنا سيكون أفضل، مع توسيع التلزيم في إنتاج الخدمات. ففي بعض القطاعات يبدو جيد النتائج، فيما يبدو غير مرضٍ في أخرى. ويستحق الموضوع مزيداً من الانتباه والدرس، لأن التلزيم صار جزءاً مهماً من حياتنا اليومية.

أضف تعليق

التعليقات