ماذا لو؟

ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران بالتدريج؟

Vintage-Solar-System-Printable-GraphicsFairy2في مقالة العدد الماضي قدَّمنا إجابة محتملة عن السؤال: ما الذي سيحدث إذا توقفت الأرض عن الدوران فجأة؟ وفي هذا المقال سنحاول أن نجيب عن سؤال مشابه: ماذا إذا توقفت الأرض عن الدوران.. إنما تدريجاً عبر ملايين السنين مثلاً؟

إن نتائج هذين التوقفين مختلفة تماماً كما سنرى. فمن باب التبسيط سنفترض أن أحد أوجه الأرض بعدما توقفت تماماً عن الدوران سيكون مقابلاً للشمس دائماً، مثل الوجه المنير للقمر بالنسبة للأرض. بمعنى آخر، ستدور الأرض حول نفسها مرة في السنة فيما يسمى بالمدار المتزامن مع الشمس، كما هو القمر في مدار متزامن مع الأرض حالياً.

عطفاً على هذا التصور، فسيكون الوقت هو منتصف الليل، أو قبيل المغرب، طوال السنة على أحد وجوه الأرض. وسيكون الوجه المقابل للشمس في حالة نهار دائم سرمدي. هذا الوضع سيرفع درجة الحرارة في المناطق حول خط الاستواء بمستويات أعلى بكثير من المعروف حالياً، وسيكون التفاوت في درجات الحرارة بين خط الاستواء والقطبين أشد تطرفاً مما هو الآن. ومع استمرارية هذا الفرق الكبير -بحكم أن الأرض باتت لا تدور- ستتحول مسارات الرياح لتهبّ من خط الاستواء إلى القطبين، على عكس ما هو حاصل حالياً من تكوّن نطاقات للرياح الدائمة (قطبية، تجارية، موسمية) بموازاة خط الاستواء.

من ناحية أخرى، يعتقد العلماء أن دوران الأرض حول محورها هو أهم أسباب تكوّن مجال الأرض المغناطيسي. وبالتالي فإن توقف الأرض عن الدوران سيلغي وجود هذا المجال في معظمه، مما سيوقف حدوث ظاهرة الشفق القطبي (الأورورا). لكن هذه ستكون أهون مشكلاتنا؛ لأن مجال الأرض المغناطيسي يحمي سطحها من الأشعة الكونية والجسيمات عالية الطاقة التي تضربها من الفضاء الخارجي وتهدِّد جميع الكائنات الحية.

mapأخيراً، فإن دوران الأرض حول محورها ينظم التيارات المائية في المحيطات، وهو السبب الرئيس في وجود ما يسمى بمستوى سطح البحر. إذ إن قوة الطرد المركزية الناتجة عن الدوران تلغي تأثير قوة الجاذبية الأرضية، وهذه الأخيرة فعلياً أقوى على سطح الأرض من ناحية القطبين مقارنة بقوتها على خط الاستواء بسبب انبعاج كرة الأرض عند قطبيها (شكل الأرض هندسياً أقرب للقطع الناقص). وعند توقف الأرض عن الدوران، ستُلغى قوة الطرد المركزية وبالتالي سيبقى تأثير قوة الجاذبية فقط. وتدريجاً ستنحسر المحيطات ناحية القطبين. وعلى مرّ السنين، ستنمسخ خارطة الأرض إلى التالي: في الشمال محيط كبير يمتد من القطب وحتى كندا وأوروبا وسيبيريا، حول خط الاستواء حزام قاري متصل يكوّن كل اليابسة في العالم، ومن الجنوب محيط هائل آخر يلامس الأجزاء الجنوبية من إفريقيا ويغطي أمريكا الجنوبية بالكامل كما في الخارطة التخيلية أعلاه.

بالمختصر، فإن التوقف التدريجي للأرض عن الدوران لن ينهي الحياة على سطحها بالضرورة، لكنه حتماً سيقلبها رأساً على عقب!

المصدر: http://www.esri.com/news/arcuser/0610/graphics/nospin_9-lg.jpg

أضف تعليق

التعليقات