حين داهم طوفان تسونامي اثنتي عشرة دولة، فجر السادس والعشرين من ديسمبر الماضي، انفتحت شهية وسائل الإعلام، في كلّ دول العالم، لتتعامل مع الكارثة الطبيعية الهائلة بحماسة مبرّرة بما أفاق عليه العالم من دمار شامل وأرقام مخيفة في عدد الأرواح التي أُزهقت في حدث من أحداث الطبيعة لم يستمر إلا دقائق معدودة..!
انجرّت وسائل الإعلام نحو الحقائق والشائعات، القصص والتوقعات، النظريات والنتائج العملية في خلطة لها تأثيرها في البشر بالتأكيد.
إنه طوفان بكل ما فعل من حقائق مرعبة. والطوفان لم يأتِ من عاصفة هوجاء كما يحدث كثيراً هنا أو هناك من أصقاع الكرة الأرضية. بل أتى من قعر المحيط.. حين ارتجّ بخامس أقوى زلزال عرفته الكرة الأرضية منذ أكثر من قرن. ومع التزايد اليومي المخيف لأرقام الضحايا الموتى والجرحى والمشرّدين والتحرّك الدولي المطّرد ساعة بساعة؛ اختلط حابل النظريات العلمية بنابل الحقائق..!
بعض التوقعات ذهبت إلى احتمال تأثر محور الأرض بالزلزال المدمّر. ولم تتردد وسائل الإعلام ـ وهي معذورة ربما ـ في ترويج هذا الاحتمال، وكأن هول الكارثة سيزداد هولاً عملياً حين يرُوْج مثل هذا الكلام..!
الكارثة هائلة بحقائقها الميدانية وتداعياتها على أرض الواقع بما فيه من بشر واقتصاد وطبيعة. حتى أن الملايين من سكان الدول المنكوبة سيبقون بحاجة إلى المعونات الحياتية اليومية طوال العام الجاري. ولكن ليس إلى حدّ إقحام محور الأرض بين الضحايا..!
حين تغمس إصبعك في ماء البحر ثم ترفعه؛ فإن البحر لن ينقص من الناحية العملية، مع أن النقص قد حدث من الناحية النظرية..! هذا النقص “النظري” لا يسمح لأحد بالتهويل واعتبار ماء البحر ناقصاً. وعلى هذا يمكن قياس علاقة محور الأرض بالزلزال الذي بلغت شدته 8.9 درجات على مقياس ريختر..!
يتجاوز عمر الأرض أربعة مليارات من السنوات. وعلى امتداد عشرات الآلاف من بداية الحياة فيها، واجهت زلازل وبراكين وأحداثاً فلكية أقسى وأعنف من زلزال سومطرة بمراحل ومراحل، مثل زلزال ألاسكا في 9 يوليو 1958م الذي كان بقوة 9.5 درجات، وأحدث موجة مد زلزالي وصل ارتفاعها إلى 1720 قدماً. ولو كان محور الأرض سهلاً إلى درجة التأثر بمثل زلزال سومطرة الأخير؛ لما كان له أن يحافظ على توازنه الفلكي الذي يضبط دورة الفصول الأربعة، وفق النظام الإلهي الدقيق. لو كان المحور من السهولة بحيث يتأثر بالزلازل أو البراكين أو الشهب أو النيازك التي تدمّر وتحرق وتغرق وتنسف آثار الحياة، لكشفت الدراسات الجيولوجية والفلكية أي تغير ملموس في دوران الأرض أو اتجاه محورها.
الزلزال الذي تغيّر اسمه، في نشرات الأخبار، إلى طوفان هائل ومرعب ومدمّر.. ولكنّ محور الأرض.. بخير..!