كتب عربية
مجسمات جدّة: ترميم مجموعة نادرة من أعمال القرن العشرين الفنية
تأليف: مجموعة مؤلفين
الناشر: Booth Clibborn
(تحت الطبع)
يروي هذا الكتاب قصة ترميم مجسمات جدة الشهيرة التي يبلغ عددها حوالي 400 مجسم موزعة في الحدائق والشوارع والساحات. وقد تم جمعها في متحف كبير في الهواء الطلق في مساحة 7000 متر مربع يُعد من أكبر المتاحف المفتوحة في العالم، وذلك في محاولة لوضعها أمام جمهور جديد مختلف تماماً.
ولأن هذه المجسمات، التي أصبحت جزءاً مهماً من تاريخ المدينة، تأثرت بفعل مناخ جدة الحار والرياح والرمال، أُطلق في عام 2011م مشروع ترميم هذه المجسمات، التي صنعها فنانون معروفون عالمياً، مثل هنري مور وخوان ميرو من أجل ضمان بقائها في حالة جيدة. وقد رمم بعضها ودُعّم بعضها الآخر واستعادت المجسمات مجدها الأول. ويظهر هذا التوثيق الجديد في هذا الكتاب، من خلال كتابات وصور أُخذت بناءً على الطلب، ومن خلال الوثائق الأصلية في كتاب هاني فارسي: «جدة، مدينة الفن، المجسمات والمنحوتات»، الذي صدر عام 1991م والذي يضاهي في قيمته الوثائق القديمة والجديدة المعروضة. وهذه المواد المطبوعة جزء من عملية الذاكرة نفسها، التي يُعاد من خلالها إحياء الثقافة المتغيرة. كما أن تاريخ مجسمات جدة ونُصبها يجعل من الممكن قراءة المدينة كنظام ضخم من الرموز. فهذه العناصر توحي بصور من الحياة، ومن نفي الموت، ومن التاريخ بصفته طريقاً للتطورّ والتقدم..
الفرص والتحديات في دول الخليج العربي
الناشر: مركز المسبار للدراسات والبحوث (2015)
يأتي هذا الكتاب في واحدة من أفضل مراحل دول الخليج العربي على الرغم من التحولات الكبرى التي تمر بها المنطقة. فقد استطاعت الدول الخليجية، نتيجة ارتفاع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، زيادة فائضها المالي بشكل غير مسبوق في تاريخها، مما وفَّر لها الفرص لمتابعة وتطوير مشاريعها التنموية. وقد بدأت العمل على إيجاد بدائل للاستهلاك المحلي للطاقة، سواء من خلال المحطات النووية أو الطاقة الشمسية. وثمة توجهات جادة عند هذه الدول لدعم روَّاد الأعمال في القطاعات كافة، خصوصاً القطاع التقني. وبالفعل شهد العقد الأخير قصص نجاح لأفراد ومؤسسات خاصة في دول الخليج العربي، كما عرف القطاع الحكومي، لا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، تطوراً متنامياً.
ولكن إلى جانب هذه الفرص والنجاحات هناك تحديات عديدة تواجه دول الخليج العربي، لذلك وُضِع هذا الكتاب حيث تسعى الدراسات المُدرجة فيه إلى الإحاطة بمجموعة من القضايا والملفات المرتبطة بالبيت الخليجي التي توزعت على محاور عدة: سياسية، وتنموية، وإصلاحية، وإقليمية… إلخ. ويتمنى الباحثون، واضعو هذا الكتاب، أن تُسهم الأفكار المطروحة في إثارة التفكير حولها، خصوصاً وأن المنطقة تمر بمنعطف تاريخي يشهد تحولات عميقة على كافة الصعد.
أمة من العباقرة: كيف تفرض العلوم الهندية هيمنتها على العالم
تأليف: أنجيلا سايني، ترجمة : طارق راشد عليان
الناشر: سلسلة عالم المعرفة (2015)
تذكر الباحثة البريطانية، أنجيلا سايني، في كتابها هذا أن الهند غدت أمة من العباقرة والكادحين المهرة، وفرضت سيطرتها على العالم من عدة نواحٍ علمية. وتوضح سايني كيف أنَّ الهند، وهي أمة غارقة في الروحانيات، استطاعت التوفيق بين تلك الروحانيات والعقلانية القوية وغزت العالم بالعلماء في مختلف المجالات. وقد أرجعت الفضل في هذا للإنجازات والإنشاءات العلمية التي قام بها رئيس الوزراء الهندي الراحل، جواهر لال نهرو.
كما توضح المؤلفة كيف تفسح العلوم القديمة في الهند المجال للعلوم الجديدة، وكيف تنتقل تكنولوجيا الأثرياء إلى الفقراء، كما تغوص في أعماق نفوس مواطني الهند المتعطشين للعلم.
ويعرِّف الكتاب بمشاريع هندية متعدِّدة منها برنامج الفضاء الهندي الذي أرسلت الهند من خلاله العام 2008م مسباراً إلى القمر، وكلف المشروع 90 مليون دولار، وأنَّ هذه التكلفة أقل بخمسة أضعاف من تكلفة أحدث رحلة للمسبار القمري الذي أرسلته الولايات المتحدة. وقد وصل برنامج الفضاء حالياً لمرحلة جديدة، فبحسب التقارير التي نشرتها الصحف سينفَّذ بحلول العام 2015م، وسيسافر أحد رواد الفضاء الهنود لأول مرة على متن صاروخ صمَّمه علماء من الهند.
من متاهات الحياة
تاليف: عبدالهادي بن سعود السبيعي
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون (2015)
يتضمَّن هذا الكتاب خلاصة مجموعة تجارب حياتية جمعها الكاتب عبدالهادي ابن سعود السبيعي، بأسلوب يتسم بالجدية والرصانة والعمق، ولا يمارس وصاية نقدية على المتلقي، أو يصادر حقه في قراءة خاصة، بل يترك له حرية الخوض في عالم مملوء بمجموعات من الرؤى والعوالم الخلَّاقة والمتشابكة، انسلَّت في الكتاب بنفس سردي وصفي يعتمد الأسلوب الحكائي، وبقدر عالٍ من الدلالات المتناوبة التي تدخل في بنية نصوص الكاتب وفي التقاطاته الذهنية والحسية والمعرفية.
يقول الكاتب في المقدِّمة التي تصدَّرت كتابه «من متاهات الحياة»: «هُنا وفي هذه الأسطر، سأطرح متاهات حياتية يعيشها أشخاص أو جماعات، وسأقوم بسرد هذه المشكلة بثوب المتاهة التي تواجه كل شخص مِنَّا في خضم العولمة التي أدنت البعيد، وأخذتنا داخل جعبتها المملوءة بالمغارات المُظلمة، التي جعلتنا في دوامتها المملوءة بالمتاهات، مما يُحتم علينا الأخذ بالجيد الذي يكفل الحياة السعيدة البعيدة عن مشكلات الحياة الفانية، والوقوف على عتبات النور والخروج من دهاليزها الوعرة لعبق الحياة الجميلة».
يُقسِّم الكاتب محتويات عمله إلى ستة فصول، تبدأ بمتاهات أسرية، مروراً بمتاهات التربية أشكالها وأساليبها ثم المراهقة ودور الأسرة في هذه المرحلة وطرق الاهتمام والتوجيه، ومتاهات الاختيار ومنها الوظيفي والزوجي، ثم لا يلبث أن يعرج على متاهات عامة، مثل: متاهات الفشل، متاهات شبابية، متاهات إلكترونية، متاهات تعليمية، متاهات أخلاقية، ومتاهة الشيخوخة.
المراجعة في البيئة الإلكترونية
تأليف: جيهان عبدالمعز الجمال
الناشر: دار الكتاب الجامعي (2014)
شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة تطورات مستمرة في صناعة تقنيات المعلومات، ونمواً متزايداً في مجال التجارة الإلكترونية وما صاحبها من ظهور نظم المحاسبة الفورية. ولا شك أنّ هناك تأثيراً جوهرياً لتلك التحديات التقنية على مستقبل كل من المحاسبة والمراجعة الذي يعتمد على إدراك هذه التحديات الناتجة من متطلبات التجارة الإلكترونية والتطور التقني للمعلومات.
وقد صاحب تزايد المعاملات الإلكترونية تعرُّض عديد من المنشآت العالمية المعروفة لانهيارات مالية بسبب إخفاقات الرقابة المهمة، بما أن ضوابط الرقابة الداخلية تُعد أحد العناصر المهمة الرئيسة لآليات حوكمة الشركات، وقد أصبح مديرو المنشآت الكبرى على دراية عميقة بالحاجة إلى تلك الضوابط وحتميتها حتى يظلّوا على معرفة كاملة بمعايير حوكمة الشركات داخل المنشأة.
يهتم هذا الكتاب بدراسة المراجعة في ظل البيئة الإلكترونية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تم تقسيم الكتاب إلى تسعة فصول تتسم بالتسلسل المنهجي والتكامل والشمول.
الإسعافات الأولية العاطفية
تأليف: د. جاي وينش
الناشر: مكتبة جرير (2015)
تماماً كما نصاب بجروح جسدية، يشكِّل الفشل والشعور بالذنب والرفض والضياع جزءاً من الحياة، مثل المرفق المخدوش أو العضلات المصابة. غير أننا بينما نعمد بطبيعة الحال إلى تضميد جرح أو وضع ثلج على مفصل ملتوٍ، فإن الإسعافات الأولية للجروح العاطفية ليست متوافرة بالنسبة لكثير منا، ولربما كانت غير موجودة على الإطلاق. وبالتالي، فإن الجروح العاطفية التي لا تبدو خطيرة بما يكفي لطلب مساعدة الخبراء عادة ما لا يتم علاجها، مما يشعرنا بالاستياء أكثر مما ينبغي ولفترة أطول مما نحتاج.
لكن لحُسن الحظ، يوجد شيء من قبيل الإسعافات الأولية العقلية للمشاعر المجروحة. ففي هذا الكتاب المنظَّم البسيط، يسوق الطبيب النفسي جاي وينش أحدث الأبحاث العلمية لكي يقدِّم علاجات محددة ومتدرِّجة، تتسم بالسرعة وسهولة التطبيق والفاعلية بالنسبة للمشكلات المعروفة التي تُراوح ما بين الاجترار القهري وحتى التقدير الذاتي المتدني. وباستخدام مواقف من واقع الحياة كأمثلة، يبيِّن المؤلف كيف أن أفعالاً بسيطة يمكن أن تساعدك على تخفيف الآلام العاطفية، والخروج من المشكلات، والتعامل مع العقبات بثقة وشجاعة.
كتب من العالم
بابل العلمية: لغة العلوم من سقوط اللاتينية إلى بروز الإنجليزية
Scientific Babel: The Language of Science from the Fall of Latin to the Rise of English
تأليف: مايكل غوردن
الناشر: Profile Books – March 2015
تحوّل العلماء اليوم إلى مجتمع شبه متجانس لغته الرئيسة هي الإنجليزية. ولكن بروز اللغة الإنجليزية لم يكن حتمياً، كما أنّه لم يكن سوى مسألة حديثة جداً.
ففي دراسة تاريخية شاملة من القرون الوسطى إلى يومنا الحالي، يقوم مايكل غوردن بتفكيك شبكات السياسة والمال والصراعات العالمية والشخصية المتداخلة التي أدّت بنا إلى دنيا العلوم الحالي المتسم بسيطرة اللغة الإنجليزية عليه تماماً. ويأخذنا غوردن في رحلة من سقوط اللاتينية إلى بروز الإنجليزية، راوياً كيف فقدنا الألمانية والإيطالية والسويدية ولغات عديدة مهمة أخرى عبر الزمن. وكيف أنّ أهمية اللغة في المجال العلمي شديدة للغاية، فقد حدث ذات مرة أن تُرجمت إحدى الكلمات خطأ من الروسية إلى الألمانية ما أدّى إلى نشوب نزاع ملتهب بين ألمانيا وروسيا حول اكتشاف الجدول الدوري أو جدول مندليف للعناصر الكيميائية. كما أنّه، من خلال دراسة غوردن، ندرك كيف أنّ المجال العلمي ليس مسعى عالمياً من أجل الحقيقة فقط، وإنما موضوعاً للمناورات السياسية والمزاحمة الوطنية والمنافسة الشخصية الحادة.
باختصار، يُظهر هذا الكتاب، المملوء بالقصص المشوِّقة، كيف أسهم العالم في صناعة العلوم تماماً مثلما حوّلت العلوم العالم.
المال يصنع السعادة. أين أخطأت الأبحاث الاقتصادية المتعلِّقة بالسعادة
Geld Macht Doch Glucklich: Wo die Okonomische Glucksforschung irrt
تأليف: جوشيم ويمان، أندرياس ناب، روني شوب
الناشر: Schaffer-Poeschel Verlag – 2012
هل بإمكان المال أن يشتري السعادة؟ هل المدخول المادي مقياس موثوق للرضا عن الحياة؟ في الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، كان الاعتقاد السائد بأن السعادة مرتبطة بالازدهار المادي وحده. ولكن ابتداءً من ستينيات القرن الماضي ظهرت قيم أخرى مؤثرة مثل السلام والمشاركة السياسية والحقوق المدنية وحماية البيئة. في هذا الكتاب يستكشف ثلاثة علماء اقتصاد الرابط بين السعادة والازدهار في محاولة لإيجاد مقياس حقيقي للرضا عن الحياة.
يسلِّط هؤلاء الكتَّاب الضوء على تطوّر الأبحاث حول السعادة عبر الزمن، ويحاولون تقييم ما يسمى بـ «مفارقة إيسترلين» التي تقول إن معدَّل الرضا عن الحياة لا يعتمد على المدخول المادي فقط. كما أنهم يجيبون عن التساؤلات حول ما إذا كانت الأبحاث التي حاولت تقييم مستوى السعادة تطرح الأسئلة التي يستوجب طرحها. وهم بذلك يدمجون الأبحاث والآراء الحديثة التي تضيف التجدد، وتقيّم بشكل صحيح ما سموه بـ «اقتصاد السعادة» في مقابل العناصر الأخرى التي تسهم في مستوى أعلى للرضا عن الحياة.
عولمة عدم المساواة
La Mondialisation de L’inegalite
تأليف: فرانسوا بورجينون
الناشر: Seuil – 2012
في كتابه «عولمة عدم المساواة» يستكشف فرانسوا بورجنيون الروابط المعقَّدة والمتناقضة بين الاقتصاد العالمي الحيوي الذي رفع مستوى المعيشة لأكثر من مليار شخص في الدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل، وعدم المساواة المتزايد ضمن الدول نفسها. مستكشفاً دور العولمة في زيادة عدم المساواة، يتبنى بورجنيون مقاربة جديدة وعالمية لانخفاض عدم المساواة بين الدول المختلفة وزيادتها ضمن الدول نفسها، والسياسات التي يمكن اتباعها لتعديل التأثيرات السلبية لعدم المساواة.
يقول المؤلف إنه في العالم المعولم الذي نعيش فيه يصبح من الصعب فصل العوامل المحلية والعالمية التي تؤدي إلى عدم المساواة، ويركّز على كل عامل من خلال عدّة مصادر ليرى متى تحقق هذه المصادر التوازن فيما بينها، ومتى تعزِّز بعضها الآخر. ويتخذ الأزمة الاقتصادية الأخيرة مثالاً ليستكشف الأسباب التي أدّت إلى عدم المساواة حيث تراجعت مستوياتها إلى ما كانت عليه قبل عدّة عقود في دول معيَّنة. ويتساءل ما إذا كانت لهذه النتائج علاقة بالعولمة أو أنها محدودة بدول معيّنة.
وفي النهاية يقول بورجنيون إنّ المسألة تعود للدول النامية والمتقدّمة، على حد سواء، لوضع سياسات أكثر فاعلية، على الرغم من أنّ العولمة تحدّ من نطاق وفاعلية أدوات إعادة التوزيع المحتملة.
النيل: رحلة على النيل من خلال ماضي مصر وحاضرها
The Nile: A Journey Downriver Through Egypt’s Past And Present
تأليف: توبي ويلكنسون
الناشر: Knopf – 2014
يأخذنا المتخصص في الشؤون المصرية، توبي ويلكنسون، في رحلة أخّاذة في الزمن والجغرافيا إلى مصادر النيل الساحرة: النيل الأزرق في إثيوبيا والنيل الأبيض الذي يبدأ مساره من بحيرة فيكتوريا، إلى وادي الملوك في الطيبة (الأقصر حالياً) ووادي الملكات وهيكل الأقصر والدلتا الخصيب وأهرامات الجيزة، الشاهد الوحيد المتبقي على روعة العالم القديم، وأخيراً إلى القاهرة النابضة بالحياة. ومن خلال هذه الرحلة يعرّفنا إلى شخصيات غامضة وخرافية وعلى الملوك والملكات والفراعنة الذين ربطوا مصيرهم بنهر النيل على أمل أن يحصلوا على الحياة الأبدية. ومن خلال سعة معرفة لا تضاهى ومهارة سردية رائعة وعين أشبه ما تكون بعدسة تلتقط صورة بانورامية أخَّاذة، يقوم ويلكنسون باستعادة آلاف السنين من التاريخ تتمحور كلها حول نهر النيل العظيم.
البيانات وجالوت: المعارك الخفية لجمع البيانات والتحكم في عالمك
Data and Goliath: The Hidden Battles to Collect your Data and Control your World
تأليف: بروس شناير
الناشر: W.W. Norton & Company – 2015
يمكن للجهة التي تزوِّدك بهاتفك المحمول أن تحدِّد مكانك وتعرف تحرّكاتك، ويمكن لأنماط مشترياتك على الإنترنت وفي المتاجر أن تكشف إذا كنت عاطلاً عن العمل أو متأهلاً أو عازباً ومعلومات خاصة أخرى. كما تكشف اتصالاتك في البريد الإلكتروني والرسائل القصيرة التي ترسلها من هم معارفك وأصدقاؤك المقرَّبون. وتعرف غوغل طريقة تفكيرك لأنها تحفظ كلّ ما تبحث عنه من خلالها.
وتقوم الجهات التي تراقبنا بأكثر من تخزين البيانات الخاصة بنا، إذ تستخدمها بعض الشركات بالتحكم، ليس فقط، بالأخبار التي تصلنا وإنما بالإعلانات التي نراها. كما أن الحكومات تستخدم هذه المعلومات لدواعٍ أمنية. والأخطر من كل ذلك أنه يمكن لمعلوماتنا الخاصة أن تصل إلى مجرمي الإنترنت الذين من الممكن أن يلحقوا الأذى بنا.
ومما لا شك فيه أننا نقدِّم كل البيانات الخاصة بنا بإرادتنا، والنتيجة هي أننا تحوّلنا إلى مجتمع مراقبة صنعناه بأنفسنا. ولكن السؤال المطروح هنا: هل يوازي حجم ما قدّمناه وتنازلنا عنه حجم ما كسبناه من كل ذلك؟ في كتابه «البيانات وجالوت» يقدِّم خبير أمن الإنترنت مساراً آخر يقدِّر الأمن والخصوصية في آنٍ، ويظهر ما يجب القيام به لإصلاح برامج المراقبة وعمل الشركات المستخدمة لبياناتنا الخاصة، إلى جانب تقديم النصائح لحماية أنفسنا في تعاملاتنا اليومية.
بين كتابين
الذكاء الصناعي: هل ثمة داعٍ للقلق؟
اختراعنا الأخير: الذكاء الصناعي ونهاية عصر الإنسان. تأليف: جيمس بارات
Our Final Invention: Artificial Intelligence and the End of the Human Era. By James Barrat
الناشر: Thomas Dunne Books – 2013
على صورتنا: هل سيؤدي الذكاء الصناعي إلى إنقاذنا أم إلى تدميرنا؟ تأليف: جورج زاركاداكيس
In Our Image: Will Artificial Intelligence Save or Destroy Us? By: George Zarkadakis
الناشر: Ebury Digital – 2013
لا شك في أن الإنسان وصل إلى ما هو عليه اليوم بكونه أذكى المخلوقات على الأرض. وبما أنه لا يمتلك مخالب ولا أنياب ولا حتى القدرة على إفراز أيّ مواد سامة، يبقى الذكاء عنصر القوة الأهم لدى الإنسان. ولكن المؤسسات حول العالم اليوم، بما فيها الجامعات ووكالات الدفاع وعمالقة الإنترنت، بدأت تسعى لابتكار ما يهدِّد عنصر القوّة هذا. فهي تعمل على تصنيع آلات قد تكون أذكى من الإنسان. حيث ستمتلك، ليس ذكاءً صناعياً عادياً فقط، ولكن ذكاءً صناعياً خارقاً. فالجنس البشري بدأ يلهث لاختراع ما يمكن اقتلاعه من مكانه واحتلال محله.
بدأ بعض العلماء وأهم أدمغة العالم يبدون قلقهم من تلك المسألة. فعلى سبيل المثال، حذّر البروفيسور ستيفن هوكينغ مؤخراً من أنّ الذكاء الصناعي، إذا ما أصبح حقيقة، يمكنه أن يشكِّل «خطراً فعلياً في المستقبل غير البعيد». كما أن أصواتاً أخرى بدأت تعلو في أوساط المتخصصين في صناعة التكنولوجيا، بمن فيهم مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، ومؤسس سكايب جون تالين، اللذان أكَّدا أنه يجب التفكير ملياً قبل ابتكار هذا «المارد» الخطير. وهناك كتابان حديثان يكشفان عن هذا الوعي المعاصر حول مثل هذه المسألة.
قد يعتقد البعض أن الذكاء الصناعي سيكون مثل أي اختراع آخر مثل العجلة والكمبيوتر المحمول، أي اختراع يمكن استخدامه لتطوير المصالح البشرية. ولكن عالِم الرياضيات المعروف أ. ج. غود أدرك منذ خمسين عاماً أن الأمر لن يكون كذلك. فقد قال إن مجرد اختراع الإنسان لآلة تكون أكثر ذكاءً منه، سيكون من الطبيعي أن تتولى هذه الآلة مهمة تصميم آلات ذكية أخرى، يمكنها أن تصمم آلات أخرى أكثر ذكاءً، وهكذا دواليك. وبكلمات غود: «من دون أدنى شك سيكون هناك انفجار في الذكاء وسيتخذ الذكاء البشري مكانة خلفية. وبالتالي، ستكون أوّل آلة متفوقة الذكاء آخر اختراع يقوم به الإنسان».
تكمن توقعات غود في صلب كتاب «اختراعنا الأخير: الذكاء الصناعي ونهاية عصر الإنسان»، حيث يقوم الكاتب وصانع الأفلام، جيمس بارات، بمقابلة أبرز الأشخاص الذين يعملون في مجال تطوير الآلات الذكية، ويقدِّم حجة واضحة حول لماذا يجب أن نقلق. صحيح أنَّ التطوّر نحو تحقيق الذكاء الصناعي المتفوق كان أبطأ من المتوقع، ولكنه، مع ذلك، حقق إنجازات مهمة مثل أجهزة الكمبيوتر التي استطاعت أن تهزم بطل الشطرنج غاري غاسباروف في 1997م، والجهاز الذي استطاع الفوز في برنامج المسابقات الأمريكي الشهير «جيوبوردي» في 2011م. ومن خلال مقابلات بارات توقَّع أكثر من 40 بالمائة من الخبراء اختراع الآلات الذكية المتفوقة خلال 15 سنة من الآن، وتوقعت الأكثرية الساحقة منهم وضعها في الاستعمال في منتصف القرن الحالي على أبعد تقدير.
وبعد غود، يظهر بارات كيف يمكن للذكاء الصناعي أن يصبح ذكاءً خارقاً خلال أيام؟ وذلك عندما يتمكن من إصلاح أي خلل فيه ذاتياً، ويعيد كتابة البرامج الخاصة به ويستخدم الثروة المعرفية المتوافرة على الإنترنت. وبمجرد حدوث هذا «الانفجار في الذكاء» لن نستطيع فهم أو التنبؤ بما ستقوم به الآلات خارقة الذكاء هذه.
ولكن، حتى الآن، يبقى دليلنا الوحيد للعيش مع هذه الآلات الخارقة ما رأيناه في قصص وأفلام الخيال العلمي. في كتابه الغني الحديث «على صورتنا: هل سيقوم الذكاء الصناعي بتدميرنا أم إنقاذنا؟»، يمزج جورج زاركاداكيس، الذي كان باحثاً في مجال الذكاء الصناعي قبل أن يتحوَّل إلى الكتابة، بين صور الخيال العلمي التي رأيناها في الأفلام واستكشافات التكنولوجيا والفلسفة والتاريخ المعمق للذكاء الصناعي. ويكشف المؤلف كيف تتشكل أهداف وطموحات صناعة التكنولوجيا من خلال قرون من «الاستعارات المتتالية والروايات المتضاربة عن الحُب والخوف»، من شخصية الدكتور فوست الذي كان يسعى إلى الكمال العقلي والجسدي إلى شخصية فرانكنشتاين الذي كان يحاول السيطرة على الطبيعة، وكيف يمكن أن تكون تلك الروايات مضللة لنا.
يقول زاركاداكيس إنه لدينا كجنس بشري نزعة لتجسيم الأمور، أي وضعها بجسم معيّن، وأنه من خلال هذه النزعة نحاول فهم التكنولوجيا. ومن خلال الروبوتات الذكية في أفلام قصص الخيال العلمي مثل الـ «Terminator» و«Marvin» نتخيّل بأننا نحقق حلمنا القديم بابتكار مخلوق على صورتنا. ولكن آلات الذكاء الصناعي ستكون بعيدة عن الأنسنة، إذ لن تستطيع مشاركة الإنسان ملايين السنين من تاريخ تطوره، ولن تكون محدودة بدماغ مكوّن من لحم ودم. ويسأل زاركاداكيس: من يعرف ما ستكون أهداف هذه الآلات وقيمها أو كيف ستتعامل معنا؟
قد تكون توقعات هذين الكتابين مجرّد فانتازيا خيالية، وقد يكون من الصحيح ما أشار إليه أحد الباحثين بأن الإنسان لم ينجح بعد حتى باختراع آلة يمكنها أن تدخل البيت وتحضر فنجاناً من الشاي، ولكن إذا ما نجحت آلات الذكاء الصناعي بالسيطرة على العالم فلن يكون ذلك بالدخول إلى مطابخنا وتدمير كل شيء على طريقة الـ «Terminator»، بل من خلال السيطرة على البنية التحتية الرقمية التي بدأنا الاعتماد عليها بشكل متزايد أو بإقناعنا بنياتها البريئة لنفتح لها الباب أو بطريقة لا يمكن تخيلها. فبالنسبة لما هو على المحك، وحتى لو كانت هناك فرصة ضئيلة لهذه الهواجس بأن تتحقق، فإن هذين الكاتبين على حق بأنه علينا أن نقلق.