تهاني البريكي
فنانة تشكيلية معاصرة تشدني المناظر المتغيرة التي تتبدَّل بفعل الرياح والهواء وعوامل التعرية، الكثبان الرملية في الصحاري وصوت الرياح فيها، ذلك الصفير الساحر. كما أن حركة السحب وتشكلاتها وتلاشيها تجعلني أفتح عيني على وسعهما وأغوص في ثنايا الغيوم، رقصات الأمواج و«طشيش» صوتها والزبد المتكون عند نهاياتها.. هذه المناظر المتغيرة تأسرني كثيراً، كأنها توجد مع الزمن معزوفات موسيقية طبيعية تقول الكثير وتُغني قصائد مبهمة. ولذلك أعشق الأفلام التي تصور هذه التغيرات، وأشعر معها باستمرارية الحياة في غير رتابة.
غير أن أكثر مايشدني في حياتي اليومية سطح منزلنا والحمامة التي دائماً تفي بوعدها وتأتي لتقف على ركن السطح باتجاه الشرق.. في سطح منزلنا أشعر أني في منفى آمن وحميم. وعندما تأتي الحمامة يتكون مشهدي الخاص الذي من خلاله أذهب بعيداً.. أحياناً أعود وأحياناً كثيرة أتأخر عن العودة.
محمد رضا
ناقد سينمائي يشدني كثيراً منظر الماء.. الماء الجاري في وادٍ أو في بحر أو نهر أو جدول أو حتى في حوض السباحة. الماء يسحرني كثيراً. إنه يستغرق مني ساعات وأنا أتأمله. أراقب بقعة بعينها ولا أزيح بصري عنها، بينما يشرد ذهني في البعيد. أضع كرسياً أو أجلس على الأرض عند حافة النهر أو البحيرة وأتأمل الماء وأتساءل: يا هل ترى من أين أتت تلك القطرة من الماء؟، كيف ولدت؟ هل أتت من السماء مع الأمطار وسقطت هنا؟ أم أنها خرجت من النبع؟ كم عمرها وما مصير حياتها؟ هل ستتبخر أم ستسافر إلى مصب آخر ومنه إلى بحر آخر؟ تستمر الأسئلة بداخلي: هل ستتنفس هذه القطرة سمكة وتحولها إلى أوكسجين؟ أين ستمضي بها الحياة؟.. ماذا لو كنت أنا قطرة الماء تلك؟
عائشة محمد الكاف
معلِّمة رسم وفنون تشكيلية للأطفال أحب النظر والتأمل في السماء والغيوم، ما إن أجد نفسي في مكان هادئ حتى أرفع رأسي إلى الأعلى. فإن وجدت غيوماً فإنها ستسرقني من واقعي لبضعة دقائق، أتأمل أشكالها وحركتها البطيئة ولونها الأبيض الناصع مع خلفية زرقة السماء، إنها تبدو مثل القطن المنثور على صفحة زرقاء. أحياناً تكون الغيوم محملة بالمطر ولونها داكن وهذا يثير خيالي كثيراً، فأين ستهطل هذه الأمطار؟ هل ستهطل علينا أم في مكان آخر.. السماء الزرقاء الصافية أيضاً تستهويني وتجعلني أنظر إليها ولا أزيح عنها بصري، ويدور في عقلي الكثير الكثير.
مليكة حمدي الفاسي
سيدة منزل لم أتوقع أن يسألني أحد هذا السؤال من قبل، لذلك أخذني السؤال إلى التأمل في ذاتي، أولاً للبحث عما يثير فضولي في الترقب والتأمل، ووجدت أنني مفتونة بالنظر إلى السماء والسحب. فهي تأخذني في رحلة تأمل قد تستغرق دقائق عديدة. وأكثر ما أحب، منظر السماء عندما تلتقي البحر، حيث ينقسم المنظر أمامي إلى درجتين من اللون الأزرق، الفاتح للسماء والغامق إلى البحر. هنا أجدني مأخوذة بالتحديق فيما يضمه الكون. هناك في البعيد، الكوكب والمجموعات الشمسية التي أشاهدها في أفلام التلفزيون وتتناول موضوع الكون والمجرات والفضاء الكوني الشاسع. وفي الوقت نفسه، يجعلني ذلك أتمتم بيني وبين نفسي: سبحان الله، سبحان الله، إنه منظر يذهب بعقلي إلى تخوم سحيقة وإلى تأمل عميق لدرجة أنني أصاب بالخدر والغياب عن واقعي. هذا الأمر يتكرر معي كثيراً عندما أكون في حالة صفاء نفسي وذهني.
مبارك تاج السر
حارس مدرسة هناك منظران لا أستطيع مقاومتهما : منظر الطيور التي تطير وتحط في مكان ما ، ذهابها وتحليقها ثم عودتها. والأجمل عندما يكون هناك جمع لطيور كثيرة ثم فجأة تفزّ وتطير عشوائياً في اتجاهات مختلفة وهي تطلق أصواتها في سعادة أو نداءات أو غناء. أجد في ذلك إثارة وفضولاً ما بعده فضول. لذلك ما أن أجد تجمعاً للطيور حتى أتوقف وأراقب وأشرد بخيالي معها. والمنظر الآخر الذي يجذبني منظر الأطفال، مجموعات الأطفال عندما يلعبون أو لحظة خروجهم من المدرسة، ركضهم وفوضاهم وحركتهم وصرخاتهم، إنهم تماماً مثل الطيور، أحرار وسعداء ويستجيبون للانطلاق بلا أية كوابح أو شروط.
حسين عثمان الزين
مندوب مبيعات بطاقات أحب مراقبة السيارات. منذ كنت طفلاً، وأنا مأخوذ بمراقبة السيارات، ومنذ سبعة عشر عاماً وأنا أسكن في شقة بالدور التاسع. وهذا ما أتاح لي ممارسة هوايتي الأثيرة في مراقبة السيارات. أقف على الشرفة المطلة على الشارع الرئيس وأروح أتأمل السيارات الذاهبة والآتية. أفعل ذلك عدة مرات في اليوم، لا سيما عندما يكون هناك ازدحام بسبب مباراة كرة قدم ويعج الشارع بالسيارات. فأظل أراقبها من الطابق التاسع، وأشرد معها وأنسج قصصاً عن شخصيات السيارات. نعم شخصياتها، هكذا أتخيل أن لكل سيارة صفات إنسانية يحددها شكلها ولونها وحجمها وصوت بوقها. أراقبها كل يوم تقريباً وأسرح معها وأفكِّر في أشيائي تارة، وفي همومي تارة، وفي السيارات تارات وتارات.