كان لا بد من أن أكتب الشعر، ليس بالضرورة لأني أحبه، ولكن ليقيني أنه مخلوقٌ فيّ كجزء من الجسد. قد لا أقتنع به كما لا يقتنع أحدهم بشكله أو لونه أو عرقه، لكني لا أملك إلا المحبة لهذا الكائن الذي يملؤني بالحياة حينا ويغيب حيناً فأصبح شيئاً كأي شيء آخر يؤدِّي دوره فقط.
كنت في المرحلة الثانوية بعيدة تمام البُعد عن الشعر، وفي إحدى الصباحات أُعلِنَ في الطابور المدرسي عن فوز إحدى طالبات المدرسة في مسابقة شعرية على مستوى مدارس الرياض، قلت في نفسي حينها “كم هي محظوظة لأنها شاعرة” ولم يخطر في بالي أنني سأتجه للشعر يوماً. إلى أن قرأت كتاب “ألف ليلة وليلة” وكان أول كتاب أقرأه غير الكتاب المدرسي. وكان كتاباً فاصلاً في حياتي الكتابية، كتبت بعده أبياتاً كنت أظنها شعراً.
صدر لي ديوانان “تداعى له سائر القلب” و”البحر حجتيَ الأخيرة”. ودخلت قصيدتي “دمشق” عالم الأغنية وكانت تجربة رائعة سعدت بها كثيراً.
الغبار الذي أقنعك
على كلِّ حالٍ
ومهما اعتلى الدرب منكلِّهمٍّ
سأمشي معكْ
تمامًا كما كان دوما يروقُك
حين ترى في المرايا الغبار
تُمَرِّرُ من فوقه إصبعكْ
إذا كنتَ تعجَبُ إذ أقنعتني الهمومُ
بذاك المسير
فإن يعجبتُ… ضحكتُ
لذاك الغبارِ
الذي أقنعكْ
فماذا وراء الغبار
وأنتتُ عريهِ
غيرُ المرايا
ولن تخدعكْ
بيوت حجرية
كانت لديهم طريقة مختلفة في البكاء
وهي أن يلقوا حجرا في النهر ثم ينصرفوا إلى بيوتهم
بيوتهم التي شيدوها من الأحجار المتناثرة عند المصبّ
ألهذه الدرجة يحتاجني العالم
بعد كل محاولة فاشلة للانتحار
يقف مسائلاً نفسه: ألهذه الدرجة يحتاجني العالم
قالها بينما كان يرى ورقة تسقط من شجرة دون أن يحدث سقوطها فراغاً في الظل
في اللحظة ذاتها كان العالم مشغولاً جداً بإعادة تدوير الأوراق المتساقطة
اترك تعليقاً