في بعض أنحاء إثيوبيا قد يتطلب الحصول على مياه الشرب رحلة تستغرق ست ساعات عل الأقل. فيمضي الناس في تلك المنطقة من العالم حوالي 40 مليار ساعة سنوياً في محاولة للحصول على المياه وتجميعها. وحتى عندما يجدونها، قد تكون المياه غير آمنة لكونها مجمعة من بحيرات وبرك مملوءة بالبكتيريا وملوثة بفضلات الحيوانات.
استقطبت قضية شح المياه التي تؤثر على مليار شخص في إفريقيا وحدها اهتمام عديد من الأشخاص والمؤسسات والحكومات في العالم. ولكن الحلول التي طرحت إلى الآن من تحلية مياه البحار إلى تحويل مياه الصرف إلى مياه صالحة للشرب تتطلب تقنيات معقدة يصعب تطبيقها في تلك المناطق النائية من العالم.
ولذلك قام المصمم الصناعي أرتورو فيتوري بتقديم فكرة بسيطة لاستخراج المياه الصالحة للشرب، فقد صمم هيكلاً بشكل قبة لا يعتمد على القطع المعقدة أو التصاميم الهندسية المتطورة وإنما يرتكز على بعض العناصر الأساسية مثل الشكل ونوعية المواد المستخدمة والطرق التي تعمل من خلالها. واستمد فكرة هذا التصميم من شجرة الوركاء المنشرة بشكل واسع في إثيوبيا، التي تشبه بشكلها القبة بغصونها الوافرة وتستقطب إليها السكان المحليين الذين يتجمون تحتها لكي يتفيأوا بظلها. ومن النظرة الأولى، يبدو هذا التصميم الذي يرتفع 30 قدماً ويشبه البرج البيضاوي وكأنه عمل فني رائع. ولكن أدق تفاصيله، من التقوسات المدروسة بعناية، إلى المواد المستخدمة، هي ذات وظيفة معينة.
يتألف الغطاء الخارجي لهذا البرج من سيقان نباتات الأسل المرنة خفيفة الوزن، منسوجة بطريقة معينة لتثبت في وجه الرياح القوية، وفي الوقت نفسه تسمح للهواء بالدخول. وفي وسط هذا التصميم هناك شبكة سلكية مصنوعة من النايلون أو من البولي بروبلين، تشبه مصباحاً كبيراً على الطراز الصيني، تساعد على تجميع قطرات الندى التي تلتصق على سطحه. وعند هبوب الهواء البارد تتكثف القطرات وتتدحرج في وعاء في أسفل البرج. ومن ثم تتدفق المياه المتراكمة في الوعاء في أنبوب يعمل كصنبور يحمل المياه إلى كل من يحتاجه. وقد أثبتت التجارب أنه باستطاعة هذا التصميم الذي أصبح يعرف بـ «مياه الوركاء» أن يوفر أكثر من 25 غالوناً من المياه في يوم واحد.
وقد تكون من أهم مميزاته بُعده عن الحلول المستوردة المعقدة، وبمجرد أن يتعلَّم السكان المحليون طريقة بنائه، يمكنهم تعليمها ونقلها إلى القرى المجاورة الأخرى.