في سبتمبر الماضي أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أن المركبة «كيوريوسيتي روفر» التي أرسلتها إلى المريخ واستغرقت رحلتها نحو 9 أشهر، بعثت بمعلومات تفيد باكتشافها آثار ماء على الكوكب الأحمر. وإذ تناقلت وسائل الإعلام العالمية الخبر وبعض الصور الدقيقة التي أرسلتها المركبة، الباحث
فاضل التركي يقدِّم عرضاً وافياً عن «الرحالة فضول» وطريقة حياتها هناك فوق المريخ، خصوصاً وأن مهمتها لا تتجاوز السنتين، ولم يتسن للناس فرصة التعرف إليها عن كثب.
تُعد «ناسا» أن المعلومات التي ترسلها «الرحالة فضول» أهم حدث في العقد الأخير، وقد تأتي بكثير من المعارف والعلوم والحقائق التي طالما انتظرها الإنسان منذ غزوه الفضاء وتفجرت شتى أنواع الأسئلة وتوسعت الأفكار بتوسع الكون.
ما الذي يجعل هذا الحدث مهماً؟ يجيب العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنغ بالقول: «لا أظن أن الجنس البشري سيبقى على قيد الحياة بعد ألف عام إلا إذا انتشرنا في الفضاء. هناك كثير من الأحداث التي قد تهدد الحياة على كوكب واحد. لكنني متفائل، سنصل إلى النجوم».
هكذا يشعرك هوكنغ بالرعب عندما يفكر في مستقبل الإنسانية وهي في حاجة إلى التوسع وتنويع المصادر والفرص وتوفير ما يكفيها من حاجتها للبقاء والبناء والتقدم والاحتماء من الأخطار التي تتهددها، متسلحة بالعلم والتخطيط والعمل الجاد. ولقد كانت رحلات الفضاء أكثر الموضوعات إثارة وما زالت موضوعات الكون وتوسعه وطريقة عمله ومعرفة المعلومات عنه من بعيد – هنا على الأرض – وعن الأجرام والنجوم باستخدام أدق التقنيات والأساليب العلمية، محل اهتمامنا، كباراً وصغاراً، اهتممنا بالعلم من بعيد أو قريب.
وهنا تكمن أهمية «الرحالة فضول» أو «مختبر علوم المريخ» (MSL)، التي تُعد جزءاً من برنامج «ناسا» لاستكشاف الحياة على المريخ. أما مهمتها الرئيسة فهي محاولة الإجابة عن السؤال الآتي: هل الحياة على المريخ ممكنة؟ وهل كان للحياة أي أثر في سابق الزمان ولو كانت لكائنات ميكروبية ضئيلة؟
على أكتاف العمالقة
«الرحالة فضول» تختلف عن كل ما سبقها من مشاريع، على غير صعيد، إذ إن العاملين في هذا المجال تعلّموا واستفادوا من الرحلات والمركبات والتقنيات والتجارب السابقة وغدوا أكثر تمكناً ومعرفة وأعمق فكراً وأكثر تجربة ممن سبقهم، حسب المقولة الشهيرة «على أكتاف العمالقة».
ما يميز «الرحالة فضول» عن المشاريع السابقة أيضاً، أنها مختبر ومعمل كامل متحرك، لم يرسل إلى الفضاء للبحث عن وجود أي علامة من علامات الحياة على الكوكب الأحمر فحسب، بل لإنجاز كثير من الاستكشافات والتحليل والتدقيق والتواصل معنا على الأرض وإرسال المعلومات والتقارير والصور والتسجيل أولاً بأول.
أما تكلفة مشروع «الرحالة فضول» فتبلغ نحو مليارين ونصف المليار دولار، علماً بأن «ناسا» كانت فتحت المجال لتقديم الاقتراحات بخصوص معدات المختبر عام 2004، وفي نهاية ذلك العام قبلت ثمانية منها، ثم شرعت في تصميم واختبار المعدات لتنتهي من معظمها عام 2008. وتم تأجيل الإطلاق حتى عام 2011 نظراً إلى الحاجة لمزيد من الاختبارات والتأكد من كل شيء بما يكفي للحصول على الثقة المطلوبة.
الساعة الصفر
في 26 نوفمبر 2011 أطلقت «الرحالة فضول» في اتجاه المريخ حددت الساعة الصفر ووفقاً للخطة الموضوعة لها. وفي يناير 2012، استطاعت المركبة الفضائية التي أقلّت المختبر، أن تعدل من خط الرحلة في عملية استغرقت ثلاث ساعات من التوجيه بواسطة مكائن الدفع النفاث، لتختصر الرحلة بمقدار 14 ساعة، وتهبط على الكوكب الأحمر في السادس من أغسطس 2012 وتبث وسائل الإعلام الخبر.
بقعة الهبوط
استغرق اختيار مكان هبوط «مختبر علوم المريخ» وقتاً، من 2006 إلى 2011. وكانت ورش العمل المفتوحة في هذه الفترة متزامنة مع تصميم المركبة والمعدات والأجهزة. فبينما كان الخبراء يدرسون 60 موقعاً مقترحاً لاختيار واحد منها، كان على الفرق العاملة في تصميم «مختبر علوم المريخ» جعله قادراً على الهبوط والعمل في أي مكان، واضعين نصب أعينهم النجاح لهذه المهمة المعقدة.
ولاختيار مهبط لـ «الرحالة فضول»، كان من المفترض أن يفي المكان بشروط عدة أبرزها:
1.
أن تتوافر في المكان أدلة جيولوجية، حيوية، كيميائية، تشير إلى ماضي الكوكب وحاضره من ناحية البيئة القابلة لاحتضان حياة، وتكون في متناول يد «الرحالة فضول» للاستكشاف والاختبار.
2.
أن يحقق المكان الشروط الهندسية وشروط السلامة والأمان بالنسبة إلى «الرحالة فضول»، وذلك يشمل طبيعة الأرض وهيئتها وتضاريسها تسهيلاً لتفادي أي عقبات أو معضلات وتحديات.
3.
أن يسهل المكان أداء «الرحالة فضول» وعملها في هذه المهمة والمتوقع منها إنجازه.
في نهاية هذه الفترة الطويلة بين 2006 ويوليو 2011، أسهم فريق مشروع «مختبر علوم المريخ» والفرق العلمية الأخرى ومديرون من «ناسا»، في اتخاذ قرار الاختيار الأخير.
فوهة غيل
وقع الاختيار على «فوهة غيل»، لأنها أقرب لكل الشروط المطلوبة وستتجول «الرحالة فضول» في هذا الموقع، وتستكشف شرائح طبقية من مواد مختلفة تكونت عبر العصور مختلفة التركيب ومتنوعة المعادن، ويقال إنها تغطي أهم المراحل التي مرّ بها المناخ على الكوكب الأحمر ومراحله العمرية.
كان التحدي الأكبر في محاولة إيجاد أنماط ثابتة لآثار الحياة، وهذا الأمر ليس سهلاً فيزيائياً، بل من خلال دراسة الأنسجة وكيميائها. ولتحقيق هذا المأرب، يتطلب أن يحقق مختبر علوم المريخ ما يلي:
1.
دراسة هدف محتمل للحياة في بيئة ما، ودراسة طبيعتها وبنيتها الكربونية العضوية والبحث عن البنى الكيميائية التي تدل على الحياة والبحث عن مواصفات تحمل برهاناً على عمليات حيوية ذات علاقة.
2.
تحديد جغرافية موقع الهبوط ودراسة التركيب الكيميائي والنظائر والتركيب المعدني ومحاولة معرفة العمليات التي أدت إلى تكوين هذه الصخور والتربة.
3.
دراسة العمليات على الكوكب التي قد تشير إلى قابلية الحياة في الماضي والحاضر بالعلاقة بوجود الماء، ودراسة التطور المناخي على المدى الطويل لمعرفته بالنسبة للحاضر ومعرفة توزيع ودورة الماء وثاني أكسيد الكربون.
4.
دراسة الطيف الإشعاعي للسطح، ويشمل ذلك إشعاع المجرة ومسير البروتونات الشمسية والنيوترونات الثنائية.
الرحالة فضول تحت المجهر
يبلغ حجم «الرحالة فضول» حجم سيارة صغيرة رباعية الدفع، إلا أنها تحمل على أكتافها مختبراً متقدماً يمكنها من استقبال معلومات من سطح المريخ وتقوم بمعالجتها وتحليلها وإنتاج ملاحظات ومعارف جديدة ونتائج، وبثها إلى الأرض. وبالمقارنة مع ما سبق من مركبات ورحالة أرسلت إلى المريخ، فإن هذا المختبر يُعد أثقل وأعظم ما أرسل حتى الآن، وهو يساوي عشرة أضعاف ما كانت تحمله الرحالة «باثفايندر» Pathfinder أو «سبيريت» Spirit أو «أبورتشنيتي» Opportunity . وتضم هذه الأجهزة ثلاث كاميرات وكاشفي إشعاع وأربعة مناظير أطياف وحساساً للبيئة وحساساً للغلاف الجوي.
عيون «الرحالة فضول»
«ماستكام» MastCam هي الكاميرا الرئيسية وتعتلي رأس «الرحالة فضول» ورقبتها، ومهمتها إعطاء صورة للمريخ كما يجب أن يراها الإنسان في طول لاعب كرة سلة. وتتكون «ماستكام» من كاميرتين إحداهما تلتقط صوراً طيفية، وأخرى تلتقط صوراً ذات ألوان حقيقية بدقة كبيرة، كما تصور عشر لقطات في الثانية الواحدة، إضافة إلى تسجيل فيديو بدقة عالية جداً مضغوط للتخزين والإرسال.
ولدى كل كاميرا ذاكرة خاصة مساحتها 8 جيجابايت، كما تتمتع بخاصية التركيز التلقائي وخواص متقدمة لتمكين «الرحالة فضول» من التقاط صور فائقة الجودة ومفيدة، وتسجيلات مرئية وإرسالها إلى الأرض.
كمكام ChemCam، هي كاميرا تطلق إشعاع ليزر لا تراه عين الإنسان، على صخر أو رمل قد يبعد مسافة 7 أمتار. فإذا أصاب الهدف، ظهر طيف من الهدف تراه الكاميرا وتحلل نوعية الذرات المكونة له. ولقد كانت الرحلات السابقة للمريخ تستغرق وقتاً طويلاً لتحليل التركيب الصخري والتركيب المكون للتربة لعينة ما يصل إلى 3 أيام، ولكن باستخدام الليزر وهذه التقنية وكاميرا الطيف هذه، أصبح من السهل على «الرحالة فضول» عمل كثير من الاستكشافات واستخلاص النتائج في يوم واحد وعلى مسافة قد لا تصل لها المركبة بجسمها ذاتياً لأخذ العينات.
كاميرات التجوال – الملاحة Navcams، ويوجد اثنان منها على رقبة ورأس «الرحالة فضول»، تعملان بالأبيض والأسود لتحديد السير واستكشاف السطح الذي تمشي عليه. وتستخدم هذه الكاميرات الضوء الطبيعي لكي تحدد الإمكانات والخيارات المتوافرة لتحديد الاتجاه على سطح المريخ والنظر في العراقيل وكيفية تفاديها واختيار ما يمكنها من السير الآمن والوصول للمواقع المرجوة.
وتحمل «الرحالة فضول» أيضاً، محطة لمراقبة البيئة REMS، وهي مجموعة من الأجهزة تمكنها من استكشاف بيئة المريخ فتراقب وتتحسس الرطوبة والحرارة والأشعة فوق البنفسجية وسرعة الريح واتجاهه والإشعاعات. وتستخدم أيضاً تقنيات الأشعة تحت الحمراء لقياس حرارةٍ ما تحت السطح واستخراج فكرة عنها. وهذه المجموعة من الأجهزة، مسؤولة عن رفع تقارير يومية وموسمية عن حالة الجو والطقس والملاحظات البيئية وتحاول أن ترسم صورة لنظام البيئة على الكوكب الأحمر.
أما عدد كاميرات تفادي الأخطار Hazcams أربع، وتعمل بالأبيض والأسود، وهما اثنان في الأمام واثنان في الخلف. وتستخدم هذه الكاميرات لتحري الأخطار المحدقة والحافة بالمركبة حال سيرها وما يمكن أن يجابهها حال استخدام ذراعها في أخذ العينات واستكشافها من الصخور والتربة. وتعمل هذه الكاميرات مع برامج حاسوبية وعدسات باتساع 120 درجة، وترسم خريطة المسير على مسافة ثلاثة أمتار.
أما كاميرا الذراع MAHLI، فهي كاميرا متطورة مركبة على الذراع الذي تستطيع بقدراتها المتقدمة من الدقة والتصوير القريب، من التقاط صور حقيقية اللون لمكونات الصخور والتربة. وباستطاعة هذه الكاميرا التصوير في الظلام والتصوير في النور الطبيعي والقدرة على التقريب والتبعيد التلقائي من مسافات لا نهائية إلى مسافات ميلليمترية.
جسيمات ألفا
يقوم مطياف أشعة أكس وجسيمات ألفا APXS، بقذف العينات بجسيمات ألفا وترسم تخطيطاً بأشعة أكس للطيف الذي يمثل هذه العينات ويكشف عن مكوناتها الأساسية.
الكيمياء والمعادن CheMin، وهو جهاز يستخدم لاستكشاف كميات المعادن المتوافرة في تركيب سطح المريخ. ويقوم بأخذ عينة من التربة أو بالحفر وتحضير مسحوق يؤخذ إلى حاوية تسلط عليه خيطاً بسمك شعرة الإنسان من أشعة أكس وتتناثر هذه الأشعة بزوايا معروفة لدى العلماء لأثر التفاعل مع بلوراتها وهذه الأشعرة المتناثرة تحدد خصائص هذه المواد ونوعية ذراتها. وبمعرفة المعادن، يعرف العلماء تاريخ سطح المريخ ومكوناته والعصور التي مر بها وتاريخ الحياة وإمكانياتها.
مختبر العينات SAM، يقوم بتحليل العينات الذي تأخذها «الرحالة فضول» من الجو أو من عينات صلبة وعليه تدرس نظائر الكربون والأكسجين المحتواة في العينات وتحاول معرفة كون أصلها حيوي أم جيولوجي.
كشاف تقييم الإشعاعات RAD، واستخدم هذا الجهاز للمرة الأولى داخل المركبة التي تنقل «الرحالة فضول» لمعرفة الإشعاع وتقييمه في مرحلة الرحلة. و الذي يلي ذلك هو دراسة إشعاع بيئة المريخ وتقييمها وهي تفيد في دراسة نوعية الإشعاعات وتفسيرها ومعرفة ضررها على الإنسان وعلى الأجهزة.
بياض النيترونات المتغير DAN، هو جهاز فيه مصدر نيوترونات نابض يستخدم لاستكشاف وجود الماء أو الثلج على سطح المريخ. وللبحث عن الماء، فإن الجهاز يستقصي وجود الهيدروجين في الماء أو الثلج أو في المعادن التي يكون فيها الماء. والجهاز حساس لأي كميات ضئيلة من مكون الماء هذا، ويعمل من ارتفاع قرابة المتر ليخترق السطح ويسافر في عمقه حتى قرابة مسافة مقدارها متران على الأكثر. يجذب هذا إذن عنصر الهيدروجين ويمتص هذه النتيوترونات إن وجدت وسترتد النيوترونات في حال لم يمتصها أي هيدروجين بكميات أكثر من لو كان امتصها.
مصوّر مهبط المريخ MARDI، هو جهاز عمل قبل هبوط «الرحالة فضول» وهو مهم للغاية. ومن الطبيعي أن نحتاج لمعرفة مهبط «الرحالة فضول» تمام المعرفة ومعرفة العقبات والمشكلات وطبقة السطح وتضاريسه ومواصفاته. عمل هذا الجهاز بأخذ تسجيل فيديو من صور عالية الجودة حتى تم اتخاذ القرار بالهبوط ثم يواصل التقاط الصور بمعدل أربع صور عالية الجودة كل ثانية وترسل هذه التفاصيل للأرض للتقييم ورصد المكان ومواصفاته ومعرفة مقومات اتخاذ القرار والتاريخ المتواصل لطبيعة مكان الرحالة.
الذراع العجيبة
ذراع «الرحالة فضول» عجيبة ويفوق طولها المترين بقليل. وتتكون من شبه كتف وذراع وساعد وكف. هذه الذراع تنتهي بطرف يحمل خمسة أجهزة. ويمكن لها أن تدور بزاوية في شبه دائرة كاملة بمعدل 350 درجة وتتحرك وتنطوي وتمتد بشكل فائق التنوع.
في هذه الذراع جهازان، أحدهما «مطياف أشعة أكس» والآخر هو «كاميرا الذراع». أما الأجهزة الثلاثة الأخرى، فهي لأخذ العينات والثَّقب والتحضير ونقلها للمعامل – لا ننسى أن الرحالة تحمل معامل وأجهزة كثيرة – لتحليلها واستكشافها. ويستطيع جهاز المطياف وكاميرا الذراع أن تعاينا مكان الثقب والعينات قبل وبعد نقلها كمسحوق إلى معامل «الرحالة فضول» للعمل عليها.
عجلات مرنة
وتتحرك الرحالة فضول على ست عجلات مميزة، قطر الواحدة منها نصف متر وهي عجلات تتميز بمرونة أذرعها ويمكن أن يتحكم في كل منها على حدة لكي توفر السهولة في التحرك والتسلق والهبوط على مختلف الأسطح في منطقة «فوهة غيل». وتسير بسرعة معدلها 30 متراً في الساعة وبسرعة قصوى مقدارها 90 متراً في الساعة.
وتتواصل «الرحالة فضول» بطريقتين رئيستين. إحداهما عن طريق المرسل والمستقبل «إكس باند» الذي يمكنها من التواصل المباشر مع الأرض، والآخر يجعلها تتواصل مع الأقمار الصناعية في مدار المريخ والتي بدورها تتواصل مع المركبة ومع الأرض كوسيط. وهذه الطريقة لديها ميزة التواصل الأكثر تفوقاً في الطاقة والهوائيات.
يدير العمليات ويدبر أمور «الرحالة فضول» حاسوبان يعمل أحدها، والآخر يكون جاهزاً لأي طارئ، ويعمل بالإمكانات نفسها. وهذان الحاسوبان مصممان للعمل في حال انقطعت الطاقة أو لم تكن ثابتة أو مرت على «الرحالة فضول» ظروف عسيرة من الإشعاع أو الظروف الطبيعية الأخرى.
إشعاع كهروحراري
ولنا أن نسأل: من أين لها بالطاقة التي ستجعلها تواصل مهمتها وحدها على المريخ طيلة عامين؟ يمد الرحالة فضول بالطاقة مولد إشعاعي كهروحراري. ولكي تحافظ على الطاقة المتوفرة، فإنها صممت بطريقة لا تستنفد فيها الطاقة ولا تهدرها، إنما تستخدمها باقتصاد ويعاد تحويلها وحفظها واستخدامها ما أمكن، على العكس من استخدام الخلايا الشمسية التي قد تعطلها درجة وفرة الضوء والغبار والظروف المناخية.
أول الغيث قطرة
كل هذه المعدات والتجهيزات أسهمت في أن تقوم «الرحالة فضول» بمهمتها بنجاح حتى الآن، إذ وفّرت لوسائل الإعلام في نهاية سبتمبر 2012 خبراً مهماً عن وجود أثر مجرى ماء قديم في منطقة «فوهة غيل». وهذا ليس خبراً عادياً، إذ كشفت «الرحالة فضول» أثر الماء باكتشافها حجارة مستديرة عملت عليها عوامل التعرية الناتجة عن مرور الماء في التاريخ الغابر للكوكب، وربما كان هذا قبل آلاف أو ملايين السنين، وعلى «الرحالة فضول» تفحص هذا التاريخ وتحديده بدقة.
المنجزات المرجوة على مدى السنتين المقبلتين كثيرة، خصوصاً أن هذا النجاح الأولي أحدث اهتماماً بالغاً وعودة قوية لتمويل رحلات الفضاء ومزيداً من التوجه المحظي بالدعم الحكومي والدولي لرحلات من هذا النوع، فهل ندخل إلى فصل جديد من كتاب الحياة قريباً؟ وهل نغادر الأرض لسكنى المريخ؟!