قصة مبتكر
قصة ابتكار
أنطوان لوميار
الأسنان الصناعية
ولد أنطوان لوميار في 13 مارس من عام 1840م في أورموا بفرنسا، وأصبح يتيم الأبوين وهو في الرابعة عشرة من عمره. عمل حِرَفياً في صناعة المفروشات، وراح يغرف في الوقت نفسه من الكتب العلمية التي كانت رائجة آنذاك. ثم جمع إلى ثقافته الحرفية والعلمية دراسة فن الرسم عند الأستاذ أوغست غوستانتان، وبعدما أنهى خدمته العسكرية، درس التصوير الفوتوغرافي عند المصور المعروف نادار.. تزوج في عام 1861م، وأنجب ولدين هما أوغست ولويس، وأنشأ محترفاً صغيراً للتصوير في مدينة بيزانسون، ثم انتقل إلى مدينة ليون حيث أنجب ابناً ثالثاً وعدداً من البنات، وأنشأ مصنعاً لشرائح التصوير. واجه المصنع صعوبات هائلة في سنواته الأُوَلْ، وبقي شبح الإفلاس يتهدده رغم المساندة من ابنه لويس وشقيقة صغرى في العمل من الخامسة صباحاً حتى الحادية عشرة ليلاً. ولكن عندما عاد الابن الأكبر أوغست من الخدمة العسكرية، أوعز إليه والده بابتكار طريقة لمكننة إنتاج شرائح التصوير، الأمر الذي حصل بالفعل، وبحلول عام 1884م، كان مصنع العائلة يضم نحو 12 عاملاً. في خريف عام 1894م، ابتكر أنطوان بمساعدة ولديه أول آلة عرض للصور الفوتوغرافية المتتالية على جدار. واستأجر القبو في مقهى غران كافيه في باريس؛ لإقامة أول عرض للصور الحية . ولما كان صاحب المقهى غير واثق من المشروع الجديد؛ فقد رفض حصة من الأرباح، وطلب 20 فرنكاً يومياً. وفي يوم العرض الأول حيث قام أنطوان بنفسه بجمع التذاكر من الوافدين، بلغت المداخيل 30 فرنكاً. وكان ذلك في ديسمبر 1895م، اليوم الذي صار رسمياً تاريخ ميلاد السينما. بعد ذلك بثلاثة أسابيع وصلت المداخيل إلى 2000 فرنك يومياً.. الأمر الذي بشّر منذ آنذاك بضخامة مستقبل صناعة السينما. نمت أعمال العائلة صناعياً، وأصبح معظمها في عهدة الابنين أوغيت ولويس. أما أنطوان، فقد تحول لاحقاً إلى عبء على الشركة بسبب حياة البذخ التي عاشها، وكرمه الأسطوري في رعاية الفنانين والموهوبين، حتى وفاته في 16 أبريل 1914م. ولأنه حتى الابتكار في فرنسا يبدو مسألة عائلية؛ فقد لمع نجم ابني أنطوان في مجال الابتكارات والعلوم؛ فناقشا رسمياً وسجّلا نحو 500 براءة اختراع في مجالات التصوير والكيمياء والأجهزة الصوتية والسيارات، والصيدلة والزراعة والصناعة الغذائية.. ومن جملة هذه البراءات نذكر على سبيل المثال: البطارية الكهربائية، تعليب أطعمة من الحبوب، الصابون المعقم، طلاء مقاوم لأشعة إكس، وسدادة زجاجة عدادة للقطرات..
المدهش في ابتكار الأسنان الصناعية أنه بلغ شأناً كبيراً عند الشعب الأتروري في إيطاليا في القرن السابع قبل الميلاد؛ فصنع هؤلاء أسناناً من العاج أو العظم، وثبتوها في الفم بواسطة جسور من ذهب. غير أن صناعة الأسنان كبَتْ، ولم تعد إلى هذا المستوى من التطور إلا في القرن التاسع عشر الميلادي. فخلال القرون الوسطى، كان طب الأسنان يقتصر عموماً على خلع السن المتسوسة. وكان من المألوف جداً أن تكون هناك فراغات بين الأسنان حتى في صفوف الأثرياء. حتى أن الملكة إليزابيث الأولى (1533 - 1603م) كانت تملأ الفراغات بين أسنانها بقطع من القماش الأبيض؛ لتحسين مظهرها في حياتها العامة. ويقال إن جورج واشنطن عانى من متاعب رهيبة من أسنانه حتى وفاته عام 1799م. أما محاولات صناعة أسنان بديلة، فقد كانت قليلة وتعتمد على عاج الفيلة أو وحيد القرن أو الذهب والعقيق أو حتى على أسنان الموتى من الناس، أو أسنان يشتريها الأثرياء من الفقراء. وكانت هذه تُربط بالأسنان السليمة بخيطان من الحرير، وكان يتوجب نزعها قبل تناول الطعام. في عام 1774م، قام الصيدلاني الفرنسي دوشاتو بالتعاون مع طبيب الأسنان دوبوا دو شامان بتصميم أول طقم أسنان مصنوع من البورسلين. وسجل هذا الأخير الاختراع باسمه في عام 1789م. أمّا أول سن منفردة من البورسلين المثبت في اللثة بواسطة مسمار من البلاتين فقد صممه الإيطالي فونزي لنفسه عام 1808م، اشمئزازاً من استعمال سن منتزعة من جثة ميت. وفي عام 1839م، اكتشف الأمريكي شارلز غوديير نوعاً من المطاط المرن؛ لاستخدامه في جمع أسنان طقم كامل. وفي الفترة نفسها ابتكر هوراس ويلز مخدراً لزرع الأسنان من دون ألم. فارتفع الطلب على الأسنان الصناعية، وراجت صناعتها أينما كان، وتطورت حتى صارت تصنع من نواة معدنية صلبة من البلاتين والزئبق، تُكسى بالبورسلين الأبيض المشابه جداً للأسنان الطبيعية.