بعد نحو خمسة وعشرين قرناً من اعتماد الإنسان على السُكَّر ضمن سلته الغذائية، واعتياده على استهلاكه حتى حدود الإفراط في بعض الأحيان بسبب جاذبية طعمه، تتجه حراب العلماء والمختبرات اليوم ضد السُكَّر، حتى إن بعض هؤلاء يذهب إلى حد تسميته بـ «السم الأبيض». المهندس أمجد قاسم يعرض الجوانب المختلفة للمسائل التي يثيرها السُكَّر، انطلاقاً من التحديات التاريخية التي واجهها إنتاجه، وصولاً إلى المُحليات الصناعية التي تسعى إلى الحلول محله، نتيجة للتحذيرات الكثيرة من آثاره الجانبية على الصعيد الصحي.
عرف الإنسان السُكَّر منذ القدم، وقد حصل عليه من نبات قصب السُكَّر، الذي يعتقد أن موطنه الأصلي غينيا الجديدة جنوب غرب المحيط الهادي. ومنها انتقل في عام 500 قبل الميلاد إلى الهند وجنوب الصين، ثم انتشرت زراعته في تلك المناطق.
وبحلول عام 500م، عرفت بلاد الفرس ومصر قصب السُكَّر. ثم أسهم العرب في زراعته في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وفي عام 755م نقلوه إلى الأندلس، ثم انتشرت زراعته في بعض المناطق الأوروبية. وفي عام 1493م نقل المستكشف كريستوفر كولومبوس قصب السُكَّر إلى العالم الجديد، ثم حمله الإسبانيون والبرتغاليون إلى أمريكا الاستوائية وجزر الهند الغربية. ونظراً لتوافر الظروف المناخية المناسبة ووفرة المياه، انتشرت زراعة قصب السُكَّر بشكل كبير في البرازيل وكوبا وبعض دول أمريكا الجنوبية.
وقد اهتم الإنسان عبر تلك الحقب التاريخية بزراعة قصب السُكَّر، لإنتاج مادة حلوة المذاق هي السُكَّر، وكلمة سُكَّر مشتقة من السنسكريتية القديمة «Sakkara» وتعني الرمل الحلو، أما كيميائياً فتعرف باسم السكروز Sucrose وهي من السكريات الثنائية، وتتكون من سكري الجلوكوز Glucose والفركتوز Fructose.
ويُعد السكروز من أهم المُحليات الطبيعية، التي استخدمها الإنسان كمادة غذائية على شكل بلورات وحبيبات صغيرة، أو على شكل محاليل سكرية سائلة، ويبلغ متوسط ما يستهلكه الفرد في الدول الصناعية حوالي 30 – 40 كغم من السُكَّر سنوياً.
وقد حصل الإنسان في البداية على مادة السكروز أو السُكَّر الأبيض من قصب السُكَّر، وفي عام 1747م تمكن الكيميائي الألماني أندرياس مارجراف، العضو في أكاديمية العلوم في بروسيا من استخلاص السكروز من البنجر (الشمندر). وفي عام 1813م، ونظراً للحروب والصراعات التي شهدتها أوروبا وتعذر الحصول على السُكَّر من مصادره الخارجية، بدأت كل من ألمانيا والنمسا وفرنسا بالحصول على هذه المادة الغذائية المهمة من البنجر. ثم تم تحسين نبته البنجر وراثياً، واستزراع أنواع محددة ذات محتوى عالٍ من السكروز. ويعد الباحث الزراعي لويس فيلموران من أبرز من اهتموا بتحسين البنجر. وتبعه عدد من الباحثين الذين تمكنوا من استنباط وتحسين نبات البنجر بحيث يعطي كميات كبيرة من السكروز.
وتقدر الدراسات أنه يتم الآن الحصول على %60 من السكروز من قصب السُكَّر والباقي من البنجر، وقد شجع على ذلك كون نبتة البنجر من المحاصيل النباتية التي تستطيع أن تنمو في المناطق المعتدلة، والمعتدلة الباردة والتي تناسب مساحات كبيرة من أوروبا، عكس قصب السُكَّر الذي يتطلب ظروفاً مناخية مغايرة أهمها الدفء.
إنتاج السُكَّر من قصب
السُكَّر ومن البنجر
يُعد قصب السُكَّر من النباتات المدارية وشبه المدارية. ويتفاوت تركيبه الكيميائي تبعاً لنوعه وللمنطقة الزراعية التي يزرع بها، والظروف المناخية. ويظهر الجدول رقم (1)، المكونات الأساسية لقصب السُكَّر، الذي تقطع سيقانه بعد نضجها وغسلها لإزالة الأتربة منها تمهيداً لاستخراج السُكَّر منها. ثم تهرس ويضاف إليها كمية من الماء، ثم تفصل العصارة السائلة عن المواد الصلبة التي يتم الاستفادة منها لاحقاً لتغذية الماشية وصناعة بعض المواد العازلة كمادة كالسلوتكس ومادة الفوفورال.
أما العصارة السائلة، والتي تحتوي على المواد السكرية، كالسكروز والجلوكوز والفركتوز وكذلك بعض الأملاح المعدنية والأحماض العضوية والسكريات العديدة، فتتم معالجتها والتخلص أولاً من المواد الطافية بواسطة مناخل خاصة، ثم تفصل المواد العالقة بترسيبها بواسطة الجير Ca(OH)2، ويتم قصر اللون بواسطة ثاني أكسيد الكبريت SO2 (عملية الكبرتة)،أما إزالة الجير الزائد فتكون باستخدام ثاني أكسيد الكربون (الكربنة)، وفي العادة يتم الحصول على الجير وعلى ثاني أكسيد الكربون، عن طريق حرق كربونات الكالسيوم.
وقد دلت التجارب أن تسخين المزيج السابق إلى نحو 80 درجة مئوية، يعطي أفضل نسبة استخلاص للسُكَّر، علماً بأن ثاني أكسيد الكبريت يعمل أيضاً على تقليل لزوجة المزيج ومعادلة الزيادة في الجير المضاف.
وبعد فصل الرواسب، يتم تسخين العصارة لخفض محتواها من الماء من %85 إلى %40، في أوعية مفرغة لمنع احتراق السُكَّر، حيث يتحول لونها إلى أصفر شاحب ويصبح قوامها لزجاً، وبذلك تصل إلى درجة الإشباع، وعندها تضاف بعض بلورات السُكَّر إلى المزيج، حيث يترسب عليها السُكَّر، والذي يفصل لاحقاً بواسطة آلات الطرد المركزي، أما المحلول السائل المتبقي فيدعى «بالمولاس» ويستخدم لإنتاج أغذية للمواشي وحامض الستريك.
التكرير والتبييض
بعد تلك المرحلة، تبدأ عملية تنقية السُكَّر وتكريره وتبييضه والتي طورها العرب بين القرنين 7 و9 للهجرة، وتهدف إلى فصل المواد غير السكرية المتبقية في السُكَّر الخام. وكذلك لإزالة اللون. فتذوَّب بلورات السُكَّر في ماء ساخن، ثم يضاف إليها الجير وتيار من بخار الماء، ويمرر المحلول في أسطوانات تحتوي على فحم العظام النشط، وينتج عن هذه العملية تكون لبلورات من السُكَّر النقي، وتعمل هذه العملية على إزالة الفيتامينات والمعادن والمغذيات الأخرى المهمة لنمو الإنسان وصحته.
ونظراً للزيادة العالمية الكبيرة في استهلاك السُكَّر، تم استخدام البنجر وطورت طرق خاصة لاستخلاصه، وتُعد كل من فرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا وبعض دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، من أشهر البلدان في زراعة البنجر.
وقد بدأت زراعته في بعض الدول العربية خلال النصف الثاني من القرن الماضي. ففي عام 1946م تمت زراعته في سوريا وفي عام 1950م في لبنان، وفي عام 1957م بدأت كل من الجزائر والمغرب وتونس في زراعته، وبحلول عام 1974م تم إنتاج كميات لا بأس بها من البنجر في مصر. وتدل الدراسات الصادرة عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية، أن زراعة البنجر قد احتلت 114.7 ألف هكتار خلال الفترة 1985 – 1995م في الوطن العربي وتعادل هذه المساحة نحو %35 من إجمالي مساحة الأراضي المخصصة للمحاصيل السكرية في الدول العربية.
ويُعد البنجر المصدر الثاني لإنتاج السُكَّر بعد قصب السُكَّر، وهو نبات ثنائي الحول، حيث تتكون في السنة الأولى الجذور وفي السنة الثانية يتكون الساق والأزهار، ومن أجل إنتاج السُكَّر، يتم استخدام الجذور الناتجة في السنة الأولى، حيث تُنظَّف وتُغسل وتقطَّع في معامل خاصة باستخدام شفرات آلية حادة، ويستخلص السُكَّر منها بواسطة الماء الساخن، وتكرر هذه العملية عدة مرات لاستخلاص كامل المواد السكرية الموجودة في تلك الجذور.
وبعد الانتهاء من هذه المرحلة، يتم الاستفادة من تلك المخلفات كعلف للماشية، أما العصير السكري المتكوِّن، فتتم تنقيته على مرحلتين، في المرحلة الأولى تتم إضافة الجير وثاني أكسيد الكربون مع التحريك لمدة ساعتين، ثم الترشيح لفصل الشوائب، ويعقب ذلك تمرير غاز ثاني أكسيد الكربون في المحلول المتكون من أجل التخلص من الجير الزائد وترسيبه.
ومن أجل إزالة المواد الملونة والتخلص من أملاح الكالسيوم، يعامل العصير بغاز ثاني أكسيد الكبريت. وبعد الترسيب، يغلى المحلول ثم ترشح الرواسب تحت الضغط وفي المرحلة الثانية يركز العصير بالتبخير وتحت ضغط منخفض، ثم يخضع الناتج لعملية البلورة.
الصفات الفيزيائية والكيميائية للسُكَّر
تنتمي السكريات إلى المواد العضوية الكربوهيدراتية، وهي تتركب من الكربون والهيدروجين والأكسجين، ويُعد «السكروز» من أهم المواد السكرية، وهو سُكَّر ثنائي شأنه شأن اللاكتوز الموجود في الحليب، والمالتوز الناتج عن النشا، ويتحلل ويتفكك في المحاليل المائية وبتأثير الحوامض المعدنية أثناء عملية الهضم إلى جزأين من السُكَّر الأحادي هما الجلوكوز والفركتوز.
وتتميز بلورات السكروز، بشكلها الهندسي وبكثافة نسبية قدرها 1.5879. ويذوب السكروز في الماء بكميات كبيرة، ويزداد ذوبانه مع زيادة درجة الحرارة، فعند درجة حرارة 20 مئوية يذوب 1.994 كغم من السُكَّر في كيلوغرام من الماء، أما عند رفع درجة الحرارة إلى 80 درجة مئوية، فيذوب 3.705 كغم من السُكَّر في كل كيلوغرام من الماء. ومحلول السُكَّر، يتخمر بفعل بعض البكتيريا ويتفكك إلى جلوكوز وفركتوز ثم يتحول إلى كحول وحامض كربوكسيلي في مرحلة تالية.
كذلك، فإن السكروز لا ينحل في كل من كحول الإيثانول أو الكلوروفورم أو رابع كلوريد الكربون، كما أن الأكسجين يؤثر عليه بشكل بسيط في الوسط القلوي وعلى درجة 80 مئوية، أما عند تسخينه بشكل مباشر على اللهب، فإنه يتحطم بشكل كامل.
وبالإضافة إلى استخدامات السكروز كمادة غذائية واسعة الانتشار، يتم استخدامها أيضا وعلى نطاق واسع في بعض الصناعات، كصناعة إنتاج الغليسرين وإنتاج حامض الأستيك وحامض الليمون وغيرها من المركبات الكيميائية المهمة. ويتم قياس درجة نقاء السُكَّر المنحل في الماء بوحدة الايكومسا International Commission Uniform Methods Of Sugar Analysis ICUMSA، وهي وحدة ترتبط بلون السُكَّر، وقد نص عدد من المواصفات القياسية لعدد من الدول، أن لون السُكَّر يجب ألاَّ يقل عن 60 وحدة ايكومسا.
المضار الصحية للسكروز
يُعد السكروز من أكثر المحليات انتشاراً، وتُعد حلاوته أداة قياس للحلاوة، وتعطى الرقم 1 كدرجة. وتتفاوت بقية السكريات في حلاوتها، فسُكَّر الفركتوز ذو درجة حلاوة أعلى من السكروز، بينما الجلوكوز ذو درجة حلاوة أقل.
تعمل السكريات على تزويد جسم الإنسان بالطاقة اللازمة بشكل مباشر، وبالطاقة الضرورية لبعض الخلايا، التي يتم امتصاصها بشكل سريع، كما تكسب المنتجات الغذائية نكهة ومذاقاً مميزاً تجعلها محببة لدى غالبية الناس.
ويتميز السكروز بإنتاجه الكبير عالمياً، ورخص ثمنه، وعدم وجود عراقيل قانونية في إنتاجه وتسويقه. ورغم الانتشار الواسع لتلك المحليات، إلا أن مخاطرها المحتملة على صحة الإنسان، أصبحت من أهم القضايا الصحية والطبية التي تشغل بال عدد كبير من الباحثين.
ففي عام 1978م عقد في هلسنكي مؤتمر لمناقشة ذلك، وخصوصاً بعد أن أكدت الدراسات وجود علاقة بين تناول السكروز وزيادة الوزن وتسوس الأسنان وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب، كما أن تلك المُحليات تزوِّد جسم الإنسان بما يطلق عليه السعرات الفارغة (Empty Calories).
وبالرغم من أن السُكَّر مهم لإنتاج الطاقة لجسم الإنسان، إلا أن طعمه الحلو يعطينا شعوراً لا يقاوم بتناول المزيد منه وخصوصاً لدى الأطفال. وتكمن المشكلة الرئيسة في تناول كميات كبيرة منه تتجاوز مقدرة أجسامنا على التعامل معها. فالبنكرياس هو المسؤول عن هضم السكريات، بيد أن هذا العضو له قدرة محدودة على التعامل مع الكميات الكبيرة من السكريات التي يتناولها الإنسان في حياته، بحيث أن أي خلل في عمل البنكرياس سيؤدي الى حدوث مرض السكري المبكر، وبالتالي تتأثر بقية أعضاء الجسم كالبصر والكلى والقلب والمفاصل والعظام جرَّاء هذا الخلل الوظيفي الخطير.
لقد ذهب عدد كبير من الباحثين إلى إطلاق اسم «القاتل الحلو» أو «السم الأبيض» على السكريات، بعد أن تبيَّن لهم المخاطر الجمة التي يمكن أن تنجم عنها. ويمكن للإفراط في تناول السُكَّر الأبيض النقي أن يؤدي إلى تأرجح مستوى سُكَّر الدم، وبالتالي تضعف المناعة عند الإنسان، وهذا يتسبب بدوره في حدوث التوتر وتشتت التفكير، وإعاقة الجسم عن محاربة الأمراض، وخصوصاً مواجهة الفيروسات والبكتيريا الانتهازية، وهذا يزيد من ظهور الأمراض ذات الصلة بنقص المناعة، كالتهاب المفاصل والحساسية وغيرها.
وتدل الدراسات الطبية على أن معظم الأمراض المرتبطة بالسمنة وبالشيخوخة المبكرة، قد تكون ذات علاقة مباشرة بزيادة استهلاك الكربوهيدرات التي تتحول في الجسم إلى دهون. كما أن عملية زيادة عملية الأيض، لها تأثير عكسي، وتتسبب في حدوث أمراض تنشأ عن إثارة بعض الهرمونات كالأنسولين والكورتيزون والأدرينالين.
إن تراكم الدهون في الجسم، لا يتسبب في السمنة فحسب، بل يمكن أن يكون له علاقة بحدوث بعض أمراض القلب وأمراض المناعة والسرطان ومشكلات طبية معقَّدة في الجهاز الهضمي، وارتفاع ضغط الدم.
كما وجد عدد من الباحثين أن مادة السكروز، وعند الإفراط في تناولها قد تؤدي إلى تقليل نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الجسم، وهذا يتسبب في حدوث هشاشة العظام، كما أن زيادة هذه المادة الغذائية يؤدي إلى زيادة الحامضية الفموية، مما يسفر عنه نخر وتسوس للأسنان والتهاب اللثة وخلل واضح في التوازن الهرموني الأنثوي والذكري في الجسم، كما قد يؤدي إلى زيادة نشاط الأطفال وفقدهم القدرة على التركيز ويعقب ذلك دوران وخمول وتبلد.
من جهة أخرى، يؤكد خبراء التجميل على وجود علاقة مباشرة بين الإفراط في تناول السُكَّر وشيخوخة البشرة وفقدانها لحيويتها، ويعزون ذلك إلى عملية الجلوزة (Glycation) التي تجري داخل الجسم، حيث يتحد السُكَّر الموجود في الدم مع بعض البروتينات فيه، وينتج عن عملية الاتحاد هذه، جزيئات ضارة تدعى المنتجات المتقدمة للجلوزة Advanced Glycation End products AGEs. وتسبب هذه الجزيئات بتلف بروتين الكولاجين وبروتين الإيلاستين المسؤولين عن مرونة الجلد ونضارته، حيث يصبحان جافين وهشين. وينجم عن هذا ظهور تجاعيد مبكرة في البشرة وارتخاء في الجلد، وزيادة تأثره بالأضرار الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس، مما يسرع في شيخوخة البشرة خلال عمر زمني قصير نسبياً.
المحليات الصناعية بين الإجازة والمنع
نظراً للمخاطر الصحية المحتملة للسكريات الطبيعية وعلاقتها المباشرة بزيادة السعرات الحرارية في جسم الإنسان والتسبب بالسمنة وغيرها من المتاعب الصحية، وأيضاً تعذر تناولها لمن يعانون من مرض السكري، تم إنتاج مجموعة كبيرة من المحليات الصناعية، تتسم بحلاوتها العالية وتفتقر للسعرات الحرارية.
ويُعد السكارين Saccharin الذي اكتشف في عام 1879م أول محلي صناعي عرفه الإنسان، تفوق حلاوته السُكَّر العادي بحوالي 300 مرة. وفي عام 1937م تم اكتشاف «السيكلاميت» (Syclamate)، وفي عام 1965م اكتشف المحلي الصناعي «الاسبارتام» (Aspartame) من قبل الكيميائي جيمس شلاتر، والذي تبلغ حلاوته 200 ضعف السكروز.
والمُحليات الصناعية لا يتم تمثيلها داخل جسم الإنسان، كما أنها لا تتسبب بتسوس الأسنان ولا تعطي سعرات حرارية للجسم. وبالرغم من استخدام المحلي الصناعي السكرين منذ سنوات طويلة، إلا أن الأبحاث بينت وجود علاقة بين تناول كميات كبيرة منه والإصابة بسرطان المثانة لدى فئران التجارب، وبالتالي منعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تداوله في الأسواق في عام 1977م. ولكن لعدم وجود أبحاث مؤكدة على الإنسان تبين مخاطره الصحية، سمح بتداوله في عام 1991م ثم أعيد منعه في عام 1997م.
من جانب آخر فقد ثبتت قدرة المحلي الصناعي الاسبارتام على التسبب بعدد من المشكلات الصحية لدى بعض الأفراد، حيث يحتوي على الحامض الأميني فينيل ألانين، ويستلزم تخليص الجسم من هذا الحامض وجود إنزيم يحول هذا الحامض إلى حامض أميني آخر يدعى التيروسين، لكن إصابة بعض الأشخاص وراثياً بمرض «الفينيل كيتون يوريا» Phenylketonuria PKU، يؤدي إلى تراكم هذا الحامض في الدم، مما يؤثر على أداء الدماغ لدى هؤلاء الأفراد، كما تنجم عنه اضطرابات في النوم ومزاج سيء ومشكلات في الجهاز العصبي.
إن الاستعاضة عن السكروز بالمُحليات الصناعية، محفوف بمخاطر صحية متعددة، وخصوصاً عند تناول الأفراد لتلك المواد بمقادير أعلى مما هو منصوص عليه في لوائح الأغذية الدولية، أو في حال إصابة هؤلاء الأشخاص بأمراض وراثية معينة.
ولذا، وفي البحث عن أفضل الحلول الممكنة لقضية السُكَّر وحاجة الإنسان إليه، يبقى الاعتدال في استهلاكه على قمة هرم النصائح التي يقدمها المختصون. وعندما يتعلق الأمر بالسُكَّر، يصبح لكلمة الاعتدال معنى خاصاً يكاد يقول: «الإقلال منه قدر الإمكان، والاعتماد أكثر فأكثر على السُكَّر الطبيعي الموجود في الفاكهة».