لا رحمانيْ لشاعرٍ.
يُسمِّي أهلُ البحرِ كلَّ سَفَرٍ: عَبْرَةً. ولا بُدَّ للعابرِ من “رحمانيْ”، ذلك الكتابِ الذي فيه العَلاماتُ والأرقام وخطوط المسافة. ويُسمِّي أهلُ الشِّعرِ كلَّ عَبرةٍ: قصيدةً، ولا رحمانيْ لشاعرٍ، ولا وليّ. ولأهل البحرِ مُفكِّرةٌ عمَّا فعلوا وما استفعلُوا، وقصيدةُ الشّاعرِ هي مُفكِّرتُهُ لا قبلُ ولا بعد. ما الشِّعرُ إنْ لم يكن هو البحر والمطر والشّجرة؟
لكنَّ الشِّعرَ ليسَ مطراً. المَطَرُ نثرٌ وإنْ في حالِ الموسيقى. والشِّعرُ هو ما يذهبُ المطرُ بكَ إليه.
والشِّعرُ ليسَ شجرةً، إنَّما ما يبقى من الظلِّ على ثوبِكَ ولا يزول.
والشِّعرُ ليسَ البحرَ، إنَّما هو ذاكرتُكَ في الغُبَّة، هل كنتُ هناك؟ ولا رحمانيْ لشاعر.
والشِّعرُ ليسَ هو متى كتبتَ أوَّلَ مرَّة، لكنْ لماذا كلُّ مرَّةٍ هي أوَّل مرَّة؟
“رحماني: مُسمَّىً عرفه البحّارةُ لبعضِ كتب الإرشاد البحريّ قديماً”
رَحماني
… لم يكنْ أزرقُ هذا البحرِ سَيّالاً ، فلمّا نهَمَ النّهّامُ .. سالا !
هكذا يبتكرُ المرءُ المُحالا !
ثمَّ يُلقي نفْسَهُ فيهِ ، ليَسْتدْرِكَ ما أُنْسِيهِ أخطاءً ثِقالا
ابْتَدِعْ بحراً إذا ما لم تجدْ بحراً … ولا تَتْرُكْ سُؤالا
مرَج البحرين ، هذا الملحُ زوَّجنا بِه الماءَ الزُّلالا
مرَجَ البحرينِ ، لا الملْحَ أردنا سيِّداً فينا ولا الماءَ الزّلالا !
كلُّ ما دالَ على السّاحلِ دالا …
كلّما ضاقَتْ بنا عَبْرَتُنا ،
عادَ منهوكٌ على منكسِرٍ في الأمسِ ، يستجدي الضّلالاتِ ضلالا ..
أمسِ ولّى ، الغدُ لمْ يأْتِ ، فَكُنْ ..
حيثُ أَنتَ الآنَ .. لا ترْكنْ وإلا سوف أشكوكَ إلى الله تعالى .
آه مَنْ ذا يتِدُ البحرَ …. إذا هبّتْ شمالا ؟
حكمةُ البومِ الذي شقَّ حيازيمَ المحيطاتِ انثيالا .
كيف حالِي في مهبِّ الرّيحِ ،
كيفُ اللجُّ في مشتجرِ الأحوالِ حالا ؟
وأنا أحملُ ظلِّي .. ثمَّ ألقيهِ على البحرِ سُؤالا !
عَبرةُ الطِّينِ من المنفى إلى المنفى ..
وفي الغبّة أستجلي قُصارايَ ،
وقلبي هو رحماني إذا قلب الأدلاء استقالا ……
أمجد المحسن
مواليد 1977م
المنطقة الشرقيّة، السعوديةإصداراته:
• ”سهرة عبّاسيّة”، 2009م
• ”أدراج الغرفات السبع من الفلك إلى التي هي لك”، 2010م
• ”مكعّب روبيك”، 2014م
• ”حضرة ذوات الأكمام”، 2014م
اترك تعليقاً