إن تسجيل النشاطات الفردية المتنوِّعة قديم قدم وعي الإنسان لذاته ولجسده. وتُعدُّ الأم وذاكرتها أول “لايف لوغ”، أو سجل حياة أطفالها. إذ تسجِّل في ذاكرتها أحوال صحتهم ونموهم وعواطفهم وأوضاعهم النفسية. وتتذكَّر التفاصيل الدقيقة بما يثير الإعجاب، وكأنها تنافس الأنواع العديدة من أجهزة وتطبيقات “اللايف لوغ” المتوفرة اليوم والمتصلة بالشبكة.
تاريخياً، عُرف عن بنجامين فرانكلين، وهو من كبار المفكرين والمؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الثامن عشر، أنه أنشأ نظاماً خاصاً به يتتبع ويسجِّل يومياً ثلاث عشرة فضيلة خاصة به، مثل: التواضع، الاعتدال، الإخلاص، النظافة وما إلى ذلك.
ومع ظهور العيادة والمستشفى والمدرسة والسجن ومراكز الأبحاث وغيرها، تحوّل تسجيل أحوال الفرد وتتبعها إلى مؤسسات وأنظمة. وتعزّز ذلك مع انتشار شبكة الإنترنت وظهور عديد من التطبيقات المتنوِّعة والمتخصصة بنشاطات معيَّنة والموصولة بالشبكة وذات علامات تجارية عديدة. ومع الوقت، أصبحت مفردة لايف لوغ متداولة بشكل يومي بين أعدادٍ متزايدةٍ من الناس العاديين. وسيكون للايف لوغ الموصول بالشبكة شأن كبير في المستقبل لعلاقته التفاعلية في المدن الذكية والحياة الاجتماعية.
والحال أن العملية التي تقوم بها أجهزة اللايف لوغ هي جزء مهم من حركة أوسع لما يعرف بـ “معرفة الذات كمياً” أو “التتبع الذاتي كمياً”، التي تقدّم للفرد المعني، وللمجموعة المهتمة بوضعه، رؤى مبنية على البيانات حول أنماط وعادات حياته. وذلك من خلال ما تسجله هذه الأجهزة والتطبيقات من نشاطات يومية وبيانات بالصور والصوت والفيديو، ما يحسن قدراتنا الطبيعية على التذكر والوعي الذاتي. لكنها في الوقت نفسه تتحدى المفاهيم التقليدية للخصوصية، وتعيد صياغة ماذا يعنيه تذكر حدث ما. كما أنها تخلق طرقاً جديدة لمشاركة قصصنا مع بعضنا بعضاً.
فقبل انتشار الهواتف الذكية، تمثل اللايف لوغ الموصول بالشبكة بكاميرات محمولة مع بعض الأجهزة التشغيلية لبث النشاط المتواصل. وكان ستيف مان الذي اشتهر سنة 1998م بتشكيله مجموعة سميت “لايف لوغرز”، أول من بدأ بث تفاصيل حياته اليومية إلى الجمهور.
ومع انتشار الهواتف الذكية خاصة خلال العقد الماضي، أصبحت تطبيقات اللايف لوغ منتشرة في كل مكان. وهي تستخدم أجهزة استشعار بصرية وحركية مع نظام التموضع العالمي لتوثيق مكان وجودنا وما نراه في الوقت نفسه.
وهناك أنواع عديدة من اللايف لوغ منها على سبيل المثال:
- تطبيقات المزاج الشخصي، خاصة للأشخاص الذين يعانون من تقلبات عاطفية. فهي تساعدهم على تحديد متى ولماذا يعانون من درجات منخفضـة، وأحياناً تحيلهـم إلى مجتمعات إلكترونية خاصة بهذا المجال لدعمهم. ومن أشهر هذه التطبيقات على الشبكة وعلى أجهزة أيفون، “مودباندا” من شركة أبل، و”مودسكوب” وغيرها.
- تطبيقات النوم، التي تسجل مدة النوم ونوعيته وما يصدر عن النائم من صوت أو حركة، وهي مهمة جداً على المستوى الطبابة لمسألة الصحة ومتابعتها. ومن أشهر هذه التطبيقات، “فيتبيت” و”ديجيفيت”، اللذين يقومان أيضاً ببعض الوظائف الأخرى.
- تطبيقات التغذية، ومع أنها تحتاج إلى إدخال المعلومات يدوياً، إلا أنها سهلة الاستعمال مثل “مايفيتنيسبال”، و”كالوري كاونت”. وقد أظهرت أنها مفيدة جداً في دفع المستخدمين إلى اتخاذ خيارات غذائية أفضل.
- تطبيقات اللياقة البدنية، مثل “رانكيبر” و”سايكلميتر” التي تسجل النشاطات المتعدِّدة للحركة الجسدية من مشي وركض وتتبع المسار الجغرافي والموقع وغير ذلك.
اترك تعليقاً