تقنية «النانو»
الأمل معقود على جامعاتنا
لو استعرضنا تطبيقات تقنيات النانو في الوقت الحالي، لوجدنا أنها امتدت لتشمل كثيراً من نواحي الحياة اليومية والبيئة. ففي المجال البيئي، صار لهذه التقنية الجديدة تطبيقات تشمل: التقنية الحيوية البيئية والمجال المائي والميكروبي والصرف الصحي والهندسة البيئية والهندسة الصحية والتمثيل الحيوي والهضم الحيوي وإزالة التلوث المعدني والتعدين الميكروبي والاستصلاح الحيوي.
وفي الطب والرعاية الصحية، سمحت تقنية النانو بتحقيق تقدُّم كبير في مجالات عديدة، تشمل: مقاومة الأمراض والأوبئة عن طريق تقنية الأفلام الحيوية الدقيقة، وتقنية النانو الفضي لأبحاث السرطان والمسالك البولية ومجاهر النانو للكشف عن الفيروسات ودراسة أمراض التوحد والهندسة النسيجية لأمراض العظام وإزالة العناصر المعدنية الثقيلة وتنقية الدم.
الأمر نفسه ينطبق على صناعة الغذاء، حيث أصبحت تقنية النانو في الوقت الراهن ذات تطبيق رائع ومنتشر، حيث أمكن الكشف عن عديد من المنتجات الغذائية الدقيقة التي أسهمت بدرجة كبيرة في الحد من ظاهرة الانفلات الأمني الغذائي وقللت من التلوث الغذائي.
وأمكن من خلال تقنية النانو الغذائي والزراعي إيجاد عديد من الطرق المتقدِّمة في مجالات التعقيم والحفظ والتجهيز والاستهلاك الغذائي. حيث أمكن تقديم المستحلبات الدقيقة والحسيات الدقيقة والسلامة وتطبيقات الامتصاص الحيوي للعناصر المعدنية السامة وتقنية الأسطح الذكية للحد من التلوث الميكروبي للغذاء، بالإضافة إلى التقدم الهائل في تطوير صناعة غزل القطن وتنقية التربة.. وغير ذلك.
وعلى المنوال نفسه يمكننا أن نعدِّد عشرات الحقول التي اقتحمتها هذه التقنية، وسمحت بإيجاد حلول لمشكلات كانت مستعصية في مختلف المجالات من الصيدلة وصناعة الأدوية إلى الصناعات العسكرية مروراً بالهندسة.
والأمل معقود، إن شاء الله تعالى، على جامعات المملكة في البحث والتقصي، بما يحقق الاستفادة من تقنية النانو في كافة المجالات التي نحتاجها. إذ إن منطقة الخليج العربي تتطلع إلى اليوم الذي تتم فيه الاستفادة الفعلية من تقنية النانو المذهلة، للتغلب على عديد من قضاياها البيئية والصحية والهندسية والغذائية والصناعية والصيدلانية. وهذه دعوة للأمانة العامة لدول مجلس الخليج العربي لعقد مؤتمر وورشة عمل لمناقشة مدى الحاجة لهذه التقنية، والعمل أيضاً على وضع الضوابط الخاصة للسلامة المترتبة من تطبيقات تقنية النانو التي دخلت منطقة الخليج العربي دون ضوابط.
د. عبدالوهاب رجب هاشم بن صادق
جامعة الملك سعود
بين الإكرامية والابتزاز
قرأت المقال الشيِّق الذي كتبه أسامة إبراهيم بعنوان «لماذا ندفع البقشيش؟». وحسناً فعل الكاتب حين أشار إلى الفرق بين الإكرامية والرشوة. فالإكرامية هي التي تُدفع بكل طيبة خاطر، عربون تقدير لخدمة معيَّنة يرى دافع الإكرامية أنها أفضل من قيمتها الاسمية. والرشوة، كما جاء في المقال، هي التي تُدفع للحصول على خدمة غير مستحقة. وهذا صحيح ودقيق. ولكنَّ هناك نوعاً آخر من المال الزائد الذي يُدفع للحصول على خدمة مستحقة. إنه الابتزاز.
والابتزاز شائع في الدول المتخلِّفة بشكل خاص أكثر من الإكرامية والرشوة. ويمكن لكثيرين أن يصادفوه أينما كان. في الفنادق، حيث لا تحصل على الخدمة الجيدة والسريعة إلا إذا دفعت «إكرامية»، والإكرامية تصبح عندها «ابتزازاً». وفي الدوائر الرسمية يمكن للأمر أن يصبح أكثر خطورة. فكم وكم من المعاملات تنام في الأدراج، ولا شيء يستطيع إيقاظها غير دفع «إكرامية».. قد تكون الخدمة مستحقة تماماً.. وقد يكون من حقك أن تحصل على وثيقة معيَّنة طلبتها من دائرة رسمية ولكنك تبقى رهن الانتظار إلى أن تدفع مبلغاً من المال ينشِّط الموظف فيأتيك فوراً بما طلبت. ويمكن في بعض البلدان أن يصل هذا النوع من التعامل إلى أعلى المستويات مثل رخص البناء وحتى الأحكام القضائية، وأعنى الصحيحة والعادلة والمنصفة منها، يمكن لوقت إنجازها وإصدارها أن يكون رهن دفع شيء من المال، لا يدخل في تحديد الرشوة، ولا هو «إكرامية» ولكنه ابتزاز.
إن هذا «الابتزاز» لإنجاز أعمال يستحقها أصحابها، قد يكون على المستوى الاقتصادي أكبر حجماً بكثير من الإكراميات الحقيقية والصغيرة، وأخطر على اقتصادات الشعوب والدول، وأقبح على المستوى الأخلاقي، من الرشوة، للحصول على عمل غير مستحق، وإن كانت هذه الأخيرة جريمة يُعاقب عليها القانون.
سهام أحمد صبحي
طالبة حقوق – جامعة دمشق