كتب (قافلة النشر)

كتب

كتب عربية

التنمية الصناعية في المملكة العربية السعودية.. واقع وطموح
تأليف: فرج بن عبدالمحسن القحطاني
الناشر: دار طيبة الخضراء بمكة المكرمة، 2017م

يرصد هذا الكتاب واقع الصناعة السعودية، ويدرس آفاق تطوُّرها انطلاقاً من أهمية التنمية الصناعية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية الكبرى، وضرورة تطويرها لتتلاءم مع التغييرات الحاصلة على الساحة العالمية. يشير الكتاب إلى سُبل العمل على تذليل العقبات التي تحول دون التطوُّر الصناعي ودون استغلال الإمكانات والمقومات الموجودة من أجل تأمين تنوُّع مصادر الدخل. وبعد أن يشير الكتاب إلى إسهامات العرب والمسلمين في الصناعات والاكتشافات، يسعى لتوضيح مفهوم التنمية والتصنيع، ويحدِّده بطريقة تزيل عنه الغموض، ومن ثمَّ يتناول مقومات الإنتاج الصناعي وعناصره وسُبل توفير الإمكانات والطاقات البشرية والبنى التحتية اللازمة. ومن المثير للاهتمام أنه يعرض لتاريخ الصناعة السعودية، بحيث يتناول بداية الاكتشافات النفطية حتى الآن، ويعرض لتطور الصناعات السعودية الأخرى. واستعان المؤلِّف بإحصاءات وبيانات رسمية للوقوف على أهم الصناعات في المملكة وعدد المصانع بها والمدن الصناعية المنتشرة في جميع أرجائها.
ويؤكد الكاتب أن التوقعات تشير إلى أن المملكة العربية السعودية ستكون في المرتبة الثامنة عشرة بين أكبر الاقتصادات العالمية عام 2030م، مما يعطي أهمية قصوى لمكانة المملكة صناعياً في المستقبل. وفي خاتمة الكتاب، يقترح المؤلِّف بعض الأفكار القابلة للبحث والنقاش من أجل تحقيق التطوُّر الصناعي المطلوب.

ضد المكتبة
تأليف: خليل صويلح
الناشر: دار نينوى، 2017م

يدعو الكاتب خليل صويلح في هذا الكتاب إلى الإطاحة بفكرة المكتبة الكلاسيكية رأساً على عقب، و”إلغاء الشكل الفلكلوري للمكتبة، كمظهر استعلائي” كما يقول. ففي هذه الدعوة بحث عن الكتب التي تغيِّر المصائر حسب الروائي الأمريكي جيمس بالدوين، وعن القراءة النوعية في كتب تتوغَّل في “الأحراش الكثيفة المعتمة”، وفي قراءات مكثّفة لأبرز العناوين المؤثرة، وفقاً لذائقة القارئ الشخصية. وهنا يشير إلى تجربته مع رواية «الجريمة والعقاب» لدوستويفسكي التي قرأها على ضوء قنديل الكاز، وما زالت تشعُّ في أعماقه كالنجمة المضيئة، وإلى ندبة ما لم تغادر روحه لأنَّه لم يقرأ “آلام فارتر” لـغوته، ولأنه لا يتذكَّر سطراً واحداً من رسائل ذلك العاشق المحزون الذي انتهي منتحراً.
ينادي صويلح بتعزيز فكرة “ضد المكتبة”، ويدعو إلى ضرورة تلخيص المكتبة بما يوازي تكثيف المتنبي للشعر الذي جعل محمود درويش يقول: “كل ما أردت أن أقوله قاله هو في نصف بيت: على قلقٍ كأن الريح تحتي”. وفوق كل ذلك يتساءل صويلح: “هل كل ما اقتنيناه من كُتب ينبغي الحفاظ عليه، لا سيما في ظل الثورة التقنية التي أتاحت امتلاك كمبيوترات محمولة على هيئة مكتبة متنقِّلة تحتشد بالأفكار؟”.
وباختصار، إن مناداته المُضادة للمكتبة هي في الواقع دعوة إلى القراءة، لكن من موقع مختلف على غرار أصحاب الرؤى الفريدة والخارجة عن المألوف، مثل إمبرتو إيكو الذي لطالما حاول هزّ الأفكار السائدة بسرديات مضادة.

عين الشمس: ثنائية الإبصار والعمى من هوميروس إلى بورخيس
تأليف: عبدالله إبراهيم
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2018م

يعالج هذا الكتاب للناقد العراقي عبدالله إبراهيم ثقافة العميان ابتداءً بالشاعر اليوناني هوميروس قبل الميلاد، مروراً بأهم الكتّاب العميان في التاريخ، من أمثال ابن سيده وأبي العلاء المعرّي، والعكبري، والرازي وزين الدين الآمدي، وصولاً بالطبع إلى العلامة طه حسين والكاتب الأرجنتيني بورخيس في نهاية القرن العشرين. وكان لا بد للكاتب من التوقف عند “الأسطورة العمياء”، أو أسطورة أوديب الملك الذي يقوم بسمل عينيه تكفيراً عن ذنب لم يتعمّد اقترافه، التي كانت في صلب التراجيديا اليونانية القديمة. يقول إبراهيم إن لجماعة العميان ثقافة مشتركة لكونها تتشارك في أساليب مشابهة في التفاعل والتواصل في ما بينها ومع الآخرين، وتتحكم بها أعراف مماثلة في تحديد التوجهات الفكرية والميول العاطفية والرؤية العامة للعالم. كما تعتمد هذه الجماعة على قواعد مشتركة في إنتاج الخطاب وتداوله وفي أعراف التأليف الشفوي قبل أن يتم تدوينه، حيث تراعى القواعد الخاصة نفسها بالمكفوفين. وهذه النظرة إلى العميان لكونهم جماعة تواصلية وليسوا أفراداً موجودين في أماكن مختلفة في سياق التاريخ الاجتماعي، تساعد على فهم المخزون الثقافي الذي ينهلون منه واكتشاف العبقرية التي تتجلَّى في أعمال عديد منهم.
ويختم الكاتب هذا الكتاب، الذي يُعد أول كتاب موسوعي في اللغة العربية عن ثقافة العميان، بأمثلة عديدة عن المدونات السردية التي تظهر تجليات ثقافة العمى عند كُتَّاب من أمثال كورولنكو وأمبرتو إيكو، وساراماغو، ويوسف إدريس، وغسان كنفاني، وإبراهيم أصلان ومحمد خضير، وهـ.ج. ويلز، ومن ثم يتوقف بالتفصيل عند تجربة بورخيس السردية.

يتلهون بالغيم، حوارات مع شعراء من العالم
تأليف: حسن الوزاني
الناشر:
منشورات المتوسط، 2018م

يلتقي في هذا الكتاب خمسة وعشرون شاعراً، ينتمون إلى جغرافيات ولغات وأجيال مختلفة من خارج العالم العربي، وإلى سبع عشرة دولة. يجمعُهم انتصارهم للقصيدة، وللرغبة في إعادة كتابة تفاصيل العالم والحياة اليومية الإنسانية، كلٌّ بطريقته.
مع الحوارات، نُعيد اكتشاف المشتَرك الإنساني على مستوى الوعي بالقصيدة، وعلى مستوى وظيفتها المفترَضة داخل سياقات جغرافية واجتماعية وثقافية مختلفة.
من الشعراء الذين يشملهم هذا الكتاب لوان ستاروفا (مقدونيا)، ألبريتو كورابل (التشيلي)، مريم مونطويا (كولومبيا)، توبياس بورغاد (ألمانيا)، كازيميرو دي بريتو (البرتغال)، لطيف بدرام (أفغانستان)، مونيك جوطو (كندا)، غاي بنيت (الولايات المتحدة الأمريكية)، كاي طيانكسين (الصين)، ماري كلير بانكار (فرنسا)، جوزيبي كونتي (إيطاليا)، تكرول طنكول (تريكا) وأدريان كريما (مالطا).
يقول الوزاني “أغلب الشعراء الذين يضمّهم هذا الكتاب تربطني بهم صداقات عميقة. دخلتُ بيوت بعضهم، بدعوة منهم، وشاركتُهم الطعام. وإذا كان أغلبهم، كما تكشف عن ذلك نصوص الحوارات، يجهلون الثقافة العربية، فإنهم يمتلكون أيضاً الرغبة في الحوار والتّعلّم، كما يُبدون كثيراً من التعاطف مع هذه الثقافة، ومع قضاياها”.

فن الموسيقى السينمائية
تأليف: إيهاب صبرى
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2017م

يسلِّط هذا الكتاب الضوء على عنصر أساسي في بناء الفلم السينمائي، ألا وهو الموسيقى التصويرية التي تلعب دوراً مهماً في الصيغة النهائية المتكاملة للفلم، وتضفي الحيوية على السرد الروائي للقصة. ولكي نفهم أهمية الموسيقى التصويرية في الأفلام السينمائية ما علينا إلاّ أن نشاهد الفلم السينمائي من دون أي موسيقى مرافقة، فعندئذٍ ندرك الحاجة الماسة إلى العنصر الموسيقي الذي يبعث الحياة في كثير من المشاهد ويزيد من تفاعل جمهور المشاهدين معه. يؤكد المؤلف في هذا الكتاب أن الموسيقى التصويرية تضيف بعداً آخر للمشهد بإشراك الأذن، وهي من دون شك إحدى الوسائل الرئيسة التي تعزِّز الأثر السيكولوجي للفلم على المشاهد.
وإضافة إلى إظهاره أهمية الموسيقى التصويرية السينمائية، يعرض الكتاب للإطار التاريخي لفن الموسيقى التصويرية منذ اكتشاف سر فاعليتها في بداية عصر السينما الناطقة حين سبقت الحوار في أفلام شارلي شابلن، ومنذ أن نقل الموسيقيون عن أوبرات الموسيقار الألماني الشهير فاجنر فكرة الموضوع أو اللحن الموسيقي المقترن بشخصية أو بمكان أو بشيء إلى الأفلام السينمائيـة. ومن ثم يتناول الكاتب أبرز مؤلفي الموسيقى السينمائية على الصعيد العالمي وعلى صعيد السينما المصرية.

الحضارة الصينية في التراث العربي
تأليف: فيصل بن سويد
الناشر: نشر ذاتي، 2017م

يقول المؤلِّف عن كتابه: “في هذا الكتاب سرت نحو سور الصين العظيم أحاول أن أتسلَّق أسواره، أختلسُ النظر إلى هذه الحضارة العظيمة التي يندر ذكرها في تراثنا العظيم. جمعت ما كتبه سلفنا عن هذه الحضارة التي لم تنل حظها كما نالت باقي الحضارات، منتقياً المعلومات من كتب التراث، في موضوعات متعدِّدة تبيِّن ثراء هذه الحضارة العريقة التي استمرت آلاف السنين كما يذكر المؤرِّخون العرب. وكذلك لنثبت أن حضارتنا لم تغفل عن جميع الحضارات في عصرها وما سبقها وأبدعت في ذكرها، وعلى رأسها الحضارة الصينية”. يتحدَّث الكتاب عن الحضارة الصينية ولكن من منظور عربي يجتمع فيه ما كتبه الأسلاف العرب عن الحضارة الصينية، فيسلِّط الضوء على رحَّالة عرب زاروا بلاد الصين وسجَّلوا مشاهدات لافتة فيها، لنتعرف من خلالهم إلى صناعات الصين وسلوك ملوكها وحكمتهم وموقع الصين في الشعر العربي وأسلوب الكتابة الغريب فيها. فنقرأ عن الرحَّالة الأندلسي سعد الخير الصيني الذي ارتحل من فالنسيا في شرق الأندلس إلى الصين، وعن الرحَّالة ياقوت الحموي الذي قال عن ملوك الصين: “ليس في العالم أكثر تفقداً ورعاية من ملك الصين”. وعن أشكال هذا الحرص ونصرة المظلوم ناقوس المظلومين الذي اشتهر به ملوك الصين، وهو ناقوس موجود في مجلس الملك موصول بسلسلة طرفها في الشارع خارج قصر الملك وما أن يسحبها المظلوم حتى يقرع الناقوس في مجلس الملك ويتم استدعـاء المظلوم عند الملك ليستمع إلى شكواه، كما اهتم ملوك الصين اهتماماً واسعاً بالصناعات والحرص على جودتها.
باختصار نطلّع في هذا الكتاب على جوانب مهمة من علاقة الحضارة الصينية بالحضارة العربية، ونتعرف إلى الحضارة الصينية العظيمة التي أصبحت من أقوى اقتصادات العالم.


كتب من العالم

أصوات الكتاب العرب بين الأمس واليوم
Voci di scrittori arabi di ieri e di oggi
By I. Camera D’Afflitto
تأليف: إيزابيلا كاميرا دافليتو
الناشر: 2017 ,Bompiani

اختارت المستعربة الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافليتو مجموعة من القصص العربية القصيرة وترجمتها إلى الإيطالية وأصدرتها في هذه الأنطولوجيا المعنونة “أصوات الكُتَّاب العرب بين الأمس واليوم” لتعكس مدى غنى الأدب العربي المعاصر وتنوُّعه الذي لم ينل حقه من المعرفة والاطّلاع في أوروبا والعالم. فأول ما يتبادر إلى الأذهان في الفكر الغربي عند الحديث عن الأدب العربي قصص “ألف ليلة وليلة” التي تختصر صورة نمطية وغرائبية عن العرب وثقافاتهم ومجتمعاتهم.
فمن خلال خمس وثلاثين قصة من الأدب العربي المعاصر، تسعى دافليتو في هذا الكتاب إلى تقديم إطلالة على الأدب العربي تتناقض تماماً مع الفكرة البدائية الشائعة عنها. فتبرز تنوُّع الأساليب في معالجة مجموعة من القضايا تتراوح بين الروحانية والتقليد، وبين الغربة والمنفى، ووجوه المرأة المتعدّدة، والعلاقة بين الجنسين، والتمرد الاجتماعي، والعيش المشترك بين الطوائف المختلفة، والشقاء النفسي والإحساس بالوحدة.
والجدير بالذكر هنا أن هذه الأنطولوجيا تتناول أجيالاً مِن كتّاب القصة القصيرة حتى جيل الستينيات، ومن المتوقع صدور جزء ثانٍ بعنوان “أصوات المستقبل” يقدِّم قصص الحداثة المتأخرة أو ما بعد الحداثة لكتاب القصة القصيرة من الشباب. 

أربعة جدران وسقف: الطبيعة المعقدة لمهنة بسيطة
Four Walls and a Roof
The Complex Nature of a Simple Profession
Reinier de Graaf
تأليف: راينييه دي غراف
الناشر: 2017 ,Harvard University Press

يسود الاعتقاد بأن الهندسة المعماريـة نوع من أنواع الفنون الراقية التي تشكِّل العالم كما تراه وترسمه، ولكن كتاب “أربعة جدران وسقف” يتحدَّى هذه الفكرة، مقدماً صورة عن العمل الفعلي الذي يقوم به المهندس المعماري اليوم.
فاستناداً إلى تجاربه العملية والمثيرة في آنٍ، يكشف راينييه دي غراف، الذي يُعد من أبرز المهندسين المعماريين في العالم، عن عالم العمارة المعاصرة في لقطات حيَّة من ضواحي نيويورك إلى أنقاض الحرب في شمال العراق، ومن أروقة أجمل القصور في لندن وموسكو ودبي إلى البيوت المتواضعة للإسكان الاجتماعى في أنحاء مختلفة من العالم. ونتعرف في هذا الكتاب إلى مجموعة من المهندسين المعماريين الذين تقتصر مهمتهم على ترجمة الطموحات إلى صلبٍ وخرسانات فنية، وأصحاب المشاريع الذين تمثل لهم الهندسة المعمارية مجرد فرصة للاستثمار، وسلسلة من السياسيين والبيروقراطيين والاستشاريين الذين لا بد من المرور بهم على طول الطريق بين أي فكرة معمارية وتنفيذها النهائي.
يروي كتاب “أربعة جدران وسقف” قصة مهنة تحدِّد من قبل قوى خارجية عديدة، بقدر ما تحدِّد من الإلهام الفردي، وتتحكم بما يمكن أن يصممه المهندسون المعماريون. فلتحقيق أي مشروع يجب على المهندسين المعماريين أن يخدمـوا السلطــات التي يسعــون إلى نقدها، ولا مفر من أن يجدوا أنفسهم في صراع دائم مع مصالح متصارعة.

مجنون
Insane by Rainald Goetz Translated by Adrian Nathan West
تأليف: راينالد غوتز
ترجمة: أدريان ناثان ويست
الناشر: 2018 ,Fitzcarraldo Edsition

كتب المؤلِّف الألماني راينالد غوتز هذه الرواية في ثمانينيات القرن الماضي معتمداً على خبرته الشخصية بوصفه كمتخصص في الطب النفسي، ورسم صورة مستشفى الأمراض العقلية كمؤسسة إجمالية. حيث نتابع معه قصة الدكتور رسب، الطبيب النفسي الشاب، الذي دخل مهنة الطب العزيزة على قلبه وهو يحلم بإحداث تغييرات إيجابية عديدة في حياة مرضاه. ولكن، في مواجهة الممارسات اليومية وحقيقة الحياة في مستشفى الأمراض العقلية، بدأت أحلام الدكتور رسب تتلاشى شيئاً فشيئاً.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام تختلف في الأسلوب، وفي المحتوى أيضاً. ويبدأ كل قسم برسم بالأبيض والأسود من توقيع غوتز نفسه.
يتكوَّن القسم الأول وهو عنوان “إبعاد النفس” من نصوص مجزّأة قصيرة، ترسم الأحداث والمحادثات التي كانت تدور بين المرضى أنفسهم وبين الطاقم الطبي والمرضى في مستشفى للأمراض النفسية. أما القسم الثاني بعنوان “في الداخل”، فيتتبع مسيرة الدكتور رسب وانغماسه في عالم الأمراض العقلية وعجزه عن التعامل مع محيطه. وفي القسم الأخير، بعنوان “النظام”، يجمع غوتز بين النص والرسومات والصور ومقتطفات من الصحف ليكوّن صورة عن الثقافــة الألمانية المعاصرة يختصر فيها لائحة من الاتهامات للمنظومــة الأخلاقية السائدة والخطاب الاجتماعي البرجوازي.
ومن خلال كل ذلك، يغوص غوتز في هذا الكتاب في عالم الجنون المرعب الذي يُمارَس فيه القمع والتعسف، ومن ثم يضع مفهوم الجنون نفسه في موضع الشك.

اختراعات مستحيلة: أفكار لم تعمل
Impossible Inventions: Ideas That Shouldn’t Work by Malgorzata Mycielska translated
by Agnes Monod-Gayraud
تأليف: مارلغورزاتا ميسيلسكا

ترجمة: أغنس مونو- غيروو
الناشر: 2018 ,Gecko Press

“لا توجد قاعدة واحدة لمن يمكن أن يكون أو لا يكون مخترعاً. فالأمر لا يتطلَّب أكثر من مخيلة واسعة والتزام وشجاعة لتخطي حدود الواقع. ولا يمكن معرفة متى يمكن لأي فكرة أن تتطوَّر إلى شيء مدهش ومفيد”.
تبدأ الكاتبة البولندية ميسيلسكا كتابها بهذه النظرة الإيجابية، وتقدِّم على مدى 122 صفحة مسحاً لما يقارب ثلاثين اختراعاً قديماً وحديثاً، بعضها ثوري، وبعضها كوميدي لشدة غرابته، وبعضها الآخر مستحيل ببساطة. فعندما اخترع ليوناردو دا فينشي فكرة الدبَّابة والسيارة وطائرة الهليكوبتر والطائرة الشراعية والمظلة والغواصة والتلسكوب، منذ أكثر من 500 سنة اعتبر حالماً غير واقعي أو حتى مجنوناً. أما اليوم فيُعد دا فينشي عبقرياً سابقاً لعصره، إذ تشهد كل واحدة من تلك الأفكار التي طرحها الخيال غير العادي لصاحبها. كما نقرأ في هذا الكتاب عن اختراعات غريبة مثل الدرَّاجة والطائرة ومركبة الطيران على شكل التنين، و”سحابة الركاب” المملوءة بالهليوم والقاطرة مع ساقين والتلغراف الفقاعة، وساعة المياه، وطاقية التركيز التي تساعد على التفكير والعديد من الأفكار المبدعة. وهناك قسم كبير من الكتاب يهتم بالاكتشافات المثيرة لمبدعين عظماء من القرن العشرين أمثال نيكولا تيسلا الذي لُقِب بمخترع القرن العشرين بسبب ما قدَّمه من إنجازات واختراعات، ومن أشهرها التيـار الكهربائي المُتــردِّ، حيث كـان يحلم بأن يتوصـل إلى مصادر طاقة مجانية يملكها الجميع من دون تفــرقة.

فن القصص المصورة الذي يزداد انتشاراً: عشر روائع حديثة
The Expanding Art of Comics: Ten Modern Masterpieces by Thierry Groensteen (Author), Ann Miller (Translator)
تأليف: تييري غرونستين
ترجمة: آن ميللر
الناشر: 2017 ,University Press of Mississipi

تعود بدايات فن القصص المصوَّرة وفن السينما إلى الفترة نفسها تقريباً، ولهما جذور مماثلة كوسائل ترفيهية شعبية. ومع ذلك، اتخذت الأفلام مكانة جدِّية محترمة لأكثر من نصف قرن، في حين أن القصص المصوَّرة بقيت تُعد، حتى الآن، فناً هامشياً غير ذي أهمية كبيرة. ولكن الباحث والكاتب البلجيكي المتخصص في القصص المصورة ومؤلِّف “نظام القصص المصوّرة” و”القصص المصورة والسرد” تييري غرونستين، قرَّر أن يسلّط الضوء على مكانة هذا الفن ويقدِّم منظوراً للتطورات المهمة في القصص المصورة منذ ستينيات القرن الماضي وحتى الآن. فمن خلال قراءة مفصلة لعشرة أعمال أساسية في هذا الفن المتميز، يغطي غرونستين أكثر من نصف قرن من إنتاج القصص المصورة، ويأخذ عيِّنة من أحد الأعمال البارزة من الستينيات وهي “أغنية البحر المالح” للإيطالي هوغو برات، ومن ثم يختار “مرآب جيري كورنيليوس المسدود”  لصاحبها مويبوس من فترة السبعينيات، ومن الثمانينيات يقع اختياره على “الحراس” لصاحبيها آلان مور وديف جيبونز، ومن التسعينيات “المصروع” لمؤلفها ديفيد بي.. وفي النهاية يغوص غرونستين في الروائع الحديثة مثل “قصص البناء” لكريس وير.
ولا شك في أن كلاًّ من هذه الأعمال التي اختارها تقدِّم أفكاراً جديدة ومبتكرة، ونموذجاً سردياً جديداً، أو تبني اتجاهاً سائداً وأضاف عليه لمسة خاصة. وهكذا يستعيد غروستين الأثر الذي تركته هذه الأعمال، كُلٌّ بطريقته الخاصة، وما أضافته على سابقاتها. فهو يعدُّ مجال القصص المصوّرة فناً يزداد انتشاراً، ليس فقط لأنَّ الأعمال الرائدة مثل هذه الأعمال آخذة في الازدياد، بل أيضاً لأنه لم يتم إدراك إمكانات فن القصص المصورة إلا تدريجياً، ولم تعرف قيمته كمساحة تعبيرية جدية إلاَّ مؤخراً.

مقارنة بين كتابين

دفاعا عن الفنون الحرَّة

(1)
العالم المكتوب:
كيف شكَّل الأدب التاريخ
تأليف: مارتن بوشنر
الناشر: 2017 ,Granta Books
:The Written World
How Literature Shaped History by Martin Puchner

(2)
تعقّب التغييرات:
تاريخ أدبي لمعالجة الكلمات
تأليف: ماثيو كيرشنباوم
الناشر: 2016 ,Belknap Press: An Imprint of Harvard University Press
:Track Changes
A Literary History of Word Processing by Matthew G. Kirschenbaum

يرى مارتن بوشنر، مؤلِّف كتاب “العالم المكتوب”، أن الثورة الحالية في تقنيات الكتابة “أكثر أهمية” من ثورة الطباعة التي سبقتها. فلا شك في أنَّ النص التنبؤي (Predictive text) الذكي المتوفر على مختلف الحواسيب وبرامج معالجة النصوص غيّرت تجربتنا في الكتابة. وهذا يمثِّل تحولاً بعيد المدى، بحيث يصعب تصور ما يمكن أن يعنيه على المدى الطويل. ومنذ فترة، وتحديداً في عام 2010م، لاحظ إريك شميدت، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، أننا كل يومين نولّد قدراً من المعلومات أكبر من جميع المعلومات التي تم تجميعها في تاريخ الحضارة البشرية بأكمله حتى عام 2003م. يعرض بوشنر، أستاذ اللغة الإنجليزية والأدب المقارن في جامعة هارفارد، لأهم الأفكار التي شكَّلت الحضارة الإنسانية، والتطور التقني الذي نقل تلك الأفكار وساعد في الحفاظ عليها. فالأدب هو أكثر من مجرد خيال. إذ يشمل وسائل النشر، مثل الصحف والأشكال المختلفة للخطاب السياسي، مثل البيانات والكتيبات، وكذلك الشعر والنصوص الدينية. وتشمل الثورات التكنولوجية التي يستكشفها تطور صناعة الورق، والطباعة من ألواح الطين وصولاً إلى الحاضر الرقمي. ويترك للقارئ تصوُّر الفصل المقبل، الذي لم يكتب بعد للكلمة المكتوبة.
ويؤكد بوشنر أن مقاومة التغيير ظاهرة سادت في مجمل مجالات التطور في الكتابة. ويشير إلى الاعتراض المبكِّر على التطور في تكنولوجيا الكتابة الذي أطلقه الفيلسوف سقراط، عندما قال إنَّ تقنية الكتابة “ستدخل النسيان إلى نفوس المتعلمين، لأنهم لن يعودوا يستخدموا ذاكرتهم”.
أما الأكاديمي ماثيو كيرشنباوم، فيسلِّط الضوء في كتابه “تعقب التغييرات” على التطوُّر الأحدث في الكتابة وهو (Word Processing) أو معالجة النصوص، وأبرز الإختراقات التي حصلت في عالم الكتابة عبر التاريخ. ويؤكد على ما قاله الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه بأنه “لا شك في أنَّ أدوات الكتابة التي نستخدمها تشكِّل أفكارنا”.
استطاع برنامج معالجة النصوص، مع قدرته على التحرير والقص واللصق في نقرة، تغيير تجربة الكتابة. كما أنه، بالنسبة لبعض الكتَّاب، اقترب من الظاهرة الروحية. فقد أطلق الشاعر كاماو براثوايت، على جهاز الكمبيوتر الخاص به اسم سيكوراكس، تيمناً بالساحرة في مسرحية شكسبير “العاصفة”. ويقول براثوايت عن ساحرته: “تدفعني إلى أن أحلم بالقصص، وتأخذني الأحرف التي أنقر عليها إلى المكسيك مروراً بسيكيروس [الفنان المكسيكي الشهير] وجداريات الأزتيك، وعلى طول الطريق إلى مصر القديمة والكتابة الهيروغليفية. كما أنها تساعدني لكي أكتب في الضوء”.
وفي هذين الكتابين، توجد نقطتان مهمتان تتعلقان بـ “الألغاز” الرقمية التي تهيمن على ساحة الكتابة في الوقت الحاضر. الأولى هي أن الكتابة لم تكن ظاهرة عامية شعبية أبداً، بل لطالما كانت مقتصرة على بعض المجموعات المتميزة، وهي كذلك اليوم. أما النقطة الثانية فهي، كما يشير بوشنر، إلى أن استخدام الكتابة في الزمن الماضي انحصر أولاً في الأنشطة التجارية أو السياسية. ومن ثم أصبح مجالاً يجسِّد الفن والوجدان. ومن المرجَّح أن يكون هذا هو الحال في المستقبل القريب، إذ إن تقنيات الكتابة الحديثة قد تبدو الآن وسيلة لإنجاز الوظائف العملية ولكن، على أساس التجربة السابقة، فمن غير المحتمل أن يستمر هذا الأمر حتى وقت طويل.

أضف تعليق

التعليقات