قصة مبتكر
قصة ابتكار
غرانفيل وودز
مصاصة العصير
العالم بأسره يعرف غراهام بل وتوماس أديسون، ولكن قلائل جداً هم الذين سمعوا بالمخترع غرانفيل وودز، الذي يعتبر عن جدارة أعظم مبتكر أسود في القرن التاسع عشر، ووُضِع في حياته في مصاف المخترعين، وأكثر من ذلك، استطاع وودز أن يجر توماس أديسون إلى قاعة المحكمة مرتين بسبب خلافهما حول من اخترع ماذا..؟ ولد غرانفيل وودز في أستراليا من أم هندية وأب من سكان أستراليا الأصليين. وهاجر طفلاً مع أبويه إلى أمريكا. اضطر إلى التوقف عن الدراسة عندما كان في العاشرة؛ ليتعلم الحدادة. وفي السادسة عشرة من عمره، بدأ يجوب أمريكا ويتنقل من مهنة إلى أخرى. عمل إطفائياً لبعض الوقت، ومن ثم ميكانيكياًعلى متن أحد الزوارق النهرية، الأمر الذي أكسبه مهارة في علوم الميكانيكا، دعمها بمتابعة بعض الدروس في إحدى الكليات المتخصصة، كما أسس مع شقيقه ورشة صغيرة لإصلاح المحركات، وكافح كفاحاً مريراً لمدة أربع سنوات كي يبقي ورشته مفتوحة، في أجواء عاصفة بالاضطرابات العنصرية. حصل غرانفيل على أول براءة اخترع في يناير من عام 1884م، لاختراعه غرفة احتراق محسنة للمحركات البخارية. وتوالت اختراعاته وابتكاراته التحسينية، حتى فاق عددها الستين براءة، وشملت كل شيء بدءاً بالسكك الكهربية مروراً بالهاتف والتلغراف والمكابح العاملة بضغط الهواء، وصولاً إلى حاضنة بيض الدجاج الكهربية. وكان هذا العبقري مولعاً بالفنون والمسرح، ولأن تخفيت الإضاءة في المسارح كان يتسبب أحياناً في حرائق خطيرة، اخترع جهازاً خاصاً لتخفيت الإضاءة الكهربية، لايزال مبدأ معمولاً به حتى يومنا هذا. يقال إن اديسون عرض عليه في وقت ما مشاركته العمل، ولكن غرانفيل وودز رفض العرض، وآثر العمل حراً والبقاء سيد نفسه حتى وفاته عام 1915م.
يُروى أن الصناعي الأمريكي مارفن ستون اعتاد على شرب عصير النعناع بعد انتهائه من العمل. وكان يستعمل مصاصة من القش النباتي الرائج آنذاك. ولكنه كان يمتعض من تفتت أسفل القشة والرواسب التي تتساقط منها في العصير. وذات مرة، تناول قلم رصاص ولفّ عليه شريطاً من الورق، وبعد نزع القلم، صمّغ الورق ليشرب العصير بهذه المصاصة الجديدة. وخلال فترة وجيزة انتقل إلى صناعة هذه المصاصة من ورق مانيلا المقوى والمطلي بالبارفين ليصبح مقاوماً للتلف السريع الذي تتسبب فيه السوائل. وحصل على براءة لاختراعه هذا عام 1888م. وما أن حل العام 1890م حتى كانت هذه السلعة الجديدة تلازم كل أنواع المرطبات في أمريكا بأسرها. بعد ذلك بنحو 40 سنة، كان المخترع المعروف جوزف فريدمان في كاليفورنيا يراقب طفلته وهي ترتبك في شرب الحليب من كوب بواسطة مصاصة مستقيمة. فأخذ المصاصة الورقية، وزج فيها برغي معدني، ولفها من الخارج بخيط شده على المصاصة بقوة. وبعد نزع الخيط والبرغي، صارت المصاصة مرنة قابلة للطي. وسجل فريدمان اختراعه هذا في العام 1937م، بعد اختراعه آلة خاصة تجعل المصاصة قابلة للطي. لم يقبل أحد بشراء هذا الاختراع، فأسس فريدمان، مصنعاً صغيراً بنفسه لإنتاج هذه السلعة الجديدة. وساعدته شقيقته بيتي على ترويج هذه المصاصات في المستشفيات أولاً، رغم أنها كانت موجهة أساساً إلى الأولاد. وبمرور الوقت راجت المصاصات المرنة على كل المستويات، ونما المصنع، وتحول إلى سلسلة مصانع ظلت تعمل حتى العام 1969م، تاريخ بيعها إلى شركة ميريلاندكاب ، بعدما حوّلت عائلة فريدمان إلى واحدة من أغنى العائلات الأمريكية.