قد يعتقد البعض أن بيوت العنكبوت مجرد أوساخ يجب إزالتها والابتعاد عنها. لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للفنان الأرجنتيني توماس سارسينو الذي لطالما كان مأخوذاً ببيوت العنكبوت وأشكالها المتعددة، المسطحة منها والمركبة ذات الأبعاد الثلاثة، وتلك التي تُحاك من قبل مجموعة من العناكب حيث تنسج الآلاف من الخيوط بشكل بساط يرتفع في الفضاء لينقل العناكب مسافات طويلة وكأنها تطير على بساط الريح.
وعلى الرغم من أن شبكات العنكبوت كانت موجودة منذ 140 مليون سنة على الأقل، لم ينجح أحد في الحفاظ على هذه الشبكات في شكلها الثلاثي الأبعاد. ولكن سارسينو قام بوضع مجموعة من العناكب في مكعبات زجاجية شفافة وتركها تحيك بيوتها في أشكال هندسية أخَّاذة. وكل ما كان يقوم به هو قلب هذه المكعبات بين الحين والآخر من أجل تغيير اتجاه الجاذبية وإثارة الحيرة والضياع لدى العناكب. ولاحظ أن العناكب أبقت على نوع من التحكم بجمالية التصميم الذي كان ينبثق من إفرازات الغدد الموجودة في بطونها. وكانت النتيجة هذه الشبكات المتداخلة الساحرة التي لم تكن من صنع العناكب وحدها ولا من صنع الإنسان وحده ولكنها كانت مزيجاً من الاثنين.
أثارت شبكات سارسينو اهتمام كثير من العلماء، لا سيما في معهد ماستشوستس للتكنولوجيا. إذ، على الرغم من أنها لا تقدِّم أية دروس حول الهندسة المعمارية اليوم ولا عما يجب أن تكون عليه في المستقبل، فإنها تطرح تساؤلات وتمهِّد لدراسات مقارنة مع الهندسة المعمارية وعلوم الرياضيات.