لغويات

لغويات

1- عامية الفصحى أو الفصحى العامية
يتوهّم الكثير أن اللغة العامية ليست من العربية الفصحى، ولهذا يحرصون حين يكتبون على الفرار من ألفاظها.

لكن هناك المئات من الألفاظ العربية يستعملها العامة فيحرّفونها قليلاً في النطق، ولكنها كلّها في أصل اللغة العربية التي هي «ما جرى على ألسنة العرب».

مثلاً عبارة «سكتم بوكتم» التي تستخدم في المملكة العربية السعودية والخليج لوصف جماعة من الناس صامتين واجمين لا يأتون بأي حركة، وهي تعني أنهم «ساكتون كالبكم». عبارة تقال عندما يكون الناس ساكتين لا يهرجون.

أما عبارة «أيش» العامية فهي منحوتة من «أي شيء»، وفي الخليج تستخدم «إيش تبغى» (أو إيش تـبّـي). والعاميات العربية في أغلبها قد توسعت في هذا النحت فقالوا «بلاش» من «بلا شيء». و«اشيكون؟» من «أي شيء يكون؟».

وهناك كلمات تُستخدم على أنها عامية خالصة رغم أنها من أصل الفصحى كـ «فطس». ففي المعاجم فطَس الرجلُ أي مات من غير علّة ظاهرة، أو مات مغموماً. أو انقطع نَفَسُه من سبب يمنعه استنشاق الهواء.

كذلك عبارة «اللّتْ والعجن» فقد جاء شرحها في المعجم تحديداً كما تستخدمها العامة، على الشكل التالي: لَتَّ لَتّاً فهو لاتّ، والمفعول مَلتوت. لَتَّ الرَّجُلُ أي تَكَلَّمَ بِلا فَائِدَةٍ. لَتَّ الدَّقِيق أي بَلَّلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ لِيَعْجِنَهُ. فلان يَلُتُّ ويعجن إذا كان ثرثاراً يبدئ ويعيد فيما يقول.

وفي اللهجات العامية الشامية والخليجية هناك كلمة «انفزر» وفزره فانفزر فهو مفزور. وفَزَرَ الثوب فَزْراً: شقه. وهناك كلمة «البرطيل» التي يعتقد الكثير أنها ليست من الفصحى بشيء، ولكن جاء في القاموس أن بَرْطَلَة فتبرطَل: رشاه فارتشى. ثم هناك كلمة الدعس وهي الوطء الشديد، وهو من العامي الفصيح. وكذلك الأمر في كلمة «المَعْس» وهي تعني المَعْك والدَّلْكُ للجِلْد بعد إِدخاله في الدِّباغ، وهي تستخدم في العامية بنفس المعنى تقريباً، أي تدليك شيء ما بشدة.

هذا غيض من فيض الكلمات التي يعتقد الكثير أنها من العامية وهي من الفصحى في أصلها. وهذا الأمر ينتشر في المحكيات العربية كلها، خصوصاً لدى أهل الخليج العربي وأهل الشام ومصر. وهذا ما سنعرض له في المقالات القادمة.

2- سيبويهيات
الطرفة النحوية وسيلة محببة لتقريب العرب من لغتهم أحياناً.

رأى أحد النحاة رجلاً ضريراً يسأل الناس قائلاً: ضعيفاً مسكيناً فقيراً… فسأله: ياهذا! علام نصبت ضعيفاً مسكيناً فقيراً؟. فقال: بإضمار «ارحموا»… قال النحوي، فأخرجت كل ما معي من نقود وأعطيته إياه فرحاً بما قال. لقد أضمر الرحمة في نفسه كي لا يطلبها من العامة.

ودخل أحد النحاة على صديق له في ساعة الاحتضار، فقال له: قل لا إله إلا الله، وإن شئت قل لا إلهاً إلا الله، والأولى أحب إلى سيبويه… وكأن المحتضر يعنيه ما هو أحب إلى سيبويه في لحظة لقيا ربه.

وقصد رجل سيبويه لينافسه في النحو، فخرجت له جارية سيبويه فسألها قائلاً: أين سيدك يا جارية؟ فأجابته: فاء إلى الفيء، فإن فاء الفيء فاء. فقال: والله إن كانت هذه الجارية فماذا يكون سيدها. ورجع!.

أضف تعليق

التعليقات