ماذا لو؟

ماذا لو لم يكن للأرض قمر؟

وطّد البشر على مر العصور علاقة وثيقة مع القمر. إن تأثير هذا التابع الفضّي متعدد الوجوه واضح على حضارتنا المختلفة، سواء في الاستعانة بأطواره في التقويم، أو دوره في المد والجزر وعلاقة ذلك بالملاحة العالمية. لكن دعونا نتخيل كوكبنا الأرض من غير قمر يدور حولها.
بطبيعة الحال، ستكون ليالينا أكثر ظلمة ولن يكون «قمر أربعة عشر» مصطلحاً منتشراً في لغات البشر.
في الواقع، يعتقد بعض العلماء أنه لولا القمر لما كانت هناك أي حياة على وجه الأرض. وتفسير ذلك يرجع إلى تاريخ تكون كل من الأرض والقمر.
تكونت الأرض قبل حوالي أربعة بلايين سنة. ويرجِّح العلماء أن القمر تكون بعدها بثلاثين إلى أربعين مليون سنة. في تلك الفترة من عمر الأرض كان سطحها عبارة عن محيط واسع من الحمم البركانية. ولم تكن توجد أي يابسة ولا ماء. وكان القمر على بُعد عشرين إلى ثلاثين ألف كيلومتر فقط من سطح الأرض.
أثر القمر على الأرض في ذلك الوقت اعتمد على عدة عوامل، فقرب القمر من الأرض لعب دوراً في سرعة تبريد سطح الأرض. وذلك عن طريق قوى المد والجزر التي مارسها القمر على الحمم البركانية. مما أضاف إلى الطاقة الحرارية الناتجة عن الإشعاع النووي من العناصر في باطن الأرض، وأثَّر على تكوين سطح كوكبنا أثناء تبريدها. ولأن قوى المد والجزر تؤثر على السوائل أكثر من الجوامد، فلو اختفى القمر عنا فجأة فسيتحرك كثير من مياه المحيطات من حول خط الاستواء نحو القطبين. ويُرجِّح العلماء أن تأثيراً مماثلاً سيكون عاملاً مهماً في تكوين سطح الأرض أثناء تيبس الحمم البركانية السائلة.
أحد أهم أوجه علاقة القمر بالأرض حالياً هو في كون القمر مثبِّتاً لميل محور الأرض على زاوية ثلاثة وعشرين ونصف. ومما لاحظه العلماء عن كواكب عطارد والزهرة والمريخ أن محاورهم أقل ثباتاً من محور الأرض. وذلك لعدم وجود قمر، كما في حال عطارد والزهرة، أو لصغر حجم القمر مقارنة بكوكبه كما في حال المريخ. فعلى سبيل المثال، تتغير زاوية ميل المريخ بين خمس عشرة إلى خمسٍ وثلاثين درجة على مر السنين. ولولا وجود قمرنا بموقعه وحجمه الحاليين لكان هذا حالنا. ولكانت مواسم السنة متغيرة على مر العصور، ولكان تطور الحياة على وجه الأرض سيأخذ منحىً مختلفاً.
أخيراً.. من المعلوم أن طول اليوم يقصر بمعدل جزء من الميللي ثانية في السنة. يحسب علماء الجيوفيزياء أن وجود القمر وتأثيره على حركة المحيطات وبالتالي على معدل دوران الأرض قد قلل من هذا المعدل. ولولا وجود القمر لكان طول اليوم من ست إلى ثماني ساعات بدلاً من أربع وعشرين ساعة مما يعني أن سنة الأرض كانت ستتكون من ألف ومئة يوم إلى ألف وأربعمائة يوم.

أضف تعليق

التعليقات