الفن للجميع
دامون غاوي – أستاذ في مادة المرئي والمسموع
من الناحية الإحصائية، هناك كثيرٌ من المصوِّرين الذين يتخذون من التصوير حرفة يحصلِّون منها معاشهم، باتوا يعملون أقل بسبب وجود كم هائل من الصور على الإنترنت، وبسبب توافر الكاميرات في كل مكان. لكن ما يحدث الآن هو إيجابي على صعد كثيرة. إذ كان التصوير فيما مضى حكراً على أشخاص يمكنهم شراء كاميرا متخصصة، وفتح محل يسمونه استديو، أما الآن فبات الأمر يحتاج إلى كبسة زر واحدة حتى تكون الصورة جاهزة. وهذا بغض النظر عن الصورة المنتجة، إذا ما كانت جيدة أو عادية. وهذا الانتشار للكاميرات ساعد كل من يحب التصوير كهواية أو كمهنة أن تكون في متناول يده.
إننا نقول إن الفن للجميع، أي لكل من يريد أن يعبّر عن مكنونات صدره بالوسيلة التي يرغب بها، فكما أن الورقة والقلم متوافران لكل من يرغب في الكتابة، يجب أن ينسحب ذلك على كل أدوات التعبير الممكنة. أما لناحية الألبوم، فأفضّل الديجيتال، لأنه يحفظ عدداً أكبر من الصور، ويمكننا أن نشتغل على الصور كيفما نريد، بدءاً بالألوان مروراً بالإضافات أو إزالة الشوائب منها. ولكن هذا لن يلغي دور ألبوم الصور الورقي الذي سيبقى موجوداً في النهاية كذاكرة متاحة لجميع أفراد العائلة وفي متناولهم جميعاً.
حامل الكاميرا يصنع الصورة
محمد سليمان – مخرج فِديو عبر اليوتيوب
أعتقد أن بإمكان كاميرا التلفون أن تجعل من المرء مصوِّراً محترفاً إذا ما كانت لديه الرغبة أو الموهبة في أن يكون محترفاً. فبرأيي، الأمر لا يتعلّق بالأداة قدر ما يتعلَّق بحاملها نفسه.
فالكاميرات القديمة التي يمكن اعتبارها اليوم متخلّفة صنعت مصوِّرين عالميين ما زال بعضهم معروفاً حتى اليوم. وأعرف عدداً كبيراً من المصوِّرين يقومون بتعديل كاميرات هواتفهم بكاميرات جديدة أكثر تطوراً لاستخدامها في التصوير اللحظي أو المفاجئ أو التصوير الذي يتم بالصدفة. وهذا يحتاج إلى مصوِّرين منتبهين وكاميرات ذات ردة فعل سريعة. وفي النهاية فإن الاحتراف في التقاط الصورة يتعلَّق بمن يقوم بالتقاط الصورة لا الكاميرا التي يحملها فقط.
بالنسبة لألبوم الصور لن أدخل في معاني الكلاسيكية والمشاعر والذكريات فيما خص الورق والديجتال. كل ما في الأمر أن ألبوم الورق يمكنك وضعه في مكان ما لتعود إليه حين تريده دون حاجة إلى كمبيوتر أو إلى كهرباء. وتكون قد رتبت الصور بحسب توقيت التقاطها عبر السنوات أو بحسب موضوعاتها، ما يجعلها مسلسلاً لحياتك. في ألبوم الديجيتال، ستمتلك كماً هائلاً من الصور بطبيعة الحال، وستحتاج إلى جهد كبير منك كي تقوم بترتيبها، ثم ستحتاج إلى نقل الألبوم الذي سيكون واحداً من بين مئات، كلما بدَّلت هاتفك أو كمبيوترك الشخصي. وقد تخسر كل صورك أحياناً في حال وقع خطأ تقني في جهازك. ولكن للديجيتال فوائد أيضاً تساعدك في العمل على الصورة بالطريقة التي تريدها، فالصورة لم تعد تلك التي تلتقطها بواسطة الكاميرا وحسب، بل وكل العمل الذي يتم عليها عبر برامج الفوتوشوب.
أعتقد أن لكلا الألبومين حسناته وسيئاته، كما كل شيء في الحياة.
لا احتراف بواسطة الهاتف
ماجد المالكي – مصوِّر فوتوغرافي
لن أصوّر صورة بواسطة الجوّال وأقدِّمها في عمل فني أو أشترك بها في مسابقة أو أقدِّمها لشخص طلب مني تصوير صورة ما. فأنا أعتقد أن الكاميرا المتخصِّصة ما زالت هي الأداة الأفضل في التقاط المشاهد. إذ يمكن التحكّم في عدستها وفي الأبعاد والإضاءة، ويمكن أن نتحكم بزوايا الصورة التي نلتقطها منها، وهذا ما لا يوفره الهاتف مهما كان متطوراً. ففي النهاية هناك كثيرون يتقنون استخدام الهاتف لالتقاط الصور واستخدامها كما لو أنها صورٌ فنية، ولكني لا أفعل ذلك، ولا أتبنى صوراً ملتقطة بواسطة هاتف.
بالنسبة للألبوم فأنا أفضِّل الديجيتال، لأنه يعطينا صوراً، ذات ألوانٍ نقية، وأبعاداً واضحة. بينما تخضع الصور الورقية لمزاج التظهير في الغرف المعتمة، وهذه تتطلب مهارة من المصوِّر لا تتعلَّق بتقنية الكاميرا العالية أو عدمها. ألبوم الورق يمكننا إدخاله في عالم الذاكرة والحنين كأيِّ شيء كان موجوداً واختفى أو في طريقه إلى الاختفاء. عدا ذلك، فلا مجال لمقارنته بجودة ألبوم الديجيتال الذي يمنحنا مساحة واسعة في الاشتغال على الصورة، فنضيف إلى مشهدية الصورة بعضاً من خيالنا الذي أردناه لها، ولم يكن متوفراً حين التقاطها.
المشاهِد هو الحكم
ندى العدني – طالبة في جامعة الملك فيصل
أعتقد أن الهاتف الذكي جعل مني مصوِّرة دون قصد. فلم أكن أفكِّر يوماً بالتصوير بالمعنى الاحترافي. ولكن شيئاً فشيئاً، يتحوّل الشخص إلى مهتم بتفاصيل صورته كي تكون على أحسن ما يرام، فيتعرَّف إلى تفاصيل الآلة التي في يده، وعلى كل المعطيات فيها التي تمكّنه من التقاط صورة أفضل؛ كي يبهر بها أصدقاءه على مواقع التواصل الاجتماعي الكثيرة. هكذا صرت ألتقط صورة أفضل ومتقنة أكثر. وأعتقد أن نوعية الصورة وجمالها أمر يخضع لأمزجة الناظرين إليها، فإما يجدونها رائعة، وإما عادية، وهذا لا يحدِّد مدى احترافية ملتقطها.
بالنسبة لألبوم الصور فأنا أفضِّل ألبوم الورق، فهو أكثر حميمية، ويعطيك خيارات قليلة في الصور التي تشاهدها، فتأخذك الصورة الواحدة إلى عوالم مختلفة، أما ألبوم الديجيتال، فهو غالباً أضخم بكثير ويحتوي على عدد كبير من الصور بسبب سهولة التقاط الصورة، ما يجعله مخزناً للصور تتلافى ترتيبه أو التفتيش فيه، فتتراكم ألبومات الديجيتال فوق بعضها، إلى حين يخطر ببالك أن تجلس وتوضبها وتؤرشفها، وهذا يحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل.
صوِّر.. شارك.. انتهى الموضوع
هيثم شمص – مخرج وأستاذ جامعي
كنا في السابق نقول: «يا ليت كان معنا كاميرا». تكاد هذه المقولة أن تندثر. كانت هنالك مسافة بين تصوير الشيء (أو الحدث) وبين إظهاره (عملية تظهير الصور سابقاً). الآن: صوِّرْ… شارك.. انتهى الموضوع.
من ناحية الحدث وسرعة إظهاره، يجب الاعتراف بأن ذلك تطوّر هائل. أصبح الحدث و«الحقيقة» إذا صحّ التعبير، في متناول الجميع وبسرعة فائقة. هذا شيء جيّد. لم يعدْ باستطاعة أحد أن يحجب الحدث عن الناس. لكن ماذا عن التفضيل الجمالي؟ هل تجعل كاميرا الهاتف الذكي من أيٍّ كان مصوّراً؟ هل انحدرت معايير التذوّق لفنّ التصوير؟ ما هو المعيار أصلاً مع وجود البرامج الذكية التي يمكنها أن تجمّل وتحسّن أي صورة!؟
أعتقد بأن الكمية تحسِّن النوعية. بمعنى أنك إذا بدأت بالتقاط صور كثيرة سيكون ذلك بمنزلة تمرين لك يؤدي في النهاية إلى تحسين أدائك. كما أن برامج التحسين كالفوتوشوب وغيرها الموجودة أصلاً على الهاتف، وهي كثيرة، تجعلك تطوّر أو تكتشف ذوقك وأسلوبك عبر الاختيارات الواسعة المتاحة لك لتغيير اللون والإضاءة والحجم… إلخ.
يجادل البعض في أن مهنة التصوير أصبحت في خطر ويزداد الخوف من أن يأتي يوم يصبح فيه المصوِّرون عاطلين من العمل كما حصل لمهنة الرسم بعد اختراع التصوير الفوتوغرافي عام 1850م، حيث كان الرسّامون يرسمون بورتريه لعائلات (زبائن) استبدلوا بها صوراً فوتوغرافية. لكن، أليست التكنولوجيا مفيدة للمحترفين أيضاً؟ يستطيع المحترف الآن أن ينشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعي كلها، وإيصال أعماله وتجربته لعدد أكبر من الناس (المتلقّين) بشكلٍ لم يكنْ متاحاً من قبل. وكما ليس كل من لديه قلم هو كاتبٌ جيد، فليس كل من لديه كاميرا هو مصوّر جيد. إنها المنافسة كما في كل شيء، وقد انفتح بابها في مجال التصوير الفوتوغرافي على مصراعيه.
وسط هذا الكمّ المهول من الصور، إن أردْتَ لصورِك أن تبرز فعليك حتماً أن تكون مميزاً وخلَّاقاً.