تشهد شبكة الخطوط الحديدية في المملكة العربية السعودية خلال الأشهر المقبلة تطوراً بالغ الأهمية، يتمثل في طرح مشروع توسعتها على المستثمرين في مزايدة عالمية.
الإعلامي حسين خمّاش يحدثنا هنا عن مشروع التوسعة، الهادف إلى ربط ميناء الدمام في المنطقة الشرقية بميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر، وأيضاً ربط مدن المنطقة الغربية بعضها ببعض (جدة، مكة المكرمة، المدينة المنورة، ينبع).
منذ تأسيس الخط الحديدي الذي يربط بين الرياض والدمام قبل نصف قرن لم يطرأ أي توسع في مد هذا الخط ليشمل مناطق أخرى. فقد كان الجهد منصباً على تطوير هذا الخط الحديدي من حيث تحسين البنية التحتية, وإدخال قاطرات وعربات جديدة, وإنشاء خط رديف لنقل الركاب يختصر المدة التي كان يقطعها قطار البضائع على امتداد الخط القديم, وإنشاء ميناء جاف بالرياض يستقبل البضائع والحاويات المتزايدة من ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام, إضافة إلى بناء محطات جديدة في كل من الرياض والأحساء والدمام ومراكز لصيانة القاطرات.
وبمرور السنين, ومع التطور الذي شهدته المملكة في مختلف جوانب الحياة واتساع القاعدة التصنيعية والتجارية, وازدياد أعداد السكان, بدأ التفكير في مد هذه الشبكة الحديدية إلى بعض المناطق في المملكة. ثم جاءت الفرصة بدعوة البنك الدولي إلى المشاركة في تقديم دراسة عن الجدوى الاقتصادية لمد جسر بري يربط ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام بميناء جدة الإسلامي؛ فجاءت النتائج مشجعة على البدء بتنفيذ هذا المشروع وفق صيغة البناء والتشغيل وإعادة المشروع إلى الدولة المعروف بـ B.O.T.
كانت تجربة العمل في مثل هذه المشاريع الاقتصادية الدولية غير جديدة على المهندس خالد بن حمد اليحيى، الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية؛ بحكم خبرته في العمل ممثلاً للمملكة في البنك الدولي قبل توليه منصبه الحالي منذ ما يقارب السنوات الخمس؛ ومن خلال اطلاعه على دراسات الجدوى التي سبق إعدادها بشأن مشاريع التوسعة أخذ على عاتقه مهمة تحقيق هذا الحلم, بعد تكليفه من قبل المقام السامي برئاسة اللجنة التوجيهية لبرنامج توسعة الشبكة الحديدية للجسر البري والخطوط الغربية, بعد جمود هذه الشبكة لأكثر من خمسين عاماً.
التخصيص منطلق
بذلت حكومة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – جهوداً قوية لدعم التخصيص كخيار مهم؛ يعزز مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية, وقد أقر المجلس الاقتصادي الأعلى في عام 1423هـ استراتيجية التخصيص التي تسعى من خلالها الحكومة إلى تحقيق عدد من الأهداف المهمة, منها: رفع كفاءة الاقتصاد الوطني, والمشاركة الفاعلة للقطاع الخاص, وتشجيع الاستثمار, وزيادة فرص العمل, كما أقر مجلس الوزراء قائمة الأنشطة والمرافق الحكومية المستهدفة بالتخصيص, وشملت عشرين مرفقاً ونشاطاً حكومياً, ومن أبرز تلك الأنشطة المياه والصرف الصحي, والمطارات, والطرق, والخطوط الحديدية, والخدمات التعليمية والبلدية.
وتنفيذاً لقرار تخصيص قطاع الاتصالات وتحويله إلى شركة مساهمة طُرح 30 في المئة من أسهم شركة الاتصالات السعودية للاكتتاب العام, وسبق ذلك إسناد عمليات التشغيل والصيانة في الموانىء إلى القطاع الخاص, ومنذ عام 1994م بدأت الخطوات الأولى لتخصيص الخطوط الجوية العربية السعودية, كما بدأت خطوات تخصيص مرفق سكة الحديد لمد شبكات السكك الحديدية على امتداد الجزء الرئيس من المساحة الجغرافية الواسعة للمملكة, وتم تحويل المديرية العامة للبريد إلى مؤسسة عامة تمهيداً لتخصيصها.
مشروع التوسعة
شرعت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في الإعداد لمشروع توسعة شبكة خطوطها عن طريق القطاع الخاص بعد إقراره من المجلس الاقتصادي الأعلى ليشمل:
–
المسار الأول: خط الشرق – الغرب, ويربط بين مدينتي الرياض وجدة بطول 950 كيلو متراً تقريباً, وتشكل الحاويات الجزء الأكبر من حركة النقل على هذا الخط, ويشتمل المشروع على وصلة الدمام – الجبيل التي تربط مدينة الجبيل بالشبكة الحالية.
–
أما المسار الثاني: فيتضمن إنشاء شبكة المنطقة الغربية (جدة – مكة المكرمة – المدينة المنورة – ينبع)، ويستهدف بالدرجة الأولى توفير خدمة نقل الركاب بواسطة قطارات حديثة ذات تقنية عالية, وسيضيف هذا المشروع خدمة جديدة إلى الخدمات الكبيرة التي تقدمها الدولة للحجاج.
وقد بدأ فعلا بتنفيذ البرنامج والقيام بالعديد من المهام التي تضمنتها المرحلة الأولى، ومن أهمها اختيار المستشار المالي والفني والمستشار القانوني للمشروع, ثم تلا ذلك تكليف المستشار المالي والفني والمستشار القانوني بمهمة إعداد وثائق طرح المشروع على المستثمرين في مزايدة عالمية لتنفيذه من قبل القطاع الخاص بأسلوب B.O.T وذلك في غضون الأشهر الأربعة القادمة. ومن ضمن تلك الوثائق عقد الامتياز وشروطه, والمعايير الفنية, ومعايير السلامة والبيئة, والأسس والقواعد المنظمة لنقل أصول المؤسسة وترتيبات أوضاع موظفي المؤسسة الحاليين الذين يبلغ عددهم 1600 موظف, إضافة إلى النظام الذي ينظم قطاع النقل بالخطوط الحديدية عند انتقاله إلى القطاع الخاص, وهو النظام الذي سيقوم باقتراحه المستشار القانوني إضافة إلى الهيكل الإداري للهيئة التي ستشرف على تطبيقه.
مؤتمر لندن
ويأتي مؤتمر لندن الذي عقدته المؤسسة العامة للخطوط الحديدية يوم الحادي والثلاثين من يناير 2005م, برئاسة معالي وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور جبارة بن عيد الصريصري, ضمن إطار برنامج عمل اللجنة التوجيهية لإطلاع الجهات المهتمة بمشروع الجسر البري, من مستثمرين وشركات متخصصة, على آخر المعلومات المتوافرة عن المشروع, إضافة إلى أن المؤتمر قد أتاح الفرصة للمشاركين للتعارف, وتشكيل ائتلافات تتقدم بطلبات لتأهيلها للمشاركة في المنافسة على امتياز التنفيذ والتشغيل.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة عن مشروع الجسر البري (سمي بهذا المسمى كونه سيربط بين ميناءين بحريين), فإنه سوف يحقق نقلة نوعية وكمية في قطاع النقل بالخطوط الحديدية في المملكة تضع شبكتها في مصاف الشبكات العالمية ذات الكثافة العالية في حجم نقل الحاويات. كما سيوفر المشروع وسيلة عصرية لنقل الركاب بمستويات عالية من الراحة والسرعة بين المناطق الرئيسة الثلاث في المملكة العربية السعودية.
ومن المتوقع أن يشهد الميناء الجاف بالرياض تضاعفاً في حجم نشاطه حال البدء في تشغيل الجسر البري الذي سيوفر لتجار منطقة الرياض إمكانية تخليص بضائعهم الواردة عبر ميناء جدة الإسلامي في محطة وصولها النهائية, وهي الميزة المتاحة حالياً للبضائع الواردة بالقطار من ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، حيث وقف الميناء الأخير وراء نجاح الميناء الجاف منذ افتتاحه عام 1981م. ومن المعروف أن ميناءي جدة الإسلامي والملك عبدالعزيز بالدمام هما أكبر موانىء المملكة حيث تتم مناولة الحاويات بمعدل 2.4 مليون حاوية في ميناء جدة الإسلامي و750 ألف حاوية في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام.
وحول دور الحكومة في مشروعات التوسعة يشير معالي وزير النقل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية الدكتور جبارة الصريصري إلى أن هذا الدور سيكون محورياً؛ ذلك لأن المؤسسة هي الجهة التي تشرف على البرنامج التنفيذي للمشروع, كما أن المشروع قد يتطلب في مرحلته الأولية دعماً حكومياً مقطوعاً, ويتحدد ذلك طبقا لظروف طرح المزايدة في حينها.
التحسين قبل التخصيص
وفي خطوات استباقية للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية أو تمهيداً لمرحلة التخصيص تبنت المؤسسة منهج التخطيط الاستراتيجي سعياً نحو تحسين أدائها الفني والتشغيلي والمالي، بما يعزز قيمتها عند انتقالها في إطار مشروع التوسعة إلى مستثمري القطاع الخاص, وبالتالي تحقيق أكبر عائد مالي ممكن للدولة. ومن أبرز ملامح تطبيق هذا النهج الإداري:
–
الاتفاق على رؤية ورسالة واضحتين ومجموعة من القيم أسهمت في إعدادها شريحة واسعة من منسوبي المؤسسة.
–
استخلاص محاور عديدة للأهداف من رسالة ورؤية المؤسسة، تأتي في مقدمتها الأهداف التي تتركز حول تقديم خدمة متميزة للمستفيد.
–
تحديد الموارد المادية والبشرية المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف.
– وضع الأدلة الإجرائية لعمل إدارات المؤسسة المختلفة.
–
وضع مجموعة من المؤشرات لقياس مدى التقدم نحو تحقيق الأهداف.
–
إعادة النظر في هيكل المؤسسة التنظيمي بما يساعد على تحقيق الأهداف المتفق عليها بأعلى كفاءة وفاعلية ممكنتين.
–
تفويض رؤساء القطاعات بالصلاحيات والمهام التي تساعد في تسيير العمل بكل مرونة لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة.
–
تمكين الموظف وتفويضه الصلاحيات اللازمة لتحقيق الأهداف.
–
ترسيخ مفهوم الجدارة في ذهن الموظف واعتماده أساساً للترقية ونيل المزايا الوظيفية, وتطوير أدوات مبتكرة (على مستوى الأجهزة الحكومية) لتقييم أداء الموظف.
– مراجعة النتائج والتقويم المستمر للأداء.
ونتيجة لكل ذلك تحسنت مستويات الأداء للعاملين في المؤسسة, وارتفعت العائدات المالية لعناصر الإيرادات الرئيسة, وتم خفض التكاليف بفعل ترشيد الإنفاق, وتحقيق مبدأ العدالة من خلال وضع ضوابط من شأنها ترشيد المخصصات المالية, وتحسنت خدمة الركاب كماً ونوعاً، حيث كسرت المؤسسة لأول مرة في تاريخها حاجز المليون راكب خلال عام واحد، وكان ذلك خلال العام المالي 1424/1425هـ, إضافة إلى ارتفاع إيرادات هذا النشاط والخاص بنقل الركاب لنفس الفترة إلى أكثر من 34 مليون ريال، بزيادة نسبتها 19 في المئة عن العام المالي 1423/1424هـ.
كذلك تم تصحيح أوضاع استثمار الأراضي، وتنفيذ لائحة جديدة تسهم في الاستفادة من هذه الأصول بما يعزز إيرادات المؤسسة من هذا العنصر, وزيادة نقل البضائع انتقائياً بما يحقق زيادة العوائد. وهنا نشير إلى ما حققته المؤسسة من إيرادات على صعيد نقل البضائع والحاويات خلال العام المالي 1424/1425هـ والذي بلغ أكثر من 134 مليون ريال مقارنة بنحو 108 ملايين ريال خلال العام المالي 1423/1424هـ، وبمجموع أطنان تجاوز مليونين ونصف المليون طن مقارنة بحوالي مليون وثمانمائة ألف طن لنفس الفترة. وقد وصلت إيرادات المؤسسة بوجه عام إلى 235 مليون ريال خلال العام المالي 1424/1425هـ مقارنة بـ 195 مليون ريال إيرادات العام المالي السابق, وهو ما شكل زيادة بلغت نسبتها أكثر من 21 في المئة. أيضاً كان من الانعكاسات الإيجابية لأبرز ملامح تطبيق التخطيط الاستراتيجي بالمؤسسة علاج مشكلات فنية مزمنة كانت تعاني منها المؤسسة, وتأصيل الأساليب العلمية للصيانة ومنها الوقائية لكافة أنواع الأسطول والمعدات, ورفع جاهزية الأسطول وموثوقيته إلى قيم قياسية, واستخدام التقنيات الحديثة حسب الإمكانيات المحددة, واعتماد نظام جديد لتوثيق أعمال الصيانة يعتمد على الحاسب الآلي.
ومن جديد الخدمات التي ستضطلع الخطوط الحديدية إلى تدشينها خلال الفترة القريبة القادمة استحداث درجة الرحاب, التي ستقدم مع تدشين العربات السبع عشرة الجديدة الخاصة بالركاب, حيث سيكون السفر عبر هذه الدرجة أكثر راحة ورفاهية, ومن خلال صالات خاصة للمسافرين على هذه الدرجة.
السكك الحديدية في مهدها
السكك الحديدية في مهدها
في منتصف عقد الستينيات الهجري برزت الحاجة إلى إنشاء ميناء تجاري على سواحل الخليج لنقل البضائع المستوردة عن طريق الميناء إلى الساحل ثم إلى مستودعات شركة أرامكو، فأمر جلالة الملك عبدالعزيز، طيّب الله ثراه، بتنفيذ المشروع كاملاً ليصل إلى مدينة الرياض. وتم بدء التنفيذ في 26/11/1366هـ أكتوبر 1947م. وفي التاسع عشر من شهر محرم عام 1371هـ الموافق 19/1/1951م، احتفل رسمياً بافتتاح الخط في الرياض. وفي عام 1405هـ الموافق 1985م تم إنشاء خط آخر جديد اختصر المسافة وزمن السفر بأربع ساعات بدلاً من سبع ساعات بطول 450 كم.
وبقيت السكة الحديد تعمل بإشراف شركة أرامكو ثم ارتبطت بوزارة المالية وسميت مصلحة سكة الحديد. وفي تاريخ 22/1/1368هـ صدر المرسوم الملكي رقم 2/3 بالموافقة على النظام التأسيسي للمؤسسة وعليه تحولت سكة الحديد إلى مؤسسة عامة يديرها ويرسم سياستها العامة مجلس إدارة وفقاً للأسس التجارية.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، تطورت مشروعات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، حيث تم إنشاء الخط المباشر من الدمام إلى الرياض بطول 499 كم. ومن ثم إنشاء ثلاث محطات ركاب حديثة في الدمام والهفوف والرياض، وأنشئت ورشة الصيانة الرئيسية بالدمام وتم تشغيل الميناء الجاف بالرياض وهو أهم إنجازات المؤسسة التي ساهمت في تطوير خدماتها.
سكة حديد الحجاز
يعتبر خط سكة حديد الحجاز الذي ربط أجزاء الدولة العثمانية لغرض خدمة حجاج بيت الله الحرام، من أهم إنجازات السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وقد استمر العمل فيه ثماني سنوات متواصلة من الجهد الشاق والأعباء العريقة التي اشترك فيها المسلمون بأحلامهم وبالمساعدات التي قدموها للسلطان العثماني في سبيل خط الحجاز ولكن التبرعات غطت ثلث تكاليفه إلا أن الحماسة الدينية تفجرت في النفوس فأكملوا متطلبات المشروع بعد ركوده. واكتمل الخط الحديدي الذي بلغ طوله 1320 كم حيث امتزجت الدموع بالدعاء عندما وصل أول قطار يركبه الحجاج وصولاً للمدينة المنورة في 23 أغسطس 1908م. وقد سهّل الخط الحديدي السفر والمشقة التي تكبدوها زمناً طويلاً حيث الخوف يصاحبهم من الغارات واللصوص التي تعترض طريقهم، كما أنهم يستغرقون شهوراً ما بين ذهاب وإياب. وقدرّت تكلفة المشروع بنحو 3.5 مليون ليرة عثمانية والدولة العثمانية -حينها- كانت تمر بأزمة مادية فأراد السلطان العثماني أن ينجز المشروع برأسمال إسلامي دون الاقتراض من بيوت المال الأجنبية التي تتعامل بالربا. فتبرع السلطان بمبلغ 320 ألف ليرة من ماله الخاص وتبرع شاه إيران بخمسين ألفاً وأرسل خديوي مصر عباس حلمي كميات ضخمة من مواد البناء وسائر الأقطار الإسلامية نشرت حملات تبرع واسعة النطاق. كما أصدرت الدولة العثمانية طوابع بريدية وأصدرت أوامر بقطع 10 في المئة من رواتب موظفي الدولة وجمعت جلود الأضاحي وحولت أثمانها إلى المشروع.
وقدّم هذا المشروع خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام حيث استطاع حجاج الشام والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام بدلاً من أربعين يوماً علماً بأن الوقت الذي كان يستغرقه القطار هو 72 ساعة وبقية الأيام كانت تضيع في وقوف القطار في المحطات وغيرها. وهذا الخط الحديدي أسهم في التطوير التجاري لكافة المدن الواقعة على الخط، فبالإضافة إلى مدن الحجاز هناك مدينة حيفا التي تحولت إلى ميناء مهم و شهدت استقرار بعض القبائل البدوية على جانبي الخط. وعلى إثر نشوء خط الحجاز الحديدي شهدت المدينة المنورة أبراج الكهرباء لأول مرة حيث ابتدأت في الحرم النبوي الشريف يوم افتتاح سكة الحديد. واستمرت سكة حديد الحجاز تعمل ما بين دمشق والمدينة المنورة ما يقارب تسع سنوات ولما نشبت الحرب العالمية الأولى أدرك البريطانيون أهمية الخط الحديدي في دعم القوات العثمانية عامين في جنوب فلسطين وبعدها نشبت الثورة العربية بقيادة الشريف الحسين ابن علي وأشار عليه ضابط الاستخبارات البريطانية لورانس بتخريب وهدم السكة الحديدية التي قوّت جنوده في مواجهة سابقة مع القوات البريطانية في الحرب وقد تم تدميرها. وبعد تغيير الخريطة السياسية للشرق العربي الآسيوي على يد عصبة الأمم بيد القانوني السويسري أوجين بورل سنة 1925م ولما أصبح الوطن العربي يتشكل من عدة دول أصبح خط الحجاز يمر بأربع دول هي سوريا وفلسطين والأردن والسعودية فحاولوا إعادة هذا الخط الحديدي. وفيما بعد عقدت ثلاث دول هي السعودية وسوريا والأردن مؤتمر الرياض سنة 1955م ووضعوا خطوات للتنفيذ و لكن بعد 11 عاماً من تأجيل المشروع تم نسيانه، وفي عام 1978م تم الاتفاق بين البلدان الثلاث سوريا والأردن والسعودية على إنشاء خط عريض يربطها ولكن المشروع كان مآله النسيان مرة أخرى وأخيرة.