عندما نتحدث عن الاختراع عادة ما ترتسم في أذهاننا أشياء كبيرة وجديدة، بل وحتى خارقة، حين تنتشر في جميع أنحاء العالم. ولكن بالنسبة لبرنارد كيويا (Bernard Kiwia)، كانت الاختراعات تعني ببساطة كل ما يوجد حلولاً محلية لتحديات مجتمعه الريفي البدائي في مدينته أروشا في تنزانيا.
بدأ كيويا حياته بالعمل في ورشة والده لتصليح الدرَّاجات. وهناك، ذهب فضوله وحبه للعبث أبعد من مجرد تصليح الدرَّاجــات. فعـرف كيـف يجمع قطع غيار بعض الدرَّاجات واستخدامها في ابتكار أشياء أخرى.
وعندما كان في السادسة عشرة من عمره، استطاع بناء جهاز عرض سينمائي يستمد الطاقة من درَّاجة هوائية. ومن ثم صمم شاحناً للهاتف المحمول يعمل على دواسة ومضخة مياه، وكذلك غسالة ملابس تعمل على الطاقة الهوائية، واستمر يعمل على مجموعة متنوِّعة من الاختراعات البسيطة والمفيدة في آن.
فكَّر كيويا بنقل مثل هذه القدرات إلى أشخاص آخرين في مجتمعه، فقرّر تأسيس “تويندي” (Twende)، وهي ورشة الاختراعات الاجتماعية المفتوحة التي أسسها في فناء منزله كمساحة عمل إبداعية، يأتي إليها كل من يرغب، حيث يمكنه استخدام الأدوات الموجودة فيها ويتعاون مع آخرين على حل المشكلات، ويختبر نماذج اختراعات أولية.
أسس كيويا تلك الورشة من منطلقات أساسية راسخة لديه وهي: أولاً، أن لكل شخص القدرة على الابتكار، وأننا إذا ما نظرنا إلى الأشياء من حولنا نجد أن معظمها يستخدم تقنيات بسيطة فعلاً. فالناس يعتقدون أنهم بحاجة إلى مهارات كبيرة لصنع ما يحتاجونه من أدوات، ولكن كل ما يتطلبه الأمر في الحقيقة هو محاولة اختراع ما هم بحاجة إليه. وثانياً، أن كل التقنيات التي تأتي من الخارج لا تعمل دائماً بشكل جيِّد في مجتمع بلاده، كما أن إمكانية تصليحها تكون صعبة في ظل عدم توفر قطع الغيار اللازمة، وثالثاً، أنه عندما يصنع السكان المحليون أدواتهم من مواد محلية فإنها غالباً ما تعمل بشكل أفضل.
الجدير بالذكر أن من هذه الورشة المبتكرة، تمكَّن نحو ألف مبتكر محلي من تجسيد أفكارهم في اختراعات عملية. وكان أكثرها وأهمها ينضوي في إطار التقنيات الزراعية مثل آلات الدرس وقشر الذرة وماكينات التسميد التي كانت مفيدة جداً لمجتمع يعتمد في معظمه على الزراعة. وهكذا تمكَّن كيويا، “أب الابتكار الريفي”، كما بات يُعرف اليوم أن يحدث تغييراً كبيراً في مجتمعه عندما ساعد أفراد مجتمعه على فهم احتياجاتهم الخاصة، وعزَّز في أنفسهم الحلم والثقة بالذات، وحوّلهم إلى مخترعين من نوع آخر عندما أوجدوا حلولاً عملية لتحديات مجتمهم البدائي.
اترك تعليقاً