حياتنا اليوم

لوّن حياتك

وطِّن نفسك للمفاجأة، حلوة كانت أو ضد ذلك. ابتسم للوردة، تلك التي لم تأتِ إلى شرفتك عبثاً. وتناول كأس مشروبك المفضَّل، كما لو كنتَ تحضر حفلَ تخرجك. قدر ما تطيق، استمتع بهذي الحياة؛ لأن الوقت أقصر من أن نمضّيه حزناً، أو على دكّة انتظار.

كم طفلاً، يشعر الآن بصداقتك المخلّصة له، يعاملك كند. يشكو إليكَ غياب حلواه، ويحكي لك للمرَّة الأربعين، نكتته المائتة ضحكاً. كم عاملاً في مدينتك، يشعر أنك أخوه الذي جاء من بلاده البعيدة، تمسح عنه عرق روحه، وتتودّد إليه بالسؤال عن عائلته وبنيه المنتظرين لهفة تمتد من وراء البحارِ، إلى عمق الصحراء هذه.

تجيء المواسم، وترحل. تترك عليك ضغطها، وشغلها. إن خرجت من أتون الصيف وسفراته وخططه. جاءك رمضان بعبادته وتسوقه وأماسيه. سيحلّ بك العيد. وستأتي الدراسة من جديد. سيجيء الحج، وتكون له أفكارك التي تريد. وطِّن نفسكَ أنك عائش بسعادة كل موسم يعبر. لا يحزنك الخريف، ولا يبللك الشتاء.

تحتاج الحياة لمن يعاملها بحنكة جَد، وبسمة طفل، وحنوّ أم، وقسوة أب، ومشورة أخ. لكل وقت ما يريده، لا ما يفرضه، ولكل فرصة انتهازتها.

تمور من أمامنا الحياة، تأخذ، لكنها أيضاً تعطي. لا تنظر إلى الذين رحلوا، قدر أن تبسم للذين يجيئون. لا تعوّد كفك التلويح للمغادرينَ، قدر أن تمرّسه على مصافحة الآتين.

لم يعد الأمر ترك القلق؛ أصبح العالم أكثر بؤساً من أن يعطيك رفاهية اختيار كهذه. بل أن تعرف كيف تروّض هذا القلق، كيف تحكي له حكايا الثقة حتى ينام. ولم تعد المسألة أن تبدأ الحياة. بل أن يتأخر الموت، ذاك الذي يقتنصنا بكل نشرة إخبارية وطريق سريع.

لوِّن حياتك، اصبغ دروبها بورديّة الفرح، وسماويّة البهجةِ، واخضرار المروج. هب حيطان منزلك ألواناً، ولو قاتمة. المهمّ ألاَّ تعتاد روتينيّة بياض النهار، واسوداد الليل. بل اغرق في خضرة الأشجار وزرقة المياه وصفاء السماء وفضيّة القمر.

صادق من استطعت. تبسم لكل عابر. اجعل من إشارات المرور الكئيبة، مواقيت استذكارٍ، لأولئك الذين ستدوّخهم اليوم بتذكرٍ، أو سلام، أو رسالة حلوةٍ، أو هدية مفاجأة.

وظِّف ملكة البهجةِ أكثرَ وأكثرَ في عوالمك اليومية. ابتسم حتى لصورتك في مرايا العرض، وواجهات محلات الشوارع. حلّ قهوتكَ، مهما تكن مرارتها. وانظر: هل زادت نجوم السماء هذه الليلة واحدة.

لا شيء يمكنه خنقكَ، ما لم تكن رقبتك قريبة من قبضات القلق. العالم الذي يموت اليوم فيه من ضحايا القلق والكآبة، ثلاثة أضعاف ما كان يموت سابقاً، يحتاج لبسمات أوسع. لقلوب أكثر انشراحاً وبهجة وسروراً. تنفق اليابان وحدها 3 مليارات دولار لأجل أن تكافح القلق والانتحار كلّ عام. ماذا تقول البلدان الأخرى إذن. افرح يا صديقي، وغنّ للحياة. الحياة الآتية كصفحة بيضاء. ممتدة البراءة. هات ألوانك، وتعال نرسم قوسَ قزح.

أضف تعليق

التعليقات