بداية كلام

ما الرائحة التي تثير أشجانك؟

رائحة ستار الكعبة
عبير بن صديق مدرِّبة تنمية بشرية وكاتبة قصص أطفال سعودية
هناك رائحتان ما إن أشمهما حتى تتملكان كياني: رائحة ستار الكعبة حينما أضع يدي ووجهي عليها أشعر أني خارج حدود الكون، وحدي، أناجي ربي، لا صوتاً آخر ولا سميعاً آخر. تلك الرائحة تشعرني بشوق وحنين إلى التعلّق بأستارها، أدعو وأشكو وأناجي ربي وأخبره بما لم أستطع قوله لبشر. هي أكثر اللحظات في حياتي التي أشعر فيها بالصدق والصفاء. أما الرائحة الثانية فهي رائحة المطار. فللمطار رائحة جميلة مميَّزة، ربما هي خليط من رائحة عادم الوقود في الطائرات مختلطة بأنفاس المسافرين والقادمين وأجهزة التكييف التي تشرّبت بروائح أجسام البشر.  وأنا في صالة المغادرة ذاهبة في إجازة، أشعر أن هذه الرائحة هي رائحة الحرية والانطلاق والسفر.

 

رائحة التراب في بيتنا القديم
طالب عبدالعزيز
شاعر عراقي

أحب روائح عديدة، من بينها رائحة أوراق الليمون والبرتقال، حين أدعكها بين يدي، فتفوح منها رائحة تذكِّرني برائحة الحقول المزروعة بأشجار الليمون والبرتقال في مزارع بلدتي أبي الخصيب بالبصرة. كذلك تذكّرني بنوع من ماء الكولونيا كان أخي الأكبر يستخدمه في منتصف القرن الماضي. وقبل ذلك، أحب رائحة التراب في بيتنا الطيني القديم، التي كانت تنبعث منه عصر كل يوم، ساعة ترشه أمّي بالماء المجلوب من نهر الخصيب القريب من بيتنا.

 

رائحة الخبز الطازج
آمال خليل
صحافية مصرية

تجذبني تلك الروائح المرتبطة بأمي وبذكريات أيام الطفولة. الخبز الطازج عندما كانت تخبزه بيديها ونلتقطه حاراً، قهوة الصباح معها كانت ذات مذاق آخر، رائحة الندى في الصباح الباكر ورائحة حضنها الممتزج بأريج القهوة والخبز. هو الحنين والارتباط بأوقات سعدنا فيها ببراءة ومن دون زيف. وتظل الذاكرة تأخذنا إلى تلك الحمى الآمنة.

 

رائحة المطر
سعد الثقفي
شاعر سعودي

لا يستهويني شيء أكثر من رائحة المطر. فحين كنتُ صغيراً في القرية، وقت رعي الغنم، كانت الأمطار التي تحطُ على القرية  تبعث رائحة معيَّنة لا أستطيع أن أصفها لك الآن، ولا أعــرف مصدرها. أهي رائحة التراب الذي تشرّب بالماء النقي؟ أم رائحة الأشجــار بأزهارها المتنوّعـة وعبقها المختلف؟ كانت رائحة مميّزة تستهويني.
لذا حين ينزل المطر على مكان ما، وبعد مغادرتي القرية بسنين، تتناهى إلى أنفي تلك الرائحة. إنها تجذب ذكرياتي. وكم مرة التقطتها في أماكن متفرّقة من هذا العالم لتبعث في نفسي الذكريات، وتكون مدعاة للكتابة.

 

رائحة الجدات
أمين صالح
مترجم وناقد بحريني

أحب رائحة الجدات. لهن رائحة طيبة، مميَّزة وزكية.. لا تخطئها حاسة الشم. هي مزيج من الطيب والعود والبخور والمشموم والريحان. رائحة لا تنتمي إلى الحاضر بل إلى الماضي. وإلى الماضي تستدرجني هذه الرائحة.. إلى حضن أمي أو جدتي، وهي تسرد علينا الحكايات والنوادر ونحن نصغي بأفواه فاغرة، والرائحة تغمرنا حتى ينسل النعاس رويداً رويداً إلى المقل.

أضف تعليق

التعليقات