طاقة واقتصاد

الإنسان أولاً
تجربة عمرها 70 عاماً في أرامكو السعودية

  • 1TSBQT~0
  • 13-(screen)
  • 14
  • 19b
  • 1RSSM8~K
  • 15-(screen_01)
  • 15-(screen_02)
  • 15a
  • 15b
  • 15c
  • 15d
  • 16a
  • 16b
  • 16c
  • 16d
  • 17
  • 18-(screen)
  • 18a
  • 18b
  • 18c
  • 19-(screen)
  • 19a

يعد تناول اتصال شركة بحجم أرامكو السعودية بالمجتمع، عملية صعبة جداً. وذلك بسبب تشعب أنشطة هذا الاتصال، وتفرقها بين أنشطة تاريخية وآنية، وأنشطة يومية وشهرية ودورية.. الخ.
لقد حاول فريق القافلة أن يرصد مسيرة ونشاطات برنامج اتصال أرامكو السعودية بالمجتمع وتوصيف عملية نشوء هذا البرنامج وتطوره على مدى 70 سنة.

كان الحدثُ يصنع نفسه، عبر مجموعات من الموظفين تجاهلوا أنهم في إجازة عيد، وتذكّروا أمراً واحداً، هو أنهم مسؤولون عن صناعة عيد مختلف لأربعة عشر ألف يتيم احتاجوا إلى من يقف إلى جوارهم في مناسبة استثنائية مثل عيد الفطر..!

ولم يكن حدثاً واحداً ذلك الذي جنّد فيه عشرات الموظفين أنفسهم للوقوف إلى جوار آلاف الأيتام، وإنما كان مجموعة أحداث توزعت على مواقع أرامكو السعودية المترامية الأطراف. وهكذا، تحوّل العيد نشاطاً مختلفاً عن مهامّ العمل التقليدية، ليصبح واجباً يستهدف جانباً من جوانب التكافل الاجتماعي الذي يتسم به المجتمع السعودي، ويحرص على الالتزام به.

حدث ذلك في مناسبة عيد الفطر الفائت.

أما في مناسبة عيد الأضحى، فإن هناك برنامجاً آخر سيفتح ذراعيه لفئة أخرى، هي فئة المسنين. فمثلما حظي الأيتام، في عيد الفطر، باحتضان أبوي حميم جسدته الأنشطة، سينال المسنّون، في عيد الأضحى، حظوة مشابهة إكراماً لهذه الفئة الاجتماعية التي وصل أفرادها إلى مراحل عمرية تستحق الرعاية والعناية من أفراد المجتمع كافة..!

وقد أصبح برنامجا هدايا الأيتام والمسنين جزءاً من التقاليد السنوية في مناسبتي العيدين. لكن البرنامجين، على ما فيهما من أهمية، لا يمثلان سوى جزءٍ يسير من نطاق عريض استوعب آلاف الفعاليات والخدمات المصنّفة ضمن برامج التواصل مع المجتمع الذي يعني – لدى أرامكو السعودية – التعامل مع احتياجات المجتمع المحلي، وتسخير الإمكانيات والخبرات لتلبيتها على النحو الملائم.

حاجة متبادلة
منذ أيام نشأتها الأولى، أدركت أرامكو السعودية حاجتها إلى المجتمع وحاجة المجتمع إليها؛ فسعت إلى جعل الاحتياج المشترك عملاً يومياً ينعكس في الاتجاهين.

حاجتها إلى المجتمع تمثلت في كونه مصدر الطاقة البشرية الرئيس الذي يؤمِّن القوى العاملة لخطوط الإنتاج النفطية ومرافقها المتعددة، إذ لا يمكن لأية مؤسسة أن تنهض من دون سواعد أبناء المجتمع المحيط بها. وهكذا توجهت أرامكو السعودية نحو السكان المحليين لينخرطوا في أعمال الزيت والغاز، وما يتصل بها من أعمال وأنشطة، ليشكّلوا عبر السنوات أهم قوة بشرية في أرامكو السعودية.

هذا بدوره اقتضى تلبية حاجة المجتمع إلى الشركة التي ولدت في مجتمع بكر يفتقر إلى العديد من عوامل التطور والنماء. خاصة في السنوات الأولى من عمرها. وهو ما دعاها إلى المشاركة في التنمية من خلال برامج ضرورية في التعليم، والصحة، والتثقيف، والدعم المادي المباشر للمؤسسات الاجتماعية، وغير المباشر لمؤسسات القطاع الخاص، لتملأ فراغاً أخذ يقلّ، عاماً بعد عامٍ، بفعل برامج التنمية التي نفذتها الدولة. فاتجهت الشركة صوب أولوية الأنشطة الاجتماعية المساندة، مطمئنة إلى أن الخدمات الأساسية أصبحت في مرحلة اكتفاء بفضل رعاية الدولة المستمرة لاحتياجات مواطنيها.

خدمات أساسية
في سنوات نشأتها الأولى انشغلت أرامكو السعودية في أعمال التنقيب عن مكامن الزيت وإنتاجه. وتطلّب ذلك الاستعانة بالقوى العاملة السعودية، بطبيعة الحال. ولكن الأيدي العاملة المتوافرة، آنذاك، لم تكن على مستوى كافٍ من التدريب والكفاءة. فما كان منها إلا أن استحدثت برامج التدريب والتعليم التي تكفّلت بصناعة كفاءات بشرية وطنية أسهمت، عبر الأجيال، في بناء أعمال الشركة وتطويرها.

لكن التحديات الجدية لم تقتصر على صناعة الكوادر البشرية فحسب، بل في كل احتياجات الشركة، بدءاً بالتنقيب وانتهاء بالشحن. والمنطقة الشرقية لم تكن مؤهلة، في تلك الفترة، للعديد من الأعمال التي تتطلبها مشروعات النفط الطامحة؛ نتيجة فقر شديد في البنية الأساسية. ولمواجهة التحديات عمدت الشركة إلى إنشاء ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام؛ ليلبي احتياجاتها الملحّة، ويربط مواقع الشركة بالعالم. ولكنّ هذا الميناء الذي تأسس، أصلاً، لأغراض صناعة البترول، تطور ليكون واحداً من أهم الموانئ التجارية على ساحل الخليج العربي في مراحل لاحقة، بفضل الرؤية الاستراتيجية التي وضعتها الدولة لهذا المرفق الحيوي.

وما انطبق على ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، انطبق، أيضاً، على خط السكة الحديدية بين مدينتي الدمام والرياض، الذي يمثِّل، حالياً، أحد أهم خطوط النقل التجاري المهمة بين المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية. وقد تأسس هذا المشروع، في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، بدعم مباشر من أرامكو السعودية أول أمره. ثم تطورت خدماته، فيما بعد؛ ليخدم جانباً مهماً من قطاع النقل التجاري والصناعي بين المنطقة الشرقية ومنطقة الرياض.

وكان لأرامكو السعودية الدور الأبرز في إنشاء شبكة الطرق الأولى في المنطقة الشرقية. وكان الدافع المباشر للشركة هو ربط المواقع النفطية بشبكة طرق تحلّ محل الطرق البدائية التي كانت متوافرة في تلك السنوات الصعبة. ومع توالي السنوات تحوّلت هذه الطرق إلى جزء من شبكة الطرق الهائلة التي تربط مدن المملكة وقراها؛ لتسهم، بفعالية، في تنفيذ برامج التنمية الوطنية المتلاحقة.

يضاف إلى ذلك تأسيس وإدارة الشركة السعودية للكهرباء بالمنطقة الشرقية، التي حلّت محل الشركات الصغيرة المتناثرة في مدن المنطقة الشرقية وقراها. حيث ساندت أرامكو السعودية هذا القطاع بكل ما أوتيت من خبرات إدارية وإمكانيات صناعية وفنية وتمويل مادي. ناهيك عن تأصيل قيم العمل في برامجها وخدماتها إلى أن استقام عود الشركة وأصبحت قادرة على تأمين الطاقة الكهربائية لقطاع الصناعة والتجارة والسكان بموثوقية عالية.

قاعدة القطاع الخاص
الدور الحيوي والرائد للشركة امتدّ، أيضاً، إلى أبعد من مشروعات البنية الأساسية. فقد كانت أعمال الشركة تتوسع عاماً بعد عام، وتتزايد احتياجاتها طردياً إلى سوق تجارية وصناعية تساندها في تنفيذ برامجها. بمعنى أن الشركة كانت في حاجة إلى وجود منشآت تجارية وصناعية في محيطها لتزودها بمستلزمات أعمالها. وبما أن السوق كانت شبه خالية من هذه المنشآت؛ فقد عمدت أرامكو السعودية إلى توفير الفرص التجارية للواعدين من رجال الأعمال لتتحوّل هذه العلاقات التجارية، مع الزمن، إلى إيجاد قاعدة عريضة من شركات القطاع الخاص المحلي.

كانت هذه المشروعات نماذج لبناء علاقات مثمرة بين الشركة وشركائها في بيئة الأعمال، ومن الطبيعي أن تقوم هذه العلاقات على أساس المصلحة المتبادلة بين الشركة من جهة، وبين شركائها التجاريين والصناعيين من جهة أخرى. وبالطبع؛ فإن هناك منطقة مشتركة بين الأطراف، ولكنها تتمحور في أنشطة الأعمال وحسابات الأرباح والخسائر المادية.. فكلما تطوّرت أعمال الشركة استدعى التطورُ تطوّراً مشابهاً في القطاع الخاص، ليقف في موقع المساندة ويؤمّن جانباً مهماً من الاحتياجات. وبالمقابل كلما أمّن هذا القطاع احتياجات الشركة انعكس ذلك على القطاع في شكل نموّ الأعمال وتزايد الأرباح.

ومن البديهي أن تحرص الشركة – والقطاع الخاص – على تنامي العلاقة التجارية وتطوير أدائهما، استهدافاً للأرباح. فأين يقع الإنسان إذن في قيم الشركة وبرامجها الإنتاجية..؟؟!

الإنسان.. أولاً
ما يعرفه العالم كله عن أرامكو السعودية، هو أنها شركة بترول لها موقع الصدارة بين شركات البترول في العالم. لكن اهتمامها اليومي لا ينحصر في أعمال الزيت والغاز وإنتاجهما وتسويقهما. ثمة ما يشغل بال أرامكو السعودية منذ أن وضعت أول مثقاب لاستخراج الزيت من أعماق الأرض. إنه الإنسان بكل ما تعني الكلمة وما يتصل بها من قيم.

المسعى الربحي جزء أساس في أي مشروع تجاري أو صناعي. وما كانت الشركة لتقوم لو كان النفط في البلاد دون الكميات التجارية المربحة. إلا أن المستوى الربحي، هو أيضاً، هدف تنموي ينعكس، مباشرة، على الإنسان الذي يعيش في المجتمع. ونحن هنا لا نتحدث عما قدمته صناعة النفط للتنمية في الوطن فتلك قضية أوسع بكثير.

القضية، هنا، تتساءل عن موقع الإنسان بين زحام أعمال الشركة النفطية وما تتطلبه من برامج ومشروعات لا تنتهي. والإنسان، هنا، هو موظف الشركة أياً كان موقعه، وهو المواطن الذي يعيش بعيداً عن حقولها النفطية..!

وفي مفهوم الشركة؛ فإن الإنسان هو المجتمع برمته، بصرف النظر عن نوع علاقة أفراده بأرامكو السعودية.

الصحراء.. بيئة مهمة
البدويّ الذي يعيش في الصحراء فردٌ من المجتمع، فردٌ مهم. ومن المهمّ أن تكون صحراؤه الجرداء صحية ونظيفة، باعتبارها بيئة حياة لشريحة اجتماعية لا تزال تعتزّ بموروثها ونمط حياتها التقليدي. هذا الوعي الذي تحرص أرامكو السعودية على بلورته لدى فئات المجتمع كافة، هو الذي أملى عليها تطبيق برنامج بيئي حميم، هو برنامج تنظيف الصحارى. وعبر مئات من الموظفين والمتطوعين تنفذ الشركة مثل هذا البرنامج سنوياً، وتسخر له إمكانياتها الفنية والخبرات البيئية من أجل حماية الصحارى المحلية من التلوّث الذي تتسبب به الممارسات البشرية الخاطئة.

تجارياً لن تتأثر أعمال أرامكو السعودية بما تعانيه الصحراء من تلوّث. ولكنها على المستوى الأخلاقي تدرك أن أية مشكلة بيئية تنشأ في المجتمع، تعني – بشكل أو بآخر – إلحاق أضرار فادحة، ولو تدريجاً، بالأجيال القادمة. وتنطلق من هذا الفهم إلى أعمال وأنشطة من شأنها رعاية البيئة وحمايتها ومواجهة مشاكلها مهما كانت ضئيلة.

الفهم نفسه يتمثل في أعمال مشابهة، مثل حملات تنظيف الشواطيء، وحملات زراعة أشجار المنغروف في الشواطيء أيضاً. إذ تحتفظ الشركة بسجل مشرّف في هذه الأنشطة.

البيئة، على نحو خاص، هي واحدة من هواجس أرامكو السعودية، ليس هذا وحسب، بل إن حماية البيئة اسم يُطلق على إحدى إداراتها الكبيرة. وتقوم هذه الإدارة بالكثير من الأعمال والفعاليات الدقيقة التي تستهدف تحقيق أعلى مستوى من الصحة البيئية. لقد تمثلت اهتمامات الإدارة في جعل أعمال الشركة النفطية في مستوى عالٍ من الأمان البيئي، بتطبيق أعلى المعايير الدولية، بدءاً من التعامل مع النفايات المنزلية وصولاً إلى معالجة التسرب النفطي.

حضور في المواقف
البيئة الصحية، بدورها، تعني بالضرورة، تأمين عامل مهم من عوامل الصحة البشرية. وهذه الأخيرة هاجس يقظ في كل تفصيلات أعمال أرامكو السعودية. لقد بنت الشركة، منذ عقود طويلة، شبكة من المؤسسات الطبية والصحية؛ لتؤمّن الرعاية الكاملة لموظفيها. ولكن قاعدة المستفيدين من هذه الصروح الطبية لم تعد قاصرة على الموظفين وحدهم.

وعلى الرغم من أن برامج العلاج تقتصر على الموظفين وعائلاتهم، فإن لدى أرامكو السعودية تاريخاً من الإسهامات الواضحة في الرعاية الصحية التي قدمتها للمجتمع. ويتذكر أبناء المنطقة الشرقية، على وجه خاص، كيف كانت الكوادر الطبية، لدى الشركة، مجندة في مواجهة العديد من الأمراض التي كانت منتشرة بين المواطنين.

كانت الملاريا جزءاً من التهديدات التي كانت تتربص بسكان المنطقة جيلاً بعد جيل، وقد جرّت مآسٍ اجتماعية على آلاف الأسر، حيث كان موت الأطفال منتشراً على نحو مخيف. وحين طبّقت وزارة الصحة برنامجاً للمواجهة كانت الشركة جزءاً من هذا البرنامج الذي شارك فيه أطباء وممرضون وفنيون، ناهيك عن الباحثين والمساندين.

كذلك كانت أرامكو السعودية حاضرة في مواجهة مرض التراخوما الذي كان يحرم آلاف الناس من نعمة البصر. كما كانت حاضرة في حملات مكافحة الجدري، وغيره من الأمراض التي كانت منتشرة بين المواطنين.

ولم تتخلف أرامكو السعودية عن المواقف الوطنية التي حتّمتها الطواريء، حيث قدمت دعمها الطبي المباشر لضحايا كارثة القديح قبل سنوات، كما كانت موجودة في مواجهة وباء حمّى الوادي المتصدع الذي داهم بعض مدن جنوب المملكة.

وفي الوقت الراهن، تركز الشركة على تقديم البرامج المساندة، اعتماداً على تكامل برامج الرعاية الصحية التي تكفّلت الدولة بها. إذ تساند الدائرة الطبية في الشركة الحملات التوعوية عبر النشرات الطبية والمحاضرات والندوات، وأمثالها من فعاليات التوعية والتثقيف الصحي.

ثقافة السلامة
وتأخذ ثقافة السلامة موقعها المتميز من اهتمامات الشركة اليومية، داخل الشركة وخارجها أيضاً. فأعمال الشركة المتعددة، وأنشطة موظفيها العاملين في الحقول والطرق والمباني والمرافق الأخرى تخضع لهذه الثقافة على نحو عملي يهتم بأدق التفصيلات، ولا يقبل التهاون.

ويمكن الالتفات، في هذا الجانب، إلى ما يتمتع به موظف أرامكو السعودية من حرص شديد حين يشرع في تمديد سلك كهربائي في منزله، أو حين يقود سيارته، أو حين تدعوه الحاجة إلى استخدام سلّم، أو حتى حين ينحني لالتقاط قلم. إذ تقوده ثقافة السلامة إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر في سلوكه اليومي النمطي. ولم يكن لهذه الثقافة أن تتكرس في هذا السلوك لو لم يتشبع وعيه بعشرات القواعد والضوابط التي تنبهه، عبر التوعية المستمرة، إلى طرق تجنب الضرر في استخدام الأدوات والأجهزة والسبل السليمة لإنجاز الأعمال مهما كانت صغيرة.

تصدير الثقافة
حين نجحت مثل هذه البرامج داخل الشركة ومرافقها؛ سعت أرامكو السعودية إلى تصدير ثقافتها إلى المجتمع، متشاركة مع المؤسسات الرسمية في المجتمع نفسه في هذا الجهد. ويتبدّى ذلك في الفعاليات السنوية والدورية التي تشهدها مؤسسات المجتمع.

في أسبوع المرور، كمثال، تضع أرامكو السعودية خبراتها وكوادرها لإنجاح العملية التوعوية التي تتضمنها المناسبة التي تمس سلامة الإنسان أولاً. ويتبدّى دور الشركة، على نحو واضح، في المناسبات التوعوية التي يشهدها المجتمع من خلال المؤسسات الحكومية. إن يوم الصحة العالمي، ويوم الدفاع المدني، ويوم الإيدز، وغيرها إنما هي قنوات اتصال بالمجتمع تصدّر الشركة، من خلالها، ثقافات الصحة والسلامة وحماية البيئة إلى أفراد المجتمع. وإذا كانت بؤرة الاستهداف هي مجتمع العمل داخل الشركة، فإن الندوات والمحاضرات والحملات والنشرات توسّع دائرة العمل التوعوي إلى أقصى مدى ممكن حول الشركة. وهو ما يعني إيصال الرسائل المفيدة إلى المجتمع.

الإعلام وسيلة تأثير
هذا يعني أن النشاط الإعلامي، بمستوياته المتعددة، أصبح من أهم الوسائل الفاعلة في التواصل مع المجتمع. ومنذ نشأتها أدرك الفاعلون في قيادة الشركة حقيقة أن تحسين حياة المجتمع المحلي يمكن أن يجعل من الإعلام وسيلة لبث الثقافة العملية البناءة. وقد كان ذلك وراء إنشاء أول محطة تلفزيونية في منطقة الخليج العربي. كما كان وراء إصدار أول مطبوعة عربية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

عبر هاتين الوسيلتين تواصلت الشركة مع محيطها الاجتماعي ثقافياً، لتقدم الوجبات التثقيفية العامة، إلى جانب الوجبات التثقيفية الخاصة التي تستهدف رفع الوعي العام بأهمية الصحة والسلامة والبيئة، وتطوير الإمكانيات البشرية في التعامل مع مستجدات العصر.

لكنّ ذلك لم يكن مقنعاً لطموحات الشركة البعيدة المدى؛ فأسست قبل ربع قرن مسابقة رسوم الأطفال التي استهدفت رعاية المواهب الواعدة في هذا الجانب الثقافي العصري. كما استحدثت فكرة المكتبة المتنقلة التي دعت إلى توثيق العلاقة بين طلاب المدارس وطالباتها بالكتاب كمصدر معرفي لا غنى عنه.

وتُعتبر هذه البرامج امتداداً لبرنامج كبير بدأته الشركة من عام 1954م، حين بادرت بالمشاركة في التنمية البشرية الوطنية عبر بنائها المدارس. لقد كانت مدرسة القادسية الابتدائية بالدمام أول مدرسة تبنيها الشركة، وقد افتتحها جلالة الملك سعود، يرحمه الله. وتوالى بناء المدارس عبر الشركة، إلى أن تجاوز عددها، في الوقت الحاضر، 130 مدرسة يستفيد منها عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات.

المؤسسات الخيرية
وفيما تشير هذه الأنشطة إلى تركيز الشركة على التثقيف والتوعية، فإنها حرصت، أيضاً، على الاستمرار في دورها الداعم للمؤسسات الاجتماعية في المملكة، عبر برنامج التبرعات المالية لمئات من الجمعيات الخيرية. ناهيك عن بلورة أفكار تعاونية بين الشركة ومؤسسات الخدمة الاجتماعية المختلفة، لتكرس نشاطاً إنسانياً يؤمن الاحتياجات الضرورية لفئات مختلفة، خاصة فئات الأرامل والمطلقات والأيتام وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

عينٌ على المستقبل
وهكذا فعلى مدى أكثر من سبعة عقود من الزمن استهدفت مشروعات أرامكو السعودية التواصل مع المجتمع الأهلي. وقد انطلقت من محيطها القريب، وأخذت في التوسع، مهتدية باستراتيجية عملية. وحققت، عاماً بعد عام، زيادة في البرامج والفعاليات. ووضعت عُصارة خبراتها في خدمة المجتمع، ونجحت في إشراك المجتمع الأهلي في هذه الخبرات والمعارف المتخصّصة في مجاليْ الهندسة البيئيَّة والحماية، بهدف تعزيز سلامة وعافية المجتمعات المحلية في المناطق المختلفة.

كما عملت على تشجيع ثقافة العمل التطوّعي، وأشركت الناس في العمل سويّاً من أجل تحسين نوعية حياتهم، وقد شارك منسوبو الشركة وأسرهم في العديد من الأنشطة. وقد بات من الضروري، للشركة، أن تُركّز جهودَها على المسائل الرئيسة التي تواجهها مُجتمعاتُنا المحلية. إذ يستحيل عليها (أوعلى أيّة شركة أخرى)، أن تتصدّى، وحدها، للاحتياجات الاجتماعية كافة.

وتعتزّ الشركة بأن لها شركاء في القطاعَيْن العام والخاص بنت معهم تعاوناً نشطاً ومثمراً. وهذا من شأنه خلق تفاعل دؤوب يتحاشى تفادي تناسخ البرامج، من جهة، ويتقاسم المعرفة والمشاركة في استخلاص العبر؛ تحقيقاً للفائدة المتبادلة، من جهة أخرى.

العمل التطوّعي.. ممارسة وثقافة..!
نجحت أرامكو السعودية في بلورة مفهوم العمل التطوعي على نحو تحوّل فيه هذا المفهوم إلى أنشطة فعلت فعلها في العديد من البرامج الخدمية التي نفذتها إدارات الشركة أو شاركت في تنفيذها.

أولى أشكال العمل التطوّعي برزت، أولاً، في أوساط الموظفين الذين ظهرت حماستهم بوضوح في الفعاليات التوعوية كأسابيع المرور وأيام المناسبات الصحية. فقد كانوا وسيلة اتصال مع المجتمع في توزيع النشرات والتوعية بأهمية الامتثال لأصول السلامة وقواعد السلوك الصحي السليم. لكنّ هذه الأعمال الصغيرة سرعان ما تحوّلت إلى ممارسة أكثر تطوراً واتساعاً.

الأمر بدا أكثر وضوحاً في حملة تنظيف الشواطيء التي شارك فيها أكثر من 800 متطوع من موظفي الشركة وأبنائهم، إضافة إلى أعداد أخرى من المواطنين الذين لا تربطهم بالشركة أية رابطة وظيفية. وحدث الأمر نفسه حين نفذت الشركة حملة تنظيف صحراء النعيرية، حيث تزاحم موظفون وأبناؤهم ومواطنون من المحافظة لجعل الصحراء أكثر نظافة ونقاءً. وهو ما يعني أن مفهوم التطوع بات سلوكاً لدى بعض المواطنين الذين تفاعلوا مع أنشطة الشركة تفاعلاً عملياً.

وفي هذا السياق تبذل أرامكو السعودية، حالياً، جهوداً حثيثة لتطوير برنامج شامل لأنشطة العمل التطوعي، وذلك من خلال إنشاء قاعدة بيانات للمتطوعين من الموظفين وأسرهم والمواطنين الآخرين. ويستهدف البرنامج تحقيق مستوى من الجاهزية بين آلاف المتطوعين، بغية الاستفادة من إمكانياتهم واهتماماتهم في تنفيذ الأنشطة المخطط لها، أو الطارئة، حال اتخاذ الحاجة.

انطلقت أرامكو في بلورة هذا المفهوم من إيمانها بتشجيعَ ثقافة العمل التطوّعي، وما يفعله، نفسياً بين أفراد المجتمع، فانصراف الناس إلى العمل سويّاً من أجل تحسين نوعية حياتهم، أمر حيويّ لإنماء المجتمع المحلي.

أضف تعليق

التعليقات