استناداً إلى موقع يوتيوب، باتت المملكة تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في عدد المشاهدات في اليوم الواحد، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل. ووصل عدد مشاهدي الموقع في السعودية إلى 200 مليون مشاهدة في اليوم الواحد. بحيث أصبح بالإمكان وصف موقع اليوتيوب على شبكة الإنترنت بأنه سينما الشباب السعودي وتلفزيونهم، بعدما تمكنّوا من جعل هذا الموقع محلاً أولاً وأساسياً لعرض أعمالهم المصوّرة من برامج تلفزيونية ومسلسلات وأفلام قصيرة ووثائقية اجتماعية.
قبل ست سنوات بقليل، بدأ الشباب السعودي تقديم برامجه وفديوهاته وأفلامه النقدية التي تتناول حياته اليومية بأسلوب كوميدي. وقد أثبت الكثير أن هذا الافتتان الكبير من قِبل الجمهور بما يقدِّمونه لم يكن مجرد زوبعة في فنجان، كما اعتقد البعض في البداية. بل هو عمل فني سينمائي حقيقي يندفع اندفاعاً نحو التطور والدوام واستقطاب المشاهدين.
فقد نجح هؤلاء في تقديم مادة سينمائية بلغة عصرية يفهمها شباب جيل ثورة الاتصالات وعالم الإنترنت، واختاروا لها عناوين منسلّة من اللغة العامية أو من العبارات المتداولة بين الشباب.
ودفعت المتابعة العامة لبرامج اليوتيوب المعلنين إلى التحرك بعدما بدا لهم أن المشاهدين حلّوا اليوتيوب وعوالمه مكان شاشات التلفزيون التي باتت تبدو أقل جاذبية وأكثر تقليدية.
أرقام وشهادات
فقد بلغ عدد مشاهدي «قناة صاحي» السعودية أكثر من 80 مليوناً، ويخطط القائمون عليها للوصول إلى 500 مليون مشاهدة قبل 2015!
أما إبراهيم الخير الله الذي يقدِّم برنامج «التمساح» الشهير فيقول إن المصدر المالي «اليوتيوبي» جيد، ولكنه ليس مرتفعاً كما هو حال التلفزيون. لكن المردود المعنوي والمادي لليوتيوب مجزٍ بما يكفي.
وإلى ذلك يضيف محمد بازيد مقدِّم برنامج «التاسعة إلا ربعاً» أن حضوره «الإنترنتي» فتح له آفاقاً واسعة، مستشهداً باستقطاب قناة روتانا له لتقديم نشرته الإخبارية الساخرة عبر قناتها بشكل أوسع وبمحتوى أضخم ومع طاقم عمل أكبر عدداً.
وما يقوله هؤلاء عن برامجهم مستلّ من مقابلات صحافية كثيرة ومتداولة تحتفي بعالم الإنترنت السعودي. ولا بد من ذكر أسماء برامج تلقى متابعة هائلة أيضاً ومنها «خمبّلة» و«مسامير» و«بامبي» و«لا يكثر» وغيرها التي لا يتسع المقام لذكرها. ونتيجة للشهرة التي حققتها هذه البرامج، عملت شركات تلفزيونية كبيرة على استقطاب معدِّيها وممثليها ومخرجيها لتحويلها إلى برامج تلفزيونية بميزانيات أضخم، بحثاً عن جذب متابعيها عبر الإنترنت وتحويلهم إلى جمهور تلفزيوني.
ومن البرامج التي باتت تجذب عدداً كبيراً من المتابعين والمشاهدين من السعودية وخارجها، نذكر برنامج «يشبهك» الذي يقدِّمه الكاتب والصحافي عبدالله المغلوث. وقد برز هذا البرنامج منذ حلقته الثانية بعنوان «طفولة أب»، التي تتناول قصة رجل خمسيني مصاب بـ «متلازمة داون» رزقه الله خمسة أبناء أصحاء أصبحوا آباء له. يقول المغلوث إنه بعد إضاءته على هذا المرض عبر اليوتيوب، هطلت عليه رسائل إلكترونية كالمطر تتحدث عن تحديات كبيرة يعانيها المصابون بمتلازمة داون في وطننا العربي. وكأن شبكة الإنترنت باتت مسرحاً وافياً لعرض مشكلات مدفونة أو غير مطروحة في وسائل الإعلام الأخرى التي تستغل وقت بثها في عرض برامج التسلية والترفيه، بينما يسمح عالم اليوتيوب بعرض كل أنواع البرامج التي تتناول كل ما يمكن لكائن بشري رقمي ومتابع، أن يتخيَّله. ويذكر أن البرنامج هو من إنتاج قناة «سين» بالاشتراك مع جمعية «مسك الخيرية».
عالم اليوتيوب الذي يصنعه السعوديون واسع ومتشابك. وفي هذه المقالة تناولنا جزءاً صغيراً يتعلق ببرامج المسلسلات، وفي مقالات مقبلة سنضيء على السينما والفديو التي تلقى بدورها رواجاً غير معهود لفنيتها العالية وللأفكار النيّرة التي تدور حولها.