أليساندرو جوسيبي ڤولتا، هو الفيزيائي الإيطالي الذي تُنسب إليه وحدة قياس فرق الجهد الكهربائي (الڤولت)، وهو المبتكر والعالِم الذي ندين له اليوم بكثير في عصر الطاقة الكهربائية، لكونه أول من صنع بطارية لها القدرة على تخزين الطاقة وإمدادنا بالتيار الكهربائي، فضلاً عن عديد من الأفكار المهمة على صُعد الفيزياء التجريبية.
وُلد ڤولتا في كومو الإيطالية في 1745م، ومنذ مراهقته اهتم بدراسة الظاهرة الكهربائية التي كانت معروفة آنذاك إنما دون تفسير علمي واضح. كانت الظواهر الكهربائية البسيطة آنذاك، مثل فرك مسطرة زجاجية مراراً وتحريكها لقصاصات الورق عن بُعد تستخدم كخدع لإبهار العامة. وكان ثمة اعتقاد في الوسط العلمي نفسه بأن الكهرباء مصدرها الجسم الحي في الأساس.
عكف ڤولتا خلال عقدين من الزمن على تفنيد الأفكار الخطأ الخاصة بالطاقة الكهربائية، وعلى وضع تصورات مبنية على التجريب العلمي بخصوص الشحنات الكهربائية وانتقالها بين المواد، وكذا ظاهرة «التأين» أو انتقال الشحنات الموجبة أو السالبة من وإلى ذرات العناصر.
أجرى ڤولتا تجارب دقيقة وشاملة لقياس موصلية جميع المعادن المعروفة آنذاك. كما قادته ملاحظاته إلى الافتراض الصحيح بخصوص موصلية المحاليل ضمن النسيج الحي. فوضع بالنتيجة تصنيفاً للموصلية شمل المعادن والسوائل كذلك. ولأن تجارب ڤولتا كانت غير مسبوقة، فقد كان مقياسه لتحديد قوة الموصلية بدائياً، فكان يلمس أقطاب الدارات الكهربية البدائية بلسانه ويحكم على مستوى الموصلية بحسب قوة الصدمة التي يتلقاها!
الحقيقة أن مفهوم الأقطاب هذه كان ممَّا وصفه ڤولتا بشكل دقيق. فضلاً عن تصوره لفرق الجهد الكهربي بين الأجسام المشحونة الذي هو اليوم في صميم فهمنا لأي دائرة كهربائية.
إن فرق الجهد الموجود بين طرفي البطارية مسبقاً ناتج عن وجود طرف غني بالإلكترونات السالبة (نسميه القطب السالب) وآخر يفتقر لهذه الإلكترونات، ويُعد موجباً مقارنة بالطرف الآخر (لذا نسميه القطب الموجب). وعند وصل سلك موصل بين القطبين تنتقل إلكترونات القطب السالب إلى القطب الموجب (تماماً كما ينتقل الماء من الخزان المرتفع إلى الصنبور المنخفض). ويعبِّر مفهوم فرق الجهد عن قابلية الإلكترونات للانتقال في هيئة تيار كهربائي من جهة إلى أخرى أو من قطب إلى آخر، حتى وإن لم تكن هناك مادة موصلة بين القطبين.
استناداً لهذا الفهم، وبناءً على تجاربه التي كشفت له قدرة الأوساط الحمضية على رفع مقدار الموصلية بين قطبين معدنيين، صنع ڤولتا حوالي العام 1800م أول بطارية مكوّنة من أقراص من معدني الزنك والنحاس خلق بينهما فرق جهد مرتفعاً يمكن استخراجه لاحقاً على هيئة تيار كهربائي. وعُرف هذا الابتكار باسم «عمود ڤولتا» وهو الجد الأول لكل البطاريات التي نستخدمها في عدد لا نهائي من الأجهزة والمعدات ووسائل المواصلات التي نعرفها اليوم.
نال الابتكار أعلى درجات التكريم العلمية من الجمعية الملكية البريطانية، قبل أن يستضيفه بلاط نابليون بونابارت الذي خلع عليه لقباً ومنحة كذلك.
وشهد عصر الكهرباء انطلاقة عُظمى بعد ڤولتا بفضل ابتكارات عباقرة آخرين مثل تسلا وإديسون. لكن أفضال أبحاث ڤولتا لم تُنس. فتم اعتماد اسمه محوراً (الڤولت) وحدة معيارية لقياس فرق الجهد الكهربائي بين نقطتين في دائرة كهربائية يعبرها تيار مستمر ثابت مقداره 1 أمبير، عندما تتبدد قدرة مقدرها 1 واط بين هاتين النقطتين.