مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
يناير – فبراير | 2020

ماذا لو؟
توحَّدت العملة في العالم


من الناحية التاريخية، فقد تطّورت العملات إلى ثلاثة أنواع رئيسة:

  1. العملة السلعة، ظهرت على أنقاض عصر المقايضة، حيث كان التبادل يجري عبر مقايضة السلع والخدمات بأخرى من دون أي وسيط. مثلاً، إذا كان لدى المرء فائضاً من الطحين لكنه بحاجة إلى الزيت، يبحث عن شخص بحاجة إلى الطحين ولديه فائض من الزيت. ولتسهيل التبادل وتوفير مشقة البحث، اخترع الإنسان القديم نقوداً معدنية قيمتها في قيمة المعدن المصنوعة منها مثل الذهب أو الفضة وغيرها، وأطلق عليها اسم العملة السلعة.
  2. العملة التمثيلية، لأسباب عديدة، تبادلية وأمنية كان على الذين يمتلكون هذه القطع المعدنية أن يضعوها في مكان آمن، أو عند رجل نافذ ومهم. وكان هذا الرجل يكتب ورقة يعطيها لصاحب القطع المعدنية “أنت مَدِين لي” بقيمة عشرين رطلاً (مثلاً) من الذهب وعليها إمضاؤه. هذه الورقة أصبحت مع الوقت العملة التي نعرفها.
  3. العملة الإلزامية أو القانونية، لتسهيل التجارة العالمية والعلاقات الدولية، اجتمع مندوبو 44 دولة من الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية عام 1944 في بريتون وودز، بولاية هامشير، بالولايات المتحدة الأمريكية، واتفقوا على مسائل عديدة من بينها ضرورة دعم العملات الوطنية باحتياط من الذهب والدولار الأمريكي. وفي عام 1971م تخلت الولايات المتحدة عن تغطية الذهب، وهكذا أصبح الدولار الأمريكي، بشكل عملي ومن دون أية اتفاقيات، هو الاحتياطي الرئيس لمعظم العملات في العالم. وأصبحت كل دولة تصدر عملتها الإلزامية داخل حدودها، وقيمتها تقوم على الثقة بأن البنك المركزي سيحافظ عليها مع مرور الوقت بواسطة عدة طرق، منها بالإضافة إلى تقوية الاقتصاد، امتلاك احتياطي جيد من العملات الأجنبية خاصة الدولار.
    ويُعدُّ هذا التطور تدويلاً مبكراً لبعض جوانب العملات الوطنية.
    ومن المفيد ذكره أن كمية المال في أي بلد تتألَّف من عدة أشكال: النقود والحسابات البنكية وسندات الخزينة. وعندما يستدين أي شخص من أي بنك تجاري كمية من المال، فإن كمية المال في البلد تزداد بنفس كمية هذا الحساب ناقص نسبة الاحتياطي الإلزامي الذي يودعه هذا البنك في البنك المركزي؛ وهذه نقطة مهمة للاعتبارات اللاحقة.

عملة عالمية واحدة
طرحت فكرة عملة عالمية واحدة من قِبل اقتصاديين مرموقين مثل الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز في النصف الأول من القرن العشرين، ومؤخراً طرح قادة صينيون هذه الفكرة، لكن لم يعرها أحد اهتماماً جدياً.
فإذا أصبحت هناك عملة واحدة سيسهل حل كثير من القضايا، مثل إرسال الأموال إلى الخارج، والدفع خلال السفر، والتسوق في البلدان الأجنبية، وعبر الإنترنت أيضاً.
وستكون للعملة الواحدة جوانب إيجابية وأخرى سلبية. ففي بعض الأحيان سيكون ما هو إيجابي لبلد ما سلبياً لبلد آخر. من المؤكد أن الدول المتقدّمة سوف تستفيد، لأنه لن يعود هناك خطر تأرجح قيمة العملة في التجارة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، لن تستطيع أي دولة التلاعب بقيمة صرف العملات الوطنية كوسيلة لجعل سلعها أرخص في السوق العالمية.
إذا كانت هناك عملة واحدة، معنى ذلك أن الدولة الوطنية ستفقد استقلالية التحكم بالسياسة المالية، خاصة ما يتعلق بمستوى الفوائد والمعروض المالي لتشجيع النمو الاقتصادي أو إبطائه أحياناً للجم التضخم. هذا ما حصل لليونان منذ فترة، إذ وجدت أن ليس لديها أي تحكم بالاقتصاد، فانهار.
ومن دون القدرة على التحكم بالعملات، فإن الأدوات الوحيدة المتبقية للبلدان الفردية للتحكم في اقتصاداتها ستكون أشياء مثل الضرائب وضوابط رأس المال، أي محاولة منع حركة الأموال إلى الخارج، وهذا مؤذ جداً للاقتصاد.


مقالات ذات صلة

في عام 2077م، شهد معظم سكان أوروبا كرة نارية تتحرك في عرض السماء، ثم سقطت كتلة تُقدّر بألف طن من الصخور والمعادن بسرعة خمسين كيلومترًا في الثانية على الأرض في منطقة تقع شمال إيطاليا. وفي بضع لحظات من التوهج دُمرت مدن كاملة، وغرقت آخر أمجاد فينيسيا في أعماق البحار.

نظرية التعلم التعاضدي هي: منهج تتعلم عبره مجموعة من الأفراد بعضهم من البعض الآخر من خلال العمل معًا، والتفاعل لحل مشكلة، أو إكمال مهمة، أو إنشاء منتج، أو مشاركة تفكير الآخرين. تختلف هذه الطريقة عن التعلم التعاوني التقليدي، فبين كلمتي تعاون وتعاضد اختلاف لغوي بسيط، لكنه يصبح مهمًا عند ارتباطه بطرق التعليم. فالتعلم التعاوني التقليدي […]

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]


0 تعليقات على “ماذا لو توحَّدت العملة في العالم”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *