شارل – أوغستان دو كولوم عالم فرنسي متعدد الاهتمامات، درس القوى الفاعلة بين الأجسام المشحونة كهربياً وفصّلها في قانون يُنسب إليه (قانون كولوم). كما أن اسمه هو الوحدة المعيارية العالمية لقياس الشحنة الكهربية.
عاش كولوم بين عامي 1736 و1806م. وأتاح له انتماؤه لأسرة أرستقراطية نافذة تعليماً ممتازاً فانغمس في دراسة الرياضيات قبل أن يلتحق بالسلك العسكري كمهندس إنشاءات. وبعد عودته مريضاً من المستعمرات الفرنسية في الكاريبي، واصل تعزيز سمعته في فرنسا كمتخصص لا يُشق له غبار في خواص مواد البناء. لكن التكريم العريض الذي حظي به جلب له كذلك كثيراً من العداوات بين المتنفذين في الجهاز الحكومي. هكذا قرر كولوم في الثلاثين من عمره أن يعتزل مجال تخصصه ووجّه اهتمامه صوب الفيزياء.. وتحديداً إلى الخواص الكهربية والمغناطيسية للمواد.
بين عامي 1785 و1791م، نشر كولوم سبع أوراق بحثية مهمة في المغناطيسية والكهرباء. وهذا ما قاده في النهاية إلى صياغة قانونه الخاص الذي ينص على أن «قوة التجاذب أو التنافر بين شحنتين في الفراغ تتناسب طردياً مع القيمة المطلقة لحاصل ضرب شحنتيهما، وعكسياً مع مربع المسافة بينهما». وقد أدى هذا الفهم إلى فتوحات عديدة في دراسات قوى الجذب بين الجسيمات الذرية وحتى الأجرام الكونية.
مع قيام الثورة الفرنسية، جُرّد كولوم من معظم امتيازات الطبقة الأرستقراطية وأجبر على الاستقالة من الجيش. فقضى المرحلة التالية من حياته متفرغاً للبحث العلمي ليدرس الهندسة الميكانيكية ولزوجة السوائل وتأثير المناخ والغذاء على الوظائف الحيوية للإنسان. وفي العام 1806م تعاظم عليه أثر المرض الذي طارده منذ أيام خدمته في الهند الغربية بالبحر الكاريبي ليتوفى أخيراً مخلفاً إرثاً علمياً حافلاً.
غير أن إعادة الاعتبار لكولوم تحققت بعد نحو قرن. فحين صمم غوستاف إيفل البرج الشهير في باريس، نقش أسماء 72 عَلَماً شرّفوا فرنسا بين عامي 1789 و1889م بأحرف ذهبية على حافة سياج الطابق الأول للبرج، وكان من بينهم كولوم الذي اعتُمد اسمه في النظام المتري معياراً لقياس الشحنة الكهربائية التي يحملها تيار مقداره (أمبير) واحد في ثانية واحدة.