مواكبة لتعاظم الوعي بأهميَّة العلامة التجارية على مستوى نجاح أي منتج أو مؤسسة أو خدمة، نظَّمت «القافلة» ورشة عمل في جدة حول هذه الصناعة الحديثة، المعروفـة عالمياً باسم «براندينغ».
وإضافة إلى المحاضرين من ذوي الاختصاص، شكَّلت هذه الورشة التي استمرت يومين مناسبة فريدة من نوعها، تمكَّن خلالها حشد من الطلاب من لقاء عملاء حقيقيين باحثين عن علامات تجارية لمؤسسات أو منتجات محدَّدة.
محاور ورشة العمل
اليوم الأول
البراندينغ اليوم: عرض قدَّمه رالف كوربماتشر
مراحل العمل: عرض قدَّمته ماري سكر
تقسيم الطالبات المشاركات إلى مجموعات للعمل مع العملاء
موجز يقدِّمه العملاء عن شركاتهم والخدمات المقدَّمة
جلسة العمل الأولى للطالبات.. مرحلة البحث
اليوم الثاني
مكانة الشعار في «البراندينغ» قدَّمها: كميل حوا
العلاقة الجدلية بين «البراندينغ» والمنتج قدَّمها: وليد أبو الريش
جلسة العمل الثانية
تقديم العروض من قِبل الطالبات
المحاضرون
رالف كوربماتشر
مؤسس مكتب «memes 7»، ومتخصص في الهوية المعمارية، ذو خبرة تزيد على 20 عاماً. نفذ مشاريع عديدة في مجال ملاءمة الهوية المعمارية مع العلامة التجارية والظروف المحيطة بها في أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط وآسيا.
ماري سكر
مصممة تعمل منذ عام 2011 م في مكتب «وولف أولينز» في دبي، بعد أن عملت سابقاً في شركتي «لاندور» و«براش براندز». وهي صاحبة دور أساسي في تطوير العلامات التجارية لعدد كبير من المصارف والمؤسسات الخليجية.
كميل حوا
فنان تشكيلي ومصمم غرافيكي. ينصبُّ تركيزه بشكل خاص على تصميم الشعارات، وتطوير خطوط عربية عصرية حازت أكثر من جائزة عالمية.
وليد أبو الريش
يعمل منذ أكثر من 12 عاماً في «المحترف» بصفة «مدير حساب»، حيث يتولَّى تقديم الدعم للعملاء في مجالي التواصل والتسويق، والإشراف على مخرجات المحترف على مستوى ضمان مواءمتها للعلامات التجارية الخاصة بالعملاء.
في القاعة المزدانة بكل ما يخطر على البال من فنون التصميم الجرافيكي والخطوط العربية واللاتينية، اجتمع ثلاثة أطراف: محاضرون من ذوي الاختصاص في فنون التصميم المختلفة والترويج والتسويق، وحشد من الطلاب تضمَّن 25 طالبة من دائرة التصميم الجرافيكي في دار الحكمة في جدة، وأربعة عملاء حقيقيين يأملون في الحصول على علامات تجارية خاصة بالجهات التي يمثلونها، الأمر الذي أثار حماسة الطالبات، وهن في السنة الثالثة من التخصص، لكونها المرة الأولى التي يقابلن فيها عملاء حقيقيين. ولم تكن حماسة العملاء بأقل من ذلك؛ لأنهم لم يختبروا سابقاً الجلوس مع مصممين لبحث طلباتهم وجهاً لوجه، بل مع موظفي مبيعات ومندوبي تسويق.
والـ «براندينغ» أو السمة، كما قد نسميها بالعربية، هو النشاط الذي يتولاه فريق مختلط يجمع بين فنون التصميم المعاصرة وأدوات الانتشار والترويج، التي أدى تضاعف وتيرتها اليوم من خلال وسائل التواصل الحديثة إلى ازدياد أهمية العلامات التجارية بكل مكوناتها العديدة.
برنامج الورشة
تضمَّنت الورشة محاضرتين كل يوم، وتبع كل منها حلقة نقاش. وفي نهاية اليوم الأول تقدَّم أربعة عملاء يمثلون «البنك السعودي الهولندي»، و«محمية محازة الصيد»، و«مترو جدة»، و«جمعية مواكب الأجر»، بعروض لماهية خدماتهم ومؤسساتهم التي تحتاج إلى علامة تجارية. وتوزعت الطالبات المشاركات على ثمانية فرق. ضمَّ كل فريق ثلاث مصممات مع قائد فريق مساعد. وكان أغلب هؤلاء من العاملين في حقول التسويق، وذلك كي تكون المواكبة لمجهودات هذه الفرق ذات بُعد يطل على الحياة العملية. وبعد الانتهاء من محاضرات اليوم الثاني، جرت مناقشة الأعمال المنجزة، علماً بأنَّ المهلة التي أعطيت للمصممات كانت محدودة جداً، في حين أن المهمة تستغرق في العادة وقتاً أطول من ذلك بكثير.
كان الهدف الأساسي من هذه الورشة إلقاء الضوء على ما آلت إليه هذه المهمة المتعدِّدة الأوجه، التي تتولاها عادة دور التصميم الفني وشركات الإعلان، حيث غالباً ما تبدأ مع الأولى وتنتقل لاحقاً إلى الثانية، وتهدف إلى تعزيز الحضور المؤثر والجذاب للشركة أو المؤسسة أو الخدمة، بحيث تحقق من خلال التصاميم التي تظهر بها وأسلوب المخاطبة الذي يتم تطويره خصيصاً لها، أكبر قدر ممكن من الإعجاب و«الولاء المستمر والمتجدِّد» من قبل الجمهور للمنتج الذي تقدِّمه، سواءً أكان سلعة تجارية أم خدمة. وما اختلف اليوم، كما ظهر في الورشة من خلال النقاش والتمارين التطبيقية، هو كيف تأتي التصاميم الجرافيكية لشعار الشركة وهويتها البصرية لتتجاوب مع تفكير استراتيجي بعيد المدى، لتتجاوز المنطلق الشكلي والجمالي للتصميم بحد ذاته.
مصطلحات
– البراندينغ branding
هو مصطلح حديث نسبياً ويعود في الأصل إلى دمغ المواشي بسمة أصحابها من أجل تأكيد امتلاكها. وبالتالي أساس المفهوم أن يتم صبغ جميع مكوِّنات الشركة من مواد إعلانية ومنتجات وحافلات ويافطات وغيرها بصبغة واحدة تجعل من يلمح أياً من هذه العناصر يدرك تلقائياً انتسابها للأصل.
ومن أجل ضمان فعالية هذا العمل في جانبه التصميمي، تتم الاستعانة بخبرات تسويق وترويج لوضع استراتيجية عامة لا تقف عند اكتمال الهوية الجرافيكية من شعار وتطبيقاته، بل تتعدّاها إلى تطبيقات أوسع بكثير تشمل أسلوب المخاطبة والصور وحتى الموسيقى وغيرها.
– الهوية البصرية أو الجرافيكية graphic identity
مفهوم سبق المفهوم السابق، وبدأ استخدامه في الغرب قبل عقود عديدة، وفي بلادنا منذ نحو عقدين. وهو أن يقوم فريق التصميم الجرافيكي بتطبيقات عديدة للشعار تتجاوز ورق المراسلات وبعض النماذج الأخرى كما في السابق، إلى تطوير تطبيقات الشعار والاستعانة بألوانه ونمط حروفه لبلورة شخصيّة بصرية متكاملة للمؤسسة أو المنتج.
اليوم الأول
محاضرتا اليوم الأول: من النظري إلى التطبيق
البراندينغ فعلٌ يومي
كان رالف كوربماتشر، وهو أحد أبرز الاستراتيجيين في هذا المجال، أول المحاضرين، ودعا الحضور إلى تذكّر ثلاثة مبادئ من ثلاث وحدات «ميم». والميم في أصولها الإغريقية تعني رزمة من المعلومات أو المعرفة.
والميم الأولى هي أن «البراندينغ» هو فعل، والثانية أنه جهد مستمر لا يُتوقّف، والثالثة أن موضوعه هو في النهاية الناس.
وهذه الوحدات مجتمعة تجعل من عملية رفع الهوية الجرافيكية من مجرّد تصميم جمالي إلى مستوى التناول الكُلِّي الذي يفترضه «البراندينغ»، ليكون فعلاً مستمراً يوسع دائرة حضور صورة الشركة ممثّلة بشعارها وموادها الإعلامية.. فعل يقوم به ناس للناس.
وهذه العملية تجعل العلامة التجارية في ظهورها وتطبيقاتها، متجانسة، تُعرف من النظرة الأولى ولها في نفوس جمهورها هوى وإقبال. وبطبيعة الحال المقياس الأساسي لنجاح المهمة هو ما يُعرف بالجدوى، حيث تظهر في مدى قناعة الناس بقيمة المنتج والحلة التي يظهر بها في جميع تجلّياته.
ولكي تكون العملية ذات جدوى، لا بد أن تعكس وعياً لحال السوق الذي يوجد فيه جمهورها والمنافسة التي تواجهها والتكنولوجيا التي تتطور… إلخ.
المبدأ الأساسي إذاً هو صياغة «الغاية»، أو بكلام آخر ما هو المطلوب.. وماذا يجب أن يتحقق. «فالغاية المبتغاة والتوجُّه الذي يتم تحديده لتحقيقها أصبح لهما في نظري أهمّية أكبر من التموضع. ولن أدخل في مراحل التصميم الفني هنا سوى أن التصميم أصبح أمراً لا غنى عنه في كل مجالات الحياة، وأنه بالنسبة لنا حين يختار الناس سيحتكمون إلى ما تحب وما لا تحب. وحين ترى منتجاً جميلاً وآخر قبيحاً سوف تختار الجميل».
وأكد المحاضر ثلاثة أمور:
• أولاً: أن عملية التصميم وما تنتجه من عدّة «براندينغ» (بدءاً من تصميم الشعار والهوية البصرية) هو جهد ووقت، وتتشارك في صياغته كفاءات مختلفة.
• ثانياً: أن كل ما يؤول إليه هذا الجهد سوف يصبح بالياً يوماً ما أو قديماً فاقداً للجاذبية المطلوبة، ولا بد من أن يأتي أحد ويجدِّده ويعيد إليه الحياة ويعزِّز من تأثيره بين الناس وبشكل خاص جمهور المستهلكين.
• ثالثاً: أن هذه العملية هي عملية يومية. كل يوم عليك أن تتوجه للناس بشيء يجدِّد تعلقهم بالمنتج كي يعودوا ويطلبوا منه المزيد. والفريق الذي سوف يتولّى عملية التجديد الدائم للهوية يجب أن يمتلك، إضافة إلى التصاميم الجميلة، التوجه الواضح، والشعور بالاستقلالية ويُعطى فرصة الإحساس بامتلاك المنتج أو الهوية نفسها. وفي نهاية كلمته أعطى ثلاثة أمثلة تصديقاً لكلامه حول العلامات التجارية: علي بابا، وأبل، وأمازون، مبيِّناً ما حددته كل شركة لنفسها من غاية، والتوجه الذي صاغته للوصول إلى تحقيق هذه الغاية.
التمارين على طلبات حقيقية
في اليوم الأول من الورشة، وبعد الانتهاء من المحاضرتين ومناقشتهما، دعا مديرها نسيم أبو عبدالله ممثلي العملاء الأربعة الحاضرين إلى شرح طبيعة أعمال مؤسساتهم وخدماتها، تمهيداً لتولي الطالبات الحاضرات وضع العلامات التجارية المميزة لها:
1 برنامج مسؤولية اجتماعية لبنك تجاري
قدَّم الأستاذ محمد سعيدون، مدير التسويق في البنك السعودي الهولندي، شرحاً وافياً عن برنامج «مسؤولية اجتماعية» الذي أطلقه البنك بالشراكة مع ميكروسوفت العربية. وما يحققه هذا البرنامج العام عبر أربعة برامج فرعية في مجال تعزيز قدرات الشباب في مجال تطوير التطبيقات الإلكترونية، وذلك عبر تنمية المهارات الابتكارية والخلاقة. وذكر أن واحداً فقط من البرامج الفرعية تم تطوير هوية بصرية له وشعار، أما البرامج الأخرى فليس بعد. ثم طلب المتحدث من المشاركين تطوير هوية بصرية للبرنامج العام تعكس أهدافه وطبيعة الشراكة مع برنامج ميكروسوفت.
2 مــترو جــدة
كان الأستاذ أحمد خبيري، العميل الثاني الذي قدَّم شرحاً بالنيابة عن مشروع مترو أنفاق جدة. كان المشروع افتراضياً، لكن الصدف شاءت أن يأتي الإعلان الرسمي الأول عنه في صحف اليوم الأول لورشة العمل، ما أثَّر في تلقي الطالبات لجديَّة المهمة. وقبل أن يوجز طبيعة التصميم المطلوب، أكد على توجه عام بأن الهوية البصرية يجب أن تعكس تجربة نقل جديدة كلياً، بمعنى أن يشعر الناس بمناخ جديد في كيان المدينة. وأعطى كثيراً من التفاصيل حول المشروع الجديد، آملاً في أن تعبِّر العلامة التجارية المطلوبة عن تجربة النقل الجديدة هذه.
3 محمية محـازة الصيد
ولأن منظمي ورشة العمل هذه، كما أوضح مديرها، حرصوا على تقديم مواضيع من مناخات مختلفة، كانت محمية «محازة الصيد» الموضوع الثالث من مواضيع التمارين.
أرسل مادة الشرح الدكتور أحمد البوق، مدير المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف، وبسبب عدم تمكنه من الحضور في الموعد قدَّم الشرح عنه عضو الفريق المنظِّم المصمم محمد بن طالب. تضمَّن الشرح كثيراً من المعطيات عن محازة الصيد التي تقع على مقربة من مدينة الطائف. وعلى الرغم من نجاحها في أن تكون موطناً لعدد من أنواع الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض إلا أنها لا تزال تفتقر إلى شعار خاص بها. وأمل البوق في أن يكون الهدف من الشعار الذي سيجري تصميمه هو تعزيز العلاقة ما بين الإنسان والحياة الفطرية.
4 جمعية مواكب الأجر
أما الموضوع الرابع الذي تناولته الورشة فكان حول جمعية «مواكب الأجر»، فعرضت السيدة عبير عبدالعزيز النويصر، المشرفة العامة على الجمعية، أهدافها وفكرة تأسيسها والفئات التي تستهدفها. ملخصة أن «مواكب الأجر» هو مشروع تابع لجمعية الأيتام بالطائف، تأسس منذ سنوات عشر، ويعتمد بشكل أساسي على الاستفادة مما يستغني عنه الناس. وبعد إعادة تدويره أو إصلاحه، تقوم الجمعية ببيع هذه الأشياء بأسعار معقولة لمساعدة الأرامل وكفالة الأيتام ورعاية المرضى، ونشر ثقافة من نوع جديد للعمل التطوعي في المجتمع وحماية البيئة. وفيما يخص شعار الجمعية الحالي أكدَّت النويصر الرغبة في الحفاظ على «الجَمَل» كرمز، وذلك لعلاقته بتراثنا من جهة وما يمثله «الجمل»، كالإصرار على السير قُدماً مهما كانت الصعاب.
الهوية.. مهمة متكاملة
بعد هذه الكلمة التمهيدية والنظرية، تحدثت المصممة ماري سكّر، التي اختارت أن تكون مداخلتها عبارة عن رحلة في مهمة تكوين هوية جرافيكية باتجاه بناء البراندينغ من بدايتها إلى نهايتها. وكانت المهمة تصميم هذه الهوية لمصرف خليجي إسلامي كان يعاني من التعثر، واحتاج إلى وضع استراتيجية تسهم في تحسين مكانته بين مصارف بلاده.
بدأت المهمة في تحديد تموضع البنك ضمن السوق، وهذا التحديد هو الذي سيوجِّه المهمة من ألفها إلى يائها. وأخذت المتحدثة الحضور في استعراض لمكوّنات العلامة التجارية التي تم تطويرها، وتشمل:
الشعار
اقتصر على إعادة تطوير الشعار السابق، ولكن باستخدام حرف سميك مختصر يوحي بالجدية والثقة، وإلغاء حركة لا معنى لها ولا دور في طريقة كتابة الاسم سابقاً.
الألوان
ذكرت أنه تم اختيار لون أزرق كحلي ولكنه خاص، يُنسب إلى الرسام السويسري إيف كلاين، ويتّصف بالحيوية.
أسلوب المخاطبة
ذكرت أن أسلوب المخاطبة ينتج عن توجه الإنجاز. فيقول الإعلان مثلاً: «أريد أن أحصل على سيَّارة»، أو «لا تستسلم أبداً»
الحروف المختارة
عائلة الحروف توحي بالجدية والإنجاز في اللغتين العربية والإنجليزية دون أن يكون أحدهما نسخة أو تكراراً للآخر. وبذلك تتم المحافظة على السمات العربية للحرف العربي.
أدوات الإخراج
وهي التي تجعل منشورات البنك وإعلاناته ومطبوعاته ذات خصائص ثابته تعوِّد القارئ على توقّعها على الصفحات.
وفي استعراض شعار البنك ذكرت المتحدثة أن الفكرة الأساسية تعود إلى التوجه العام الذي تم تحديده، وهو أن هذا البنك ينجز الأعمال. فعلى الشعار أن يوحي بجدية ما يعد به. وأشارت إلى أنه تم تصميم اسم البنك بالحروف اللاتينية على شكل رمز رابط اتصال، وأن الاسم العربي أخذ عنصراً واحداً من التصميم دون تكرار.
وأعطت أمثلة عن انعكاس الاستراتيجية على التصاميم بما في ذلك أبسط النماذج التي يستخدمها الزبون، حيث توضع لائحة لكل ما سوف يحتاجه من وثائق على رأس صفحة النموذج، وبالتالي لا يُشغل نفسه بملء النموذج إذا لم تكن هذه الوثائق بحوزته.
وأنهت استعراضها بأمثلة أخرى تبيّن ما يعزز أو يحول دون تطبيق شامل للهوية في الواقع.
اليوم الثاني
قوة الشعار.. تعزِّز المهمة!
وفي اليوم الثاني تحدث مدير المحترف السعودي كميل حوَّا عن دور الشعار ومكانته في العملية الشاملة المسمَّاة «براندينغ»، فقال: إن تصميم الشعار، أي اللوجو، هو تصميم لشعار واحد وليس عدة خيارات، كما تجري العادة. فحين ينجح المصمِّم في أن يسبر كنه المؤسسة أو المناسبة أو المنتج، وتتكون لديه صورة ملموسة عن ماهيتها ويحوِّل هذا الإحساس إلى شعار، يكون حينئذ بشكل أو بآخر قد حقق النتيجة المثلى. ولن يستطيع أن يحمل نفسه على تصميم شعار آخر.
ونسمع كثيراً أن الشعار أو الهوية البصرية ليست هي «البراندينغ». وهذا صحيح. لكن لا شك أن هذه المهمّة تكون أسهل، وأكثر فاعلية، بوجود شعار جذاب ومؤثّر. فحولنا شعارات كثيرة تثير عند رؤيتها مشاعر الإعجاب والثقة وهذا أهم ما تحققه عملية البراندنج على المدى البعيد.
وتحدث عن عملية التصميم، وكيف يجب أن يأخذ المصمم الوقت في البداية للتفكير والتأمل والدراسة. وعدم البدء برسم الاسكتشات الأولية إلا حين يشعر أنه أصبح لديه بالفعل شيء يقوله. وكيف أن رسماً عفوياً بسيطاً قد يتحوّل إلى شعار موفَّق.
العلامة التجارية في السوق بين الشكل والفعل!
بعد ذلك، تحدث وليد أبو الريش عن العلاقة بين العلامة التجارية وطبعة العمل ومستوى نجاحه. فتطرق إلى ثلاث وجهات نظر:
• من يظن أن الهوية البصرية أو العلامة التجارية هي التي تدفع المنتج إلى الأمام
• ومن يظن أن المنتج هو الذي يدفع العلامة التجارية إلى الأمام
• ومن يظن أن المستهلك أو الزبون هو من يدفع بالاثنين إلى الأمام.
وأكد أن طرح السؤال أيهما يأتي أولاً العلامة التجارية أو منتجها ليس صحيحاً. فالغاية في العلاقة بين العلامة التجارية ومنتجها. فالناس يبدأون بفكرة مبتكرة حيادية، تحتاج لأن تتحوَّل إلى عمل تجاري يقدّم للجمهور على شكل خدمة أو منتج أو التزام ما. وتجاوب الناس أو الزبائن مع هذا يحدِّد مصير هذه الفكرة، وما إذا كانت بدأت تتبلور إلى علامة تجارية ناجحة (brand) أم لا.
ففي البداية ما يتم تقديمه للناس كمنتج أو خدمة هو المسؤول الأول عن قوّة الدفع للعلامة التجارية. إلا أنه مع الوقت، لا بدَّ من تجديد وتطوير العلامة التجارية وكل الهويّة البصرية (الشعار والحروف والألوان وتطبيقاتها)، لتصبح الهوية هذه أو «البراند» هي المسؤولة الأولى عن عملية المحافظة على النجاح ومستقبل المنتج أو الخدمة وليس العكس.
تم طرح ست خلاصات، أهمها أنك حين تبني العمل فأنت تبني العلامة أو الشهرة التجارية. وأعطى أمثلة على ذلك مجموعة «ستار باكس». كما أنه لا يمكن المحافظة على مكانة العلامة التجارية على حساب عمل سيئ أو باطل، ومثالاً على ذلك كيف فقدت شركة كوداك بسرعة سمعتها المميّزة عالمياً، بسبب تأخرها عن أخذ قرارات صائبة.
وخلص أبو الريش في كلمته إلى إبراز قيمة بناء علامة تجارية قوية. فهذه العلامة تعكس قيماً حقيقية، ولها أدوار إيجابية شتى، إذ تخفّض الحاجة إلى الإنفاق الإعلاني على المدى البعيد، لأنها تأتي بالزبون إلى البائع، وتزيد من جاذبية الشركة التوظيفية، وتساعد على مقاومة فترات الركود الاقتصادي، وأخيراً تعزز قدرة الشركة على بيع منتجات فرعية أخرى، وذلك بناءً على سمعتها بين الناس.
مصطلحات
– عدة العمل tool kit
بناءً على مفهوم البراندينغ تصبح جملة التصاميم التي تم تطويرها بدءاً بشعار الشركة والألوان والحروف المختارة… الخ، إضافة إلى العبارات الترويجية والتوجهات وغيرها، عدة العمل التي يستعين بها ويستخدمها من يتولّون المهمة الشاملة.
– الإيضاح والتوجيه briefing
بشكل عام هو ملخص توجيهي يوجز المعلومات والأفكار التي يقدِّمها صاحب مشروع لجهة تنفيذية في بداية العمل، والتي تتم أحياناً في جلسة تتخللها أسئلة استيضاحية من الفريق المطلوب منه إنجاز المهمّة. وتُعد أساساً يتم الرجوع إليه بُعيد التنفيذ لقياس مدى التزام المنفّذ بالتوجيهات والإيضاحات التي تم تقديمها.
والنتيجة في اليوم التالي
أفكار وعناصر ذكية صالحة للمناقشة
بعد توزيع الطالبات المشاركات في الورشة إلى ثماني مجموعات، تم توجيه كل مجموعتين نحو واحد من طلبات العملاء الأربعة، تعزيزاً للمنافسة، وإظهاراً للاختلاف في التوجهات التي يمكن لكل فريق أن يسلكها مقارنة بالفريق المنافس.
وفي المرحلة الأخيرة من الورشة في اليوم التالي، وبعد أن عملت الطالبات على وضع العلامات التجارية المطلوبة مساءً وليلاً وخلال الاستراحات، تم عرض ما توصَّل إليه كل فريق على حدة.
ولأن وضع أي علامة تجارية في شكلها النهائي والمتكامل يتطلب في الواقع وقتاً أطول من ذلك بكثير، كان من المتوقع أن تكون نتائج مجهودات فرق العمل هذه جزئية أو أولية، بحيث تعبِّر عن فهم أفضل لماهية العلامة التجارية، وعن صحة التوجه. وهذا ما تأكد عندما راحت الطالبات يعرضن أفكارهن وتصوراتهن لماهية العلامات التجارية الملائمة لهذه المشاريع الأربعة.
وخلال قيام الطالبات بعرض ما توصلن إليه، الذي تراوح ما بين صورة المترو مرسومة بالكلمة، وشجرة سدر، وإطلاق اسم «همة» على برنامج البنك السعودي الهولندي، وتفسير اعتماد اللون البني في اسم مواكب الأجر وغير ذلك.. عرضن في الوقت نفسه مكامن الصعوبات التي واجهنها، وأيضاً رأيهن في الورشة.
ومن هذه الملاحظات وغيرها كثير التي رافقت عرض المشاريع، يتأكد لنا أن ورشة العمل هذه حققت بالفعل ما هو مرجو منها، إذ شكَّلت بالنسبة إلى الطالبات المشاركات، اختباراً عملياً، هو الأول من نوعه في مواجهة العملاء.
الشعارات التي تم تصميمها في الورشة
1 من أقوال الفريق الذي عمل على مشروع مترو جدة: «إن الورشة عزَّزت قدرتنا على التركيز وإنهاء العمل بسرعة وفاعلية. كما اكتشفنا للمرة الأولى كيف يتم العمل الحقيقي. لقد بات بإمكاننا أن نضع أنفسنا مكان العميل لفهم ما يمثله هذا القطاع بالنسبة له، وكيف يمكننا أن نعطي الصورة الحقيقية عنه».
2 ومن الفريق الذي عمل على مشروع محمية «محازة الصيد»:
«واجهنا صعوبات في البداية، ولكن استفدنا من المحاضرات ومن ملاحظات الذين مرُّوا بجانبنا».
3 ومن الفريق الذي عمل على مشروع برنامج البنك السعودي الهولندي: «أكبر التحديات التي واجهتنا كانت تحديد شخصية البرنامج من خلال إيجاد مفردات تعبِّر عن الطابع الشبابي المتخصص لهذا البرنامج، وكيفية ربط اسمه بصرياً بشعار البنك».
4 وتقول الطالبات اللائي عملن على شعار «مواكب الأجر»: «التحدي الأكبر في هذا الشعار كان إصرار العميل على إبقاء الجَمَل كعنصر أساسي في الشعار. فكان علينا كتابة الاسم بشكل جديد يعكس هوية الجمعية واستعمال قافلة الجِمال كعنصر جرافيكي منفصل»