مع هذا العدد الذي بين يديك، عزيزي القارئ، تكون “القافلة” قد أكملت سبعين عامًا، ظلّت خلالها فاعلًا ثقافيًّا وديوانًا يرصد تاريخ الثقافة في المملكة والعالم.
في رحلة عمرها، المديد بإذن الله، لم تسأم “القافلة” العيش بل ظلَّت تُعنى بشبابها ونضارتها، وتتوسع في رسالتها لتشمل قرّاء العربية من المحيط إلى الخليج، مع حرصها على تجديد موضوعاتها وطرق معالجتها وأساليب وصولها إلى الجمهور.
وبعد خمس سنوات تـكون القافلة قد وصلت إلى يوبيلها الماسي، الذي ترجو أن تحتفي به مع قرّائها، بمشيئة الله، وهم وهي في خير وعافية وسرور. وبهذه المناسبة، فقد توجّهت “القافلة” إلى أربعة من المتخصصين في مجالات معرفية مختلفة بأسئلة حول ما يحلمون به لـ”القافلة” وما يتوقعونه منها، وشكل الواقع العلمي والثقافي المحيط بها عام 2028م.
سألناها عن أحلامها وتوقعاتها لما يمكن أن تقدمه القافلة في المستقبل لجمهورها والجيل الجديد من القرّاء، فكانت لديها عدة اقتراحات تجعل القافلة في كل بيت، ليستمر عطاء المجلة.
كتاب وتطبيق عصري وجائزة
“كتبوا لنقرأ، ونكتب ليقرؤوا”. هذا ما اختاره الأستاذ عبدالله الغامدي شعارًا للمرحلة التي نهض فيها بمسؤولية رئاسة تحرير القافلة، كما جاء في العدد الذهبي الذي احتفى بمناسبة مرور 50 عامًا على صدور القافلة. لكنني سأستعيره أيضًا للمرحلة المقبلة من عمر المجلة.
وبعد 20 عامًا من يوبيلها الذهبي، أعتقد أن القافلة لا تزال تمتاز بالبهاء والرصانة، وتحتفظ برونقها ومكانتها البارزة بين المجلات العربية، وتمثّل صوتًا معبّرًا عن الثقافة السعودية في شتى المجالات. وفي ركن ما من فضاء الخيال، تخيّلتها ماثلة أمامي لأطرح عليها بعض الأسئلة.
بادرتُها بالتحية والإجلال، وسألتها: لا تزالين أنيقة وبديعة ورصينة ورشيقة وخلاقة، فما هو سرك؟ وكيف استطعتِ أن تحافظي على بهائك ورونقك بعد 70 عامًا؟ أوضحت أن إدارة المجلة قطعت في أول إصدار وعدًا مفاده أن تقدم لقرائها كلّ مفيد ممتع، وأن يكون هذا المشروع كبير الفائدة عظيم الأثر في نشر المعرفة والعلم. وكأنني سمعتها أيضًا بصوتها الواضح على لسان الشركة الأم: “نحن لا نصدّر النفط فقط في هذه الشركة، بل الثقافة أيضًا”.
صَمتُّ لحظةً، وفكرت أن أطرح عليها أسئلة خارج الصندوق. لمَ لا وهي التي كان ديدنها التطوير والتغيير دائمًا. سألتها بشجاعة: ألا تعتقدين أن الوقت قد حان لتحلّ القافلة ضيفًا خفيفًا لطيفًا على كل منزل في المملكة كما هي الهواتف الذكية؟ أجابت: “ولمَ تعتقدين أن جميع المواطنين سيكونون مهتمين بكل ما يُنشر في القافلة؟”.
قلتُ لها: لأنكِ قادرة على الإمتاع والتثقيف في آنٍ معًا، وهذا ما يبحث عنه الجميع، بالإضافة إلى الوثاقة التي تميزتِ بها. لقد عوّدتِنا تقديم ألوان رائعة من الثقافة، إلى جانب اهتمامكِ بالإنجازات العلمية، وهذا مدعاة للفخر لكل مواطن على هذه الأرض. وأزعم أنكِ قادرة على المواكبة والتجدد. ستخلقين جسورًا بينك وبين القارئ الجديد، وستتقمّصين روح ثقافة أرامكو السعودية الحريصة على التطوير؛ ليكون عمل اليوم أفضل مما عليه بالأمس، وعمل الغد أفضل مما هو عليه اليوم.
نظرت إليّ بارتياح، وبدا لي أنها تطلب المزيد من التوضيح. ظهر ذلك جليًّا في سؤالها: “هل لك أن تقترحي علي كيف لي أن أتسلل إلى الأجهزة الذكية وأنا بهذه الرصانة؟”.
أجبتها بابتسامة ممزوجة بمشاعر دافئة: نحن في القرن الحادي والعشرين وعصر التكنولوجيا والسرعة والتنقّل الدائم. فماذا لو كانت مقالات القافلة مسموعة؟ ليستطيع الموظف والطالب ورجل الأعمال والمفكر بضغطة زر أن يصل إليها.
ماذا لو كان هناك تطبيق عصري للقافلة يستدرج الجيل الجديد إلى الثقافة والوعي؟ ماذا لو كانت هناك جائزة ربع سنوية لأفضل مقالة علمية أو ثقافية أو اجتماعية للطلاب على مستوى المملكة؟ لتُنشر مقالة الفائز في أحد أعداد المجلة تشجيعًا للطلاب على الاطلاع والتعلم.
ماذا لو جُمعت المقالات وصُنفت بحسب موضوعاتها العلمية والأدبية؟ لتصدر في كُتب تحت اسم “القافلة”، وتُوزَّع في معارض الكتب والمكتبات. ماذا لو واصلت القافلة وتوسّعت في نشر مواضيعها عبر البودكاست؟
لا تنتهي المقترحات، ولا ينتهي الحديث الشائق مع القافلة؛ وأخشى أن تشكّل مقترحاتي الكثيرة عبئًا إضافيًا. لكن متطلبات ثقافة هذا الجيل اختلفت، والساحة ممتلئة بالمنافسين، وقد تحول التركيز إلى الجوانب التقنية الحديثة، ويجب التكيّف ومواكبة عالم الثقافة الإلكترونية.
سألناه عن شكل البيت الجديد الذي يأمل أن يقرأ فيه “القافلة” عام 2028م، فتحدَّث عن آفاق الثورة الصناعية الرابعة وتقنيات المواد في مجال البناء.
بيت ذكي ومريح!
حين تبلغ القافلة يوبيلها الماسي، لن تكون صناعة البناء والتشييد أبدًا بمعزل عن مقومات الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي، الذي يُلقي بظلاله على أوجه الحياة المختلفة.
أصبحت الأجهزة والآلات اليوم تعمل ضمن شبكات ذكية تتجاوز قدراتها مجرّد تنفيذ أوامر البرمجة المسبقة، بل صار بإمكانها التواصل والتفاعل بعضها مع بعض لتتكيّف وتصحّح ذاتها. والمتوقع أن تدخل تقنية إنترنت الأشياء واستخدامات الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل البناء والتشييد، بداية بالتصميم من خلال البرامج المتطورة ومرورًا بمواد البناء وانتهاءً بطرق التنفيذ المختلفة وفقًا للنظم الإنشائية المخطط لها، بل ستؤثر حتى في صيانة المباني نفسها.
أضعف هذه الحلقات في الوقت الراهن هي مرحلة التنفيذ؛ إذ قد تغيب بعض المعايير والمواصفات، وقد تنخفض جودة العمل في أجواء الحر القاسية أو البرد القارس، فضلًا عن عدم ضمان وجود العامل المؤهل في الموقع. وهذه الحلقة هي التي تتسبب واقعًا في تدهور المباني في وقت قصير. فإذا ما تصدينا لهذه المشكلة نكون قد حققنا إطالة عمر المبنى وحافظنا على الاقتصاد.
البيت الذي سنقرأ فيه “قافلة” المستقبل، قد يتصدّى لهذه المشكلة بأتممة التشييد، ومواكبة التحول الرقمي، وتحسين البصمة الكربونية، وتعزيز أداء المبنى في استهلاك الطاقة. وربما نقرأ في القافلة قريبًا عن حلول مهمة وإنجازات رائعة في هذا المضمار. هذه المنظومة المتشابكة يمكن أن تتجسد في بيت المستقبل، وأتوقع أن يتّجه البناء في السنوات الخمس القادمة إلى الوحدات مُسبقة الصنع (Modular).
حاليًا، هناك عدة أصناف لهذه الوحدات الجاهزة. فهناك الألواح الخرسانية المعزولة، التي يمكن أن تختلف في أسماكها وأبعادها بحسب التصميم. وهناك أيضًا الوحدات الخرسانية الخلوية خفيفة الوزن، والمصنوعة من مادة تحتوي على فراغات (فقاعات هواء). والنوع الثالث هو الخرسانة المعزولة التي تأتي في هيئة قوالب مصنوعة من ألواح البوليسترين المرن عالي الكثافة. أما النوع الرابع، فعبارة عن الوحدات الخرسانية الجاهزة ثلاثية الأبعاد مسبقة الصنع التي تُجمع.
فهل تكتب القافلة قبل يوبيلها الماسي عن نجاح أحد هذه الأصناف في اكتساح صناعة البناء؟
مستقبلًا، ستُنقل جميع هذه الوحدات من خارج المدينة إلى الموقع، وقد تُستخدم الروبوتات في عملية التركيب والتحكم في الإحداثيات والمراقبة عن طريق الطائرات المسيرة، التي قد تُستخدم أيضًا في رش الخرسانة. وهذا سيوفر الجودة والسرعة، كما قد يحسن الاستدامة ويقلّل من التلوث البيئي داخل المدينة.
هناك أيضًا نقلة نوعية منتظرة في مواد البناء، حيث أُنتجت مادة إسمنتية عالية الجودة على هيئة سائلة، يمكن لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد استخدامها في البناء على طراز الحيطان الحاملة. ولن أنسى أن أذكر أن خرسانة المستقبل ستكون خرسانة خضراء، وقد تُحقن بثاني أكسيد الكربون المنبعث من مصانع الإسمنت، مما سيساعد على تقوية الخرسانة، ويُسهم في الحد من التهديد الناتج عن البصمة الكربونية.
في ذلك البيت المُستقبلي المبني بسواعد التقنية، هل نتصور رفًا تنتظم عليه أعداد مجلة القافلة، أم تغيب المطبوعات ويتراجع دورها في منازلنا؟
نجــــوى العتـــيبي
أكـــاديمية وروائيــة
تحدّثنا مع صاحبة رواية “رف اليوم”، وهي رواية متشائمة عن مستقبل يمكن أن نشتري فيه الصديق والابن من رفوف السوبر ماركت، وسألناها عن رواية تتوقّع أن تصدر في عام احتفال القافلة بيوبيلها الماسي. فتنبأت بروايتين متشائمتين للمستقبل، من دون أن تغلق باب الأمل تمامًا!
المستقبل يُصنع الآن
إلى أي مدى يمكن تخيل كواليس المشهد الثقافي خلال خمس سنوات قادمة؟ لنضع خلفية مؤلمة من الجائحة والعزلة في الحسبان، لأنها وجَّهت النظر نحو روايتين مربكتين؛ تتعلّقان بانتهاء الموارد من ناحية، وانفجار التكنولوجيا على طاقات متعددة من ناحية أخرى. ويمكن القول إن كلتا الروايتين صارت واقعًا محسوسًا اليوم.
لو أمعنّا النظر بالعدسة التقنيّة المستقبلية، لأمكننا رؤية منصات ثقافية وإبداعية مشغّلة آليًّا. ستعمل تلك العقول اللامرئية مؤقتًا تحت إشراف بشري، ولن تلبث حتى تستقل بنفسها كما حدث في أكثر من تجربة! ستسيطر تلك العقول على الإعلام بلا رحمة، ومن ثم التواصل، وسيكون الفكاك منها مستحيلًا، حتى نستمع في مرحلة ما إلى إعلام يخص الآلات لا البشر.
كل المشاريع التي يجري العمل عليها ستتوقف، فبدلًا من تأليف كتاب عن موضوع ما في عام أو عامين أو ترجمته وخسارة الورق عليه، سيُكتب ويُترجَم في دقائق وسيُتاح مجانًا. وبدلًا من تحرير مقالات وصفّها وتدقيقها في أسبوع وأكثر، سينتهي الأمر في دقيقة وتُنشر بلا حقوق أو مصداقية. وسيُصرف النظر عن الأعمال الأصيلة بمنطق القوة. ستستبعد الآلاتُ الجهودَ البشرية لتبرز وحدها، وستوفّر بالدقيقة الواحدة ما يُراد الحصول عليه من معلومات وأعمال. سيُصاب العاملون في المجال بالذهول والإحباط، والمتلقي سيرتبك إلى ما لا نهاية. ستكون العودة إلى القافلة خيارًا ممتازًا، فباعتبار دعمها المؤسسي يمكنها ضمان الاستمرار والجودة، ومحاولة المقاومة للبقاء والمنافسة بقوة.
هذا من زاوية رواية واحدة! توجد رواية أخرى تتعلق بأزمات المناخ، إذ يدور لغط كبير حول تغيُّر الأرض أو اصطناع التغيير؛ وأيًّا كان السبب، فإنّ قلة الموارد نتيجة حتمية حينئذٍ، وستغيّر وجه الصناعات حتمًا؛ وسيؤدي ذلك إلى تقنين استعمال التكنولوجيا بسبب الانبعاثات التي يحتاج إليها التشغيل. سيُشدَّدُ على التجمعات وما تتطلّبها من سفر وتنقّل، وعلى الورق وصناعته وطباعته، وكذلك تداول المال نقدًا. سينقلب الدور ليتحوّل الإنسان العادي إلى متلقٍّ ومنتظر بعد أن كان صانعًا للخبر عبر المنصات والوسائط.. أمور كثيرة ستتغير بما يدمّر المجال الثقافي وأهله تمامًا.
مرة أخرى، لن يكون في وسع أحد إلا التراجع نحو الصحافة القديمة. والقافلة هنا ستكون خيارًا بارزًا لاعتبارات تتعلق بالدعم المؤسسي والجودة أيضًا.
أما لو سار الوضع على ما هو عليه، يتقدم ببطء، ويتشكّل بما يناسب المرحلة، يكتب المختصون، ويبدع الكُتّاب والموهوبون، يتلقّى القراء من مصادر الثقافة ما يميلون إليه، ويشاركون بما يحبونه وما يتقنونه؛ فستكون القافلة أيضًا خيارًا ممتازًا.
وفي كل الاحتمالات التي قد تشكّلها روايةٌ ما؛ الأصالة ليست خيارًا مطروحًا على الرفّ، بل متوفرة دائمًا إن جرت رعايتها، وهذا ما حرصت القافلة على تقديمه منذ سبعين عامًا.
لم تقدّم القافلة نفسها إلا رافدًا ثقافيًّا حقيقيًّا بلا مقابِل ماديّ، وظلّت تستقطب الأقلام المميزة من النخب والموهوبين، وتفتح باب المشاركة لمن يرغب. تقدّم تحقيقات وملفّات عميقة تمسّ اللحظة، وفي الوقت نفسه تناسب المتلقي العادي ولا تستغني عنها النخب.
وأيًّا كانت الروايات التي يمكنها تشكيل المستقبل حقًا؛ فسيكون محكّ البقاء دائمًا لمن عمل جاهدًا في الأمس القريب والبعيد واللحظة الراهنة. فجزء من المستقبل يتشكل في تلك اللحظات، وهذا ما عملت عليه القافلة.
سألناه عن شكل السينما السعودية بعد خمس سنوات، في اليوم الذي ستشرق فيه شمس عدد الاحتفال باليوبيل الماسي لـ”القافلة”. فتفاءل أن ذلك اليوم سيشهد تعاظم رأس المال الحقيقي للسينما السعودية، وهم مبدعو هذه السينما أنفسهم.
سينما ذلك اليوم
لطالما واكبت مجلة القافلة تحولات العالم العربي منذ منتصف القرن العشرين، ودأبت على إقامة عُرس المعرفة عبر مقالات وتحقيقات استقصائية متنوعة، يثق القارئ بمصداقيتها وجودتها المعرفية. هذه المواكبة كانت تتجدَّد مرحلة بعد مرحلة، وقد شملت، ضمن ما شملته، رصد صناعة السينما السعودية الصاعدة وتسليط الضوء عليها منذ أيامها المبكرة.
والسينما السعودية في تطور مستمر يبشّر بمستقبل واعد، منذ عودة عروض الأفلام الجماهيرية في أبريل 2018م مع فتح صالات السينما التجارية. افتُتحت حتى هذا العام 620 صالة عرض سينمائية في 69 دارًا بين 20 مدينة سعودية، وعُرضت عشرات الأفلام بينها 33 فِلمًا سعوديًا. وهذه الحصة تنمو عامًا بعد عام ضمن فضاء صناعة سينمائية واعدة، تقوم بالعمل والتخطيط لسياساتها الإستراتيجية هيئة الأفلام السعودية، التي تأسست عام 2020م.
وفي نوفمبر 2021م، أطلقت هيئة الأفلام إستراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي لصناعة الأفلام في قلب الشرق الأوسط، معتمدة على عدة ركائز من أهمها تحفيز الإنتاج الدولي في المملكة وتطوير المواهب وتحفيز الإنتاج المحلي. وهذا يحدث بخلق بيئة تنظيمية مناسبة تعزز قطاع الأفلام.
ومن إطلاق الإستراتيجية حتى إصدار هذا العدد، يتصاعد هذا الحراك بإنتاج أفلام سعودية حققت أرقامًا قياسية في شباك التذاكر، كفِلم “سطار” بوصوله إلى بيع 900 ألف تذكرة، ووصول ثلاثة أفلام سعودية إلى مهرجان تورنتو السينمائي، وهي: “هجّان” من إخراج أبو بكر شوقي ومن إنتاج “إثراء”، و”مندوب الليل” من إخراج علي الكلثمي، و”ناقة” من إخراج مشعل الجاسر. كما أُنتجت عدة أفلام هوليودية من أبرزها فِلم “قندهار”.
أمّا على مستوى حيوية المشهد السينمائي، فنشهد تزايدًا ملحوظًا في عدد السعوديين المشتغلين في كتابة السيناريو وبقية التخصصات الأخرى، كالصوت والمكياج والإضاءة. ولا ننسى أن أحد أهم أهداف إستراتيجية صناعة الأفلام في السعودية هو “التفرغ”، لذا من المرجح أن يرتفع العدد خلال الأعوام القليلة القادمة إلى 10 آلاف فني سعودي متفرغ في صناعة الأفلام. وعلى مستوى مهرجانات السينما في المملكة، ستظهر بلا شك مهرجانات جديدة متخصصة، وستغطي مدنًا جديدة لم تُقم فيها مهرجانات من قبل.
الجمهور من جهته سيعتاد تذوق الأفلام السعودية خلال السنوات الخمس القادمة، وسيساهم في ذلك ارتفاع جودة الأفلام المنتجة، والروح التي يتحلى بها الجمهور المحلي من حيث دعمه لكل ما هو سعودي. كما سيشهد النقد السينمائي تطورًا بولادة نقاد جدد، ومن المؤكد أن خطابه سيتطور من مجرد انطباعات إلى تحليل فني بعد امتلاك أدوات النقد السينمائي، وأولها المعرفة بوسائل الصناعة وأدواتها.
ويمكن اعتبار إقامة منتدى الأفلام السعودي، مطلع أكتوبر 2023م، بمنزلة قراءة محسوسة وملموسة للمستقبل، وذلك بإعلان عدد من الاتفاقيات الإنتاجية الضخمة بين قطاع السينما السعودي وقطاعات سينمائية عالمية. كما يمكن اعتبار زخم المشاركة العالمية والإقليمية والمحلية في المنتدى دليلًا على اهتمام قطاع الإنتاج بالسوق السعودية الجديدة والمتنامية عامًا بعد عام.
أخيرًا، الفيصل في تطور صناعة الأفلام السعودية خلال العقد الحالي، سيكون في رأس المال الإبداعي السعودي، وهم الفنانون والمخرجون والمؤلفون السعوديون. وهؤلاء، بكل ما يقدمه هذا الفضاء المحرض على الإبداع، سيبدعون ويرسمون المستقبل؛ لأن الموهبة تتوهج في المناخات المحفزة، كمناخ زمننا، زمن نهضة الثقافة والسينما السعودية.
اترك تعليقاً