عندما تنشر وسائل الإعلام بين الحين والآخر خبراً عن بيع لوحة أو تحفة فنية بعشرات ملايين الدولارات، يعتقد البعض أن الأمر يتعلَّق بحدث استثنائي أو منفرد لا جذور له ولا تبعات. غير أن الحقيقة هي أن مثل هذه الأخبار التي تشيع بشكل متفرق ما هي إلَّا الجزء الصغير العائم من جبل جليد ضخم، تأسَّس قبل زمن طويل، وبات يحسب حسابه في اقتصاد العالم.
فما هو حجم سوق الفن في العالم؟ وكيف تعمل؟ ومن هم اللاعبون الأساسيون فيها؟ وكيف تطوَّرت خلال السنوات القليلة الماضية؟
لو تطلَّعنا على سبيل المثال إلى قائمة أغلى عشرين لوحة زيتية بيعت في المزادات العلنية، لوجدنا أن “أرخصها” ثمناً هي لوحة للأمريكي مارك روتكو التي بيعت بمبلغ 75,1 مليون دولار، وأغلاها ثمناً لوحة للفرنسي بول سيزان بلغ ثمنها 250 مليون دولار! أي إننا أمام أعمال فنية تساوي في أثمانها الرساميل اللازمة لإنشاء مصانع متوسطة وكبيرة. الأمر وحده يكفي لإرباك التفكير. فكيف الحال إذا عرفنا أن هذه الأعمال الباهظة الأثمان لا تشكِّل إلا نسبة ضئيلة جداً من سوق تقوم على تبادل مئات آلاف الأعمال الفنية، وإن كان معظم هذه الأعمال أقل شأناً بدرجة أو بأخرى مما في هذه القائمة.
سوق عريقة وليست ظاهرة حديثة
إن تجاوز القيمة التجارية للأعمال الفنية قيمتها كعمل تزييني ذي مضمون إنساني وأخلاقي ليس ظاهرة حديثة.
ففي عام 1914، كتبت صحيفة “لو جورنال” الفرنسية: “من كثرة ما سمعنا أن لوحات سيزان وفان غوخ وغوغان تباع بأكثر من عشرين ألف فرنك للوحة الواحدة، وأن أسعارها مستمرة في الارتفاع، بدأ الهواة يشترونها، لا لأنهم يجدونها جميلة -فهم يضعونها في خزائن حديدية ويقفلون عليها بالمفاتيح- بل لأنهم يثقــون بحيل التجار الكفيلة برفع الأسعار. إن التجار والهواة لا يقومون سوى بعمل تجاري وبصفقات في البورصة.
وقبل ذلك كتـب الأديــب إميل زولا في عام 1880 يقول: “إن الرسم بات ميداناً مشبوهاً، ومناجم ذهب في تلـة مونمارتر يستثمرها أصحاب المصارف”.
فالواقع يؤكد أن الأعمال الفنية تمتعت غالباً بإقبال عليها يزيد من أثمانها، وبشكل مستمر في معظم الأحيان.
حجم سوق الفن اليوم
في دراسة علمية شاملة أجرتها “آرتس إكونوميكس” (Arts Economics) بعنوان “سوق الفن 2017″، جاء فيها أن قيمة مبيعات الأعمال الفنية والآثار والتحف اليدوية النادرة بلغت 56,6 مليار دولار في عام 2016. غير أن الدراسة أضافت أن هذا الرقم هو أقل بنسبة %11 مما كان عليه في عام 2015، وبنسبة %17 عما كان عليه في عام 2014 حين وصلت قيمة السوق إلى 68,2 مليار دولار.
وفي استعراض سريع لمسار سوق الفن خلال السنوات القليلة الماضية، جاء في الدراسة نفسها أن قوة كل من العرض والطلب، منذ بداية الألفية الجديدة، أدت إلى نمو السوق الفنية في السنوات الأولى حتى بلغت إحدى ذراها بقيمة 66 مليار دولار عام 2007. لكن السوق تراجعت بحدة بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في عام 2008، فهبطت قيمتها %40 بين 2007 و 2009. وعلى الرغم من استمرار ذيول هذه الأزمة، إلا أن السوقين الأمريكية والصينية أعادتا الحركة إلى نشاطها الأول. وكان لإسهام سوق الفن الصينية على الأخص الدور الأكبر في إعادة قيمة المبادلات إلى سابق عهدها، في عام 2011. غير أن هذه الحركة توقَّفت عن النمو عام 2012، فتباطأ نمو السوق العالمية.
وبين العامين 2012 و 2014 تولَّت السوق الأمريكية محل السوق الصينية دعم مبيعات الفن العالمية، لا سيما بمبيعات الأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة، فبلغت السوق ذروة جديدة عام 2014.
باعة الفنون ومواضع البيع
خلال العام الماضي 2016، بلغ عدد باعة التحف والأعمال الفنية من أفراد ومؤسسات 310.450 بائعاً. غير أن في هذه السوق الشاسعة المتنوِّعة والمنتشرة في العالم، ثمة نحو 5000 مؤسسة كبرى في هذه السوق، تتولَّى %80 من مجمل الحركة في العالم، من حيث القيمة.
ومع أن مجموع قيمة المبيعات العالمية في المزادات العلنية انخفضت في العام 2016، إلا أن الحركة عند البائعين الآخرين بقيت ثابتة إلى حدٍّ بعيد. وبذلك ارتفعت قيمة مبيعات البائعين، غير المزادات، لتبلغ نسبتها %57 من المجموع. وفي العقد الماضي من السنين، يمكن القول إن الجانبين اقتسما السوق العالمية بنسبة 50 – %50. وتختلف النسب بالطبع بين البلدان والقطاعات الفنية المختلفة، إذ بلغت حصة البائعين (غير المزادات)، في بعض البلدان النامية نسبة لا تزيد على %10، فيما وصلت في بعض الأسواق المتطوِّرة إلى %60.
“إن الرسم بات ميداناً مشبوهاً، ومناجم ذهب في تلة مونمارتر يستثمرها أصحاب المصارف”.
أميلا زولا
واستناداً إلى الدراسة التي أجرتها مؤسسة “آرتس إيكونوميكس” للسوق عام 2016، وتناولت أوضاع أكثر من 6500 بائع تحف فنية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأستراليا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، بلغ معدّل الحركة المالية لدى بائعي التحف والمقتنيات الفنية في العام الماضي نحو 875,000 دولار. ومع أن مجموع مبيعات البائعين زاد عام 2016 بنسبة %3، إلا أن الأمور لم تكن سواء بالنسبة لجميعهم. إذ أشار %40 منهم إلى أن عام 2016 كان إيجابياً في المبيع، فيما قال %60 إنه كان عاماً سلبياً. وقد تضمَّنت الدراسة استجواب شريحة واسعة من بائعي التحف الفنية، منها الفن المعاصر، والحديث، والانطباعي، والكلاسيكيون الكبار، والتحف القديمة، وفن التزويق والتصميم.
أولاً: المعارض الدائمة
تبقى المعارض الدائمة من أهم القنوات في حركة بيع التحف الفنية، حسب أرقام العام 2016. إذ بلغت حصتها %51 من مجموع المبيعات، أي %3 أكثر من حصتها عام 2015. أما في السنوات العشر الماضية فقد هبطت نسبة حصة هذه المعارض الدائمة، مع تعاظم الحصة التي أخذت تكتسبها المعارض المتنقلة المحلية وفي الخارج، وكذلك المبيعات على الشبكة الدولية (أونلاين). وتناوبت الحصص على الزيادة والنقصان في السنوات الخمس الأخيرة. وكانت أدنى حصة للمعارض الدائمة %43 في عام 2011.
ثانياً: المعارض الدولية
وفي العام 2016، تعاظمت حصة المعارض المتنقلة (Art Fairs)، في الخارج والداخل، إذ أفاد %43 من البائعين الذين تناولتهم الدراسة، أن نصف مبيعاتهم حدثت في هذه المعارض المتنقلة، فيما أفاد %14 منهم أن حصة هذه المعارض المتنقلة تمثل ثلاثة أرباع مبيعاتهم الإجمالية.
وتفوّقت حصة مبيعات المعارض المتنقلة خارج البلاد، أو المعارض الدولية، فبلغت بالقيمة %25، على حصة مبيعات المعارض الوطنية أو المحلية التي بلغت %16. وزادت نسبة مبيعات المعارض الدولية %7 في 2016، على ما كانت عليه في العام السابق، مع تزايد سعي العارضين إلى الاشتراك في هذه المعارض الدولية.
وفي المعدّل، شارك البائعون في خمسة معارض متنقلة في العام 2016. وتساوى عدد المعارض الخارجية والوطنية، التي شارك فيها العارضون في العامين 2014 و 2015. وعلى الرغم من أن قلة من المعارض تفيد بوضوح عن مجموع مبيعاتها السنوية، إلا أن المعلومات التي ذكرها العارضون عن حصتهم من الحركة الإجمالية جعلت قيمة المبيعات في التقديرات نحو 13,3 مليار دولار في العام 2016، أي %5 أكثر من العام 2015، و%57 أكثر من العام 2010.
ثالثاً: المزادات العلنية
تعرَّضت مبيعات المقتنيات والتحف الفنية في المزادات العلنية عام 2016 إلى ضغوط، إذ انخفضت قيمتها الإجمالية بنسبة %26، لتبلغ 22,1 مليار دولار أمريكي. لقد شهدت سوق الفن ازدهاراً كبيراً حتى عام 2007، وبعد بدء تعافي الأسواق المالية عام 2009. وكانت المبيعات قوية في فنون مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية والفنّين الحديث والمعاصر.
وتبدي سوق الفن في المزادات العلنية تركيزاً شديداً، خلافاً لبقية قطاعات أسواق المقتنيات الفنية. فبيوت المعارض الفنية الدولية العشرة الأولى في العالم، تحوز نسبة من المبيعات تفوق %65 من مجموع المبيعات الفنية. وثمة “طبقة” ثانية من بيوت المزاد العلني، تضم أكثر من 500 مؤسسة في أسواق وطنية مختلفة، تستحوذ على مبيعات جيدة، وتملك حصة في السوق الدولية.
لكن ثمة “طبقة” ثالثة مهمَّة من بيوت المزاد الفني، تعمل على الخصوص في أسواق وطنية، وتتخصَّص بالمقتنيات الفنية من أعمال الفنانين الوطنيين المحليين. وثمة نمط رابع من المزادات الوطنية المحلية، التي تبيع، إلى جانب المقتنيات الفنية، جميع أنواع السلع الأخرى، مثل العقـارات والسيارات والمقتنيات التي يهوى البعض جمعها واقتناءها.
بلغت قيمة مبيعات المزادات الفنية أعلى مستوياتها التاريخية في العام 2007، حين حققت مبلغ 32,9 مليار دولار أمريكي.
وبلغت قيمة مبيعات المزادات الفنية أعلى مستوياتها التاريخية في العام 2007، حين حقَّقت مبلغ 32,9 مليار دولار أمريكي، لكنها تراجعت في السنتين التاليتين، بسبب الأزمة المالية العالمية، وبلغت نسبة انخفاضها %44. ومع أن المبيعات في السنوات العشر الماضية زادت بنسبة سنوية بلغت %13، إلا أنها هبطت في العام 2016 بنسبة %15 عن قيمة المبيعات قبل عشر سنوات.
وتسيطر دار كريستي ودار سوثبي للمزادات على سوق المزادات في العالم، إذ بلغ مجموع حصتيهما من مجمل السوق %38 عام 2016.
رابعاً: معارض الصالات الفنية
تشير الأرقام المنشورة على موقع Artfacts.net (وهو أكبر مصدر للمعلومات عن المعارض الفنية في العالم)، إلى وجود نحو 600,000 فنَّان في العالم خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. وبالاستناد إلى هذه المعلومات، عن معارض فردية وجماعية، يتبيّن أن عدد المعارض التي أقيمت عام 2016، بلغت نحو 45,837 معرضاً، %70 منها معارض فردية، و%30 منها معارض جماعية.
وتبيِّن المعلومات هذه أن عدد المعارض الفنية في العالم ازداد في السنوات العشر الماضية بنسبة نحو %20.
وقد ازداد عدد المعارض في العالم من سنة 2006، حين كان 38,250، إلى رقم قياسي هو 58,375 معرضاً عام 2012، أي بزيادة بلغت نسبتها في السنوات الست المذكورة %53. وأما قيمة المبيعات فقد تأثرت تأثراً بالغاً، جرّاء الأزمة الاقتصادية في العامين 2007 و2008، غير أن هذه الأزمة لم تؤثر، كما يبدو من الأرقام، في عدد المعارض التي أقيمت في سنوات الأزمة.
على الرغم من تعاظم حصة المبيعات الفنية على الشبكة الدولية “أونلاين”، إلا أنَّ المعارض تحتل مكانة متقدِّمة في مبيعات المقتنيات الفنية، لا سيما في العلاقة بين الفن والأفكار والجمهور. ذلك أن المعارض تتيح تماساً مباشراً مع المشاهد الذي يزور المعارض، وتعـزِّز الفهم العام للتيارات الفنية، فتحرّك بذلك الرغبة في الشراء.
وتشير الدراسات إلى أن بائعي المقتنيات الفنية أقاموا كل سنة ما معدّله 8 معارض فنية، ستة منها في صالات عرضهم الدائمة، وواحد في مكان عرض آخر في بلدهم، وآخر في الخارج. ولكون نحو ثلث المعارض تقام خارج صالات عرض البائعين الدائمة، سواء أكانت في داخل بلدهم أم خارجه، فإن هذا يدلّ على اتجاه تفاعلي لدى هؤلاء البائعين، وبحثهم الحثيث عن مشترين جدد في مناطق أخرى غير مناطقهم، وفي بلدان أخرى غير بلدانهم، بعدما كان زبائنهم التقليديون هم السكان المحليون والزوار من دول الجوار. إن هذه المعدّلات من عدد المعارض السنوية، تتضمَّن العارضين الذين لم يقيموا أي معارض خارج بلدهم. أما معدّل المعارض خارج البلاد، التي أقامتها المؤسسات الأخرى، فبلغ معرضَيْن في الخارج.
وفيما تقاس “شعبيّة” أي فنَّان بعدد المقتنيات الفنية التي تباع من أعماله كل سنة، فإن عدد المعارض التي يشارك فيها وأهمية هذه المعارض، هما مقياس آخر لمدى الإقبال على أعماله. ولذلك فإن المعلومات التي يمكن جمعها من المعارض، قد تكون مؤشراً جيداً إلى القيم الفنية السائدة في سوق المقتنيات الفنية.
المبيعات أونلاين
• بلغت تقديرات متحفظة لقيمة المبيعات الفنية عام 2016، 4,9 مليار دولار
• زادت قيمة المبيعات بالوتيرة السنوية %4، وهي نسبة جيدة نسبياً بالنظر إلى تقلُّص السوق
• بلغت حصة المبيعات “أونلاين” عام 2016، %9 من مجموع مبيعات المقتنيات الفنية في العالم
• في قطاع البائعين التقليديين، بلغت حصة مبيعاتهم %8 عام 2016، بزيادة %1 على العام السابق
• بلغت نسبة مشتري “أونلاين” %56 من المشترين الجدد الذين لم يزوروا معرضاً فنياً في السابق
• لا تزيد نسبة مبيع “أونلاين” في الدور الكبرى على %1 من مبيعاتها، لكنها تبلغ في الدور المتوسطة %17
• تبقى المبيعات الفنية منخفضة نسبياً “أونلاين”، إذ تبلغ نسبة عدد الأعمال المبيعة %7، وقيمتها %2 فقط من قيمة مجمل المبيعات
• 50 ألف دولار: بيَّنت دراسة شملت 50 مؤسسة تعمل “أونلاين” أن %24 من صفقاتها كانت أقل من ألف دولار، و%75 منها بأقل من 50 ألف دولار. وقيمة أكثر المبيعات تراوح بين 5 آلاف و50 ألف دولار
• %43 ممن شملتهم الدراسة قالوا إن أكثر المبيعات ربحاً نسبياً عام 2016 راوح سعرها بين ألف و5 آلاف دولار. وقال %29 منهم إن الأكثر ربحاً كانت أسعارها بين 50 و250 ألف دولار
خامساً: سوق الفن أونلاين
قُدِّرَت قيمة مبيعات التحف والمقتنيات الفنية على الشبكة الدولية “أونلاين” في العام 2016، بشيء من التحفّظ، بمبلغ 4,9 مليار دولار أمريكي، أي إنها استحوذت على %9 من مجموع قيمة سوق المقتنيات الفنية. وقد باع هذه المقتنيات بائعو سوق الفن التقليديون، وبعض دور المزادات، وكذلك بعض الشركات الخاصة. ولم تتضمَّن أرقام الدراسة المبالغ التي تقاضتها أطراف ثالثة ووسطاء في البيع.
كما زادت قيمة المبيعات “أونلاين” بالوتيرة السنوية بنسبة %4، وهي نسبة ضئيلة نظرياً، لكنها جيدة، إذا نُظر إلى التقلص العام في السوق، بوسائل البيع المختلفة. وقد تقلَّصت نسبة زيادة المبيع “أونلاين” في السنتين الماضيتين عما كانت في السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، حين كانت عليه التقديرات تتوقَّع نمو المبيعات بنسبة نحو %20.
قُدِّرَت قيمة مبيعات التحف والمقتنيات الفنية على الشبكة الدولية “أونلاين” في العام 2016، بشيء من التحفّظ، بمبلغ 4.9 مليار دولار أمريكي.
ومع هذا فقد حققت مبيعات البائعين التقليديين والمزادات، في السنوات الخمس الماضية تقدماً واضحاً. وقد استثمرت دار كريستي للمزادات منذ العام 2011، من أجل تطوير مبيعاتها على الشبكة الدولية. فنظَّمت أكثر من 100 مزاد “أونلاين”، وهي باعت في العام 2016 المقتنيات الفنية بهذه الوسيلة، فبلغت قيمة مبيعاتها 67,1 مليون دولار أمريكي. أما الفنون التي حازت أكبر إقبال في هذه المزادات، فتضمَّنت الفن المعاصر، والفن الأمريكي، والفن الآسيوي، والصور الفوتوغرافية والمجوهرات والساعات. وقد تضاعف معدل الأسعار في بعض هذه الفئات مرتين تقريباً. وكانت أغلى المقتنيات التي بيعت في مزادات كريستي هذه عمل فني لسول ليفيت، بلغت قيمتـه 269,000 دولار، فيما بلغ معدل قيمة المبيعات 6,050 دولاراً للقطعة الواحدة.
المشترون محلياً وعالمياً
تدير البيوت الكبرى في تجارة المقتنيات الفنية أعمالها على الصعيد الدولي، ولها في الوقت الواحد مشترون في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وغيرها. ومع أن نسبة المشترين في الولايات المتحدة كانت في عام 2016 أكبر قليلاً من نسبة المشترين في خارجها، إلا أنَّ هذه النسبة مالت إلى التقلّص في السنوات العشر الماضية، لا سيما مع تعاظم حصة المشترين في آسيا على الخصوص. ففي أرقام العام 2016 تبيّن أن نسبة المشترين من بيوت المقتنيات الفنية الكبرى في الولايات المتحدة بلغت نحو الثلث، فيما بلغت في أوروبا أقل قليلاً من %30، فيما بلغت نسبة المشترين الصينيين نحو الربع. أما نسبة مجموع المشترين الآسيويين (مع الصين والهند والدول الآسيوية الأخرى) فبلغت نسبة تقارب من النسبة الأوروبية أي %30.
معظم الذين اشتروا الأعمال والقطع الفنية عام 2016، هم المشترون المحليون، إذ بلغت نسبتهم %61، فيما بلغت نسبة المشترين عبر الحدود (من بلد إلى آخر) %39. وتلك هي النسب نفسها التي سجلها العام 2015 أيضاً. غير أن السنوات الخمس الماضية سجلت هبوط نسبة المشترين المحليين، إذ كانت نسبتهم سنة 2010، %72. ويعزى هذا إلى أن بائعي المقتنيات الفنية من معارض ومؤسسات المزادات الفنية، سعوا للبحث عن مشترين دوليين في خارج بلدانهم. وكثير من هؤلاء يقيمون في الولايات المتحدة، ويسعون إلى البيع في خارجها رغم اتساع سوقهم المحلية.
وثمة فروق إقليمية كبيرة في هذا المجال. ففي الأسواق الصغرى في أوروبا، يسيطر على السوق البائعون الذين يبيعون على الأخص للمشترين المحليين، فيما تميل حصتهم إلى أن تكون أقل في الأسواق الكبرى، وقد بلغت %56 في فرنسا، و%50 في المملكة المتحدة. أما في الولايات المتحدة فإن نسبة المشترين المحليين تبلغ %78 من مجموع حركة الشراء. ويشير هذا الرقم إلى مكانة المشترين الأمريكيين العالية في حركة شراء المقتنيات الفنية في العالم.
كذلك يلاحظ أن نسبة المشترين المحليين عالية في بلدان أخرى، إذ تبلغ في الصين %68، وفي البرازيل %75، على النحو الذي يؤكد أهمية المشتري المحلي في السوق الفنية.
المدن العشر والفنَّانون العشرون
حظيت بعض مدن العالم بعدد كبير من المعارض الفنية على أنواعها. وقد تصدّرت قائمة هذه المدن: نيويورك ولندن وميامي وباريس وبازل. ولم تتبدَّل هذه القائمة كثيراً خلال السنوات العشر الماضية. ومع أن معظم هذه المدن شهد زيادة في المعارض المقامة فيها في السنوات العشر، إلا أنَّ بعضها (باريس وميامي مثلاً) شهد تناقصاً في عدد الأحداث الفنية فيها في السنوات الأربع الماضية.
أما قوائم الفنَّانين الذين تبوأوا المراتب العليا في اشتراك أعمالهم في مختلف أنواع المعارض الفنية في السنوات العشر الماضية، فتظهر ثباتاً مدهشاً في الأسماء. إذ إن الفنان أندي وارهول تبوأ المرتبة الأولى بلا منازع. ويليه الفنان الإسباني بابلو بيكاسو في المرتبة الثانية. وتضمَّنت المراتب الثالثة والرابعة والخامسة أيضاً الأسماء نفسها مع بعض التبديل في المرتبة. وفي سنة 2016 دخل لائحة الفنانين العشرين الأوائل في العالم، أربعة فنَّانين فقط، لم يؤتَ على ذكرهم في قوائم السنوات الماضية، وهم: روزماري تروكل، وإروين فورم، وفرانسيس أليس، ومان راي، وكانوا قد دخلوا القائمة في العام 2015. ويدل ثبات هذه القائمة على مرّ السنين، على أن المشترين في سوق الفن العالمية يركِّزون اهتمامهم على مجموعة محصورة من الفنانين الذين تُعرَض أعمالهم في المعارض الكبرى. لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن مجموع المعارض التي شاركت فيها أعمال هؤلاء الفنَّانين العشرين الأوائل، لا يزيد على %5 من مجموع المعارض الفردية التي أقيمت في العالم، في أي من السنوات بين 2006 و 2016.
أما عن انتماء هؤلاء الفنانين الذين يعرضون في العالم إلى دول معينة، فيبدو أن ثمة تشكيلة منوّعة. ذلك أن %12 من جميع الفنانين الذين عرضوا أعمالهم في العام 2016، هم من الولايات المتحدة، فيما بلغت نسبة البريطانيين والفرنسيين %4 لكل منهم، وبلغت نسبة الفنانين الصينيين %2. ولم تتبدل هذه النسب إلا تبدلات طفيفة لا تُذكَر في السنوات العشر بين 2006 و 2016.
نحو مزيدٍ من النمو؟
في تعقيب على ارتفاع أسعار الأعمال الفنية وتحقيق مزيد من الأرقام القياسية في السنوات الأخيرة، يرى تيد سميث وهو رئيس مجلس إدارة دار المزاد العلني سوثبي، أن المجال لا يزال مفتوحاً لمزيد من ارتفاع قيمة الأعمال الفنية. وبنى توقعه هذا على الدراسات التي تجريها دار سوثبي سنوياً، والتي تتناول أغنى 201 شخص على قائمة “فوربس” التي تضم أغنى 400 شخص في العالم، واستعدادات هؤلاء لشراء الأعمال الفنية الكبيرة. وتتفاءل دار المزاد العلني هذه بكون القدرات الشرائية عند العيِّنة التي تدرسها قد ازدادت بنسبة %75 خلال السنوات العشر الأخيرة. كما أن عدد الأثرياء الذين يملكون أكثر من مليار دولار قد ارتفع في العالم إلى أكثر من 2000 شخص. الأمر الذي يعني حتماً ضخ مزيد من الأموال في سوق الفن عاجلاً أم آجلاً.
المصدر
Arts Economics 2017
http://theartnewspaper.com/market
http://www.artmarketmonitor.com
http://www.cnbc.com/2017/05/10/heres-why-the-art-market-could-soar.html