كتب عربية
مدينة الكلمات
تأليف: ألبرتو مانغويل
ترجمة: يزن الحاج
الناشر: دار الساقي – 2016
يقدَّم الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل في كتابِه «مدينة الكلماتِ» ملخص نظرياته لفهم القاسِم المشترك بين البشر، عبْر كلِّ العصور، وفي كل الأماكن، من خلال اللغة. فيقول إنه بنهاية عصر القومياتِ العِرقية ظهرت المجتمعاتُ التي تعزِّز القوميةَ المدنية، وتتبنى نظماً لقِيم مقبولة عالمياً.
ولكن الأمر يبدو وكأنه اتخذ منحى غير متوقَّع؛ يتمثلُ في المشكلات التي تبرزُ مع ظهور المجتمعاتِ الجديدة؛ مثل الظواهر السلبية الناتجة عن تعدُّد الثقافات، مما وضَع السياسيين وعلماءَ الاجتماع في حيرة، وتَساؤُل.. لماذا صار مِن الصعب جداً على الناس أن يعيشوا معاً في ظلِّ هذه البدائل القاتمة؟ وهل طغى الدمُ على التعايش السلميِّ في كوكب الأرض؟
ومن أجواء الكتاب نقرأ: «كلما ضاق تعريف الهوية نما التعصب. وكلما قدَّمت اللغة إجابات قاطعة ضاق خيالنا عن الكون والآخر، وخاصة عن أنفسنا. من ملحمة جلجامش إلى دون كيخوته وأفلام السينما، هذه «الكلمات» – قصصاً وروايات وشعراً – هي التي تصوغ مجتمعاتنا وواقعنا، وهي سجلنا عن أنفسنا وعن الآخر».
ويطرح مانغويل حلاً بديلاً بقوله: «ينبغي أن نستمع إلى «الكلمات» التي يبثها الحالمون والشعراء والروائيون وصنَّاع الأفلام عبر الزمان والمكان. ربما كانت القصص التي ترويها تحمل مفاتيح سرية للقلب البشري».
جسر الصورة
تأليف: إيناس حسني
الناشر: المجلس الأعلى للثقافة في مصر – يونيو 2016
يهدف هذا الكتاب إلى إلقاء الضوء على التواصل بين فنون الشرق وأوروبا. وتمثِّل الفنون التشكيلية إحدى نقاط التماس بين الحضارتين الشرقية والغربية، فهناك تأثير متبادل بين هذه الفنون التي أنتجها الإنسان على مدى تاريخه الطويل.
تقول الكاتبة إيناس حسني إن الفنون التشكيلية استطاعت في الشرق، أن تجذب انتباه وإعجاب العالم أجمع، على مدى التاريخ كله، إذ إن الفنان الشرقي عامة، قد سبق عباقرة فناني العصور الحديثة بمراحل، حيث عرف قبلهم المدارس الفنية المعاصرة كافة، مثل الكلاسيكية والتأثيرية والطبيعية والواقعية.
وتشير المؤلفة إلى أنه مع أوائل القرن التاسع عشر حدث توسع كبير، حيث أخذ الفنانون الغربيون من المطبوعات اليابانية والصينية زخارفها وألوانها وتكويناتها. أما مع بداية القرن العشرين، فقد حدثت سلسلة من التمردات على الفن التقليدي، وكانت باريس في بداية هذا القرن ملتقى الفنانين من كل صوب، يرتادونها لممارسة التمرد على تقاليد الفن الواقعي، واتجه الفنانون الغربيون إلى الاقتباس من فنون أخرى، أبرزها الفنون الشرقية. ويؤكد ذلك جون ديوي عندما يقول: «في مطلع القرن العشرين كان الجانب الأكبر من الإنتاج الفني قد وقع تحت تأثير الفنون المصرية، والبيزنطية، والفارسية، والصينية، واليابانية، والزنجية».
الذاكرة الشعبية
لمجتمعات ألف ليلة وليلة
تأليف: محسن جاسم الموسوي
الناشر: المركز الثقافي العربي – مارس 2016
يتتبع هذا الكتاب فاعلية الفن القصصي في ألف ليلة وليلة في ترجمة واقع المجتمعات العربية الإسلامية التي أنتجت هذه المجموعة القصصية، وإعطاء صورة عنها، والقيمة الإنسانية لتلك القصص. ويقول المؤلف إن اهتمامه بدراسة قصص ألف ليلة وليلة، جاء من منطلق بحثه عن مشترك ثقافي يمكن أن يكون نقطة اهتمام بين الثقافة العربية والثقافة الغربية. فحتى السبعينيات من القرن العشرين، كان الغرب لا يزال يحمل النظرة الاستعمارية التقليدية المتعالية لكل ما ليس غربياً، ولم يكن الأدب العربي يلقى أي اهتمام. لكن «ألف ليلة وليلة» حازت اهتماماً غربياً منذ مطلع القرن الثامن عشر، عندما ترجمها المستشرق الفرنسي أنطوان غالان، وانتشرت في سائر أوروبا. ومن هنا رأى الكاتب أنها تصلح أساساً لدراسات مشتركة تلقى الاهتمام من الجانبين.
ويقول الموسوي إن هذه القصص تعكس التداخل الثقافي بين مجتمعات العالم الإسلامي، نظراً لأنها كانت لقرون عديدة تُروى في أسواق بغداد والبصرة والكوفة ودمشق والقاهرة، فدخلتها شخصيات ورموز عربية إسلامية معروفة، وهي تنضح بالتقاليد والممارسات الإسلامية في كل صفحاتها.
علمية العلم – قراءة ايبستيمولوجية
تأليف: حسين قاسم دياب
الناشر: دار نلسن – مايو 2016
«علمية العلم» كتاب نقدي يتناول الثورات العلمية والحضور المتفاوت للعقل فيها، واعتماد بعضها على «البناء على وليس البدء من»..
كما يميز الكاتب بين تاريخ الفلسفة وفلسفة التاريخ وأولوية الفلسفة في شحذ العلم. ويستخدم الكاتب الفكر النقدي ذا الفعالية الأساسية في الكشف عن مكر التاريخ وسطوة التراث وفهم العالم والوجود وإنتاج المعنى والمعرفة، وممارسة النقد القادر على إصلاح نفسه بتعرضه للمساءلة. لذلك لا يسلم الفكر النقدي من النقد، ولكن بتفاوت نمط وحضور وطرق وممارسة النقد وبالعودة إلى السياق الثقافي والزماني والمكاني.
فلا يمكن، منطقياً، وضع مسافة بين العلم وتاريخ العلم، إذ لا يمكن قطف العلم والمعرفة كصيغة جاهزة عن شجرة علمية أو معرفية. فهذه الشجرة لها أصولها وجذورها العلمية، حيث يتغذى أصغر برعم علمي في رأسها من أبعد جذر من جذورها.
ولكن هذا الكتاب لا يهدف إلى وضع منظومة فلسفية جديدة، ولا ليرسخ محددات أو حتى توصيات، إنما يتطرق إلى المجال العلمي بطريقة تخدم العلم، وتنقي الفلسفة بطريقة القراءة بالعين الناقدة.
قرابة الملح: الهندسة الاجتماعية للطعام
تأليف: عبدالرحيم العطري
الناشر: دار المدارس للنشر والتوزيع – فبراير 2016
يسعى هذا الكتاب للمساهمة في توسيع دائرة الانشغال بالطعام كثقافة دالة يتم من خلالها قراءة المجتمع في ثباته وتغيره، مدافعاً بالأساس عن رمزية الطعام وتراتبيته. فالطعام، حسب الكاتب، «جسر عبور ممكن إلى الأبنية الخفية للمجتمع، ومنه نفكك كثيراً من الشفرات الثقافية، ونتتبع مختلف التلاقحات والتواصلات التي تختزنها وجبات وأدوات الممارسة المطبخية».
يتوزع كتاب قرابة الملح على مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، يناقش العطري فيها محدودية الدرس العلمي للطعام والإطعام، موضحاً ظروف الاهتمام به في إطار الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا والتاريخ والأدب، كما يستكشف مفاعيل الطعام والإطعام، حيث يستعيد التراث الأنثروبولوجي لعالم الاجتماع الفرنسي مارسيل موس المتعلق ببناء الوجاهة الاجتماعية، عن طريق الإطعام، لينتقل إلى مدارات هذا الفعل ورهاناته في المجتمع المغربي واحتمالات التمايز الغذائي. كما يخصص فصلاً كاملاً لمسارات الغذاء كحاجة للبقاء، ويتطرق الباحث (في الفصل الرابع) إلى الطعام وجواراته، مثل الخبز والثورة، ليبرز العلائق القائمة بين الطعام وهذه الجوارات.
وفي الفصل الأخير الذي اختار له عنوان: من «القعيدة» إلى «الفردنة»، يحلل العادات الغذائية، فضلاً عن التغير الذي طرأ على الغذاء و«فردنة» الطعام.
في لغة المصطلح العربي
تأليف: أ. د. أحمد محمد المعتوق
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون – 2016
يجمع المؤلف في كتابه هذا بين دراستين، تتناول إحداهما المصطلح البلاغي النقدي، وتتناول الأخرى المصطلح العلمي الحديث. فالمصطلح هو لبّ أي علم وجوهره وركيزته الأساسية، نظراً لما يتطلبه صوغه، ولمكانته في الترجمة والتعريب، وقابليته للشيوع والاستخدام والتوحّد حوله، والاتفاق على معناه ودلالته.
وفي التعريف بهذا الكتاب، كتب الأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور فاروق شوشة: «لقد احتشد الدكتور المعتوق لكتابه هذا بكل ما يمكن أن يتاح في مجال المصادر والمراجع، في المشرق العربي والمغرب العربي، عارضاً وناقداً ومحللاً، وكاشفاً عن المشترك الفكري واللغوي فيما يتصل بالمصطلح العلمي الحديث وقضاياه المثارة، بعد دراسته النقدية في المصطلح البلاغي النقدي.. وقد انتهى بأفضل النتائج والتوصيات، أو ما يسميه بالوصفة النقدية المختصرة، في وضع المعجم المقترح أو في استيفاء مادته».
ويضيف التعريف: «هذا رجل يقوم بمفرده بما نتوقع إنجازه من مجمع لغويّ بكامله».
كتب من العالم
المرأة ذات الشعر الأحمر
Kirmizi Sacli Kadin By Orhan Pamuk
تأليف: أورهان باموك
الناشر: Yapi Kredi – أغسطس 2016
أحدث رواية للكاتب التركي أورهان باموك الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2006م، تدور أحداثها في أواسط ثمانينيات القرن العشرين في إسطنبول، وتروي قصة حفار الآبار محمود وتلميذه «جيم» الملقب بالسيد الصغير وهما يحاولان التنقيب عن المياه في الأراضي الجرداء، حيث كانا يستخدمان الأساليب القديمة لحفر الآبار الحديثة.
تعرض رواية «المرأة ذات الشعر الأحمر» لقصة صراعهما المضني، حيث يطالعنا من وقت إلى آخر الصوت الشيطاني للمرأة ذات الشعر الأحمر. ولكن القصة تتضمن، أيضاً، استكشافاً، من خلال القصص والصور المتنوعة، لعديد من الأفكار حول الآباء والأبناء والتسلط والتفرد والدولة والحرية والقراءة والرؤية. وهي عبارة عن نص واقعي حول التحقيق في جريمة قتل حدثت قبل ثلاثين عاماً في مكان ما قرب إسطنبول، بالإضافة إلى كونها تحقيقاً خيالياً حول الأسس الأدبية للحضارات. وهي ذات رمزية معينة لجهة ارتباطها بمأساة رستم وابنه سهراب كما هي مروية في الملحمة التاريخية «الشاهنامة» للشاعر الفردوسي.
رأس الدبوس: كيف يغيِّر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) التكنولوجيا، والثقافة، وعقولنا
Pinpoint: How GPS is Changing Technology, Culture and Our Minds by Greg Milner
تأليف: غريغ ميلنر
الناشر: W.W. Norton & Company – مايو 2016
يعرض هذا الكتاب قصة الـ «GPS»، أو نظام تحديد المواقع، الأعجوبة العلمية التي سهلت كثيراً من الاختراعات التكنولوجية الأخرى، وغيَّرت جوانب عديدة من حياتنا بطريقة عميقة.
يبدأ كتاب «رأس الدبوس» من نشأة نظام تحديد المواقع كنظام لتوجيه القنابل، إلى أداة موجودة، تقريباً، في كل شيء في حياتنا. ويقول إنه بسبب التوق البشري للدقة العلمية، أنتجت الإنسانية هذه الأداة غير الاعتيادية التي، بالإضافة إلى أنها ترشدنا في جميع أنحاء المدن، تسهل أيضاً عمل الطائرات الأرضية، ومكالمات المحمول، وتوقُّع الزلازل والتنبؤ بحالة الطقس وتحديد مكامن النفط، وقياس النيوترونات، وزراعة المحاصيل، وتنظيم التمويل العالمي حيث يبدو وجود نظام تحديد المواقع ضرورياً كضرورة وجود شبكة الإنترنت.
وفي حين أن نظام تحديد المواقع ساعدنا على الاطلاع على معلومات دقيقة عن محيطنا الخارجي وعن المساحات الجغرافية، فقد أنشأ أيضاً أشكالاً جديدة من السلوك البشري. وذلك لأننا سمحنا له أن يدخل على أنظمة عديدة في العالم، وبسرعة كبيرة، لذلك علينا مواجهة العواقب المحتملة. فإذا ما حصل عيب بسيط في توقيت نظام تحديد المواقع، سواء بصورة عرضية أو مفتعلة، فقد يطيح بالشبكة الكهربائية، ويؤدي إلى خطف الطائرات بدون طيار، أو توقف النظام المالي العالمي، كما أن استخدام أو سوء استخدام البيانات التي يوفرها النظام من قبل الحكومات والشركات يثير تساؤلات مقلقة حول الأخلاق والخصوصية.
إعادة التفكير: التاريخ المدهش للأفكار الجديدة
Rethink: The Surprising History of New Ideas by Steven Poole
تأليف: ستيفن بوول
الناشر: Random House Books – يونيو 2016
يروي كتاب «إعادة التفكير» قصة الأفكار التي تم الاستهزاء بها أو تجاهلها لعدة قرون والتي بدأت الآن تدخل إلى أحدث البحوث. إنها قصة غريس هوبر، رائدة لغة البرمجة التي سمحت لنا بالتحدث إلى أجهزة الكمبيوتر، وقصة جان باتيست لامارك، المنظِّر الرائد في تطور الكائنات الحية الذي أصبح اسمه مرادفاً للفشل؛ وقصة الفيلسوف اليوناني ديموقراط، الذي استدل على أسس علم الذرة فقط عن طريق التفكير في الخبز.
باستخدام أمثلة مقنعة من عوالم الفلسفة والعلوم والتكنولوجيا والسياسة والأعمال، يظهر ستيفن بوول ما يمكن أن نتعلمه من خلال العودة إلى أفكار تم إهمالها، ورؤيتها من منظور مختلف. ويفسر لماذا يلجأ أهم علماء فيزياء الكم اليوم وعلماء النفس وأهم لاعبي الشطرنج للعودة إلى التاريخ للحصول على إجابات لمشكلات الحاضر. ويكشف بوول كيف يمكن للأفكار المهملة منذ فترات طويلة أن تحول جوانب مهمة من حياتنا اليومية – من تحسين طريقة عمل مجالس الإدارة، إلى استلهام المشاريع الكبرى للتغيير الاجتماعي والسياسي.
قصص حب في تاريخ العرب
Histoires Damours Dans L’Histoires Des Arabes de Collectif (Auteur) Jean-Jacques Schmidt (Sous la direction de)
تأليف: مجموعة مؤلفين بإشراف جان جاك شميت
الناشر: Actes Sud – Coedition Sindbad – فبراير 2016
في هذه الأنطولوجيا الجديدة جمع المستعرب الفرنسي جان جاك شميت وترجم نحو سبعين قصة حب شهيرة عرفها عالمنا العربي في تاريخه القديم. تُعرض قصص الحب المجموعة في هذه الأنطولوجيا وفقاً لترتيب تاريخي مقسم إلى خمسة عصور كبرى: الجاهلية، وبدايات الإسلام، والعصر الأموي، والعصر العباسي، والعصر الأندلسي.
وفي مقدمته لهذه الأنطولوجيا، يقول شميت إن العرب هم شعب من الشعراء، وذلك منذ الجاهلية، حيث انبثق شعر خاص مكرس لإنشاد نبل وفضائل المرأة التي نظر إليها باعتبارها «السيدة» التي غالباً ما يتعذر بلوغها، ومن أجل حبها يبدو الرجل حاضراً للتضحية بنفسه وبكل ما يملكه. وفي هذا السياق، يتوقف الكاتب عند قبيلة بني عذرة في شمال شرق الجزيرة العربية التي اشتهر أفرادها بكتابة شعر غزلي صافٍ ورقيق للتعبير عن حُب عذري، شعر ما لبث أثره أن طاول شواطئ أوروبا الجنوبية فأسهم في ولادة شعراء الـ «تروبادور».
واللافت في جميع هذه القصص، بالنسبة إلى شميت، هو هويتها الموضوعية والسردية والدرامية الواحدة، رغم اختلاف ظروفها التاريخية وشخصيات أبطالها. وجميع هذه القصص هي قصص حُب محظور، مما يفسر الكآبة التي تطغى على كل منها والناتجة عن تعذر بلوغ الحبيب أو التواصل معه، ولا عجب بالتالي في انتهاء عملية السرد غالباً بطريقة مأساوية، بموت أحد الحبيبين أو الاثنين معاً، الواحد تلو الآخر، علماً بأن ثمة نهاية سعيدة لبعض هذه القصص.
ومعروف أن أسماء شخصيات هذه القصص محفورة جيداً في مخيلتنا الأدبية والشعبية العربية، مثل عنترة وعبلة، جميل وبثينة، عروة وعفراء، قيس ولبنى، كثيّر وعزة، ذو الرمة ومي، خصوصاً قيس وليلى اللذين تجاوزت قصتهما حدود العالم العربي لتبلغ الهند وآسيا الوسطى وإفريقيا الشمالية قبل أن تصل الغرب أخيراً مع أغنية إريك كلابتون «ليلى».
معركة التوزيع: لماذا أصبحت ألمانيا أكثر تفاوتاً
Verteilungskampf: Warum Deutschland Immer Ungleicher Wird by Marcel Fratzscher
تأليف: مارسيل فراتزر
الناشر: Carl Hanser Verlag GmbH & Co. KG – مارس 2016
يسلِّط هذا الكتاب الضوء على العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع مستوى عدم المساواة الذي أخذ يحل في الدول الغنية في العقود الأخيرة الماضية، ويركز الكاتب هنا على المثال الألماني. ومن هذه العوامل العولمة المالية والاقتصادية والتطور التكنولوجي، بالإضافة إلى الخيارات السياسية المختلفة.
وبما أن متوسط الأجور بقي ثابتاً لربع القرن الماضي في ألمانيا، فإن ذوي الأجور المتدنية شهدوا تراجعاً في الأجور بفعل تدني القيمة الشرائية الفعلية. كما أن سياسات إعادة التوزيع أخذت تدفع بعدم المساواة إلى مستويات مماثلة لتلك الموجودة في أي مكان آخر في أوروبا. أما الثروة، فهي أكثر تفاوتاً من الدخل. وتتوزع بشكل غير متساوٍ لأسباب عدة أبرزها الامتيازات التي تتمتع بها الشركات العائلية من قبل النظام الضريبي. ونتيجة لذلك، أصبح الألمان الأثرياء أكثر ثراءً والفقراء أكثر فقراً من نظرائهم في بلدان أوروبية أخرى. ومع نمو العائدات على رؤوس الأموال بشكل أسرع من الأجور، أصبح عدم التكافؤ في الثروة يفاقم عدم المساواة في الدخل أيضاً.
ويضيف فراتزر إلى المشكلات التي تؤدي إلى عدم المساواة في ألمانيا، أن بلاده لا تستثمر بما فيه الكفاية في مجال التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وهناك ضعف في الاستثمار في رأس المال البشري وتُعد حصة العاملين أصحاب المهارات العالية متدنية. كما أن ألمانيا هي واحدة من بين عدد قليل من البلدان الأوروبية التي تشهد انخفاضاً في عدد الشبان الذين يكملون تعليمهم الجامعي. وهذا لا يبعث على القلق في ألمانيا فقط، ولكن في العالم أيضاً. وقد تكون أكبر مهمة بالنسبة للألمان، حسب فاتزر، ليست إنقاذ أوروبا وإنما إنقاذ أنفسهم أيضاً.
بين كتابين
خياراتنا وأذواقنا: ما الذي يدفعنا إليها؟
(1)
قد يعجبك أيضاً: الذوق في عصر الخيارات اللامتناهية
تأليف: توم فاندربلت
الناشر: Knopf – مايو 2016
You May Also Like: Taste in an Age of Endless Choice by Tom Vanderbilt
(2)
الادعاء: لماذا هو مهم
تأليف: دان فوكس
الناشر: Coffee House Press – أبريل 2016
Pretentiousness: Why it Matters by Dan Fox
يأخذنا كتاب «قد يعجبك أيضاً» لمؤلفه توم فاندربلت في رحلة إلى عالم اختيارات الناس والشركات التي تحاول التكهن بها. في كتابه «قد يعجبك أيضاً: الذوق في عصر الخيارات اللامتناهية»،عزم فاندربلت على الإجابة عن سؤال بسيط: «لماذا نحب الأشياء التي نحب؟» وهو السؤال الذي شغل عديداً من المفكرين بمن فيهم إيمانويل كانط، فيرجينيا وولف، وسيغموند فرويد. يسعى المؤلف في هذا الكتاب إلى إزالة الغموض عن مسببات الذوق البشري، واستكشاف القوى الكامنة وراء أذواقنا في الفن والموسيقى والطعام، واختيار أسماء أطفالنا، وفي أمور عديدة أخرى. وبالإضافة إلى استكشاف وجهات نظر العلماء والنقاد والاقتصاديين وعلماء الأعصاب والفلاسفة وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، أجرى فاندربلت مقابلات مع المسؤولين في شركات «نيتفليكس» و«باندورا» و«ماكورميك» شركة التوابل العملاقة، وغيرها..
ويخلص فاندربلت إلى أن الذوق صعب التحديد دون الأخذ بعين الاعتبار علاقته بتفضيلات وأذواق الآخرين. فالذوق ظاهرة تجنح في الوقت الراهن إلى أقصى حدود النسبية، خاصة مع دخول الإنترنت وتوسع مروحة الخيارات المتوفرة. كما أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تجعلنا نتأرجح بأذواقنا أكثر فأكثر.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالذوق، يبدو هذا المجال مليئاً بالزيف والادعاء والمغالطات البهلوانية. ففي كتاب بعنوان «الادعاء: لماذا هو مهم» يتحدث دان فوكس عن الادعاء، ليس كشكل من أشكال الاستعلاء والمناورات الاجتماعية، ولكن بوصفه «الزيت المحرك للثقافة».
يؤكد فوكس على أهمية الذوق والخيارات الفردية بكل ما يدخل فيها من مقومات الطبقة، والتعليم، والتنشئة مما يجعلها تجسيداً لتاريخنا الشخصي، والمكان الذي نسعى أن نكون فيه. ولكن كتاب «الادعاء» ليس موجهاً إلى الذين صُقلت أذواقهم في سن مبكرة، بل أولئك الذين نشأوا في المدن الصغيرة والفقر، ويسعون إلى الخروج من وضعهم الراهن، وهم في طور اكتشاف ما يحبونه فعلاً.
فعن الأشخاص الذين يسعون إلى تغيير واقعهم يقول فوكس إن «مطالبتهم بالحفاظ على الأصالة والانسجام مع ظروفهم الاجتماعية هو شكل من أشكال السيطرة الاجتماعية، وبمجرد انتقادهم واتهامهم بالادعاء لا نحرمهم من إمكانية التغيير فقط، وإنما نقوم بانتزاع إحدى أدوات النقد الاجتماعي من أيدي المجتمعات التي تحتاج إليها».
ينبع القلق الذي يجعل الناس يلقون اتهام الادعاء من الخوف من غير المألوف وغير المتوقع، فهو بمنزلة آلية الدفاع. ولا شك بأنه في أي فئة اجتماعية أو بلدة صغيرة، هناك ضغوط للامتثال، والتماشي مع المجموعة. وغالباً ما يتم اعتبار أي تصرف بشكل مختلف، وتفضيل أشياء مختلفة، كتهديد للجماعة أو المجتمع.
قد يكون اقتباس الكاتب البريطاني أوسكار وايلد ملائماً جداً هنا، إذ قال «من أصعب الأدوار في الحياة أن يكون الإنسان على سجيته» وسواء كنا نعترف بذلك أم لا فإن الصورة التي نقدِّمها للعالم في الخارج ليست دائماً الصورة الحقيقية لما نحن عليه فعلاً.