ماذا لو؟

ماذا لو لم يطفُ الجليد على الماء؟

40كلنا يعلم أن الجليد يطفو على الماء. وقد استنتج أرخميدس قبل قرون أن المواد الصلبة الأقل كثافة من المادة المائعة تطفو والعكس صحيح. ما يعني أن الثلج أقل كثافة من الماء.
من ناحية أخرى، نعلم أن أحجام المواد تتمدَّد بالحرارة وتتقلَّص بالبرودة. وإذا تحوَّلت المادة من صفة سائلة إلى صفة صلبة، فإن كتلتها لا تتغير بالضرورة. وعند تحوّل الماء إلى جليد، فإن تقلّص حجم الجسم مع عدم نقص كتلته يعني ببساطة أن كثافته قد زادت. لأن الكثافة هي معدل كتلة الجسم بالنسبة لحجمه.
إذاً لماذا يطفو الجليد البارد على الماء؟ الواقع أنه ولحسن الحظ، فإن الماء وبعض المواد الأخرى – كحمض الخل والسيليكون – تشكِّل استثناءً للقاعدة، ولا ينطبق عليها قانون التمدد والتقلص. الماء بالذات يصل لأكبر كثافة (أقل حجم) عند درجة حرارة 4 مئوية. ومن المعلوم أن درجة تجمد الماء هي صفر مئوية.
فلو أن كثافة الماء واصلت الازدياد لما دون الأربع درجات مئوية وحتى درجة التجمد، فإنه وبحسب قوانين أرخميدس، لن يطفو.. وسيغرق! وسيكون لذلك تأثير كبير وجذري على الحياة في الكرة الأرضية. ببساطة سيغطي الثلج كامل سطح الكرة الأرضية. كيف، وقد قلنا للتو إن الجليد سيغرق معظمه تحت الماء؟ كي نفهم ذلك دعونا نتخيّل أن الجليد كما نعرفه ستتغير خصائصه بدءاً من الشتاء القادم.
ابتداءً، ستغرق كتلة الجليد الهائلة التي تغطي المحيط المتجمد الشمالي بأسره. وبما أن المحيط بارد شتاءً، فلن يذوب الثلج كثيراً وسيغطي قاع المحيط. وعلى مر فصل الشتاء، سيتراكم الثلج الهاطل على المحيط في قاعه. وبالنسبة للقطب الجنوبي ستحصل عملية مشابهة مع فرق كون ما تحت الثلج هناك هو قارة يابسة بدلاً من محيط. عموماً، عندما يحلّ فصل الصيف فلن يذوب الجليد المركوم في القاع، لأن حرارة الشمس لا تصل إلى أعماق المحيط. وهكذا سيظل الثلج في تراكم إلى أن يتجمد معظم المحيط ما عدا طبقة ضحلة قريبة من السطح. هذه الطبقة الضحلة سيتغيَّر عمقها بحسب فصول السنة. وسيكون هذا المحيط المتجمد بمنزلة الثلاجة التي ستبرّد كوكبنا كله بما يخلّ بتوازن الحياة عليه.
ولكننا هنا أهملنا التيارات في المحيطات. هذه التيارات مهمة في نقل الحرارة حول الأرض. من المرجح أنها ستخلق أودية تجري فيها أنهار بحرية ستكون منابعها حول البراكين الموجودة في قيعان المحيطات. وستشكّل هذه الأنهار شكل الجليد الناتج كما تشكل الرياح أشكال الجبال على سطح الأرض.
المحصلة النهائية هي موت الغالبية العظمى من الكائنات الحية البحرية بسبب الجليد والكائنات البرية التي لا تتحمل الدرجات المنخفضة. وبطبيعة الحال سيتغيّر المناخ العام للكرة الأرضية جذرياً بما فيه حركة الرياح ومستوى الأمطار لقلة تبخر الماء من على سطح المحيطات. كل ذلك لأن الجليد غرق.. ولم يطفُ.

أضف تعليق

التعليقات

ali

شِكِرَا لُكِمٌ