كيف نكتشف أبناءنا؟ وما هي المقاييس التي تؤكد وجود الموهبة؟ ما هي القدرات الخاصة للمبدعين؟ وهل التفوق الدراسي يعد مؤشراً للموهبة؟ أسئلة كثيرة تصعب الإجابة عنها لما تتطلبه من خبرة في تقدير الإبداع والتميز، الذي يؤكد وجود قدرات خاصة لدى أفراد غير عاديين. القافلة جمعت هذه الأسئلة لتجعل منها موضوع الأمسية الأولى التي أقامتها لتنشيط تفاعلها مع المجتمع وتطوير هذا التفاعل. وفي ما يلي يقدم الزميل محمد الفوز أبرز ما جاء في هذه المحاضرة.
المحاضر الذي تناول موضوع الموهبة المبكرة هو الدكتور عبدالرحمن كَلْنتَن، الناشط في مجال رعاية الموهوبين وصاحب الأبحاث العلمية العديدة في مجالات التفوق العقلي والنمو الابتكاري، الذي يشغل مناصب تربوية عديدة إضافة إلى كونه أستاذ التفوق والإبداع في كلية المعلمين بالرياض. كما ترجم عدداً من برامج القياس التي تطبّق عالمياً لاكتشاف المواهب،
وساهم في تطوير بعضها.
وللدكتور كلنتن أسلوب فريد في إلقاء المحاضرات، لا يقتصر على شد انتباه الحاضرين، بل يكشف أيضاً حماساً للموضوع وسعة اطلاع وغزارة ما في جعبته حول الموضوع.
قبل أن يتطرق الدكتور كلنتن إلى مراكز رعاية الموهوبين، انتقد مفهوم الموهبة كما كان شائعاً. وأشار إلى أن هذا المفهوم تسبب سابقاً في إهمال القدرات الخاصة لبعض الموهوبين، خاصة في المدارس التي تعتبر البيئة الأفضل لاكتشاف المواهب، طالما أن الأسرة لا تركّز عادة على تميّز الأداء لدى أبنائها بقدر ما تهتم بمستواهم التحصيلي وفق البرامج المحددة والمقررة. فما هي مراكز رعاية الموهوبين التي أخذت على عاتقها هذه المهمة؟ وما هو دورها في صناعة الموهبة أو توجيهها؟
الرعاية والتوجيه العلمي
تأخر الاهتمام بالحاجات الإرشادية للطلبة الموهوبين أكثر من ثلاثة عقود عن الاحتياجات التربوية والتعليمية. وقد ساهمت دراسات مبكرة ظهرت في العديد من الدول الغربية في رفع مستوى الوعي لأهمية العناية بالطلبة الموهوبين واعتبارهم فئة اجتماعية ذات احتياجات خاصة من الناحيتين التربوية والإرشادية. وأكدت هذه الدراسات وجود احتياجات عند هؤلاء على المستويين الاجتماعي والعاطفي. وأشارت إلى عدم كفاية المناهج الدراسية العادية لتطوير قدرات الموهوبين، وطابع الفتور واللامبالاة الذي يغلب على المناخ التعليمي تجاه هؤلاء بحيث يضيع هدراً نصف الوقت الذي يقضونه في المدرسة. كما لاحظت معاناة الموهوبين والمتفوقين من وجود فجوة ما بين مستوى نموهم العقلي من جهة ونموهم العاطفي من جهة أخرى.
فأهم القضايا التي تتناولها البرامج الإرشادية للطلبة الموهوبين تكمن في تعزيز فهم الذات وحسن الاختيار المهني وسلوك الأسرة، الذي قد يحجب كثيراً من المواهب أو يقمعها، وأيضاً التركيز على دور المدرسة وتهيئتها لاستقبال الموهبة والتعامل معها بأساليب علمية حتى لا تحبطها أو تتسبب في زوالها.
وفي هذا الإطار، أشار الدكتور كلنتن إلى أن “مراكز خدمات رعاية الموهبين قد لا تنتج أفراداً قادرين على تغيير موازين الحياة؛ لكنها تستطيع إعداد أفراد قادرين على معرفة احتياجاتهم، وحل المشكلات الذاتية والاجتماعية التي قد تواجههم”. فهناك اعتقاد شائع بأن مراكز الرعاية تخرّج أفواجاً بمواصفات رفيعة على مستوى أينشتاين أو أديسون.. كما يتصور البعض أن الموهبة تتمثل في الاختراعات والمبتكرات العلمية. وهذه أخطاء يجب تصحيحها. فالموهبة تتنوع بين المجالات العلمية كالتكنولوجيا والرياضيات والهندسة، ويمكنها أن تكون أيضاً في مجالٍ أدبي أو فني يرتبط باللامحسوس وبالذائقة الفنية والجمالية.
وتحتاج المواهب إلى العناية بها وفق مفهوم حديث، يوفر برنامجاً قائماً على أساليب تشخيص عالمية لكل موهبة على حدة. إذ لا بد من فرز المواهب التي يحتاجها المجتمع لتغطية النقص وسد الحاجة إلى الكفاءات المميزة. وفي هذا المجال توفر خدمات رعاية الموهوبين بيئة مرنة تتيح الفرصة لهؤلاء ولكفاءاتهم غير المخدومة أن تعبر عن نفسها بشكل أفضل.
التجربة في المملكة
بدأت المملكة برنامج الكشف عن الموهوبين بدراسة علمية موّلتها وأشرفت عليها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. واستمر إعداد هذه الدراسة خمس سنوات، وجاءت نتيجتها في تسعة مجلدات تضمنت المقاييس “المقبولة”، التي ستُعتمد للكشف عن الطلاب الموهوبين والتعرف عليهم في المدارس السعودية.
ودخل هذا البرنامج حيّز التطبيق فعلاً في مطلع العام الدراسي 1418 – 1419هـ، وأقيم أول مركز له في مجمع الأمير سلطان التعليمي بمدينة الرياض، ثم تكاثر عدد مراكز رعاية الموهوبين وانتشرت في أرجاء المملكة كافة. ونشير هنا إلى أنه يوجد اليوم في المملكة ثلاث جهات مختلفة يمثل تضافر أعمالها مجمل الجهود المبذولة للعناية بالموهوبين، وهي: الإدارة العامة لرعاية الموهوبين في وزارة التربية والتعليم، وبرنامج الكشف عن الموهوبين، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين. وتنشط الجهات الثلاث هذه في تهيئة البيئة الملائمة للموهبة وتغذيتها وتنشئتها بطريقة علمية ووفق مقاييس مستمدة من واقع المعيشة والاحتياجات في المملكة.
وإذا عدنا للدكتور كلنتن، فقد ضرب في مجال وجوب أخذ البيئة التي ينتمي إليها الموهوب بعين الاعتبار، التجربة الهندية مثلاً. فقال إنه عندما تقرر تطبيق نظام رعاية الموهوبين على أنحاء الهند، تم جمع الطلاب المميزين لدراسة المرحلة الثانوية بعد تطبيق المقاييس والاختبارات التي تكشف عن الموهبة حسب المواصفات المعتمدة في أمريكا. وكانت النتيجة أن الجامعات الهندية عجزت عن استيعاب هؤلاء عند إنهاء دراستهم الثانوية، فسافروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة، وبقوا فيها بعد التخرج وحازوا الجنسية الأمريكية. وهكذا لم تستفد الهند بشيء من المجهودات التي بذلتها في رعاية هؤلاء، لأنها لم تحدد احتياجاتها، وتعاملت مع هذه المواهب وفقاً لاحتياجات غيرها، فكان من الطبيعي أن يكون هذا الغير هو المستفيد.
لهذا، يقول الدكتور كلنتن، نحن بحاجة إلى تطبيق مقاييس واختبارات الذكاء بمواصفات تتلاءم مع طبيعة الحياة التي نعيشها، ومع احتياجاتنا، وهذا لا يتم إلا بـ “تقنين” برامج رعاية الموهوبين. السؤال هو: كيف؟ إن الطالب الموهوب يحقق مستوىً عالياً من التحصيل العلمي، ويحتل مراتبه العليا. ولكن احتلال المراتب العليا ليس شرطاً يعكس وجود الموهبة. ولهذا فإن المرونة في التفكير تسمح بلفت الانتباه إلى مواهب أخرى لا نعرف أهميتها عند أبنائنا.
التعرف على الموهوب
قديماً، كانت الدرجات التي يحتلها الطالب خلال تحصيله الدراسي هي مقياس الموهبة. ثم تطور هذا المقياس ليضم اختبارات الذكاء (IQ) ودرجات الإبداع والمقابلات الشخصية. وأنتج آخرون أسلوباً يعتمد تعدد المحكّات كأسلوب للتعرف على الطالب الموهوب، ومنها:
1 –
المقاييس الموضوعية التي تكون نتائجها محددة لا تحتمل التأويل ولا لبس فيها مثل اختبارات الذكاء واختبارات الإبداع واختبارات التوفل وما شابه.. وهذه المقاييس يستخدمها الاختصاصيون في مجال الموهبة.
2 –
المقاييس التقديرية المعتمدة على التقييم التقديري، ويمكن للجميع تطبيقها لأنها غير ثابتة، غير أنه يمكن من خلالها استشعار وجود موهبة ما عند الطالب.
3 –
وهناك أخيراً وليس آخراً أسلوب القمع أو التصفية. وتعتمد هذه الطريقة على البحث والتقصّي في المدرسة عن الطلاب الذين حصلوا على تقدير “ممتاز”. وتؤخذ أيضاً في الاعتبار ملاحظات المعلمين في السنة الدراسية السابقة، وعندها تحصل التصفية الأولى. ثم تطبّق المقاييس الموضوعية مثل اختبار القدرات، اختبار الذكاء، اختبار الإبداع.. وتحصل تصفيات أخرى. وهكذا دواليك حتى يبقى في النهاية واحد أو اثنان أو ثلاثة في المئة ممن تناولهم التقصي أولاً.
ومن أساليب التعرّف على الموهوبين هناك أيضاً أسلوب الجدول، وفيه يتم تطبيق كل المقاييس والاختبارات على جميع الطلاب حسب المميزات والقدرات التي تفرّق بين كل فرد والآخرين.
دور المنزل
بيّنت العديد من الدراسات أن أساليب التنشئة الأسرية تلعب دوراً مهماً في تنمية الموهبة والإبداع ورفع مستوى الكفاءة والقدرات عند الأطفال. ومن الدراسات المهمة في هذا المجال دراسة “آن رو” التي شملت ثلاث مجموعات من العلماء المبدعين، وخلصت إلى أن أهم عوامل البيئة الأسرية المشجعة للإنجاز العلمي هي في توافر الحرية، وتضاؤل العقاب والتحفيز المستمر الذي يستخدمه الآباء مع أبنائهم. وهذا يقودنا إلى التأكيد على أهمية ممارسة الأساليب الأسرية السويّة في التنشئة، مع ما يعنيه ذلك من ابتعاد عن التسلّط وممارسة العقاب أو التمييز في معاملة الأبناء والإفراط في تدليلهم. وأيضاً قبول التنوّع في الاهتمامات، وتقبّل أوجه القصور من الأبناء، وإتاحة الفرصة لاستقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم.
ولعل من المفيد هنا أن نذكر تعريف الموهوبين الذي يقول إنهم “الطلاب الذين توجد لديهم استعدادات وقدرات غير عادية، أو أداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع، وخاصة في مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري والتحصيل العلمي والمهارات والقدرات الخاصة، ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لا تتوفر لهم بشكل متكامل في برامج الدراسة العادية، والذين يتم اختيارهم وفق الأسس والمقاييس العلمية الخاصة”. فهذا التعريف يركز على الاستعدادات غير العادية والأداء المتميز، مما يدل على أهمية التطور الذاتي والمؤسساتي للموهبة. وهذا يشدنا إلى تحليل سلوكيات الموهوب الذي يتحمس للأنشطة التي تتوافق مع موهبته سواء أكانت علمية أو قيادية أو إنشائية تعبيرية.. فكلها مسارات تبرز الموهبة والطلاب الموهوبين.
فهناك أطفال يمتلكون مهارة حفظ القصائد الشعرية وإلقائها بأسلوب مميز، وهناك من يحاكي ابتكارات منجزة ويقلدها بإمكاناته البسيطة، وآخرون يمتلكون القدرة على التخيّل وإبداع تعبيرات جديدة تجدها في الإنشاء والرسم والفن التشكيلي.. وكل هذه المهارات يمكنها أن تتحول إلى مواهب عظيمة إذا تم صقلها بدعم من مراكز رعاية الموهوبين، وبتوفير الحوافز للموهوب على المحاكاة والمنافسة والتفوق.
ولم يغفل المحاضر الإشارة إلى أهمية الحالة الصحية للموهوب، الذي يجب أن يتوفر له ملف صحي متكامل يشمل إضافة إلى المعطيات التقليدية مثل الوضع الولادي واللقاحات التي تناولها، كل الأمراض الطارئة والمشاكل الجسدية التي تعرّض لها ولا يمكن إغفالها لما قد يكون لها من آثار كبيرة على موهبته. فالطفل الذي يتعرض لحادث مروري ويصاب بالتشوه مثلاً، فإنه يتنحّى عن المجتمع ويصاب بحالة من الانطواء على ذاته. ومهما كان مستواه الدراسي عالياً، لا بد أن يتدهور.. لذلك يجب أخذ هذه المشكلات بعين الاعتبار والسيطرة عليها من خلال إعادة التأهيل والمعالجة الجذرية لمضاعفاتها.
أما تنمية وتطوير مهارات التفكير والإبداع فلا تزال حاجة لا تلبيها المدارس. فالمدرسة تمنح المعارف وتحاسب عليها، حيث يتم تفريغها من خلال الذاكرة القصيرة التي حفظت المعلومة لوقت محدد هو يوم الاختبار. وتنتهي حياة المعلومة بنهاية يوم الاختبار. ولذا، لا بد من تغيير الأساليب القديمة التي نسير عليها لتنمية وتطوير مهارات التفكير والإبداع.
وقفات أخرى
وتطرّق الدكتور عبدالرحمن كلنتن إلى جملة مسائل ذات صلة بموضوع الأمسية، وذلك من خلال الأسئلة التي انهالت عليه بعد المحاضرة.
فحول الدور الذي يمكن للتغذية الخاصة أن تلعبه في حياة الموهوبين وما إذا كانت تساعد كيمياء الدماغ على التطور والنشاط، قال إنه قرأ بحثاً للدكتور الباكستاني باراشا جاء فيه أن هناك أنواعاً محددة من الأغذية تؤثر في نشاط الدماغ. غير أن الباحث الباكستاني كان قد حصر دراسته في وجبة الإفطار لدى طلاب المدارس مركزاً على الأملاح والفيتامينات فتأكد من هذه الجهة فقط أنها تنشط الموهبة.. ولفت المحاضر إلى وجهة نظره الخاصة التي تأخذ بعين الاعتبار “الشكوى العامة من نوعية الأطعمة التي نتناولها في حياتنا اليومية، وتشبعها بالكيماويات، ومن المنتجات المعدلة وراثياً.. مما صار يؤثر في البنية الجسمية. فالأغذية لم تعد طبيعية كالسابق”. الأمر الذي يكشف ميلاً إلى الحذر من الاعتماد على الأطعمة لتنشيط الأداء الذهني للموهوب.
وجواباً عن سؤال حول عدد الطلاب الموهوبين في المملكة العربية السعودية من الجنسين، قال إن الاحصاءات المتوافرة حتى الآن لا تسمح بإعطاء صورة دقيقة. ففي العام الدراسي 1422 – 1423هـ، تم حصر 3500 موهوب من بين الطلاب في منطقة الرياض التعليمية، فقط ما بين الصف الخامس والأول متوسط وفي المدارس الحكومية دون غيرها، حيث أجريت اختبارات ومقاييس الذكاء. أما في مدارس البنات، فقد بدأت خدمات رعاية الموهوبين مع العام الدراسي 1423 – 1424هـ، وما زالت عمليات التنظيم وتنسيق الجهود في بداية الطريق، ولم تصدر حتى الآن احصاءات تشير إلى عدد الطالبات الموهوبات.
وفي ما يخص المناهج والمقررات الدراسية، طرح الصحافي ميرزا الخويلدي سؤالاً حول ما إذا كانت مناهج التعليم المعمول بها حالياً قادرة على تطوير القدرات الإبداعية عند الطلاب، فأجابه المحاضر: إن مناهجنا التعليمية وضعت من قبل أختصاصيين. وهناك شروط وعناصر ومحاور يجب أن تتوفر في أي منهج دراسي.. فالعيب ليس في المناهج، لكن في النظام الذي يحاسب المعلم على إنهاء المنهج في الفترة المطلوبة، ويطلب إليه أن ينجح جميع طلابه وأن يحصلوا على أعلى درجة ممكنة. بمعنى أن تطبيق النظام يضغط على المعلم للقيام بمهمة أساسية واحدة هي إنجاح الطلبة كلهم. فأين الفروق الفردية بين الموهوب وغير الموهوب في هذا الشكل من تطبيق النظام؟ إنها غير موجودة.
أما السن التي يمكن أن تظهر بها الموهبة، وإمكانية أن تأتي متأخرة فكان موضوع سؤال طرحه الأستاذ أحمد المحيطيب، وأجابه المحاضر بقوله إنه “لا توجد سن محددة تظهر فيها الموهبة. فنحن بحاجة إلى تهيئة البيئة المناسبة لاستقبال الموهبة تحت رعاية الوالدين. ومن الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة العامة لرعاية الموهوبين تطبيق الاختبارات والمقاييس على الطلاب في الأسبوعين الأولين من السنة الدراسية، والحكم على من يجتازها بكونه موهوباً، ومن لا يجتازها لا يكون موهوباً.. لقد قرأت في مجلة الثقافة أن هناك امرأة في مدينة حلب عمرها 85 عاماً، موهوبة في فن الرسم، وهي جدّة لأحفاد كثيرين، وأشيد بها في منظمة اليونسكو العالمية.. وهذا دليل على أن الموهبة لا تتقيد بسن معينة”.
ومن المداخلات التي تطرقت إلى الجانب التعليمي، كانت هناك مداخلة للدكتور عبدالرزاق حسين الذي قال: “خلال بحثي عن طريقة تعليم الأطفال في التراث العربي، وجدت أن الأقدمين كانوا مهتمين بالإبداع الطفولي، ولذلك برز في الماضي “الطفل الناقد” و”الطفل الشاعر” و”الطفل الأديب”.. فكنت أتساءل لماذا لا نهتم بهؤلاء الأطفال رغم وجود مبدعين في صفوفهم، كما اهتمت بهم في الماضي أمتنا الإسلامية؟ ويحضرني هنا مؤتمر عقد في القاهرة حول التعليم الحر. ولمّا أشار بعض الأساتذة بأن هذا النوع من التعليم آتٍ من الغرب، قام أحد الغربيين وقال إن الغرب أخذه عن حلقات العلم التي كانت تقام في المدن العربية خلال الأزمنة الغابرة. ولذلك، يجب أن نهتم بتدريس الطفل علوماً مختلفة في البدء، ثم نتركه يتجه إلى العلم الذي يرغب به. ولو طبقنا نظام الحلقات في مدارسنا، لأصبحنا في مستوى علمي متقدم”.
—————————————
الدكتور عبدالرحمن نور الدين حسن كلنتن، ولد في مكة المكرمة وتلقى تعليمه الأولي في مدارسها. و حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كونتكيكت بالولايات المتحدة الأمريكية.
تخصص في رعاية الموهوبين ويشغل حالياً مدير إدارة الرعاية والبرامج الإثرائية بوزارة التربية والتعليم.
لديه العديد من الأبحاث في تنمية الفكر الابتكاري وتكوين اتجاهات إيجابية لدى الطلبة، وهو عضو في عدد من المؤسسات العلمية والبحثية في الوطن العربي، ورئيس تحرير مجلة مواهب، عضو تحرير مجلة رسالة التربية الخاصة، وعضو مؤسس بمجلة سلامة الطفل.
———————————
اقرأ للموهبة
الموهبة.. والتفوق والإبداع
“يمثل الطلبة الموهوبون والمتفوقون ثروة وطنية في غاية الأهمية، ومن واجب المجتمع عدم تبديدها بالإهمال وانعدام الرعاية، بل إن المجتمع مطالب باستثمار مواهب أبنائه حتى تسهم في رفاهية وتنميته وضمان أمنه واستقراره ومستقبله”. بهذه النبرة المتحمسة في مقدمة الكتاب يبدو أن المؤلف د. فتحي جروان، رئيس المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين، أراد أن يشعرنا، بقوة، بالمسؤولية تجاه هذه الفئة الخاصة التي يجب التعرف إليها من خلال قائمة الصفات السلوكية والإبداعية والنفسية والاجتماعية، حتى نؤسس علاقة جيدة معها، ونشجعها بالتالي على الابتكار ومواصلة التفوق والاجتهاد الذي يمثل نقطة تحول في مجتمعات العالم.
فالموهوبون حالة نادرة في المجتمع ويجب أن نعي أساليب الكشف عنهم لكي يتم توجيههم بالطريقة الصحيحة إلى مراكز الرعاية والاهتمام. فهناك العديد من البرامج لتقديم أنماط الخبرات التربوية والقيادية والإبداعية وغيرها لهؤلاء، كما يتم التعرف على المشكلات التي تعترضهم في الحياة وتعويدهم على حلها.
ويقدم هذا الكتاب برامج إرشادية للطلبة الموهوبين والمتفوقين كما يوضح دور الاختبارات والمقاييس في عملية الإرشاد الجمعي والفردي. وفي فصله العاشر يطرح برامج تأهيل المعلمين وتدريبهم على كيفية التعامل مع هذه النوعية الخاصة من الكفاءات. أما في الفصل ما قبل الأخير فقد ألمح الكتاب إلى البيئة المدرسية الإيجابية ومؤشرات تقييم البيئة المدرسية التي تصلح أو لا تصلح للإبداع، حيث أكد على التربية الإبداعية في المدارس باعتبارها المختبر الأساس لنمو الموهبة؛ فالمسؤولية تزيد وتكبر على عاتق المعلمين الذين يجب تهيئة بعضهم للتواصل الإيجابي مع الحالات الإبداعية الخاصة التي تميز الطلبة الموهوبين عن غيرهم، وهذا يتم بمقاييس وأنظمة تطبق عالمياً لاكتشاف الموهبة وتنميتها.
——————————
كتب عربية عن الموهبة
– تربية الموهوب في رحاب الإسلام
تأليف: محمد حامد الناصر – خولة درويش
– رحلة مع الموهبة
تأليف: د. عبدالرحمن نور الدين حسن كلنتن
– مقدمة في الموهبة والإبداع
تأليف: تيسير صبحي – د. يوسف قطامي
– تحسين التفكير بطريقة القبّعات الست
ترجمة مختصرة: د. عبداللطيف خيّاط
– رعاية الموهوبين والمبدعين
تأليف: د. رمضان محمد القذافي
– تعليم الأطفال الموهوبين
تأليف: زيدان نجيب حواشين – مفيد نجيب حواشين
————————
… ومواقع إلكترونية
– جمعية الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين
http://www.gifted.org.sa
– الموهبة والتفوق
http://www.geocities.com/giftedness123/tob.htm
– المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين
http://www.acgt.org.jo
– مركز التنمية التربوي
http://www.cee.edu.jo
– منتدى العلماء الصغار
http://www.muntada.org
– المجلس العالمي للموهوبين
http://www.worldgifted.org/index.htm
– جمعية أوهايو للموهوبين
http://www.oagc.com