مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين
نوفمبر – ديسمبر | 2018

الطب القائم على الأدلة


آركي كوكرين

الطب القائم على الأدلة (Evidence Based Medicine) هو نظريةٌ في الطب اقترن انتشارها مع انفجار ثورة المعلومات. ظهرت بداياتها في أواخر تسعينيات القرن العشرين حول الممارسة الطبية، لتتوسع لاحقاً، وتدخل في البرامج التعليمية في كافة حقول الرعاية الصحية والأبحاث الصحية. وهي تقوم على ثلاثة عناصر، أولاً: مؤهلات الطبيب العلمية بما في ذلك خبراته السريرية الشخصية، ثانياً: اطلاعه الدائم على الأبحاث العلمية الموثوقة والتجارب السريرية الأخرى، ثالثاً: الأخذ بعين الاعتبار نظام قيم المريض ووضعه الاجتماعي ورأيه.
وقد استند الجسم الطبي في القرن التاسع عشر على نظرية عالم الأوبئة البريطاني آركي كوكرين (الذي صاغ تعبير الطب القائم على الأدلة)، والقائلة إنه من المستحيل الاطلاع على كافة الأدلة والاكتشافات الطبية في العالم. لكن عصر الإلكترونيات والإنترنت أحدث ثورةً في عالم المعلومات ودحض نظرية كوكرين، وهذا ما أحدث ثورةً في الممارسة الطبية لاحقاً.

كتاب “ولادة العيادة” لميشال فوكو

وكان النقد الجذري للطب التقليدي قد جاء من علم الاجتماع في النصف الثاني من القرن العشرين، عندما وصف الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو في كتابه الشهير “ولادة العيادة”، 1963م، الممارسة الطبية التقليدية بأنها تتمحور حول الطبيب وليس حول المريض. وقد كان لهذا الكتاب أثرٌ كبيرٌ في التغيير اللاحق على مفاهيم الممارسة الطبية التي نحن بصددها.
الطب القائم على الأدلة هو حركة تهدف إلى زيادة استخدام البحوث السريرية عالية الجودة في اتخاذ القرارات السريرية. هذا يتطلب مهاراتٍ جديدةً وإضافيةً للطبيب، بما في ذلك البحث الفعال عن الأدبيات الصحية باستمرار. إنها عملية تعلم مدى الحياة وذاتية التوجيه، تعتمد على اجتراح الحلول الإبداعية. حيث يؤدي اهتمام الطبيب بمرضاه إلى شعوره بالحاجة إلى الحصول على معلومات مهمة سريرياً حول التشخيص والتخمين والعلاج، وغير ذلك من المسائل الطبية والرعاية الصحية ذات الصلة. إنه ليس “كتاب طبخ” مع وصفاتٍ، ولكن تطبيقه الجيد يجلب رعايةً صحيةً فعالةً وتكلفةً أقل.
إن الفرق الرئيس بين الطب القائم على الأدلة والطب التقليدي ليس في الاستدلال، كلاهما يستخدم الأدلة. لكن الأول يستخدمها باستمرار وهو على اطلاعٍ دائمٍ على كل جديد، إنه قابل للتجدد والتغير دائماً.


مقالات ذات صلة

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء مجمعين على أن الثقافة هي سمةٌ فريدةٌ للبشر. لكن الأبحاث العلميّة التي أجريت على الحيوانات، منذ منتصف القرن العشرين، كشفت عن عددٍ كبيرٍ من الأمثلة على انتشار الثقافة لدى أغلب الحيوانات. وعلى الرغم من الغموض الذي يلفّ تعبير الثقافة، حسب وصف موسوعة جامعة ستانفورد الفلسفيّة، هناك شبه إجماعٍ بين العلماء […]

مع أن الطماطم منتشرة اليوم في جميع أنحاء العالم، وتحوَّلت إلى غذاء أساسي على الموائد، غير أنها لم تكن تُعَدّ كذلك فيما مضى. فلم تنتشر الطماطم في أوروبا إلَّا في القرن الثامن عشر، ولم تُعرف في آسيا والبلدان العربية إلا خلال القرن التاسع عشر، وقد أصبحت اليوم أحد المحاصيل الأوسع إنتاجاً في العالم، ويشكِّل الدخل […]

تعرَّضت الكرة الأرضية خلال تاريخها الطويل إلى أحداثٍ طبيعيةٍ كبيرةٍ أدَّى بعضها، كما يرجِّح العلماء، إلى كوارث على الحياة. وتسبَّب ذلك في حدوث خمسة انقراضات ضخمة، فقدت الأرض خلالها أكثر من %75 من جميع أنواع الحيوانات. ومثل هذه السيناريوهات قد تحدث في المستقبل. لذلك فكَّر العلماء في الاحتفاظ بعيِّنات من المواد البيولوجية للكائنات الحية ووضعها […]


0 تعليقات على “الطب القائم على الأدلة”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *