خلال العام الجاري 2011م، سيبلغ عدد سكان العالم سبعة بلايين نسمة، حسبما أعلنت المصادر المتخصصة في الأمم المتحدة. وهو ضعفا ما كان عليه عدد سكان العالم قبل 40 سنة فقط.
ولو ألقينا نظرة على ما كانت عليه أحوال العلوم (وبالتالي التعليم) خلال العقود الأخيرة، لوجدنا أن معظمه كان مبنياً على أساس يولي النوعية الجيدة والأكثر تطوراً، أهمية تلك التي كانت (ولا تزال) تُعلَّق على الكم. حتى كادت مفاهيم مثل «الابتكار» و«التطوير» أن تنحصر في إطار التقنيات التي تجعل حياة الفرد أسهل مما كانت عليه، والمنتجات من حوله قادرة أكثر من سابقاتها على تأدية الوظائف المطلوبة منها. فما من سنة إلا وحملت إلينا طرازاً جديداً من كل ما نستخدمه في حياتنا، بدءاً بجهاز التلفزيون، وصولاً إلى الأدوية. ولكن إلى متى يمكن أن يستمر غرق العلم والعلوم في الأجزاء والتفاصيل؟
خلال السنوات الماضية (أو ربما العقود القليلة الماضية)، عندما كانت البشرية تسير صوب رقم السبعة بلايين نسمة. أطلَّت قضايا جديدة برأسها لتشغل رؤوس السياسين والعلماء سوية وعلى حد سواء.
التغير المناخي، المجاعات المحتملة، الفقر، التلوث، الإفراط في استهلاك الطاقة، عواقب تضخم المدن على الصعد البيئية والاجتماعية، أزمات المياه، الأمية، الأحوال الصحية…إلخ. ومثل هذه القضايا التي ما كانت لتظهر قبل أكثر من نصف قرن، صارت ذات ضغط متصاعد على حكومات العالم وعلمائه، تفرض عليهم البحث عن حلول. ومما لا شك فيه أن اليوم الذي سيعلن فيه عن وصول عدد سكان العالم إلى سبعة بلايين نسمة، سيشكل محطة (إعلامياً على الأقل)، تزيد من ضغط مثل هذه القضايا.
والسؤال هو: كيف السبيل إلى المواجهة وإيجاد
الحلول؟
الحاجة هي أم الابتكار والاختراع. وستفرض هذه الحاجات الجديدة نفسها على العلوم والتعليم أكثر من أي وقت مضى. فعلم الأرصاد الجوية مثلاً، الذي لم يكن يثير اهتمامات الكثيرين كتخصص جامعي قبل نصف قرن، لأن مجال التوظيف فيه كان شبه منحصر في المطارات، صار في السنوات الأخيرة علماً متشعباً، تتعطش إلى خريجيه الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات عديدة.
وقس على ذلك باقي المجالات والتحديات، مثل إدارة المياه، توفير الطاقة، التلوث البيئي، تهديد أجناس حية بالانقراض، الزراعة وتطويرها لإطعام سبعة بلايين شخص.. كلها تحظى باهتمام ملحوظ في يومنا. ولكن من المرجح أنها ستتطلب اهتماماً مضاعفاً عدة مرات خلال العقد المقبل. وتتفرع عن العلوم الخاصة بهذه المجالات علوم وتخصصات كثيرة، يرجح كثيرون أن تغير هيئة التعليم الجامعي في العالم. وما البرامج والتخصصات الجديدة التي يتضاعف عددها في جامعات العالم عاماً بعد عام، إلا مؤشر لما سيكون عليه التعليم العالمي خلال السنوات المقبلة، وأيضاً لما ستكون عليه فرص العمل المفتوحة وفي أية مجالات.
وبإلقاء نظرة استعادية شاملة على مسيرة العلم والتعليم كما كانت خلال العقود القليلة الماضية، وما ستكون عليه خلال السنوات المقبلة، يمكننا أن نوجز هذه المسيرة بالقول إن العلم والتعليم يعودان إلى التطلع صوب المسائل الكبرى، بعدما غرقا لفترة في الاهتمام بالمنجزات التطويرية الصغيرة، أو ربما يصح القول، إنها يعودان إلى إصلاح ما أفسده التركيز الفائق على الإنجازات التطويرية الصغيرة.