الغراي (يرمز لها بالرمز Gy) هي الوحدة المعيارية الدولية لقياس الجرعة الإشعاعية التي يمتصها جسم ما. وقد سميت هذه الوحدة تكريماً للفيزيائي الإنجليزي وعالم الأحياء الإشعاعي لويس هارولد غراي Louis Harold Gray. وتُعاير وحدة الغراي الواحدة بجرعة الطاقة التي يتم امتصاصها بشكل متجانس من قبل مادة كتلتها 1 كيلوغرام عند تعرضها لإشعاع مؤين يحمل 1 جول من الطاقة.
يُعد لويس هارولد غراي أحد مؤسسي علم الإشعاع الطبي. ولد في لندن عام 1905 ونشأ في محيط متواضع. وفي صغره شُغِفَ بصناعة الأثاث الخشبـي، لكنه ما لبــث أن أظهر اهتماماً بالعلــوم الطبيعية والرياضيات في المدرسة.
صار غراي في سن الـ 18، مفتوناً بالفيزياء النووية التجريبية، وهو المجال الذي برزت فيه جامعة كامبريدج. آنذاك. وكان أستاذها في الفيزياء والفائز بجائزة نوبل، إرنست روذرفورد (1871-1937) بمنزلة بطل وطني إنجليزي، فهو أول من تحقَّق من التحوُّل النووي وأجرى التجارب التي أكدت وجود الأنوية بالذرات. ولم يصدق غراي عينيه حين تلقى خطاب القبول في كلية ترينتي التي كان روذرفورد أحد أعضائها. وقد واصل غراي دراسته بنجاح في تلك الكلية ملتحقاً بمختبرات كافنديش المرموقة التي حظيت باستضافة محاضرات أعلام فيزيائيين من قبيل الحائزين على جائزة نوبل السير جوزيف طومسون، مكتشف الإلكترون (وماجستير كلية ترينيتي) والسير جيمس تشادويك، مكتشف النيوترون، ومشرف غراي لأطروحة الدكتوراه.
وجَّه غراي اهتمامه في البداية بقياس الإشعاع الكوني، الذي لم يكن الكثير يُعرف عنه آنذاك. ثم بحث في آثار كل نوع من أنواع الإشعاع المعروفة في ذلك الوقت على المواد المختلفة. حيث قام بصياغة مبدأ براغ-غراي، بشكل مستقل وبالتعاون مع الفائز بجائزة نوبل ويليام هنري براغ، ويحكم هذا المبدأ عمل خزانات تأيين الأشعة التي تستخدم اليوم في أجهزة الأشعة السينية وسواها.
تركَّزت أبحاث غراي خلال الفترة التالية على قياس تفاعل وتأثر النسيج الحي مع الجرعات الإشعاعية. حيث جمع على مدار سبع سنوات بيانات مكثفة من خلال عمله في المستشفيات ومراكز الأبحاث المختلفة. وقد كانت لتلك الجهود آثار مباشرة في تطوير طريقة تعاطينا مع الأمراض السرطانية وعلى تطوير تقنيات التصوير والعلاج الإشعاعيين عموماً ضمن ما يعرف بعلم الـRadiology. وقد رفض غراي عروض المؤسسة العسكرية للإفادة من خبراته، مصراً على توجيه دراساته للصالح المدني العام. توفي غراي عن ستين عاماً بعدما نال تكريماً عريضاً، إذ حصل على جائزة رونتغن وميدالية فاراداي في العلم الإشعاعي. وتم اعتماد اسمه اسماً معيارياً لوحدة قياس الإشعاع الذي كرّس حياته لدراسته واستكشاف فوائده.