طاقة

أربعة أجيال من الوقود الحيوي ..
والتحديات لا تزال ضخمة

منذ فجر التاريخ، استخدم الإنسان الطاقة الحيوية في أبسط صورها وأشكالها. إذ كان يحرق الأخشاب والمخلفات الحيوانية وأوراق الأشجار لطهي طعامه وتسخين مائه وتدفئة منزله، وللإضاءة ليلاً وإخافة الحيوانات الكاسرة.. ومع التقدم التقني، بقيت الطاقة الحيوية محافظة على مكانتها. إذ إن كثيراً من المجتمعات الريفية في البلاد النامية لا تزال تعتمد على الطاقة الحيوية بشكل مباشر كما كان يفعل الإنسان قديماً. فالكتلة الحيوية تنتج 36 بالمئة من الطاقة المستخدمة في بعض البلاد النامية، كما أن كثيراً من سكان المناطق الريفية في الدول الصناعية ما زالوا يعتمدون على هذا المصدر من الطاقة لتدفئة منازلهم وغيرها من الاستخدامات المهمة. وشهد القرن الماضي محاولات تطوير أنواع جديدة من الوقود الحيوي كان يفترض فيها أن تكون قابلة للحلول محل الوقود الأحفوري، غير أن التحديات العملية التي يواجهها هذا الطموح لا تزال كثيرة وضخمة.

إن التوسع غير المدروس لإنتاج الوقود الحيوي يتهدد الأمن الغذائي لأشد سكان العالم فقراً، إذ ينفق كثير منهم أكثر من نصف مداخيل أسرهم على توفير الغذاء..

تُعد الطاقة الحيوية من مصادر الطاقة المتجددة، إذ يتم الحصول عليها من الكتل الحيوية كالأخشاب والمحاصيل الزراعية ومخلفات النباتات وفضلات الحيوانات وغيرها، واستخدام تلك المواد هو في الواقع استغلال للمجمِّعات الشمسية الضخمة الموجودة على الأرض لإنتاج الطاقة، وهذه المجمِّعات الشمسية هي النباتات التي تحوِّل طاقة ضوء الشمس وبعض العناصر الكيميائية، عن طريق عملية التخليق الضوئي، إلى جزيئات كربوهيدراتية تشكل أساس الكتلة الحيوية على اختلاف أشكالها.

ثلاثة أنواع
يستخدم الوقود الحيوي إما بشكل مباشر كالحرق لإنتاج الطاقة، فعند حرق الأخشاب – مثلاً – تتولد طاقة حرارية تستعمل للطهي والتسخين والإضاءة والتدفئة، وإما بشكل غير مباشر، إذ تتم معالجة الكتلة الحيوية لإنتاج أنواع متعددة من الوقود التي تستعمل لتشغيل محركات السيارات والحافلات – مثلاً – أو لتوليد الطاقة الكهربائية.

وينقسم الوقود الحيوي من ناحية الشكل إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي:

الوقود الحيوي الصلب
Biofuel3وقد استخدم هذا النوع منذ القدم، وهو يشمل الأخشاب والقش والنباتات الجافة والفحم والمخلفات النباتية ومخلفات مصانع قصب السكر وعصير الفواكه ومعاصر زيت الزيتون وغيرها، كما يشمل فضلات الحيوانات (سماد وروث) وكذلك القمامة.

وفي الواقع، فإن وقود الكتلة الحيوية الصلب، يمكن أن يستعمل بشكل مباشر كما هو في الطبيعة، إلا أنه في كثير من الأحيان تتم معالجته لرفع قيمته الحرارية. فالخشب يحوّل إلى فحم بإزالة الماء منه وكذلك المواد المتطايرة والمواد العضوية الأخرى. والفحم ذو اللون الأسود يكون محتواه من الكربون مرتفعاً ويتراوح بين 85 و95 بالمئة، وهو يحترق بحرارة عالية وكفاءة أعلى من الخشب، وقد استعمله الحدادون قديماً لصهر المعادن كما استعمل وقوداً لصهر الزجاج والتدفئة.

الوقود الحيوي السائل
يُعدُّ الوقود السائل من أفضل أنواع الوقود، إذ يسهل نقله بالأنابيب وتخزينه، ويتم استخراجه من كثير من المواد الحيوية ويستخدم في محركات وسائط النقل المختلفة وفي تشغيل مولدات الطاقة الكهربائية وغيرها.

ومن أهم المحاصيل الزراعية المنتجة للوقود الحيوي السائل، تلك المحاصيل المحتوية على سكريات أو نشويات كالذرة والقمح وقصب السكر. كما تستخدم بعض المحاصيل الأخرى التي تحتوي على زيوت، كفول الصويا ودوّار الشمس وغيرها. ويتضمن الوقود الحيوي السائل الأنواع التالية:

shutterstock_683916791. وقود الديزل الحيوي
ينتج الديزل الحيوي من التفاعل الكيميائي بين الزيوت النباتية والكحول، ومن خلال تفاعل الأسترة يتم إنتاج هذا النوع من الوقود. وقد عرف الإنسان لأول مرة تفاعل الأسترة في عام 1853م عندما أجرى العالمان «دافي» و«باتريك» أول تفاعل أسترة لزيوت نباتية، وفي 10 أغسطس 1893م تم تشغيل أول محرك ديزل بزيوت نباتية ساخنة منتجة من حبوب الفول السوداني من قبل مخترع محرك الديزل. وتخليداً لهذه المناسبة، يحتفل العالم في العاشر من شهر أغسطس من كل عام باليوم العالمي للديزل الحيوي.

أما تسجيل إنتاج الديزل الحيوي كبراءة اختراع فيعود إلى 31 أغسطس 1930م، حين قام الباحث «شافان» من جامعة بروكسيل في بلجيكا، بوصف كيفية تحضير الديزل الحيوي، الذي يستعمل كبديل مباشر لوقود الديزل التقليدي المصنوع من النفط، كما يمكن أن يخلط مع الديزل النفطي ضمن نسب محددة. وفي هذه الحالة يستعمل الحرف B متبوعاً برقم يبين نسبة الخلط. فمثلا B40 تدل على أن وقود الديزل يحتوي على 40 بالمئة وقود ديزل حيوي، والرمز B100 يعني أن كل الوقود عبارة عن ديزل حيوي.

biodiesel--nationalويصنع الديزل الحيوي من بعض الزيوت النباتية مثل زيت بذور اللفت وزيت النخيل والخردل والجاتروفا وحب الصويا وهذا الأخير يستخدم على نطاق واسع، إذ يعتبر المصدر الرئيس لإنتاج الديزل الحيوي نظراً لسرعة نمو هذا النبات، لكنه لا يعتبر المصدر الأفضل لإنتاج الديزل الحيوي حيث تتفوق عليه بذور اللفت والخردل بثلاث مرات، وتجرى حالياً تجارب لاستخدام الطحالب لإنتاج الديزل الحيوي.

2. كحول الإيثانول الحيوي
يصنع الإيثانول من كثير من المواد العضوية بما فيها الذرة والقمح وقصب السكر والأعشاب البحرية والسليلوز المكوّن الرئيس لكثير من الأجزاء النباتية والذي يتم الحصول عليه من المخلفات الزراعية ومن بقايا تصنيع الورق. لكن أفضل مصدر لصناعة الإيثانول هو قصب السكر نظراً لاحتوائه على السكريات التي يتم تخميرها لتتحول إلى كحول.

auto-biodieselأجريت أول محاولة لتصنيع الإيثانول من الأخشاب في ألمانيا في عام 1898م. واستخدم حامض مخفف لتحويل السليلوز إلى مركب الجلوكوز، وقد تم إنتاج 7.6 لتر منه من 100 كيلوغرام من مخلفات الأخشاب، ثم تم تطوير هذه الطريقة لتنتج 200 لتر من كل طن واحد من الخشب. وانتقلت بعد ذلك هذه الصناعة إلى أمريكا، وأقيم خلال الحرب العالمية الأولى مصنعان لإنتاج الكحول الإيثيلي من الخشب، وطوّرت تقنية خاصة بهذه الصناعة عرفت بـ «العملية الأمريكية»، ويستخدم فيها حامض الكبريتيك المخفف لإسالة الخشب.

ونظراً لأن الإيثانول يعد من مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع عام 2001م عن خطتها لإنتاج نحو 150 بليون لتر من كحول الإيثانول بحلول عام 2017م، باستخدام القمح وبعض النباتات والأخشاب، ورصدت 3.6 بليون دولار لتطوير هذه الصناعة.

ويستخدم الإيثانول الذي يُعرف بالكحول الإيثيلي لتشغيل المحركات، إما وحده أو ممزوجاً بالغازولين. ويتم تمييزه بالحرف E متبوعاً برقم يشير إلى نسبة الكحول إلى الغازولين. وقد بينت التجارب أن محركات السيارات العاملة على الغازولين لا تواجه مشكلة في استخدام وقود الغازولين المحتوي على كحول الإيثانول بنسب قليلة.

Biofuel1l2كذلك، تم تصنيع شاحنات نقل خفيفة ذات محركات معدّلة قادرة على حرق أنواع مختلفة من الوقود، ومنها وقود الجازولين – إيثانول وبنسب مرتفعة للكحول. ولكن من النادر استخدام الإيثانول وحده كوقود. إذ يستلزم في هذه الحالة إدخال تعديلات جوهرية على محركات الغازولين نظراً لأن أوكتان الإيثانول يختلف عن أوكتان الغازولين، مما يستلزم إجراء تعديلات على توقيت شرارة الاحتراق ونفاثات الكاربوريتر وغيرها من التعديلات، كذلك يستخدم وقود الإيثانول كوقود في خلايا الوقود لإنتاج الطاقة الكهربائية.

3. وقود الزيوت النباتية
في أواخر القرن التاسع عشر استخدم زيت حبوب الفول السوداني بشكل مباشر لتشغيل أول محرك ديزل، قبل أن يتم استعمال الوقود الأحفوري التقليدي لتشغيل المحركات. وفي الواقع، يلزم إجراء تعديلات على محركات الديزل التقليدية لكي تعمل بشكل مباشر على وقود الزيت النباتي. ويمكن استخدام الزيوت الطازجة أو الزيوت التي استعملت لأغراض الطبخ بعد إجراء معالجة بسيطة لها، كما يمكن خلط تلك الزيوت مع الديزل أو النفط الأبيض.

الوقود الحيوي الغازي
ينتج الغاز الحيوي من تخمر الفضلات العضوية لا هوائياً، وهو يحتوي على خليط من عدة غازات، أهمها الميثان وثاني أكسيد الكربون ونسب قليلة من الأمونيا والنيتروجين والهيدروجين وثاني أكسيد الكبريت. ويستعمل هذا الغاز على نطاق واسع في المجتمعات الريفية في الهند وباكستان ويعرف باسم غاز «جوبار»، حيث يتم إنتاجه من روث الحيوانات والمخلفات العضوية ويعتبر بديلاً للغاز الطبيعي، ويستخدم لغايات الطهي وإنتاج الطاقة الكهربائية وتشغيل المحركات. كما يمكن استعماله للحصول على الهيدروجين المستخدم في خلايا الوقود.

أجيال الوقود الحيوي
شهدت صناعة الوقود الحيوي تطورات كبيرة خلال القرن الماضي، كما تطورت مصادر إنتاجه، ويمكن تحديد أربعة أجيال لهذا الوقود، هي:

shutterstock_2370381191 – الجيل الأول
حيث استُخدمت بذور وحبوب النباتات لإنتاج الوقود الحيوي، ومنها الذرة والقمح وفول الصويا وقصب السكر واللفت والشعير وغيرها. وقد قوبل استخدام المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود باحتجاجات عالمية واعتراضات واسعة، نظراً لأن إنتاجه يكون على حساب سلة الغذاء العالمية، وتسببه في تحويل كثير من الأراضي الزراعية المخصصة لإنتاج الغذاء إلى محاصيل وقود حيوي على حساب قوت الفقراء في العالم. وقد تسبب ذلك في ارتفاع كبير في أسعار الحبوب والزيوت النباتية.

2 – الجيل الثاني
يعتمد على المخلفات النباتية، كسيقان القمح والذرة ونشارة الخشب والتبن وغيرها، حيث يتم الحصول على الوقود السليلوزي والإيثانول والميثانول الحيوي والهيدروجين الحيوي. وبالرغم من أهمية استخدام المخلفات الزراعية لإنتاج الوقود، إلا أنه يعاب عليها أنها تحرم الماشية من العلف، والتربة الزراعية من المخلفات النباتية التي هي سماد عضوي يخصبها.

3 – الجيل الثالث
يستخدم الطحالب لإنتاج الوقود الحيوي، لاحتوائها على نسبة جيدة من الزيوت تصل إلى 60 بالمئة من وزنها. وقد تزايد الاهتمام العالمي بالطحالب لأنها لا تنافس الزيوت النباتية والمحاصيل الزراعية المخصصة للاستهلاك البشري. كما أن الطحالب لا تتسبب بإضافة مزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الهواء، حيث إن ما تستهلكه أثناء زراعتها ونموها يعادل تقريباً ما ينبعث منها عند احتراق الوقود الحيوي المنتج منها. بالإضافة إلى أن زراعة الطحالب لن تكون على حساب الأراضي الزراعية، كما لا تؤثر على مصادر المياه العذبة، إذ يمكن زراعتها باستخدام مياه البحار أو المياه العادمة المعالجة.

4 – الجيل الرابع
يُعدُّ هذا الجيل أحدث اتجاه عالمي لإنتاج الوقود الحيوي، ويعتمد على إجراء تغيير في جينوم أحد الكائنات الدقيقة، وهو بكتيريا أطلق عليها اسم «Mycoplasma Laboratorium»، بحيث تصبح قادرة على إنتاج الوقود من غاز ثاني أكسيد الكربون.

فقراء العالم يدفعون الثمن
أدى الاهتمام العالمي بالوقود الحيوي إلى إنشاء كثير من الشركات المتخصصة في شتى أنحاء العالم، روجت لهذا الوقود على اعتبار أنه سيخلِّص العالم من الآثار السلبية الناجمة عن الانبعاثات الغازية الضارة التي يتسبب بها الوقود الأحفوري التقليدي.

shutterstock_250675567وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية في إنتاجها من الإيثانول على الذرة وهي تنتج 45 بالمئة من الإنتاج العالمي، تليها البرازيل التي تعتمد على قصب السكر وتنتج 36 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي، بينما تعتمد فرنسا وإسبانيا وألمانيا في إنتاج الإيثانول على القمح، أما إنتاج الديزل الحيوي، فإن أمريكا والبرازيل تنتجانه من فول الصويا، ودول الاتحاد الأوروبي من بذور اللفت.

لقد أدى هذا الاهتمام والسباق المحموم لإنتاج الوقود الحيوي إلى تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لإنتاجه، كما استغلت بعض الدول أراضي زراعية في دول فقيرة لزراعة محاصيل الطاقة، وبالطبع كان ذلك على حساب قوت الإنسان ومياه شربه، حيث شهدت أسعار المواد الغذائية خلال العقد الأول من هذا القرن ارتفاعاً كبيراً وتعالت الأصوات المحذرة من العواقب الوخيمة لاستخدام الغذاء كوقود.

maxresdefaultإن التوسع غير المدروس لإنتاج الوقود الحيوي يتهدد الأمن الغذائي لأشد سكان العالم فقراً، إذ ينفق كثير منهم أكثر من نصف مداخيل أسرهم على توفير الغذاء، وفي كثير من الأماكن في العالم يموت الآلاف سنوياً بسبب الجوع وسوء التغذية، ونظراً للارتفاع الكبير في أسعار الزيوت النباتية عالية الجودة في شتى أنحاء العالم، اتجهت الأنظار نحو إنتاج الوقود الحيوي من محاصيل من غير حبوب الزيوت النباتية كزيت الجاتروفا غير الصالح للاستهلاك البشري. إلا أن ما حدث هو أن كثيراً من المزارعين في كثير من دول العالم يتوقفون عن زراعة المحاصيل اللازمة لإنتاج الغذاء ويتجهون لزراعة المحاصيل غير الغذائية المخصصة لإنتاج الوقود طبقاً لنظام العرض والطلب وطمعاً في تحقيق أرباح وفيرة.

اعتبارات بيئية تتصدى له
للوقود الحيوي تأثيرات على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال عمليتي إنتاجه وحرقه، وهي في مجملها أقل من تأثير الوقود الأحفوري، إذ إن الكربون الذي يتم إطلاقه في الهواء كان قد تكوّن مؤخراً في جوِّ الأرض، أما الكربون الذي يتم إطلاقه من الوقود الأحفوري فقد تمت إزالته من الجوِّ منذ ملايين السنين.

shutterstock_1941260وقد بينت التجارب التي أجريت على الديزل الحيوي احتواءه على كميات أقل من المركبات العطرية عند مقارنته بالديزل التقليدي، كمركبي «بنزوفلورانثين» و«بنزوبيرين». كما لوحظ انخفاض بنسبة 20 بالمئة في الجزيئات الدقيقة العالقة المنبعثة من الديزل الحيوي وانخفاض في انبعاث المركبات العضوية المتطايرة وأكاسيد الكبريت مع زيادة في انبعاث أكاسيد النيتروجين بنسبة 10 بالمئة لوقود الديزل B100.

وتعتمد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الوقود الحيوي على كثير من العوامل، من أهمها طريقة تصنيعه ومصادر الخامات وكيفية نقلها إلى مصانع الإنتاج والكميات الكبيرة من الوقود التقليدي التي سوف تستهلك في مزارع إنتاجه، بالإضافة إلى أنواع المخصبات الزراعية المستخدمة في إنتاجه، فمثلاً ينبعث من الأسمدة النيتروجينة غاز أكسيد النيتروز، وهذا الغاز يفوق تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون في الاحتباس الحراري بنحو 300 مرة.

إن استغلال الأراضي لزراعة محاصيل الطاقة، والهرولة نحو تحويل الحقول الزراعية المنتجة للمحاصيل الغذائية المخصصة للاستهلاك الآدمي أو الحيواني إلى حقول لإنتاج الوقود الحيوي، يتسبب في خلل في التنوع الزراعي العالمي، واجتثاث كثير من الغابات والمحميات الطبيعية، وزيادة في معدلات انجراف التربة، واستهلاك لكميات هائلة من المياه العذبة، وتقدر بعض الدراسات أن إنتاج لتر واحد من الوقود الحيوي يحتاج إلى 5000 لتر ماء، وأن إنتاج 13 لتراً من الإيثانول يحتاج – مثلاً – إلى 231 كيلوغراماً من الذرة.

يتسبب الوقود الحيوي في ارتفاع مستوى تلوث المياه والهواء الناجم عن الكميات الكبيرة من المبيدات الزراعية والأسمدة التي تتطلبها زراعة محاصيل الطاقة، كما سيؤثِّر على جودة التربة وينهكها

كما يتسبب الوقود الحيوي في ارتفاع مستوى تلوث المياه والهواء الناجم عن الكميات الكبيرة من المبيدات الزراعية والأسمدة التي تتطلبها زراعة محاصيل الطاقة، كما سيؤثِّر على جودة التربة وينهكها، بينما زراعة الأشجار المعمرة يحسن من جودة التربة ويساعد على امتصاص كميات كبيرة من الكربون من الهواء. ويختلف هذا عن زراعة المحاصيل الموسمية كالذرة والشعير وغيرها التي يتم حصادها بشكل دوري لاستخلاص الوقود منها. أضف إلى ذلك أن إزالة بقايا النباتات من التربة لاستخدامها في إنتاج الجيل الثاني من الوقود الحيوي يؤدي إلى تراجع خصوبة التربة بشكل كبير.

وتجمع كثير من الدراسات على أن مساهمة الوقود الحيوي السائل في قطاع النقل ستظل محدودة. وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الكتلة الحيوية قد أسهمت بنسبة 10 بالمئة من الوقود لإنتاج الطاقة على الصعيد العالمي في عام 2012م، كما أسهمت بقية مصادر الطاقة المتجددة الأخرى بنسبة 3.4 بالمئة. أما في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن حصة وقود الكتلة الحيوية بلغت 5.3 بالمئة، وجميع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى بلغت 4 بالمئة في عام 2013م. ومع استثناء الإيثانول الذي تنتجه البرازيل من قصب السكر الذي تعتبر تكاليف إنتاجه هي الأدنى بين بلدان العالم المنتجة للوقود الحيوي، فإن هذا النوع من الوقود حالياً لا يستطيع أن ينافس الوقود الأحفوري من دون الحصول على إعانات حكومية وتسهيلات خاصة، وحوافز ضريبية مكَّنته من الصمود التجاري في كثير من الحالات.

أضف تعليق

التعليقات