بات موضوع العلاقات داخل فريق العمل أو «علاقات المجموعة» يلقى اهتماماً ورواجاً بين شباب الأعمال الرياديين في العالم العربي وتحديداً في الخليج العربي، حيث تزدهر الأعمال الجديدة التي بلورها التطوّر التقني وثورة الاتصالات. وهذه الأعمال تحتاج إلى فريق عمل صغير مكوّن من متخصصين في المجال ومن إداري يدير الفريق ومن قائد يقود الفريق نحو تحقيق الهدف. هذه الورشة التي عُقدت في مدينة الرياض وشارك فيها عدد من الطلاب الجامعيين، تُلقي الضوء على كيفية بناء الروابط المتينة داخل فريق العمل الواحد.
تغيّرت أنواع الوظائف والأعمال في العقود الأخيرة لأسباب كثيرة، منها تطور التقنيات في زمن «ثورة» الاتصالات التي بدّلت مفهوم الأعمال المكتبية، ثم المنافسة الكبرى بين الشركات مع الطفرة الإعلانية التي جعلت من كيفية تقديم المنتج ذات أهمية أكبر من المنتج نفسه. لكن هذا أدى إلى تأثيرات أخرى جدية منها كيفية إدارة الأعمال داخل المؤسسات سواء أكانت ربحية أم غير ربحية، خصوصاً في المؤسسات أو الشركات العصرية والحديثة، وبدأت الأفكار تتمحور حول كيفية عمل الفريق الواحد من أجل تحقيق هدف محدَّد. وفي هذا النمط الجديد من العمل صارت العلاقات داخل المجموعة التي تشكّل الفريق على قدر كبير من الأهمية. وظهرت نظريات مختلفة حول طبيعة هذه العلاقات وبعضها بات يدرّس في الجامعات كمادة لا غنى عنها لأشخاص يطمحون إلى تأسيس أعمال أو مؤسسات أو جمعيات ناجحة تحقِّق هدفاً محدداً.
من أين أتت فكرة الورشة؟
أصل فكرة «فريق العمل»
خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومدمّرة. وكان لا بد من إعادة البناء كي لا تنحدر إلى أعماق الهاوية الاقتصادية والاجتماعية. وبسبب النقص في العدة والعدد، كان لا بد من إيجاد تنظيم محكم للأعمال كي تنجح في أسرع وقت. فكانت الفرق المتكاتفة والمتكاملة ذات الهدف الواحد التي يقودها شخص واحد وتديرها المجموعة. وكانت الخطة اليابانية ناجحة جداً، وخرجت اليابان سريعاً من الهزيمة العسكرية إلى الانتصار الاقتصادي عالمياً. ثم انتشرت هذه الطريقة في سائر أنحاء العالم الرأسمالي.والفريق هو مجموعة من الأفراد يشتركون في أداء عمل موحَّد، ويتحمّل كل فرد منهم مسؤوليات ومهام جزئية معيَّنة في هذا العمل، مع وجود نوع من التفاعل والتداخل بين الأعضاء يتوقف على طبيعة المهمة الموكولة إليه لأدائها، وكذلك على مقدرة كل فرد من أفراد الفريق على إنجازها.وبمرور الوقت تطورت الفكرة، وظهرت نظريات كثيرة تعرّف فريق العمل الناجح، وتمنحه صفات معيَّنة وشروطاً لا بد لأعضائه من تنفيذها كي ينجح في تحقيق أهدافه. وهذه النظريات الكثيرة متشابهة في أغلبها، مع بعض الفروقات في التفاصيل، وتتناول هذه بيئة العمل والثقافة المحلية، ونوعية القيادة، والأهداف المزمعة بالتأكيد.
يثير موضوع فريق العمل اهتمام كثير من الشبان السعوديين، وراجت ورش العمل التي تتناول هذا الموضوع، والتي يشارك فيها طلاب من كليات إدارة الأعمال والاقتصاد وغيرها من تخصصات الأعمال الجديدة التي ظهرت في السنوات الماضية والتي تحتاج إلى فريق عمل صغير كي تتحقِّق وتنجح. ومنها هذه الورشة التي عُقدت في إحدى مزارع مدينة الرياض بهدف عزل المشاركين، وتدريبهم على بناء فرق تتنافس فيما بينها على تحقيق هدف معيَّن وضعته الورشة لهم، وهو يتمثّل في التعارف ثم في تبادل الآراء ووجهات النظر، ثم تأسيس فرق مؤلفة من 4 إلى 5 أشخاص، ثم التنافس بينها. وفي نهاية الورشة، التعليق على ما جرى خلالها وما تعلّموه وقاموا به وتوصلوا إليه فيما يخص العلاقات التي تربط بينهم كأفراد داخل المجموعة الواحدة، وكمجموعات فيما بينها.
أدار الورشة على مدى يومين، المدرِّبان الدكتور عبدالله الداود وخبير العلاقات ثامر المنجم. وشارك فيها 16 شخصاً بعضهم من طلاب الجامعات، والبعض الآخر موظفون انتدبتهم مؤسساتهم لتعلّم قواعد العمل داخل الفريق أو المجموعة.
تمرين مشترك بين المدرِّبين والمشاركين
حين وصل المشاركون إلى مكان إقامة الورشة وهم لا يعرفون بعضهم بعضاً، كانت إمارات الرهبة بادية في وجوههم وحركاتهم. وهذا واحد من الأمور التي ستعالجها الورشة، أي كسر حاجز الرهبة، وتقريب المشاركين ودفعهم إلى الثقة ببعضهم، ثم العمل في فرق ومجموعات، خلال اليومين التاليين.
سمات الفريق الفعّال
السمة الأولى من سمات الفريق الفعّال المتفق عليها بين جميع النظريات التي تتناول العلاقة داخل المجموعة وعلاقة المجموعة بالآخرين، التضحية بالطموح الشخصي. فالحماسة لتحقيق الهدف يجب أن تكون مرتفعة لدى الجميع، وتغلب لديهم عقلية تحقيق هدف المجموعة بدلاً من الأهداف الشخصية، وهذا نوع من التضحية يجب أن يؤديه عضو الفريق الفعّال كي لا يغلّب طموحه الشخصي، بل يَعدُّ نجاحه كفرد من نجاح المجموعة ككل.السمة الثانية تتمثّل بوضوح الأهداف في ذهن كل عضو، وفهم دوره. وفي حال كان لا يفهمه بشكل كامل، يؤازره أقرانه ويرشدونه ويعلمونه، وتتداخل هذه السمة مع سمة مؤازرة قيادة المجموعة والثقة بها، ما يبث الثقة بين أعضاء المجموعة.ويُعد الخلاف في الرأي بين أعضاء الفريق أمراً طبيعياً ونافعاً. فإذا كنت أنت ومديرك دائماً على رأي واحد فأحدكما لا داعي له. ولكن يجب أن تكون هذه الخلافات في وجهات النظر ولا تتعداها إلى خلافات شخصية.ويتصف الفريق الفعّال بقوة العلاقات بين أعضائه، وتأخذ العلاقات شكلاً غير رسمي، حيث يصبحون أصدقاء أكثر من زملاء في العمل ويكون قوام هذه العلاقة: الثقة والاحترام والتعاون والدعم. ويتم تبادل المعلومات بحرية وسهولة ووضوح بين أعضاء الفريق. ويحرص هؤلاء على الاجتماع والتشاور لاتخاذ القرار، وتدور بينهم النقاشات في هدوء للوصول إلى القرار الأصوب الذي يجمع عليه أعضاء الفريق كلّه.
كان على كل واحد منهم أن يختار الغرفة التي سيقيم فيها مع شخص آخر، قبل أن يلتحق بالمجموعة في القاعة الرئيسة التي ستقام فيها الجلسة الأولى. واختيار شريك الغرفة هو تمرين أول على المشاركة وبناء مجموعة بين شخصين، ولو أنه غير مدرج فعلياً في إطار برنامج الورشة الرسمي. إلا أن الورشة الفعلية بدأت من اللقاء الأول بين المشتركين.
بعد انتهاء الجميع من استعدادات اللحظات الأولى، كان اللقاء في القاعة حيث يسود الصمت بانتظار اكتمال عدد الموجودين، كما ظنَّ الجميع، لكن تبيّن في النهاية أن هذا الصمت لم يكن لينتهي. إذ دام ما يزيد على الساعة ونصف الساعة، حيث كان المدرِّبان يجلسان على طاولة أمام الجميع ينظران إليهم، وأولئك ينظرون إلى المدرِّبين وينتظرون منهم البدء بحركة ما أو طلب. لكن هذا ما لم يحدث. الهدف من الصمت فرض سلطة المدرِّبين على المجموعة كلّها، وترك كل فرد في الجماعة في حال من التساؤل بينه وبين نفسه.
مرحلة التكوين
أخذ المشاركون يتبادلون الالتفاتات وكأنهم يتساءلون عما يحدث، ثم شيئاً فشيئاً أخذوا يتبادلون الأحاديث ويتعارفون. وهذه دلالات مختلفة على الحاجة إلى كسر الصمت أولاً، والخروج من الحيرة والتساؤلات الداخلية، ثم فتح باب التعارف الذي يفرضه وجود مجموعة في مكان واحد. وهذه هي مرحلة التكوين.
هي أولى خطوات التحوّل من الفردية إلى الجماعية، حيث يتحوَّل الفرد إلى عضو متفاعل، ومن كونه مستقلاً إلى مشارك، ويكتشف فيها البيئة النفسية للفريق. ويسودها خليط من الشعور بالفرح بعضويته في جماعة، والتفاؤل بالقدرة على النجاح، والقلق والخوف من الفشل، والشك في المهمة وفي باقي أعضاء الفريق.
كسر حاجز الصمت
بعد مرور بعض الوقت في الصمت والتساؤل، بدأ أحد المشاركين حديثاً في الرياضة لاقى قبولاً من الباقين، فانفتح الحديث بين الجميع أولاً، ثم انطلقت أحاديث ثنائية أو بين مجموعات، وكانت هذه البوادر الأولى لشكل الفرق التي ستُشكَّل.
بدأت أشكال من العلاقات الجماعية تنشأ بين الموجودين. ولهذا طلب المدرِّبان من المشاركين الخروج إلى الباحة كي تبدأ الفعاليات العملية التي تتطلب تشكيل فرق ستتنافس على ألعاب معيَّنة.
المشارك إبراهيم الصوقعي خرِّيج جامعة البترول والمهندس الكيميائي في شركة سابك، قال إن طريقة بدء البرنامج كانت غريبة على الجميع، خاصة فترة الصمت التي بدت مستفزة. وبرأي المدرِّب المنجم، فإن الهدف من فترة الصمت هذه هو شحن القلق لدى المتدرِّبين، فمجالسة القلق أثناء فترات الصمت هو فعل يتهرب منه الناس عادة، لأنهم يرفضون الدخول إلى عقولهم الباطنة التي قد تظهر لهم أموراً لا يريدون معرفتها أو التفكير فيها، وكذلك رفض مشاركتها مع الآخرين.
ماذا تعني ورشة علاقات المجموعة؟
هي تجربة تعلّم مُسَرّعة صُمّمت لتمكين المشاركين من فهم العوامل التي تؤدي إلى ممارسة القيادة الفعّالة وتطوير قدراتهم القيادية الخاصة، والقدرات القيادية للآخرين، عن طريق تقبّل فكرة المدير والإدارة، والتفاهم بعضهم مع بعض للعمل جنباً إلى جنب. والورشة بمنزلة مختبر يساعد المشاركين على تحليل شخصياتهم والتعرُّف إليها، وإلى شخصيات الآخرين وانفعالاتهم في مواقف وظروف معينة.
ويضيف المدرِّب أن القلق يأتي عادة من اللاوعي، واذا ما أجبرت الأفراد داخل المجموعة على الدخول في هذا اللاوعي، فإنهم تلقائياً سيبدؤون بالتحادث والتفاعل من غير كلمات ولا إشارات، وسينطلقون في حوار ذهني بحت، له تأثير قد يكون أكبر أحياناً من الحوار المباشر. وقد أثبتت هذه النظرية علمياً. وهذا التمرين هو بمنزلة الحبال التي ستشد المتدربين إلى بعضهم بعضاً في بداية الورشة.
في الجلسة الثانية لليوم الأول طُلب إلى المشاركين أن يشكِّلوا حلقات مؤلَّفة من 4 إلى 5 أشخاص في الحديقة الخارجية للمكان. والهدف الأول هو تركهم يختارون شركاءهم ولو بطريقة لاواعية، أو طريقة نعتقدها لاواعية، ولكنها واعية بطرق مختلفة تتعلق بتبادل إعجاب ما أو توافق من مجرد النظر أو التحادث البسيط.
مرحلة الصراع
هي من أصعب المراحل في بناء الفريق، حيث يبحث فيها كل عضو عن مكانه ومكانته، وينفد فيها صبر الأعضاء، فيجادلون، ويثورون، ويعترضون وينشأ النزاع بينهم. وقد لا يحقق الفريق إنجازات في هذه المرحلة. ولا بد من بروز بعض التضارب في وجهات النظر، وسلوكيات من الجدال والمناقشة والتحدي، والتنافس والصراع، واستخدام وسائل الدفاع السيكولوجية من إسقاط، وتبرير، وانسحاب، والدفاع الشديد عن وجهة النظر الشخصية.
التطبيقات العملية
بعد تشكيل المجموعات بناءً على طلب المدرّب، جاء دور اللعبة الأولى وهي تناقل كرة تنس بين الأشخاص في حلقة بأسرع وقت ممكن، ثم أضيفت كرة ثانية ثم ثالثة، والفريق الذي يجد طريقة أفضل لتناقل الكرة بأسرع وقت ممكن سيفوز في هذه اللعبة وسيختار مهمته في اللعبة التالية، وهي تدور حول «مركز طبي للكلى» يتألف من ثلاث إدارات وهي مجلس الإدارة والوحدة الطبية والوحدة الهندسية.
المستهدفون؟
في العموم هم كل الناس. فعلاقات المجموعة لا تنحصر في أشخاص محددين أو يعملون في مجالات معيَّنة، فرب العائلة، على سبيل المثال، يمكنه أن يكون أحد المستهدفين، ولكن في حال التخصيص فهي تهمّ رجال الأعمال والقادة والمديرين والمسؤولين والناشطين والأكاديميين والباحثين والخبراء الاستشاريين والمدرِّبين ومقدمي الخدمات ومن ينتمون إلى عالم الأعمال والمال والسياسة والحكومة والسلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية والرعاية الاجتماعية والتعليم والخدمات الاستشارية….إلخ.
فبدأت لعبة تناقل كرة التنس بطريقة عادية، لكن مع اشتداد التنافس راحت كل مجموعة تحاول إيجاد طرق جديدة تجعلها تتناقل الكرة بوقت أسرع، وذلك بالطريقة التي تراها المجموعة مناسبة، خصوصاً وأنها لم تكن مقيّدة بطريقة معيَّنة. فتمكّن الفريق الذي فكّر خارج الصندوق وتحرّر من القيود المفروضة على التعاون الجماعي -وهي قيود موجودة بطبيعتها- من الفوز.
كان تمرين «مركز الكلى» يتكوّن من ثلاث إدارات وهي الوحدة الهندسية، والوحدة الطبية، ومجلس الإدارة، ولكل مجموعة مهمات معيَّنة، ولكنها لا تستطيع التواصل مع غيرها بسبب المركزية الإدارية. وهناك انضباط مفروض على كل مجموعة لا تستطيع الإخلال به. ودور هذه المجموعات إثارة التحدي فيما بينها، لذلك هي تحتاج إلى مراقب للتحدي بينها. وكانت أهداف هذا التمرين بحث تأثير الفرد على منظومة العمل، وبحث العلاقة بين القيادات، والتعاون بينها، وبحث تأثر العلاقة بين المجموعات، والتعريف بطرق حل المشكلات داخل منظومة العمل. وهذه هي مرحلة التقبّل.
مرحلة التقبّل
في هذه المرحلة يقوم أعضاء الفريق بأداء أدوارهـم، ويستخدم كل منهم قدراته الشخصية والذهنية، وتسود علاقات التعاون والترابط، ويتعرّف كل عضو إلى دوره، ويتفهـم نواحي القوة والضعف، ويمارس القائد دوره كموجِّه ومدرِّب وناصح، ويساعد الأعضاء على تقييم أدائهم. وتبدأ خطوات التقدم ونتائجه في الظهور والشعور بالثقة بالآخرين، حيث تكون الأمور قد استقرت وتعرف الأعضاء إلى بعضهم بعضاً.
الجلسات الأخيرة
الهدف من الصمت فرض سلطة المدرِّبين على المجموعة كلّها، وترك كل فرد في الجماعة في حال من التساؤل بينه وبين نفسه.
في الجلسة الرابعة التي عقدت في اليوم التالي في القاعة العامة بدا الاختلاف واضحاً عمَّا كان عليه الحال في الجلسة الأولى. كان النقاش مفتوحاً أكثر، وكان قد بدأ التعارف والتواصل بين المشتركين. ونتيجة لتقاربهم ومن ثم لتنافسهم في مجموعات قلَّت المجاملات أو التحفّظات التي حكمت العلاقة بينهم في الجلسة الأولى.
الجلسة الخامسة كانت بمنزلة تلخيص لما تمت الاستفادة منه، خصوصاً الجلسة الثالثة العملية التي شاركت فيها المجموعات الثلاث. وكان عليهم التفكير بالتفاعلات والديناميكيات التي نشأت بينهم. وهنا راح المشاركون والمتدرِّبون يبدون ملاحظاتهم حول عمل كل فريق منهم، ويبدون آراءهم بما جرى بينهم، ثم حاولوا وضع اقتراحات جديدة سواء في إدارة الفرق التي كانوا يؤلفونها أو في عملية التدريب كلّها.
«العمل كفريق ذو أهميتين: أولهما أداء المهمة مع الحفاظ على علاقتي بأصدقائي أو أعضاء فريقي. وثانيهما تعرفي إلى ردود فعلهم تجاه أمور معيَّنة قبل أن تقع»..
وفي هذه الجلسة بدأت تتضح تلقائياً لهم الأهداف المتوخاة من مشاركتهم في هذه الورشة على مدى يومين. ثم حاول كل منهم أن يفسِّر ما قام به، وراح بعضهم يتذكر أنه خلال توزيعهم على فرق، وحين كان التنافس على أشده، قام بانفعالات أو بتصرفات لا يقوم بها في العادة، دون أن يعرف تفسيراً لها، أو لماذا اقترفها في هذه اللحظة. وهنا كان دور المدرِّبين الذين قاموا بشرح هذه الحالات التي تحصل في الحياة العادية وفي العلاقات الاجتماعية الطبيعية داخل العمل أو العائلة. لكن في أجواء غير تنافسية أو خارج عمل الفريق الواحد، يعتقد كل واحد منّا أن ما يقوم به هو العمل الصحيح لذا لا يعطي انفعالاته أهمية كبرى أو يفكر في البحث عن أسبابها أو الدوافع إليها.
يقول المشارك عبدالله إن أكثر ما استفاده من الورشة هو أن العامل الخارجي سواء أكان مرئياً أم مسموعاً قد يؤثر في ردة الفعل أو القرار. و«كوني أراجع نفسي وأؤمن بهذا التأثير، فأعتبر أنني تلقيت الفائدة المرجوة، إذ بت أعطي لمحيطي وما يمرّ بي أهمية لم أكن ألحظها سابقاً، في نوعية القرار وكيفية اتخاذه».
في هذه المرحلة يقوم أعضاء الفريق بأداء أدوارهـم، ويستخدم كل منهم قدراته الشخصية والذهنية وتسود علاقات التعاون والترابط
أما المشارك عامر فيقول إن العمل كفريق ذو أهميتين: أولهما أداء المهمة مع الحفاظ على علاقتي بأصدقائي أو أعضاء فريقي. وثانيهما تعرفي إلى ردود فعلهم على أمور معيَّنة قبل أن تقع. ولكني أعترف أنه في ورشة مركز غسيل الكلى كان تركيزنا على علاقتنا الداخلية، وتأخرنا في التركيز على المهمة. وهذه هي مرحلة الإنهاء.
مرحلة الإنهاء
في هذه المرحلة على القائد أن يدرس مع الفريق العوامل التي أدت إلى النجاح أو الفشل، والتقييم الكلي للتجربة. ويكون شعور الأفراد الناجحين الفخر والبهجة والاعتزاز والحزن لانفضاض الفريق. أما في حالة الفشل فيكون استخدام وسائل الدفاع السيكولوجية من إسقاط، وتبرير، وانسحاب.
لماذا نختار قائداً؟
بحسب لغويين كثر فإن «القود» في اللغة نقيض «السوق» يقال: يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها.
على القائد أن يدرس مع الفريق العوامل التي أدت إلى النجاح أو الفشل، والدروس المستفادة، وكيفية عرض النتائج، والتقييم الكلي للتجربة
وغالباً ما كانت المجتمعات البشرية تحتاج إلى قيادة تأخذها في طريق معيَّن (هو طريق صحيح بالنسبة للقائد). فقد أمر الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – بتعيين قائد على كل ثلاثة أفراد، حين قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم». وذلك كي لا يتفرق بهم الرأي ولا يقع بينهم الاختلاف. وقال الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت: «جيش من الأرانب يقوده أسد، أفضل من جيش من أسود يقوده أرنب».
ويقوم جزء من القيادة على جاذبية القائد وشخصيته وطبائعه الذاتية، وباقي المؤثرات العاطفية. أما الإداري فهو شخص منطقي بالضرورة. وفيما تهتم القيادة بالكليات، تهتم الإدارة بالجزئيات. فتلك تهتم باختيار ماهية العمل الصحيح، أما هذه فتحدِّد الطريقة الصحيحة للقيام بالعمل.
ما الفائدة؟
يكتسب المشارك ميزة التنافسية اللازمة لتطوّره وتطوّر مؤسسته، وميزة التعامل مع هذه التنافسية بطريقة صحيحة ومجدية، ويتملك القدرات التي تخوّله إقناع الآخرين بأفكاره، والاستماع إلى أفكار الآخرين. وهذا ما يسهم في تقدّم المؤسسة التي يعمل فيها، لأن الإدارة الفعّالة تستند إلى فهم الناس كأفراد أولاً، ثم كأعضاء في جماعات ومنظمات ومجتمع كبير وواسع، خصوصاً وأنّ تركيبة المنظمات والمؤسسات تغيّرت، وتبدّلت طبيعة العمل نفسها، ولم يعد القادة والمديرون يتبادلون نفس الرؤى في قيادة أو إدارة مؤسساتهم.وفي هذا المقام، لا بد من الإشارة إلى الفوارق بين القائد والمدير وبالتالي بين القيادة والإدارة. ففي زمن «المؤسسة الفكرة» تعدّ القدرات النفسية والعاطفية والثقافية والاجتماعية الخاصة لأصحاب المنظمة أو المؤسسة، والعلاقات والأدوار الواضحة بينهم وبين العاملين معهم أعظم ما تملكه المؤسسة. لذلك فإن دور القيادة يتمحور حول التطلّع إلى حقائق وأهداف جديدة مع تحديد الوسائل لتحقيق هذه التطلعات، أما الإدارة فتسعى إلى تنفيذ هذه الرؤية.وفي ورشة علاقات المجموعة أو فريق العمل تتمازج الوسائل النظرية والتجريبية، أي التعلّم من خلال التجربة.
المهمة الرئيسة
وتهدف الورشة إلى مناقشة العلاقات ضمن المجموعة لاصطفاء قادة ذوي رؤية إبداعية مهمة، من أجل الوصول إلى طموحاتهم الشخصية والمهنية بواسطة مديريهم. وتُعد مناقشة العلاقات في المجموعة أمراً مهماً لإيضاح ديناميكية الوعي واللاوعي في قيادة وإدارة المنظمات.
وتوفّر مناقشة العلاقات في المجموعة فرص التعلّم لجيل جديد من القادة والمديرين الذين يسعون إلى تحسين مهاراتهم في وضع الأفكار، وتشجيع الإبداع لأنواع جديدة من الشبكات التعاونية.