لاحظ علماء الجيوفيزياء حول العالم انخفاضاً في قوة المجال المغناطيسي للكرة الأرضية. من الأسباب المقترحة لهذا الانخفاض هو أنه قد يكون مقدِّمة لما يعرف بانقلاب المجال المغناطيسي للكرة الأرضية. وهذه الظاهرة ليست جديدة على كوكبنا الأزرق. فقد انقلب مجاله المغناطيسي عدة مرات في الماضي، كان آخرها قبل حوالي 780 ألف سنة. حين كان الإنسان القديم يتعلَّم إشعال النار وصنع الأدوات.
ما يحدث في الانقلاب المغناطيسي هو أن القطب المغناطيسي الشمالي يبدأ بالاتجاه نحو الجنوب إلى أن يستقر حول القارة المتجمدة الجنوبية، والقطب المغناطيسي الجنوبي يبدأ بالاتجاه شمالاً إلى أن يستقر فوق المحيط المتجمد الشمالي. كما أن هناك ما يعرف بـ «ترحال القطبين المغناطيسيين» وهو انقلابهما بشكل غير كامل. وآخر «ترحال كان قبل نحو أربعين ألف سنة. فحركة القطبين المغناطيسيين هي دائمة. فالقطب الشمالي مثلاً كان يتحرك من كندا باتجاه سيبيريا في بداية القرن العشرين بسرعة 10 كيلومترات في السنة، وارتفعت هذه السرعة إلى 40 كيلومتراً بدءاً من عام 2003م. و«يرجِّح» العلماء أن الانقلاب المغناطيسي المقبل سيكون في الحقبة الجيولوجية المقبلة، وسيستغرق ما بين الألف والعشرة آلاف سنة. بمعنى آخر لن يشهد أي منا تمام عملية الانقلاب المغناطيسي.
تكمن المخاطر المتوقعة للانقلاب المغناطيسي أثناء عملية الانقلاب نفسها. فالمجال المغناطيسي هو ما يحمي كوكبنا من الأشعة الكونية والرياح الشمسية، وهي جسيمات مشحونة تطلقها الشمس. ولولا هذا المجال لحرمت الأرض من غلافها الجوي ولتبخرت المياه على سطحها. وبالمناسبة، فإن هذه الحماية هي سبب حدوث ظاهرة «الشفق القطبي».
إن عملية الانقلاب ليست مباشرة كتحريك قضيب مغناطيسي، بل عندما تحدث سينقسم المجال المغناطيسي إلى عدة مجالات صغيرة موضعية ضعيفة كما هو موضح في الرسم إلى الأسفل.
ونتيجة انقسام المجال المغناطيسي لعدة مجالات، ستتكون ثغرات بين المجالات الموضعية، بالإضافة إلى ثقوب مؤقتة في طبقة الأوزون. وبالتالي، ستخترق الأشعة الكونية والشمسية الغلاف الجوي وتصل إلى سطح الأرض. هذه الثقوب ليست مستديمة (كثقب الأوزون بشري الصنع). إنما ستلتئم عند انتظام المجال المغناطيسي بعد انقلابه. أما مخاطر الأشعة الكونية والشمسية فهي أنها ستسبب طفرات جينية مما قد ينتج خلايا سرطانية لمن يتعرَّض لها.
فمن نتائج الانقلاب المغناطيسي، أن الكائنات الحية التي تعتمد عليه في حياتها (مثل الحيتان والسلاحف وأسماك السلمون وبعض أنواع البكتريا) سيضطرب إحساسها بالاتجاهات. ولا نعرف كيف سيكون التأثير المباشر عليها، لكننا سنشهد نتائج كارثية تتمثل في نفوق أعداد هائلة منها على السواحل.
على أية حال. الأرض كوكب معقَّد. قد يحدث هذا الانقلاب أو لا يحدث وعلم ذلك عند الله تعالى. وإن حدث الانقلاب المغناطيسي فسيحدث على مدى آلاف من السنين مما قد يتيح للكائنات على الأرض مدة كافية للتكيف والتأقلم.