ماذا لو؟

كان للأرض قمران؟

shutterstock_76982980 copyسؤال طرحه كثير على مرِّ الزمن، قياساً على عديد من الكواكب الأخرى التي نعرف أن لديها عدة أقمار.
لكن من أهم الفروقات بين قمرنا وباقي أقمار وتوابع الكواكب الأخرى أن كتلة قمرنا تزيد على %1 من كتلة أرضنا، بينما الأقمار الأخرى لا تتعدى كتلة أي منها %0.0003 من كتلة الكوكب الذي تدور حوله. هذا الفرق الشاسع يجعل تأثير قمرنا على أرضنا أعظم من تأثير باقي أقمار المجموعة الشمسية، من حيث تأثير جاذبية قمرنا على حركة المسطحات المائية الكبرى، وحتى على سرعة دوران الأرض حول نفسها وبالتالي على طول اليوم الأرضي المكون من 24 ساعة.
هناك عدة سيناريوهات لقمرنا الثاني المُتخيَّل، وسنتمسك هنا بالتحليل الذي وضعه نيل كومنز بروفيسور الفيزياء في جامعة ماين الأمريكية وصاحب السيناريو الذي يفترض أن القمر الثاني – سمَّاه «لونا» – أصغر من القمر الحالي، ولكنه يقع في مدار ما بين الأرض والقمر.
فلنفترض أن قصة بداية وجود «لونا» في مدار حول الأرض لا تعنينا، وأن «لونا» مستقر في مداره. يقول كومنز إن قوى المد والجزر ستجعل ارتفاع المد ثمانية أضعافه حالياً، وذلك لأن الجاذبية القمرية ستتضاعف. من ناحية أخرى ستكون ليالينا أقل ظلمة بسبب تضاعف كمية الضوء المنعكسة من القمرين.
وسيؤثر وجود «لونا» على مسار الحضارة البشرية، ومن ذلك فنون المعمار وإنشاء البُنى التحتية للمدن الساحلية مثلاً، لأن الماء سيصل إلى مستويات أعلى، مما سيزيد من معدلات تآكل المنشآت الحجرية وصدأ الحديد، وهذا ما كان سيدفع بالبشر إلى إيجاد طرق أكفأ لمكافحة ذلك. من ناحية أخرى فإن تطور حسابات الشهور كان سيختلف جذرياً لاحتساب وجود قمرين وحساب أطوارهما مما قد يعني اختلاف التقويم القمري وكيفية احتساب دخول الشهر وخروجه.
وفي الواقع، فإن قمرنا الأصلي يبعد عن الأرض بمعدل 4 سنتيمترات في السنة. وإذا افترضنا أن «لونا» يبتعد عن الأرض تدريجياً بمعدل أكبر، فيسعنا أن نتخيل اصطداماً مريعاً بين القمرين في نقطة ما من المستقبل وتفتتهما لملايين الحجارة الصغيرة. بعض هذا الحطام سيسقط على الأرض وقد يتسبب في كوارث عدة، وبعضه سيطير في الفضاء مبتعداً عنها.
ولكن جزءاً كبيراً من الحطام سيستمر بالدوران حول الأرض. ولأنها صخور صغيرة ومختلفة في أحجامها ستكون سرعة دوران كل منها حول الأرض متباينة، مما سيؤدي إلى انتشارها حول الأرض في مدارات مكوِّنة حلقات مثل حلقات الكوكب زحل.
ويرى بعض العلماء أن الأرض تدور حولها بعض الأقمار المؤقتة، وذلك لأن جاذبية الأرض تجذب بعض الكويكبات المنتشرة في المجموعة الشمسية، بحيث تدور هذه الكويكبات الصغيرة حول الأرض لعدة أسابيع أو أشهر قبل أن تنجح في الإفلات من جاذبيتها لتمضي في طريقها. وليس لهذه الكويكبات أية تأثيرات سلبية أو إيجابية. وثمة فرضية تقول بوجود قمر آخر بالغ الصغر كان يدور حول أرضنا قبل 4 أو 5 مليارات عام، وأن هذا القمر اصطدم بقمرنا وتفتت. وعلى مر الحقبات التاريخية، جمع القمر – الحالي – باقي الفتات في مداره بفعل جاذبيته الخاصة.

أضف تعليق

التعليقات