اليوم، نحصل على التيار الكهربائي اللازم لتشغيل أجهزتنا المتنوعة وشحن بطارياتها عبر شبكة معقدة لا يرى منها المستخدم العادي إلا قابساً جدارياً يتم تثبيت سلك «الفيش» فيه. خلف هذا القابس البسيط تكمن منظومة مهولة من الأسلاك والموزعات والمولدات وأبراج النقل. إلاَّ أن فكرة النقل اللاسلكي للطاقة تطمح إلى تجاوز ذلك كله، أو على الأقل تعدنا بالاستغناء عن القابس والحصول على الإمداد الكهربائي عبر الهواء… أو عبر أي سطح موصل… إنما بدون أسلاك تنتهي بفيش من أي نوع.
البداية مع تِسلا
لا يسعنا التطرق لموضوع النقل اللاسلكي للطاقة الكهربائية دون استحضار تاريخ المخترع الأمريكي- الصربي نيكولا تِسلا (1856 – 1943م)، «أعظم مهندس كهربائي في التاريخ» كما يعدّه البعض، ونجاحه في نقل الطاقة لاسلكياً في عدة تجارب متفرقة. أولها حين نجح مع شريكه الاستراتيجي المستثمر جورج ويستنغهاوس في كسب مناقصة تزويد احتفالية الذكرى الأربعمئة لعثور كريستوفر كولومبوس على العالم الجديد في معرض World’s Columbian Exposition بمدينة شيكاغو عام 1893م. في ذلك المحفل، كرر تِسلا تجربة مثيرة كان قد قام بها في معمله الخاص قبل عامين، حين أضاء مصباحي غاز مفرَّغين دون أسلاك معتمداً على الحقل المغناطيسي لتيار متردِّد (AC) ناتج من فرق جهدٍ ذي قيمة وتردد عاليين.
أثارت تلك التجربة الدهشة وعجز الحضور عن فهم شرح تِسلا لها. في ذلك الحين، كان تِسلا يخوض حرباً غير نزيهة مع منافسه اللدود ثوماس إديسون (1847 – 1931م) الذي سوّق بحماسة بالغة للتيار المباشر (DC) عبر الشركة التي أسسها برفقة آخرين وصار اسمها لاحقاً «جنرال إلكتريك».
خرج تِسلا من المعركة منتصراً بأن تبنَّى العالم منذ ذلك الحين التيار المتردد كوسيلة أجدى وأكفأ من التيار المباشر لنقل الكهرباء، فأدى هذا إلى خسارة «جنرال إلكتريك» عديداً من المناقصات والاستحقاقات، وصعَّد بالتالي وتيرة الحرب بين المخترعين العظيمين، إديسون وتسلا، حتى أُحرق معمل تِسلا في مدينة نيويورك. وغَمر مجهولون أجهزته ونماذج مخترعاته وأوراقه بالماء في عام 1895م.
أعاد تِسلا بناء معمله من جديد مركزاً جهوده على تطوير تقنيات الراديو مستخدماً موجات كهرومغناطيسية ذات جهد منخفض وتردد عالٍ. وفي عام 1898م، تمكن تِسلا من عرض أول جهاز يتم التحكم به من بُعد (نموذج قارب صغير). وعلى الرغم من تلك الفتوحات التقنية الباهرة، قوبل تِسلا المهاجر الصربي، بتجاهل معظم المستثمرين الأمريكيين.
لكن تِسلا لم يستسلم للإحباط طويلاً. وكان مؤمناً بأن الموجات الكهرومغناطيسية قادرة على الانتقال عبر الهواء مشكّلة مجالين، مجالاً قصير المدى وآخر طويل المدى ناقلة الطاقة بمستويات مختلفة. كانت تجارب تِسلا لنقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً بمستويات طاقة أعلى، تحتاج إلى مساحة أكبر من معامله في شيكاغو أو نيويورك. لذا قرر الانتقال إلى مدينة كولورادو سبرينغز عام 1899م، لينشئ معملاً لتجاربه على التيارات العالية الجهد والتردد.
لم تمضِ أشهر قليلة على ذلك حتى تمكن تِسلا من إطلاق أول شحنة كهرومغناطيسية لاسلكية ناقلاً التيار الكهربائي بين نقطتين في الفراغ. تبعتها شحنات أخرى بلغ مدى أطولها 135 قدماً. بنهاية ذلك العام تمكن تِسلا من نقل 100 مليون فولت لاسلكياً مسافة 26 ميلاً واستخدمها في إضاءة 200 مصباح كهربائي ومحرك كهربائي واحد. زعم تِسلا أن كفاءة النقل تجاوزت %90. وأنفق ما يربو على مليون دولار أمريكي -تعادل عشرين مليون دولار في عام 2014م- على تجاربه تلك التي تُوجت ببناء برج واردنكلِف (Wardenclyffe Tower) الذي كان يفترض به وفقاً لحسابات تِسلا، أن يزود مدينة نيويورك الطاقة الكهربائية لاسلكياً من جزيرة لونغ آيلاند على بعد يزيد على خمسين ميلاً.
لكن أحلام تِسلا تلك لم تبصر النور لتوقف الدعم المالي لعدة أسباب، أهمها فشله في شرح تجربته للممولين إضافة إلى محاربة توماس إديسون الذي حشد أباطرة إنتاج الكهرباء التقليدية (السلكية) إلى صفه وأقنعهم بأن تجارب تِسلا ستؤدي إلى إفلاسهم.
عاد تِسلا إلى نيويورك خائباً ومعه دفتر ملاحظات ونتائج تجارب كولورادو سبرينغز، وقد حوى أسرار نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً. أما المعمل الذي بُني هناك ففُكِّك عام 1904م، ودُمّر برج واردنكلِف الخاص بنقل الطاقة لاحقاً عام 1917م. أما تِسلا فتوفي عام 1943م في أحد فنادق نيويورك حيث قضى معظم حياته. والمدهش أن السويعات الأولى لوفاته شهدت تطويق قوات المباحث الاتحادية لمكان إقامته، ومصادرة كل دفاتر ملاحظاته!
عقبات أساسية
بعيداً عن نيكولا تِسلا وحياته الحافلة، ركَّز الباحثون في أواسط القرن الماضي على تطوير تقنيات تسخِّر الموجات الكهرومغناطيسية إنما لنقل «المعلومات». بالتوازي مع ذلك، دخل العالم عصر الإلكترونيات مع ابتكار الترانزيستور وتطوير الشرائح المدمجة، فيما اقتنعت الحضارة المعاصرة،كما يبدو، بأن لا سبيل أجدى وأعلى كفاءة لنقل الطاقة الكهربائية من شبكات التوزيع السلكية التي نعرفها اليوم.
لكن الملاحظ أن معظم أجهزة الاتصالات الحديثة تعتمد على بطاريات تخزِّن الطاقة الكهربائية لتشغيلها ويُعاد شحنها دورياً. ويعتمد الزمن التشغيلي لكل جهاز على كفاءة البطارية المدمجة وبروتوكول الاتصال المستخدم. ويتسابق المصنِّعون على إطالة أعمار البطاريات ولكن ذلك مرتبط بأوزانها وعوامل عديدة أخرى تجبر مُصنّعي الأجهزة المحمولة على التأقلم مع منتجات البطاريات المتوافرة الآن، مع محاولات للالتفاف على طول المدة التشغيلية باعتماد تقنيات حصد الطاقة من مصادرها المحيطة، كالضوء والحركة. كل تلك الأساليب تظل قاصرة ولا يعتمد الباحثون عليها كلياً لرفع كفاءة البطاريات.
لنعرّف الآن الطاقة اللاسلكية، أو النقل اللاسلكي للطاقة. فالفكرة تقوم على نقل الطاقة الكهربائية من مصدر الطاقة إلى الأحمال الكهربائية (مجموعة من الأجهزة المنزلية أو الآلات الصناعية التي تتطلب جهداً معيناً) دون موصلات من صنع الإنسان، كالكوابل. يشبه هذا الوصف كثيراً ما يحدث عند نقل المعلومات عبر موجات الاتصالات. السؤال هنا، لم لا يمكن نقل الطاقة الكهربائية بسهولة كما نفعل مع موجات الاتصالات؟
في مجال الاتصالات اللاسلكية، تنقل المعلومات بواسطة موجات منخفضة الطاقة (الإشارة) ولا يتوقع المستقبِل مستويات عالية منها. تصبح نسبة الطاقة الملتقَطة حرجة إذا كانت الإشارة منخفضة جداً بحيث لا يمكن تمييزها عن الضوضاء المحيطة في الخلفية. أما في حال نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً، فتصبح كفاءة نقل الطاقة وجودة الاستقبال أهم، إذ إن جزءاً كبيراً من الطاقة المرسلة من محطة التوليد يجب أن يصل إلى المتلقي أو المستقبِل بما يكفي لجعل النظام ذا جدوى اقتصادية مقبولة.
هل تقدِّم اللاسلكيّة الحل؟
نستطيع القول إن عبارة «نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً» فيها شيء من المجاز، فالحقيقة أن العملية تشمل نقلاً لاسلكياً لصورة من صور الطاقة (طاقة كهربائية سلكية تتحوَّل إلى طاقة كهرومغناطيسية لاسلكية تتنقل في الهواء فيستقبلها مستقبِل يحولها إلى طاقة كهربائية سلكية مرة ثانية) كما سنبيِّن فيما يلي.
الوسيلة الأكثر شيوعاً لنقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً هي الحثّ المباشر Induction بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية الناتجة من تمرير تيار متردد عبر موصل، فيتولد مجال مغناطيسي على شكل موجات تنتقل عبر الأثير، ليستقبلها هوائي في الجهة الأخرى محولاً إياها إلى تيار متردد مرة أخرى. الموجات الكهرومغناطيسية تشكِّل حقلاً كهرومغناطيسياً تنتجه الشحنات المتحركة وينقسم الحقل المخترق للمحيط إلى حقل قريب وحقل بعيد. تعتمد أبعاد الحقلين ومقدار توزيع الطاقة خلالهما على مقدار استجابة الإلكترونات للحقل الكهربائي ودرجة استجابة الإلكترونات للحقل المغناطيسي.
هذا المبدأ هو المعتمد عموماً منذ أيام تِسلا. لكن التطورات المطّردة في تقنيات الإلكترونيات والاتصال اللاسلكي فتحت آفاقاً أوسع. فمنذ العام 1998م، شاع استخدام معرّفات الذبذبات الراديوية Radio-Frequency Identifiers اختصاراً (RFID) كابتكار ذي علاقة وطيدة بأبحاث نيكولا تِسلا ومن تبعه من العلماء في مجال الاتصالات اللاسلكية بالموجات الكهرومغناطيسية.
تتكون رقاقة الـ RFID أساساً من هوائي لاقط للموجات الكهرومغناطيسية، وشريحة ذاكرة تخزّن عليها معلومات لا تتجاوز 512 حرفاً رقمياً Bit، وكل هذه المكونات مطبوعة على رقاقة صغيرة بفضل التقدم الكبير في مجال الدوائر المتكاملة.
الأجيال الأولى من تلك الرقاقات كانت تدعى رقاقات (سلبية) لأنها لا تعمل الا بمفعّل خارجي يمدها بالطاقة اللازمة. ذلك المفعّل ما هو إلا موجات مغناطيسية صادرة من جهاز «قارئ» يطلق تردداً معيناً ذا مستوى طاقة يكفي لتشغيل المكونات الإلكترونية المطبوعة على الرقاقة الراديوية، التي بدورها ستبدأ عملية بث لاسلكي للمعلومات التي بحوزتها إلى القارئ الذي فعّلها ابتداء. هذه الشرائح نشاهدها اليوم ملصقة على أغلفة الكتب أو البضائع المعروضة للبيع لتعقبها في حال اختلاسها مثلاً.
يمكن اعتبار رقاقات RFID السلبية كأول منتج إلكتروني يعمل دون مصدر طاقة متصل معتمدة على نقل الطاقة لاسلكياً من طريق الموجات الكهرومغناطيسية. تركزت الأبحاث لاحقاً على إنتاج دوائر كهربائية تستهلك الحد المتاح من عملية حصاد الطاقة في أنظمة RFID وتطورت تلك الرقاقات لتحمل بطاريات لا متناهية في الصغر تشحن تلقائياً عند عدم عمل الرقاقة فأصبحت لدينا شرائح RFID (إيجابية) تؤدي عملها حتى مع غياب مجال مغناطيسي كافٍ. مجموعات بحثية عديدة حاولت جاهدة أن ترفع مدى وقوة المجال المغناطيسي لأنظمة RFID التي وصلت في أحسن الأحوال إلى عشرة أمتار بطاقة كهربائية محصورة لا تتجاوز 2 واط. المشكلة الجوهرية في هذا الشكل من نقل الطاقة اللاسلكية اعتماده على ترددات عالية لنقل الطاقة تتراوح مابين 2 و10 غيغا هيرتز واقعة في مدى ما يدعى بــ «المايكرويف» وهي موجات ذات تردد تعتقد شريحة كبيرة من العلماء أنها تؤثر على الخلايا الحية سلباً مما قد يؤدي إلى نموها بنسق غير طبيعي نمواً سرطانياً.
حلم تِسلا يتجسَّد
ثمة جهود عدة لإيجاد بدائل أفضل في هذا الصدد. فمثلاً، تعاونت أقسام الفيزياء، وهندسة الكهرباء، وعلوم الحاسب، ومعهد تكنولوجيا النانو في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في مشروع بحثي كبير حظي بتمويل معتبر لتتوصل في النهاية إلى نقل طاقة بمقدار 60 واط مسافة مترين استخدمت في تشغيل مصباح كهربائي تقليدي. أهمية هذا الإنجاز هي في اعتماده على نقل الطاقة الكهربائية باستخدام مبدأ الرنين المغناطيسي بترددات منخفضة (100 كيلو هيرتز إلى 25 ميغا هيرتز) لنقل الطاقة بكفاءة عالية وأمان. تعتمد هذه الطريقة على استخدام قطعة باعثة وأخرى مستقبلة لهما تردد الرنين نفسه، مما يسمح بنقل الكهرباء بينهما حتى في حال وجود حائل، شريطة أن تتمكن الموجات المرسلة من الباعث من اختراق الحائل في مبدأ مطابق تماماً لانتقال الموجات الصوتية.
تخيل، عطفاً على هذه التقنية، أن تتخلص من سلك شاحن جهازك الذكي للأبد، كل ما عليك هو أن تلقي بهاتفك على سطح لوح الشحن المتصل دائماً بالكهرباء، وقد يكون مدمجاً بسطح مكتبك أو بأية قطعة أثاث ذكية لن تتأخر عن الأسواق. فقد نال هذا المشروع اهتماماً كبيراً وتحول من مجموعة براءات اختراع وأوراق علمية إلى شركة ناشئة أطلق عليها اسم WiTricity نحتاً من كلمتي Wireless Electricity أو «كهرباء لاسلكية».
توسعت WiTricity توسعاً كبيراً في زمن قياسي وتمكنت خلال سنوات خمس من عقد شراكات مهمة تشمل ترخيص تقنياتها والسماح باستخدامها لشركات رائدة تغطي أغلب التقنيات والتطبيقات اليومية كعملاق المعالجات الحاسوبية Intel وTDK الشركة اليابانية الرائدة في الإلكترونيات الاستهلاكية، إضافة إلى مصنع السيارات «تويوتا» لأجل تطبيقات إعادة شحن بطاريات السيارات الكهربائية. وفي العام 2008م، نشأ تحالف ضخم بين المصنعين ومعامل الأبحاث في أوروبا وأمريكا وآسيا أطلق عليه اسم Wireless Power Consortium. نتج من هذا التحالف وضع معيار دولي لنقل الطاقة لاسلكياً وكأولى النتائج استناداً إلى هذا المعيار، أعلن تحالف من شركات «نوكيا» و«سانيو» و«فيليبس» و«هواوي» تدشين أول شاحن لاسلكي للهواتف الذكية، وشاحن مماثل لأجهزة التحكم الخاصة بمشغلات الألعاب الإلكترونية. وتوسع هذا التحالف في 2012م بانضمام عملاق الإلكترونيات الكوري «سامسونغ» إليه.
اليوم، تقدم شركة WiTricity حلولاً متكاملة توائم طلبات المستخدمين التشغيلية والأحمال الافتراضية لأجهزتهم الكهربائية. يتألف الحل التقني WiTricity بشكل مبسط من باعث رنين متصل بشبكة الكهرباء المحلية ومستقبلات رنين (اتصال من طريق الحقل البعيد). مستقبلات الرنين هذه مصممة خصيصاً بقدرات متفاوتة لتوائم متطلبات تشغيل الأجهزة، فهي تنقل الطاقة من طريق إعادة إرسالها إلى مستقبلات داخل الأجهزة بقدرة وتردد عاليين في مسافة قصيرة جداً.
هنا تجدر الإشارة إلى أن الترددات المستخدمة في أنظمة نقل الطاقة الحديثة ركزت على تجنب الترددات العالية التي يتنامى الاعتقاد في الأوساط الطبية أنها ترفع درجة حرارة الخلايا الحية مما يجعلها عرضة للتكاثر السرطاني.
الحلول التي تقدمها الشركات، كـ WiTricity و«نوكيا» وغيرها، تعتمد المبدأ نفسه تقريباً. فالجهاز الأساسي في نظام نقل الطاقة لاسلكياً «الباعث – مصدر الرنين المغناطيسي» يتصل بشبكة الكهرباء المحلية ليحول التيار المتردد إلى حقل مغناطيسي ذي قدرة تتواءم مع الأجهزة المراد تشغيلها. على الطرف الآخر -على سطح طاولات المطبخ أو في جدار غرفة المعيشة– يوجد جهاز آخر (مستقبل الرنين) يتألف من ملف يستجيب لاستحاثة المجال المغناطيسي منتجاً حقلاً مغناطيسياً آخر ذا قوة أعلى ينتج بدوره تياراً كهربائياً متردداً سيغذي الأجهزة المتصلة به مباشرة.
إن تيسير نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً لا يمثل مغامرة بحثية وتسويقية فحسب، بل إنه سيعيد رسم تفاصيل حياتنا المعاصرة على أكثر من صعيد. تخيل أن تشحن هاتفك الذكي، حاسبك المحمول، وأن يعمل التلفاز ومستقبل القنوات الفضائية والثلاجة دون أن توصل أياً منها مباشرة بمأخذ الكهرباء الجداري. تخيل أن تتخلص من كل التوصيلات والأسلاك التي طالما تعثرت بها في مكتبك أو منزلك، وألا يرتهن تصميم منزلك وتوزيعك للأجهزة الجديدة بمواقع المقابس الجدارية كما قرر المقاول أن يوزعها! وأكثر من ذلك، يسعنا أن نفكر في تأثير هذه التقنية في الأجهزة الطبية المزوَّدة بطاريات والمزروعة في أجساد المرضى، كمنظِمات دقّات القلب وغيرها، التي يضطر حاملوها إلى الخضوع لعملية جراحية قبيل انتهاء عمر البطارية -كل 7 إلى 10 سنوات-.
بإعادة حلم نيكولا تِسلا للحياة، يمكننا أن نتوقع التخلص من كل ما يتعلق بشبكة توزيع الكهرباء في محيط منزل أحدنا الخارجي، لا كوابل أرضية، لا محولات ضخمة، لا كوابل هوائية سميكة وبشعة كتلك التي أصبحت مكوناً أساسياً في صور ذكرياتنا وكأنها من رحم الطبيعة. لعلنا لا نزال بعيدين عن تلك الرؤية، لكن أسطورة نقل الطاقة لاسلكياً التي اختفت مع مذكرات كولورادو سبرينغز، قد بدأت في التجسُّد حقاً.