تشكل روايات العنف والرعب والأفلام السينمائية طائفة شبه مستقلة في سياق النتاج الروائي والسينمائي العام. والأسئلة التي تثيرها هذه الأعمال الروائية والسينمائية هي أكثر عدداً وتشعباً من أن يحيط بها بحث واحد. ما هو أصلها؟ ولماذا تجد مثل هذا النجاح الذي يضمن لها تغذية نفسها بمزيد من الإنتاجات الهادفة إلى بث الرعب في النفوس؟
في هذا البحث يتوقف الدكتور أمين علوي صوصي أمام استعراض مسيرة أدب الرعب منذ نشأته وحتى وصوله إلى شاشات السينما الأمريكية، مبيناً التحولات التي طرأت عليه وتلازمها مع تحوّل المعطيات الاجتماعية والثقافية جغرافياً من أوروبا إلى أمريكا، وزمنياً من القرن الثامن عشر وحتى نهاية القرن العشرين.
لعل ما يشد الناظر إلى تاريخ الأدب الغربي تعلقه بالعصور الوسطى واجتراره لهذا الماضي إما استقراءً أو نقداً أو تمجيداً, فتارة بالتصريح وتارة بالتلميح. وظل هذا التاريخ محوراً رئيساً في فهم الغربيين للواقع وحكمهم على المجهول. فاختلاف النتاج الأدبي وارتباطه بالمتغير الظرفي لم يؤثر على هذا المعطى بل ذكَّاه وبرره.
فلم يمنع الانتقال من العصور الوسطى إلى ما يسمونه بعصر التنوير هذا الموروث, ولم تمحه صدمة الثورة الفرنسية وما حملته من تمردٍ عنيفٍ على الماضي ورموزه، بل كانت عاملاً قوياً يعيد إلى الأذهان -ببشاعة الجرائم التي ارتكبها الثوار- ظلام الأمس والرعب الذي خلفه في العقلية الشعبية. فذاكرة الشعوب الغربية مليئة بالقصص الدموية والشخصيات المفزعة التي تطل كلما استشرفت الأزمات وتملكها الخوف.
البشاعة بين الرومانسية والأدب القوطي
نقل عن الروائي الفرنسي فيكتور هوجو، أحد أقطاب الأدب الرومانسي في القرن التاسع عشر, أنه توقف أمام برج كاتيدرائية نوترودام دو باري مستغرباً عبارة قدر حتمي كتبت بأحرف يونانية محفورة بعنف. فراح يقرأ وينقب في تاريخ باريس القرون الوسطى عن سر العبارة. ماذا تعني؟ من كتبها؟ لماذا كتبت؟!
انطلق هوجو يسرد في روايته المعروفة باسم أحدب نوترودام تاريخاً لم تأت على بقاياه الثورة الفرنسية. فجدران الكاتدرائية التي اختفت ألوانها مع الزمن تنطق بظلمة الماضي وتجعل الأشكال والمنحوتات المخيفة التي يعج بها المكان وكأنها تخرج من كابوس مرعب. ولم تفلت شخصيات الرواية من مأساوية المصير بل كلها تنطق بتمرد الكاتب الرومانسي هوجو على كل ما هو كلاسيكي, جاعلاً بذلك كازيمودو قبيح المظهر رمزاً للنبل، ومجرداً القس فرولو من الإنسانية بأسلوب تصويري يمزج بين دقة الوصف ومبالغة في التعبير تذكر برسومات جويا المخيفة وعنف لوحات دولاكروا.
لم تتفرد رواية نوترودام دو باري بطابعها السوداوي عن باقي مؤلفات فكتور هوجو. ولم يكن هوجو نفسه الوحيد في التيار الرومانسي الذي جعل من الكوابيس مجالاً للتعبير. فقد سبقه لامارتين وستاندال وجوتيه والقائمة تطول, لكن ما ميَّز هذا التيار هو تأثره بالأحداث السياسية وتمرده على مؤسسات الماضي, رافضاً بذلك الخضوع للرغبة العقلية المتجردة، معظماً للخيال, حتى قال عنه الشاعر الفرنسي بول فاليري: لا بد أن يكون المرء غير متزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسية .
لم ينل أدب الرعب انتشاراً وشهرة واسعة إلا بظهور ما يعرف بـ الرواية القوطية , وهو جنس أدبي يرجع الباحثون بداياته إلى رواية قلعة أوترنتو للكاتب والسياسي الإنجليزي هورس والبول (1764م) الذي نقل حكاية الرعب الشعبية من التراث الشفهي إلى الرواية.
إن ظهور رواية والبول مباشرة بعد حرب السنوات السبع التي دارت في شمال أمريكا بين فرنسا وبريطانيا (1756-1763م) وحصدت أكثر من مائة ألف قتيل, حمَّلها أبعاداً سوداوية ورموزاً أقل ما يقال فيها إنها مزيج من القلق والخوف, فأصبح غموض الموت مادة للخيال وزاحم فيها الأموات الأحياء. ويبدو أن ذلك تعمق أكثر فأكثر بعدما أبعدت مقابر إنجلترا خلف أسوار المدن, فتحولت مقابر الكنيسة “churchyard” إلى ما عرف باسم “graveyard” أو ساحة القبور. فلم تحجب الأسوار الموت عن خيال الأدباء كما حجبته عن أبصارهم, بل ظهر جيل جديد من الروائيين متأثرين ببقايا التيار الرومانسي, جاعلين من أديرة وقلاع القرون الوسطى المهجورة والقرى المنعزلة, مسرحاً للأحداث.
سجل عام (1764م)حدثين بارزين في تاريخ أدب الرعب، إذ اقترن فيها صدور قلعة أوترنتو بولادة الروائية الإنجليزية آن رادكليف التي ذاع صيتها بين نساء الطبقة الأرستقراطية, وتأثر بها من تأثر من الكتَّاب مثل سير والتر سكوت والفيلسوفة ميري والستون كرافت والدة الروائية الشهيرة ماري شيلي.
وبالرغم من الأخطاء التاريخية التي تضمنتها روايات رادكليف وافتقادها لعنصر المفاجأة إلا أنها أسست لشكل جديد من السرد أكسبها الشهرة لدى جمهورها الأرستقراطي النسوي. في روايتها الشهيرة قلعة أثلن ودان باين (1789م) نجد خلاصة المفاهيم والرموز التي شكَّلت بعد ذلك عصب روايات الرعب. فصورة البارون الغامض الذي جعل من القلعة القديمة مكاناً للتربص بالفتيات, أعطت الإطار الأساس لاستشعار الخوف, وأجملت رؤيتها لجدلية الصراع بين الخير والشر.
بحلول القرن التاسع عشر ظهر على رواية الرعب تغيّر ملحوظ من جرَّاء التحول السريع الذي أحدثته الثورة الصناعية في المجتمع الغربي, وردود الأفعال العنيفة التي صاحبته, فلم تكن حركة اللوديتيز التي واجهت أرباب المصانع بتدميرآلات النسيج، التعبير الوحيد عن الخوف من الآلة البخارية, الوحش الذي هدد مستقبل العمال وأسرهم.
اتخذ كتَّاب هذه الفترة من الصناعة طرحاً فلسفياً يخرج كوابيس الطبقات الكادحة إلى العلن من خلال تساؤلات حول علاقة الأخلاق بالتطور التقني. ففي رواية آخر البشر يصف الكاتب جون باتيست كزافيي الدمار المتوقع أن تلحقه بربرية الصناعة بالبشرية, ناقلاً بذاك الرواية القوطية التي كانت رهينة أشباح الماضي إلى إسقاطات مستقبلية مؤسساً لما عرف لاحقاً باسم الخيال العلمي. تطورت هذه التركيبة الجديدة لتصبح نوعاً أدبياً متكاملاً على يد الروائية البريطانية ماري شيلي التي ضمنت روايتها الشهيرة فرانكشتاين (1818م) تحليلاً لظاهرة الغرور العلمي السائدة آنذاك. تحكي هذه الرواية حياة عالم يفقد السيطرة على آلته الشبيهة بوحش بشري. وتعاملت شيلي مع شخصيات الرواية بشكل مركَّب خلافاً للسطحية المعتادة في روايات الرعب, فرمزية الشخصيات وتعمد اختيار الأماكن تبعاً للتسلسل المنطقي للأحداث أكسبها عمقاً معرفياً, تجاوزت به الاكتفاء بالتعبير عن خوف ذاتي إلى تشخيص الحالة المرضية للواقع. والجدير بالذكر أن بروز الخيال العلمي في هذه الحقبة وتداخله مع أدب الرعب لم يفقد الرواية القوطية حيويتها, ولم يفرغها من بنيتها التقليدية التي استمرت إلى حدود القرن العشرين في روايات الفنتاستيك الأمريكية لدى الكاتبينلوف كرافت وستيفان كينغ.
بعد موت الروائي الأمريكي إدجار آلان بو عام 1849م أصبحت قصص الفضائع القصيرة وأشعاره السوداء منجماً لا ينضب لتيار الفنتاستيك الذي أُعلن عن نشأته في منتصف القرن التاسع عشر. أسس رواد هذا التيار بنية جديدة في الكتابة, مستلهمين أسلوب الفرنسي جاك كازوت Jacques Cazotte المتردد بين العقل والخيال, وقاموا ببعث الخرافات والأساطيرالشعبية المليئة بحكايات الوحوش المخيفة ومصاصي الدماء كعناصر جديدة أضحت عنواناً لهذا الجنس الأدبي. كما أسهمت الأحداث المريبة والجرائم البشعة التي انتشرت آنذاك في تشكيل ملامح الشخصية المرعبة, وتحديد سلوكها. فسادية جاك باقر البطون مثلاً وجرائمه التي قضَّت مضاجع البريطانيين انعكست بشكل واضح على رواية دراكولا (1897م) للبريطاني برام ستوكر الذي عبَّر عن محيطه بدقة ونقل تفاصيل مهمة عن معتقدات عصره.
روايات الرعب الأوروبية وصناعة الأفلام
وافق ظهور روايات الفنتاستيك اختراع الأخوين لوميير لآلة السينماتوغراف التي أحدثت ثورة بصرية غيَّرت مجرى الأمور، ومكَّنت الأدباء والفنانين من تخطي الحواجز التقنية والتعقيدات الاجتماعية للوصول إلى الجمهور.
في الوقت الذي كان فيه الأخوان لوميير منشغلين بنقل صور وثائقية من كل أنحاء الأرض لإشباع فضول الأوروبيين, أثارت آلتهم الغريبة عام 1896م انتباه الرسام الفرنسي جورج ميلييس الذي اهتم بسحر الحركة وانكب على إخراج قصص خيالية هزلية مستمدة من الفنتاستيك, أعطت نواة ما يعرف بسينما الفرجة.
تأثر ميلييس وأثر في عصره، وتحولت أحلامه المتحركة التي لاقت إعجاباً في كل أوروبا إلى ركام أتلف بعضه وبيع الآخر إثر الأزمات المالية المتراكمة بسبب الحرب التي استنزفت كل القطاعات وفرضت مواضيعها الجادة.
بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، تحولت السينما من مجرد أداة للتسلية إلى فن مركب عكست فيه الحركة التعبيرية التناقضات النفسية, التي خلفها الدمار, بأسلوب تشكيلي متميز. ففيلم مصاص الدماء نوسفيراتو (1922م) للمخرج مورنو لم يكن سوى إحياءً لقصة دراكولا التي أعلنت دخول شخصيات مقتطفة من صفحات أدب الفنتاستيك.
اشتركت سينما الفنتاستيك في الرحلة التي خاضتها روايات الرعب إلى القارة الجديدة هروباً من واقع أوروبا الأسود. لكن وخلال أقل من سنوات عشر، واجهت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها جرَّاء انهيار بورصة وولستريت عام 1929م, فدفعت الأوضاع المزرية كالفقر والبطالة والإحباط بقطاعات عريضة من الأمريكيين إلى السينما التي تفردت بالتعبير عن كوابيسهم. بعد النجاح الشعبي الذي لاقته شخصيتا دراكولا و فرانكشتاين بإنتاج من شركة يونيفرسال (1931م) أصبحت أفلام الرعب صناعة تحقق أرباحاً كبيرة مكنتها من الانتشار والتنوع. المومياءات (1932م), الدكتور جيكل ومستر هايد و كينغ كونغ كلها أفلام حفرت في الذاكرة الجماعية كرموز لم تستطع الثورة الرقمية المعاصرة التخلص من بقاياها.
بنهاية الحرب العالمية الثانية تغير وجه العالم وتغيرت معــه المخاوف, فانتعاش الاقتصاد الأمريكي أسهم في تراجع الوحوش التقليدية مقابل كائنات تخرج من رحم الحرب الباردة بأشكال تجسِّد إلى حد ما هواجس القنبلة الذرية. وأخرجت أستوديوهات هوليود أطباقها الطائرة التي تحمل غزاة من خارج كوكب الأرض كرد فعل لحمى غزو الفضاء.
في هذه الحقبة ظهر المخرج البريطاني ألفرد هيتشكوك بكتابة سينمائية جديدة استغنت عن الوحوش المخيفة ليحل محلها عنصرالخوف النفسي. ولخصت أفلامه نظرته السوداء للحياة, حيث ينتقل الفرد الطبيعي داخل المجتمع إلى قاتل أو ضحية. وأسهم أسلوب هيتشكوك المحسوب على سينما الإثارة في تطور فيلم الرعب، فغياب الدم واعتماد التلميح لا التصريح في فيلم Psychose حوَّل مشهد القتل داخل الحمام إلى أحد أشهر المشاهد في تاريخ الفن السابع.
سينما الدماء
إذا كانت خمسينيات القرن العشرين قد لمَّحت للخوف من الخطر الشيوعي بأفلام مثل شيء من عالم آخر و غزو نابشي القبور فإن مرحلة الستينيات والسبعينيات التي صبغت بدماء حرب الفيتنام أخرجت نوعاً عنيفاً من الأفلام تحت اسم سينما الفضائع gore .
يعرِّف المعجم الإنجليزي مصطلح gore بأنه الدم المسفوك. أخذ هذا اللفظ معناه في سينما تستغل أكثر الغرائز البشرية بشاعة كالسادية, والمازوشية. وخلافاً لأعمال ألفرد هيتشكوك, تعمد هذه الأفلام إلى الغلو في تصوير الجريمة بأدق تفاصيلها وتأخذ الكاميرا مكان العين التي تتمتع بالنظر إلى الجثث لإحداث خليط من الأحاسيس يتجاوز الخوف ليصل إلى حد الاشمئزاز والضحك!.
إن تعاقب أفلام مثل ليلة الأحياء الموتى (1968م) لجورج أ. روميرو, طارد الأرواح الشريرة لويليام فريدكين (1973م), هلويين (1978م) لجون كربنتر, ونجاحها الجماهيري فتح الباب على مصراعيه لعدد هائل من الأفلام اعتمدتها كمراجع وحولت مواضيع آكلي لحوم البشر والأرواح الشريرة والسيكوباتي إلى تقليد في سينما الفضائع.
إذا كان العنف الذي تولَّد عن الحروب والأمراض الاجتماعية المنتشرة في الغرب قد استأثر بصناعة أفلام الرعب فإن شخصية المريض نفسياً المخيفة شكَّلت عمودها الفقري. في فيلم كابوس في إلم ستريت (1984م) وجهت كاميرا المخرج ويزكرافن الانتباه نحو مشاهد الدماء وانتزع القاتل المشوه فريدي كروجر دور البطولة من ضحاياه.
ارتبطت شخصية السايكوباتي والقاتل المتسلسل في علم النفس بالسادية والعنف والجنوح وأوصاف عدوانية أخرى تبرز في تلذذه بتعذيب الضحية, وانعدام الإحساس بالندم على ما يقوم به من أعمال. البشاعة والمنهجية المقززة التي تميِّز هذا النوع من المجرمين تولِّد لديهم شعوراً بالتفوق على الآخرين وتجريدهم من بشريتهم. وتوجد هذه الجرائم المتسلسلة في كل القارات لكن بنسب مختلفة تبقى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في طليعة المجتمعات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة. ورغم تشكيلها %5 من سكان العالم أحصت أمريكا حوالي %80 من القتلة المتسلسلين الذين عرفهم القرن العشرون.
عملت شركات الإنتاج السينمائية الضخمة على استغلال الربح الذي تدره أفلام القتل المستوحاة من أحداث واقعية متجاهلة الآثار السلبية التي تخلفها من جرَّاء تبسيط صورة الجريمة إلى حد يبرئ المجتمع من مسؤولياته بدلاً من البحث عن أسباب ظهور هذه الوحوش البشرية المرعبة. وزاد الأمر تعقيداً بإنتاجات ترسِّخ ازدواجية النظرة بين الرفض والإعجاب لشخصية القاتل السايكوباتي في أفلام مثل صمت الحملان الذي جعل من هانيبال ليكتر مجرماً عبقرياً يتحكم في مجريات الأحداث.
لم تكتفِ شخصية القاتل المتسلسل الدموية بحضورها المتكرر في أفلام الفضائع ولم تقف بشاعة المشاهد عند حدود التصورات التي حددتها سيناريوهات السبعينيات والثمانينيات كرمز لموجة عابرة بل فرضت نفسها علىالسينما بكل أنواعها فانتقلت العدوى من فيلم سبعة البوليسي للمخرج دافيد فينشر إلى الأفلام المقتبسة من روايات ستيفان كينغ وآن رايس المحسوبة على تيار الفنتاستيك.
وهكذا انتقلت ثقافة الرعب عبر أفلام هوليود العنيفة حيث لا مكان للأخلاق، إلى مادة يسهل تصديرها بشكل سريع خصوصاً مع تطور خلايا التوزيع التي تمتلكها مؤسسات كبيرة, وانعدام الرقابة. وأصبح جمهورها المكون أساساً من فئة المراهقين محاصراً بصور تختفي فيها الحدود بين الخيال والواقع.
اقرأ عن أفلام الرعب
موقد الظلمة:
الأسرة في فيلم الرعب الأمريكي
يتتبع كتاب موقد الظلمة: الأسرة في فيلم الرعب الأمريكي للمؤلف طوني وليام، تطور ما يسمى بأفلام الرعب العائلية الأمريكية من الثلاثينيات إلى أوائل التسعينيات. ويقول البروفيسور وليام إن الرعب السينمائي يعتدي على مثالية الأسرة في المنظور الأمريكي عمداً، عبر إخضاعها لاعتداءات وحشية تقوم بها قوى فوق طبيعية، وفي نفس الوقت تمكينها من القيام بهذه الاعتداءات ذاتها تجاه فرد من أفرادها أو تجاه الآخرين.
بدأ الكاتب بتحليل دورة أفلام الرعب العالمية في فترة الثلاثينيات التي اشتملت على أهم الأفلام مثل فيلم دراكولا. ثم انتقل وليام إلى فترة الأربعينيات حيث أفلام الرعب الكلاسيكية مثل فيلم الأناس القطط. وقد لاحظ تأثير الحرب العالمية الثانية الذي نتج عنه اتجاه قوي في السينما لاستكشاف الجانب المظلم من الشخصية الأمريكية. أما في فترة الخمسينيات فقد كانت أفلام الرعب تشير بأصابع الاتهام إلى الوحدة العائلية كأصل المسخ وبالتالي أصل الرعب. ويشير الكاتب إلى أن أفلام الرعب في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات كان يسودها إحساس بأن العالم يعيش أيامه الأخيرة وبالتالي أي أسباب منطقية للرعب، اجتماعية كانت أو مادية، تراجعت إلى الخلف ليحتل مكانها العنف غير المبرر في هذه الأفلام.
عموماً، يعرض الكاتب في موقد الظلمة مجموعة مختلفة من أفلام الرعب التي يتمتع القارئ بالقراءة عنها، كما يتناول العديد من الأفلام التي أهملت بشكل غير مفهوم من قبل الخبراء الآخرين في نفس الحقل. وما يجعل الكتاب أكثر قيمة, إلقائه الضوء على دراسات واسعة عن أفلام الرعب من قبل أهم الكتَّاب مثل نويل كارول، مذهب باربرة، وبرسيم كارول, الذين اهتموا بنوعية الأفلام من الرعب السينمائية، كما يقدِّم الكتاب أطروحة ساحرة لبعض الاقتراحات الرائعة للمشاهدات السينمائية الأخرى.